أوراق بحثية

مدخل

بعد مرور ثمانية أشهر على إسقاط نظام الأسد وأربعة أشهر على بدء الحكومة الانتقالية لمهامها، ومع انفراج جزئي في العقوبات الدولية؛ لا يزال ملف الكهرباء يمثل التحدي الأبرز في حياة السوريين اليومية. فمع استمرار انقطاع التيار الكهربائي لما يصل إلى حوالي عشرين ساعة يومياً، تحولت مولدات الديزل والألواح الشمسية من حلول بديلة إلى أساسيات لا غنى عنها للمنازل والقطاعات التجارية. وبينما تسعى الحكومة للتحرك على مسارات عديدة، أصبح من الضروري إجراء تقييم دقيق لواقع القطاع، ورصد ما تحقق فعلياً، وتحديد ما يجب القيام به لإنهاء هذا العبء الثقيل على المواطن والدولة([1]).

تهدف هذه الورقة إلى تسليط الضوء على استجابة الحكومة لأزمة الكهرباء خلال الشهور الماضية، مع التركيز على السياسات والمشاريع التي تم تنفيذها، كما تسعى إلى تحديد الفجوات والتحديات التي لا تزال قائمة، وتقديم مقترحات عملية لوزارة الطاقة والجهات المعنية للإسراع في إيجاد حلول مستدامة، مما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون والاستثمار في هذا القطاع الحيوي.

جهود التعافي الأولية: السياسات والمشاريع المنفّذة في قطاع الكهرباء

شرعت الحكومة السورية الجديدة منذ استلمت مهامها في آذار/مارس 2025 بتنفيذ حزمة من السياسات والمشاريع العاجلة لمواجهة أزمة الكهرباء، التي تُعد حجر الزاوية لتحسين الخدمات الأساسية ودفع عجلة الانتعاش الاقتصادي. وقد ركزت هذه الجهود على العمل ضمن مسارات متوازية بما يحقق تعزيز التعاون الإقليمي، وجذب الاستثمارات الخاصة، وحل الخلافات الداخلية لتأمين موارد الطاقة. وفيما يلي تقييم مفصّل لأبرز ما تمّ تنفيذه على أرض الواقع:

  1. الاتفاقيات الخارجية:
  • التعاون مع قطر: في منتصف شهر آذار/مارس 2025، بدأت دولة قطر تزويد سورية بالغاز الطبيعي عبر الأراضي الأردنية، من خلال دعم محطة دير علي في ريف دمشق لتوليد الكهرباء. وقد وصل من الغاز القطري ما يعادل 2 مليون متر مكعب يومياً إلى المحطة([2])، مما ساهم في زيادة ساعات التغذية اليومية إلى 5 ساعات تقريباً في دمشق، وهو تحسن ملموس لكنه لا يزال بعيداً عن تلبية كامل الاحتياج في دمشق وفي عموم سورية، وهذا ما يؤكد أهمية استكمال المشاريع الأخرى لرفع القدرة التوليدية([3]).
  • التعاون مع السعودية: وقّعت وزارة الطاقة السورية مع نظيرتها في المملكة العربية السعودية مذكرة تفاهم في مجالات الطاقة، تشمل: تعزيز التعاون الثنائي في قطاعات الكهرباء والطاقة المتجددة، والربط الكهربائي الإقليمي، وتحولات الطاقة والتقنيات الحديثة، إضافة إلى تطوير الكوادر البشرية وتشجيع الابتكار ونقل التكنولوجيا([4]).
  • التعاون مع تركيا: في منتصف شهر أيار/مايو 2025، أبرمت الحكومة السورية اتفاقية مع تركيا لمد خط أنابيب غاز وربط كهربائي بقدرة 400 كيلوفولت، على أن يتم الربط قبل نهاية العام الحالي. كما بدأت تركيا فعلياً بتزويد سورية بـ 2 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي وفق محادثات سابقة بين الجانبين، مما يسهم في توليد 1300 ميغاواط إضافية من الكهرباء([5]).

بالإضافة إلى ذلك، بدأت إمدادات الغاز الأذري بالتدفق إلى محافظة حلب عبر الأراضي التركية (ولاية كيليس)، حيث تم تزويد سورية بـ 3.4 ملايين متر مكعب من الغاز الطبيعي القادم من أذربيجان إلى حلب اعتباراً من الثاني من آب/أغسطس الحالي، ومن شأن هذه الكمية أن تغطي احتياجات 1.6 مليون منزل بنحو 900 ميغاواط من الكهرباء، وهي زيادة في التغذية الكهربائية بواقع ساعتين خلال اليوم([6]). في حين لم يتم إطلاق مشاريع السفن العائمة التي سبق وأعلن عنها من قبل شركات تركية مثل "كارباور شيب" لتزويد سورية بالكهرباء، بقدرة 800 ميغاواط([7]).

  • التعاون مع روسيا: بلغ متوسط واردات سورية من النفط الروسي منذ بداية عام 2025 حتى 5 أيار نحو 103 آلاف برميل يومياً. يُظهر هذا الرقم اعتماد سورية الكبير على روسيا لتلبية احتياجاتها من الطاقة([8]).
  • التعاون مع البنك الدولي: أجرى البنك الدولي مناقشات رسمية لتمويل مشروع بقيمة 146 مليون دولار لإعادة تأهيل البنية التحتية لنقل وتوزيع الكهرباء في سورية. ويأتي هذا التطور بعد تسوية سورية لمستحقاتها المالية العالقة مع البنك من خلال منحة مقدمة من قبل المملكة العربية السعودية وقطر. ويهدف المشروع، الذي يحمل اسم "برنامج إعادة تأهيل البنية التحتية لنقل وتوزيع الكهرباء" (SEEP)، إلى تحسين استقرار الشبكة الكهربائية من خلال إعادة تأهيل خطوط نقل الكهرباء ذات الجهد العالي (400 كيلوفولت) التي تربط سورية بشبكات الأردن وتركيا، وإصلاح محطات التحويل، وتقديم مساعدة فنية لوزارة الكهرباء([9]).

يتضح من هذه الإجراءات أن الحكومة السورية تبنّت نهجاً متعدد الأبعاد، يجمع بين الدبلوماسية الإقليمية، والانفتاح على الاستثمار الخاص، وتفعيل المبادرات المحلية. ورغم أن هذه المشاريع قد أحدثت تحسناً أولياً في بعض المناطق؛ إلا أن أثرها الكامل لم يظهر بعد، كما أنها تواجه تحديات كبيرة في التنفيذ والاستدامة، وهو ما ستناقشه الورقة في القسم التالي.

  1. الاتفاقيات الداخلية واستثمارات القطاع الخاص:
  • الاتفاق مع "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد): تم توقيع اتفاق مبدئي بين الحكومة السورية و"قسد" في 10 آذار/مارس 2025 لتوريد النفط والغاز من مناطق شرق الفرات إلى الدولة السورية. ونصّ الاتفاق على مراحل متعددة للتوريد، حيث تضمن توريد 15 ألف برميل نفط يومياً ومليون متر مكعب من الغاز يومياً. إلا أن جملة من المعوّقات حالت دون التزام "قسد" ببنود الاتفاق. وهذا ما يؤكد على أن تأمين الموارد الداخلية لا يزال رهناً بالاستقرار السياسي والتوافقات الوطنية الشاملة، إذ تستخدم "الإدارة الذاتية" النفط كورقة ضغط على الحكومة السورية لتعزيز مكاسبها، حيث سبق لها أن خفضت كمية النفط المرسل إلى دمشق بواقع 50% خلال الفترة الماضية ([10]).
  • مذكرة تفاهم مع مجموعة UCC الدولية: في شهر أيار 2025، وقّعت وزارة الطاقة السورية مذكرة تفاهم مع مجموعة "UCC" الدولية، وهي تحالف يضم أربع شركات قطرية وأمريكية وتركية. وتهدف المذكرة إلى تنفيذ استثمارات بقيمة 7 مليارات دولار في قطاع الكهرباء، تشمل إنتاج 5000 ميغاواط من الكهرباء عبر محطات حرارية وتوربينات غازية وطاقة شمسية، ومن المتوقع استقبال أول ميغاواط من المشروع بعد سنة ونصف على أقل تقدير([11]).
  • مذكرات تفاهم مع سولار ريكس: وقّعت المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء مذكرة تفاهم مع شركة "سولار ريكس" لإقامة مشروعين في مجال الطاقة الشمسية، أحدهما باستطاعة 100 ميغاواط دون تخزين، والثاني باستطاعة 70 ميغاواط مزود ببنك بطاريات، وذلك في ريف دمشق وريف حماة([12]).
  1. الحوكمة والمبادرات المجتمعية:
  • دمج وزارتي الكهرباء والنفط: عند إعلان التشكيلة الجديدة للحكومة في 29/3/2025 تقرر دمج وزارتي الكهرباء والنفط والثروة المعدنية تحت اسم "وزارة الطاقة" بإدارة المهندس محمد البشير، وقد تسهم هذه الخطوة في تحسين التنسيق والكفاءة بإدارة قطاع الطاقة بشكل عام، وتوحيد الجهود في تأمين الموارد وتوزيعها.
  • إطلاق مبادرات مجتمعية: شهدت العديد من المناطق السورية انطلاق مبادرات مجتمعية لدعم قطاع الكهرباء بالتنسيق والتعاون بين المحافظات والمجتمع المدني والسكان المحليين، مثل مبادرة "حماه تنبض من جديد" التي هدفت إلى صيانة الشبكة وتركيب محولات وتوفير مولدات احتياطية، ومبادرة "منورة يا حلب" التي ركزت على إنارة الشوارع بحلول طاقة بديلة، ومبادرة "أنوار حوران" لتأمين أجهزة إنارة. تعكس هذه المبادرات الدور المتزايد للمجتمع المحلي في سد الفجوات الخدمية، ويمكن تكثيف هذا النمط من المشاريع وتسويقها بمساعدة المجتمع المدني ليصبح أحد الأدوات الفعّالة في تحسين استجرار الكهرباء.
  • تعزيز التشاركية مع المؤسسات العلمية: عُقد المؤتمر الدولي الهندسي الثالث للطاقات المتجددة في جامعة دمشق - كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية، بمشاركة المركز الوطني لبحوث الطاقة، ويندرج ذلك ضمن إطار تعزيز دور البحث العلمي في دعم قرارات الاستثمار بمشاريع الطاقة النظيفة والمستدامة في سورية.

ما وراء الجهود الحكومية: تشخيص الفجوات الهيكلية

يُظهر الأداء الحكومي نهجاً مزدوجاً واضحاً؛ فهو يجمع بين التخطيط الاستراتيجي بعيد المدى، الذي يتجلى في توقيع اتفاقيات دولية واستثمارية كبرى، وبين الاستجابات الطارئة وقصيرة الأجل، التي تظهر في التعامل مع ملفات آنية كتأمين الوقود من "قسد" وإعادة تشغيل محطات متوقفة. ورغم أن هذا النهج ضروري في المرحلة الحالية؛ إلا أنه يخفي وراءه فجوات هيكلية تعيق عملية التعافي المستدام. ويمكن تلخيص هذه الفجوات بالنقاط التالية:

  1. فجوة الحوكمة: تفتقر منظومة إدارة قطاع الكهرباء إلى آليات واضحة للحوكمة الرشيدة، تشمل: الشفافية في التعاقدات، والمنافسة العادلة، والمشاركة المجتمعية في صناعة القرار. كما يغيب نظام فعّال للمساءلة، يسمح بمتابعة تنفيذ المشاريع وتقييم أثرها. وهذا الغموض المؤسسي لا يعرّض الموارد المحدودة للهدر وسوء الاستخدام فحسب، بل يخلق بيئة أقل جاذبية للمستثمرين الجادين، ويضعف الثقة العامة في قدرة الحكومة على إدارة ملف إعادة الإعمار بكفاءة وعدالة.
  2. فجوة الرؤية الاستراتيجية: يُظهر النهج الحالي تركيزاً مفرطاً على الحلول القائمة على الوقود الأحفوري، مما يجعل أمن الطاقة رهينة للاتفاقيات السياسية المتقلبة مع دول كتركيا والأردن وقطر وأذربيجان من جهة والتوافقات الداخلية الهشة مع "قسد" من جهة أخرى. وفي المقابل، لا يزال التحول نحو الطاقة المتجددة بطيئاً ومحدوداً، على الرغم من الإمكانيات الهائلة لسورية والإشارة إليها في مذكرات تفاهم كبرى. ويؤدي غياب خطة وطنية متكاملة بأهداف ملزمة حول الطاقة المتجددة؛ إلى تفويت فرصة استراتيجية تمكّن البلاد من تحقيق استقلالية الطاقة وتنويع مصادرها وعزل القطاع عن الصدمات السياسية والاقتصادية الخارجية.
  3. فجوة التنفيذ وإدارة التوقعات: هناك فارق بين الزخم الدبلوماسي المتمثل في توقيع مذكرات التفاهم، وبين بطء وتيرة التنفيذ على أرض الواقع. وتعتبر أمثلة مثل تعثر مشروع سفن "كارباور شيب" والالتزام الجزئي من قبل "قسد"؛ مؤشرات على وجود تحديات بيروقراطية وسياسية ولوجستية تعرقل ترجمة الاتفاقيات إلى نتائج ملموسة. لا تؤدي هذه الفجوة إلى تأخير التعافي فقط، بل تتسبب بتآكل مصداقية الحكومة، وتزعزع وثقة المواطنين الذين يقارنون بين حجم الوعود المعلنة وبطء التحسن في قطاع الكهرباء.
  4. فجوة الاستدامة المالية: يمثل تأجيل الحكومة لإصلاح منظومة تسعير الكهرباء والدعم تحدياً جوهرياً في المرحلة الحالية، يهدد بعرقلة جهود التعافي التي تقوم بها الحكومة. ورغم حساسية هذه القضية شعبياً؛ إلا أن استمرار الوضع الحالي يخلق حلقة مفرغة من الاختلالات الهيكلية، وأبرز تلك الاختلالات ما يلي:
  • مالياً: عجز القطاع عن تغطية نفقاته التشغيلية، مما يحوله إلى عبء يستنزف خزينة الدولة ويعمق الأزمة المالية العامة.
  • اقتصادياً: تشجيع الاستهلاك غير المنتج والهدر، وفي الوقت نفسه، يقلل من الجدوى الاقتصادية لمشاريع الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة التي لا تستطيع منافسة الأسعار المدعومة.
  • اجتماعياً: ترسيخ اللاعدالة، إذ يذهب الجزء الأكبر من الدعم للأغنياء وكبار المستهلكين على حساب الفئات الأكثر فقراً واحتياجاً.
  • استثمارياً: خلق بيئة استثمارية طاردة، حيث يقلل من فرص دخول المستثمر الجاد في سوق لا تضمن له سياسات تسعير واضحة وعادلة.
  • بيئياً: تفاقُم الآثار السلبية على البيئة نتيجة الاستهلاك المفرط للطاقة التقليدية.

خارطة طريق للتعافي: توصيات استراتيجية لقطاع مستدام

بناءً على تحليل الفجوات والتحديات وتشخيص الواقع، تقترح هذه الورقة خارطة طريق عملية ترتكز على أربعة محاور عمل متكاملة، تهدف إلى تحقيق تعافٍ سريع ومستدام لقطاع الكهرباء في سورية، كما يلي:

  1. إرساء الحوكمة الرشيدة

وذلك من خلال تشكيل "غرفة عمليات وطنية" للطاقة تضم ممثلين عن كل من: مسؤولين رفيعي المستوى من الوزارات المعنية (الطاقة، المالية، الإدارة المحلية)، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، وخبراء مستقلين. تضطلع هذه الغرفة بمهمة اقتراح خطة وطنية شاملة وطموحة لمعالجة أزمة الطاقة في سورية، إضافة للمهام التالية:

  • مراجعة وتدقيق الاتفاقيات الموقعة لضمان الشفافية والمصلحة الوطنية.
  • تنسيق خطط الطوارئ والاستجابة للأزمات.
  • تصميم ونشر تقرير أداء ربعي من قبل وزارة الطاقة، يتضمن مؤشرات أداء رئيسية (KPIs) تشمل متوسط ساعات التغذية، ونسبة الفاقد، وحجم الإنتاج الفعلي.
  • تعزيز الشفافية، وتمكين المساءلة المجتمعية، وبناء الثقة مع المواطنين.
  1. تحقيق الاستدامة المالية وإصلاح التسعير

تعالج هذه التوصية التحدي المتعلق بتأجيل مناقشة أسعار الكهرباء، وإعادة هيكلة دعم الطاقة وتوجيهه ليغدو أكثر عدالة وكفاءة، وذلك بهدف إيقاف نزيف الموارد وتحقيق العدالة الاجتماعية. وفي هذا السياق يمكن العمل على ما يلي:

  • دراسة جدوى الدعم النقدي المباشر عبر تحديد دقيق للأسر المستحقة وتقديم دعم مالي مباشر لها.
  • تطبيق نظام تسعير متعدد الشرائح، لضمان استهداف الدعم للاستهلاك الأساسي وتشجيع الترشيد.
  • رفع تدريجي ومدروس للأسعار على الشرائح العليا والقطاعات التجارية، مع ربط ذلك بمؤشرات اقتصادية واضحة.
  • تحديث البنية التحتية للفوترة عبر التحول إلى العدادات الذكية، لضمان دقة القياس وتطبيق السياسات الجديدة بكفاءة.
  1. بناء رؤية استراتيجية لاستقلالية الطاقة

تركز هذه التوصية على تنويع مصادر الطاقة وتحقيق الاستقلال الاستراتيجي عبر إطلاق "البرنامج الوطني للطاقة المتجددة"، بهدف تحويل الإمكانيات الكامنة في سورية إلى واقع ملموس. وذلك من خلال:

  • وضع أهداف وطنية، كتحقيق 20% من مزيج الطاقة من المصادر المتجددة بحلول عام 2030.
  • تخصيص أراضٍ لمشاريع الطاقة الشمسية والرياح، وتسهيل إجراءات الترخيص أمام المستثمرين بهذا المجال من أفراد ومؤسسات.
  • تصميم حوافز استثمارية واضحة لجذب القطاع الخاص المحلي والأجنبي.
  • تعزيز مشاريع الطاقة من خلال تطوير نماذج شراكة فعّالة مع المجتمعات المحلية. على سبيل المثال، يمكن دعم تركيب أنظمة الألواح الشمسية على الأسطح، مما يمكّن الأفراد والأحياء من المساهمة في إنتاج طاقتهم الخاصة.
  • تأمين إمدادات الوقود عبر قنوات مستقرة، بهدف تقليل المخاطر السياسية المرتبطة بالوقود، وذلك عبر تشكيل فريق تفاوض فني متخصص للتوصل إلى اتفاقيات طويلة الأمد ومستقرة لتوريد الغاز والنفط، بناءً على أسس تجارية واضحة لا على التوظيف السياسي.
  1. تسريع التنفيذ وتجاوز العقبات البيروقراطية

في سبيل ترجمة الخطط إلى واقع ملموس وتجاوز الحواجز البيروقراطية؛ يمكن العمل على إصدار "قانون طوارئ" مؤقت لتسريع مشاريع الطاقة، بهدف منح القطاع مرونة استثنائية لتجاوز الروتين، على أن يكون القانون محدداً بمدة زمنية (سنتين مثلاً)، مما يمنح وزارة الطاقة صلاحيات لتسريع التعاقدات، وتسهيل الاستيراد، وتجاوز العقبات الإدارية للمشاريع المدرجة ضمن الخطة الوطنية. وينبغي أن يخضع هذا القانون لرقابة مباشرة من "غرفة العمليات الوطنية" لضمان عدم إساءة استخدامه.

كما يمكن العمل على تفعيل دور البحث العلمي كذراع فني للقطاع بهدف ربط الحلول بالخبرات الوطنية. وذلك من خلال تكليف الجامعات ومراكز الأبحاث بمهام محددة، مثل: دراسة أفضل المواقع لمزارع الرياح، تطوير حلول لتخزين الطاقة، وتدريب الكوادر الفنية، وتقديم استشارات فنية محايدة لتقييم العروض والمشاريع.

الخاتمة

رغم التحركات الواعدة التي قامت بها الحكومة على صعيد التعاون الإقليمي والدولي؛ إلا أن هذه التحركات تمثل الخطوات الأولى فقط في رحلة طويلة ومعقدة نحو إصلاح منظومة الكهرباء، وذلك بسبب عمق الأزمة في القطاع، مما يتطلب تجاوز منطق "إدارة الأزمة" والانتقال إلى استراتيجية بناء المستقبل، عبر معالجة حاسمة للفجوات الهيكلية المتعلقة بالحوكمة والتسعير، وتأمين الموارد الوطنية عبر حوارات مستقرة، والانفتاح الحقيقي على طاقات القطاع الخاص والمجتمع العلمي.

لا يقتصر مستقبل الكهرباء في سورية على مجرد استقرار التغذية وحسب، بل على تحقيق أساسات إعادة الإعمار  والنهضة الاقتصادية  والعدالة الاجتماعية. لذلك، فإن معالجة تحديات هذا القطاع ليست مجرد مهمة وزارية، بل هي أولوية وطنية شاملة تتطلب تضافر جهود الدولة والمؤسسات والمجتمع، لضمان إضاءة كل منزل ومصنع في سورية بأسرع وقت، وبشكل عادل ومستدام.


 

([1]) مناف قومان،"مقترحات أولية لإصلاح قطاع الكهرباء في سورية"، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، 21/01/2025، الرابط: https://2h.ae/PceH

([2]) "قطر تبدأ تزويد سوريا بالغاز الطبيعي عبر الأردن"، الجزيرة، 14/3/2025، الرابط: https://2h.ae/BoKT

([3]) "ساعات وصل الكهرباء تصل إلى 6.. ما أسباب هذا التحسّن؟"، اقتصاد، 20/3/2025، الرابط: https://www.eqtsad.net/news/article/39386/

([4]) "سوريا والسعودية توقعان مذكرة تفاهم في مجالات الطاقة"، الأناضول، 28/07/2025، الرابط: https://shorturl.at/Yy8Mo

([5])"سوريا تتفق مع تركيا على مد خط أنابيب غاز واستكمال الربط الكهربائي"، الجزيرة، 22/05/2025، الرابط: https://2h.ae/UXvx

([6])عدنان علي، "سورية تتلقى 3.4 ملايين متر مكعب غاز من أذربيجان عبر تركيا"، العربي الجديد، 30/07/2025، الرابط: https://shorturl.at/NEkoO

([7]) "عبر محطات عائمة.. شركة تركية تبدي استعدادها لتوريد الكهرباء إلى سوريا"، تلفزيون سوريا، 30/12/2024، الرابط: https://2h.ae/OYUE

([8])"روسيا توفر أغلبية واردات سوريا من النفط"، عنب بلدي، 13/05/2025، الرابط: https://2h.ae/nGeR

([9])"بقيمة 146 مليون دولار.. سوريا تناقش مع البنك الدولي منحة للكهرباء"، تلفزيون سوريا، 02/06/2025، الرابط: https://2h.ae/Conw

([10])"ملفات شائكة وخلافات.. "قسد" تستخدم النفط كورقة ضغط على الحكومة السورية"، تلفزيون سوريا، 26/4/2025، الرابط: https://2h.ae/ESJt

([11]) "سوريا توقع مذكرات تفاهم بـ7 مليارات دولار لتطوير مشاريع الكهرباء"، العربية، 29/5/2025، الرابط: https://2h.ae/UfTM

([12]) "مذكرة تفاهم لإنشاء مشروعي طاقة شمسية، المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء"، 1/6/2025، رابط: https://tde.gov.sy/ar/general-news/1343

الإثنين آذار/مارس 24
يأتي هذا الكتاب في ظل النقاش المحتدم حول مفهوم التعافي المبكر ومدى ملائمة المرحلة التي تعيشها سورية لطرح هذا المفهوم والخوض فيه، في ظل غياب ظروف عدم الاستقرار اللازمة للبدء…
نُشرت في  الكتب 
الأربعاء كانون1/ديسمبر 18
أطلق مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، ومعهد السياسة و المجتمع، كتابه الجديد بعنوان: “حرب الشمال: شبكات المخدرات في سوريا، الاستجابة الأردنية وخيارات الإقليم”، ويحلل الكتاب ظاهرة شبكات تهريب المخدرات المنظمة في…
نُشرت في  الكتب 
الإثنين تموز/يوليو 22
المُلخَّص التنفيذي: قسَّمت الدراسة مبناها المنهجي وسياقها المعلوماتي والتحليلي إلى فصول ثلاثة، مثّل الفصل الأول منها: مدخلاً ومراجعة لتاريخ القبائل والعشائر في الجغرافية السورية بشكل عام وفي محافظتي حلب وإدلب…
نُشرت في  الكتب 
يرى المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف، في تصريح صحفي لجريدة عنب…
الثلاثاء نيسان/أبريل 02
شارك الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية الأستاذ سامر الأحمد ضمن برنامج صباح سوريا الذي…
الأربعاء تشرين2/نوفمبر 29
شارك المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف في فعاليات المنتدى الاقتصادي الخليجي…
الجمعة تشرين2/نوفمبر 24
شارك المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف في رؤية تحليلية للحرب على…
الإثنين تشرين2/نوفمبر 20