مدخل
شهدت الساحة الدولية في أيار/مايو 2025 تحولاً استراتيجياً في التعامل مع المشهد السوري، تمثل في إعلان كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي عن تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية.
تكمن أهمية هذا التحول في كونه يمثل انعطافة جوهرية في مسار العقوبات التي شكلت أداة ضغط رئيسية في الصراع السوري، خاصة بعد تشديدها مع إقرار قانون "قيصر" في عام 2019. والتي أدت إلى تدهور حاد في الاقتصاد السوري وتراجع مستويات المعيشة وانهيار قيمة العملة الوطنية، ممّا فاقم من معاناة المواطنين السوريين. تسعى هذه الورقة إلى تحليل مضامين قرارات تخفيف العقوبات ودلالاتها وآثارها المحتملة على الاقتصاد السوري، مع تسليط الضوء على التحديات والعوائق التي قد تحد من فعاليتها.
دلالات تخفيف العقوبات الأمريكية والأوروبية
أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية OFAC في 23 أيار/مايو 2025 الترخيص العام رقم 25 (GL25) الذي يسمح بجميع المعاملات المحظورة سابقاً بموجب لوائح العقوبات السورية، مما يرفع فعلياً معظم العقوبات الاقتصادية عن سورية. يشمل هذا الترخيص التعامل مع الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع وكافة وزاراتها ومؤسساتها، بما في ذلك الاستثمار الجديد في سورية وتقديم الخدمات المالية وغيرها لسورية، ويسمح بالتعامل مع كيانات محددة كانت مدرجة سابقاً على قائمة العقوبات، بما في ذلك مصرف سورية المركزي والبنك التجاري السوري والخطوط الجوية السورية وبعض الشركات النفطية الحكومية. وبذلك، يتيح GL25 عملياً إعادة دمج مؤسسات الدولة السورية وكياناتها الاقتصادية الرئيسية في النظام المالي العالمي، والاستثمار الأجنبي المباشر في المشاريع السورية، مع إبقاء بعض القيود الهامة؛ حيث لا يشمل هذا الترخيص الأشخاص أو الكيانات المدرجة في قائمة "المواطنين المحددين بشكل خاص" (SDN List)، ولا يترتب عليه رفع التجميد عن أي أصول كانت مجمدة قبل تاريخ صدوره. كما يُحظر تنفيذ أي معاملات يكون من شأنها أن تعود، بشكل مباشر أو غير مباشر، بأي منفعة على حكومات، أو أشخاص مرتبطين بروسيا، أو إيران، أو كوريا الشمالية.
ويجدر التنويه أن GL25 غير محدد بمدة زمنية، بخلاف تراخيص سابقة قصيرة الأجل (مثل الترخيص 4GL2 الذي صدر لبعض التعاملات المحدودة وكان له تاريخ انتهاء) ولهذا دلالة على تحول استراتيجي طويل الأمد في السياسة الأمريكية نحو احتمال إنهاء نظام العقوبات على سورية.
بالتوازي مع إصدار وزارة الخزانة الأمريكية GL25، قام وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بتفعيل إعفاء مؤقت من قانون "قيصر" لحماية المدنيين في سورية الصادر عام 2019 لمدة 180 يوماً، حيث يفرض القانون عقوبات ثانوية على أي طرف أجنبي يتعامل مع نظام الأسد أو يشارك في أنشطة إعادة الإعمار دون تسوية سياسية. ويقود الإعفاء الذي أعلنه وزير الخارجية الأمريكي إلى تعليق تطبيق تلك العقوبات الثانوية لمدة ستة أشهر على الشركات والأفراد غير الأمريكيين الذين ينخرطون في التعاملات المسموح بها بموجب الترخيص 25. ويستهدف الإعفاء ألا تعيق عقوبات "قيصر" تدفق الاستثمارات والمساعدات إلى سورية، وخاصة في قطاعات حيوية كالكهرباء والطاقة والمياه والصرف الصحي والجهود الإنسانية. ويعد هذا الإعفاء المؤقت بمثابة طمأنة للشركات والبنوك الدولية بأن الولايات المتحدة لن تعاقبها على الدخول للسوق السورية خلال نافذة الشهور الستة القادمة.
في المقابل، أعلن الاتحاد الأوروبي في 20 أيار/مايو 2025 عن رفع العقوبات الاقتصادية الجماعية عن سورية، وذلك بعد تعليق جزئي للعقوبات في شباط/فبراير 2025. ويهدف هذا القرار إلى دعم انتقال سورية وتعافيها الاقتصادي وإنهاء العزلة المالية وفتح الباب أمام التدفقات النقدية والتجارية مع سورية من دول الاتحاد، مع الإبقاء على العقوبات المتعلقة بنظام الأسد والمرتبطة بأسباب أمنية، بما في ذلك حظر الأسلحة والتكنولوجيا التي يمكن استخدامها للقمع الداخلي.
وتحمل هذه القرارات دلالات اقتصادية وسياسية عميقة، أبرزها ما يلي:
- الاعتراف الضمني بالحكومة الجديدة: تحمل هذه القرارات اعترافاً ضمنياً بشرعية الحكومة السورية الجديدة، بقيادة الرئيس أحمد الشرع، من خلال النص على الترخيص "لجميع التعاملات مع حكومة سورية الجديدة" وتعكس انفتاح واشنطن وبروكسل على التعامل معها.
- تحول في الاستراتيجية الغربية تجاه سورية من الضغط والعزل إلى المشاركة والدعم، بهدف تعزيز الاستقرار والتنمية. كما تعكس رغبة غربية في دعم مسار الانتقال السياسي في سورية وتشجيع الإصلاحات السياسية والاقتصادية.
- فتح الباب أمام التعافي وإعادة الإعمار: تمهد هذه القرارات الطريق أمام إطلاق عملية إعادة إعمار شاملة في سورية، بعد سنوات من التدمير والتراجع الاقتصادي.
- الاستقرار والتنمية كعنوان للتفاعلات الإقليمية والمحلية والذي برز بشكل واضح بعد قمة الرياض وما حملته من دلالات على إعادة تشكل نظام إقليمي جديد.
الآثار المتوقعة على الاقتصاد السوري
من المتوقع أن يؤدي تخفيف العقوبات إلى آثار إيجابية ملموسة على الاقتصاد السوري، خاصة في القطاعات الرئيسية التالية:
- القطاع المصرفي والمالي: أعلن مكتب مكافحة الجرائم المالية FinCEN عن إعفاء يسمح للمصارف الأمريكية بإعادة فتح الحسابات المراسلة مع المصرف التجاري السوري، ومن شأن هذا إعادة دمج سورية في نظام المدفوعات العالمي (SWIFT)، وإتاحة الوصول إلى التمويل الدولي والائتمان، ورفع الحجز عن الأصول السورية المجمّدة في الخارج والتي تقدر بمئات ملايين الدولارات.
- قطاع السياحة: من شأن عودة الخطوط الجوية السورية التي كانت على قائمة العقوبات للعمل مع أنظمة الحجوزات الدولية تنشيط حركة النقل والسياحة في البلاد ورفد الخزينة العامة بالقطع الأجنبي وتحسين قيمة الليرة السورية.
- قطاع النفط والطاقة: سيسمح تخفيف العقوبات بالاستثمار في قطاع النفط والغاز، واستيراد المعدات اللازمة لإعادة تأهيل البنية التحتية للطاقة، وتسهيل استيراد المحروقات والمشتقات النفطية. وهذا من شأنه تخفيف أزمة الطاقة وتحسين إمدادات الكهرباء، مما سينعكس إيجاباً على مختلف القطاعات الاقتصادية.
- قطاع التجارة والاستثمار: ستؤدي القرارات إلى تنشيط حركة التجارة الخارجية والصادرات والواردات، وتسهيل استيراد المواد الأساسية والسلع الاستهلاكية وقطع الغيار والآليات والتقنيات اللازمة لإعادة تشغيل المصانع المعطلة، وجذب الاستثمارات الأجنبية، خاصة التركية والخليجية. كما ستساهم في تخفيف معدلات التضخم نتيجة زيادة المعروض من السلع، وتحسين القدرة التنافسية للمنتجات السورية في الأسواق الخارجية. وسيتمكن المنتجون السوريون من إعادة دخول الأسواق الأوروبية والأمريكية التي كانت مغلقة، مما يرفد البلاد بالعملات الصعبة ويدعم القطاعات المنتجة.
- قطاع إعادة الإعمار والبنية التحتية: ستفتح القرارات الباب أمام إطلاق مشاريع إعادة الإعمار في قطاعات التطوير العقاري، وإعادة تأهيل البنية التحتية للنقل والمواصلات، وتحسين شبكات الاتصالات والخدمات العامة. وستتيح فرصاً للشركات الدولية للمشاركة في مشاريع إعادة الإعمار التي تقدر احتياجاتها بأكثر من 400 مليار دولار.
- تنشيط القطاع الخاص: مع انفتاح الاقتصاد، ستشتد المنافسة وتتنوع الفرص، بالأخص مع اتباع الحكومة الجديدة سياسات السوق الحرة، مع التوجه نحو تبسيط الإجراءات أمام تأسيس الشركات، وتعديل قوانين الاستثمار لحماية حقوق المستثمر المحلي والأجنبي، والتوجه نحو خصخصة بعض المؤسسات الحكومية المتضررة أو إشراك القطاع الخاص في إدارتها.
من المتوقع على المدى القصير، أن يؤدي تخفيف العقوبات إلى استقرار نسبي في قيمة العملة الوطنية، وزيادة في حجم التبادل التجاري، وتخفيف القيود على التحويلات المالية، وتحسن في توفر السلع الأساسية والمحروقات في الأسواق المحلية، وتخفيف الضغوط التضخمية.
أما على المدى المتوسط والطويل، فيتوقع زيادة فرص العمل وتخفيض معدلات البطالة، وتحسين مؤشرات سبل العيش للمواطنين، وزيادة معدلات الإنتاج الوطني، وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني، وتحفيز عودة رؤوس الأموال السورية من الخارج، وإمكانية عودة جزء كبير من اللاجئين والنازحين.
ويجدر التنويه، أن تخفيف العقوبات وتحقق النتائج الاقتصادية المرجوة يحتاج إلى تشكل نقطة انطلاق لإعادة تشكيل الهوية الاقتصادية، تقوم على تعزيز الإنتاج الوطني، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وتنمية القطاعات الإنتاجية ذات القيمة المضافة، وتنويع مصادر الدخل، وتعزيز الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص ضمن أطر شفافة ومنظّمة.
التحديات والعوائق أمام التعافي الاقتصادي
رغم الآثار الإيجابية المتوقعة، تواجه عملية التعافي الاقتصادي تحديات وعوائق عديدة، أبرزها ما يلي:
- هشاشة الإطار القانوني لتخفيف العقوبات: إمكانية إعادة فرض العقوبات، خاصة أن الترخيص العام يمكن إلغاؤه، والإعفاء من قانون "قيصر" محدود بـ 180 يوماً، مما يخلق حالة من عدم اليقين القانوني.
- عدم الالتزام بالشروط: قدّمت الإدارة الأمريكية إلى الحكومة السورية قائمة من المطالب كشرط للشروع في تخفيف العقوبات الاقتصادية. من بين هذه المطالب: إعادة هيكلة الجيش السوري خالياً من المقاتلين الأجانب في مراكزه القيادية؛ ومنح المفتشين الدوليين وصولاً كاملاً إلى جميع مواقع ومخازن الأسلحة الكيميائية والمنشآت المرتبطة بها؛ والتعاون الكامل في كشف مصير المفقودين الأمريكيين داخل الأراضي السورية؛ واستمرار التعاون العملياتي مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في محاربة تنظيم "داعش"؛ وحظر الفصائل الفلسطينية المسلحة وإنهاء أنشطتها العسكرية والسياسية على الأراضي السورية؛ واتخاذ إجراءات واضحة لمنع التمدد الإيراني داخل سورية ([1]). وعليه يرتبطالإعفاء المؤقت من العقوبات بتقدّم الحكومة الجديدة في تنفيذ هذه الشروط، وهو ما سيحدد ما إذا كانت الـ180 يوماً ستمهّد لتخفيف دائم أو إعادة فرض العقوبات نهاية العام 2025.
- التحديات الهيكلية: الحاجة إلى إصلاحات هيكلية في الاقتصاد السوري، وضعف البنية التحتية وتدهورها بسبب سنوات الحرب، ونقص الكوادر المؤهلة نتيجة الهجرة والنزوح. إضافة إلى استمرار تحديات الحوكمة، والحاجة إلى تطوير الأطر القانونية والتنظيمية لتشجيع الاستثمار وحماية حقوق المستثمرين. فقد تعزف الشركات الكبرى عن الدخول إلى السوق السورية في ظل بيئة لا تزال في طور بناء البنية القانونية والحوكمية، وحماية حقوق المستثمرين، وشفافية الإجراءات، والاستقرار التشريعي وتطور البنية التقنية، لضمان سلامة استثماراتها واستدامة أعمالها.
- المخاوف الأمنية والسياسية: هشاشة الوضع الأمني في بعض المناطق، والمخاوف من عدم الاستقرار السياسي، مما قد يعيق جذب الاستثمارات وتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار.
- التنافس الإقليمي والدولي: من المتوقع أن يستمر التنافس بين القوى الإقليمية والدولية على النفوذ في سورية، الأمر الذي سينعكس بالضرورة على توجهات الاستثمار وأولويات مشاريع إعادة الإعمار. بالأخص بعد تموضع سورية في المحور الغربي-العربي، مبتعدة عن روسيا وإيران وخاصة بعد استمرار فرض العقوبات الأمريكية والأوروبية عليهما، ما يعني عملياً منع أو تقليص تعامل الحكومة السورية الجديدة مع هاتين الدولتين.
يمثّل تخفيف العقوبات الاقتصادية عن سورية نقطة تحول استراتيجية في سورية منذ بداية الصراع في العام 2011، ويفتح آفاقاً واعدة للتعافي الاقتصادي بعد سنوات من العزلة والانهيار. ومع ذلك، فإن تحقيق الاستفادة القصوى من هذا التحول يتطلب جهوداً متكاملة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، وتذليل التحديات والعوائق التي قد تحد من فعاليته.
في ضوء ما سبق، يمكن استخلاص جملة من التوصيات يمكن للحكومة السورية العمل عليها:
- ضرورة استثمار الفرصة التي يتيحها تخفيف العقوبات لتنفيذ إصلاحات هيكلية في الاقتصاد السوري، من خلال استغلال هامش الحركة الجديد في القطاعين المالي والتجاري لجذب الاستثمارات الخارجية، وتنشيط التجارة، وتوسيع نطاق الشراكات مع المؤسسات الدولية. يتطلب ذلك العمل بشكل متزامن على إصلاح السياسات المالية والنقدية، وتحديث منظومة الحوكمة الاقتصادية، وتعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة الموارد العامة، وإعادة هيكلة المؤسسات العامة الكبرى بما يضمن كفاءتها واستقلاليتها التشغيلية. كما تتيح هذه المرحلة فرصة حاسمة لمعالجة التشوهات العميقة التي راكمتها سنوات الصراع والفساد، من خلال تفكيك الاحتكارات، وإعادة توزيع الأدوار بين الدولة والقطاع الخاص، وتطوير مناخ الأعمال وفق معايير التنافسية والعدالة الاقتصادية.
- تطوير الأطر القانونية والتنظيمية لتشجيع الاستثمار، وذلك من خلال إطلاق عملية شاملة لمراجعة وتحديث القوانين الاقتصادية والتجارية، مع ضرورة تشكيل مجلس تشريعي فعّال يمارس صلاحياته الكاملة في سنّ التشريعات ومراجعتها، بما يضمن الاستقرار القانوني والجاذبية الاستثمارية. وفي هذا السياق، تبرز الحاجة لتطوير حزم من القوانين الرئيسية تشمل: قانون الشركات، قانون الاستثمار، قانون الإفلاس، قانون المنافسة ومنع الاحتكار، قانون الضرائب، قوانين حماية الملكية الفكرية والعلامات التجارية، إضافة إلى تحديث قوانين العمل والتشغيل بما يتناسب مع المعايير الحديثة. ومن الضروري أن تحظى هذه العملية بفتح قنوات نقاش واسعة مع المجتمع المدني وتقديم توصيات تقنية متخصصة تدعم الحكومة والمجلس التشريعي في صياغة وتطوير التشريعات وفق احتياجات الواقع ومتطلبات المرحلة الاقتصادية.
- تسريع تنفيذ برامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج (DDR)، مع تكثيف جهود تفكيك الخلايا الإرهابية وملاحقة الشبكات المسلحة غير الشرعية، وذلك لتعزيز الاستقرار الأمني ومواجهة التحديات المرتبطة بعودة العنف وتهديد السلم الأهلي والتنمية الاقتصادية.
- أهمية تعزيز الشفافية والحوكمة الرشيدة في إدارة الموارد والمشاريع الاقتصادية، لبناء الثقة مع المجتمع الدولي والمستثمرين. وتعزيز التشاركة مع الفواعل السورية غير الحكومية لا سيّما المنظمات المحلية التي عملت على تخفيف الأزمة الإنسانية خلال السنوات الماضية.
- ضرورة وضع استراتيجية وطنية شاملة تقوم على ثلاثة محاور: برنامج العودة الكريمة للاجئين والنازحين وما يستلزمه ذلك من مشاريع تنموية وتطوير بنى تحتية، وبرنامج البناء وإعادة الإعمار بمنظور تنموي متوازن وفق رؤية تنموية متوازنة تضمن توزيع الموارد بشكل عادل بين مختلف المناطق والفئات، وبرنامج التخطيط الاستراتيجي الوطني الذي يحدد الأولويات الكبرى للدولة على المدى المتوسط والبعيد، وينسّق السياسات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية في إطار موحّد، بما يضمن توجيه الموارد بشكل منظّم ومدروس لتحقيق التنمية المستدامة وتفادي العشوائية في اتخاذ القرارات الاستثمارية والتنموية.
- تطوير خطة وطنية من أجل استمرار الجهود الدبلوماسية للعمل على تحويل التخفيف المؤقت للعقوبات إلى رفع دائم وشامل، والتعاون مع الجالية السورية الفاعلة في أمريكا وأوروبا للعمل مع الكونغرس الأمريكي ومجلس الاتحاد الأوروبي من أجل الحفاظ على نهج الدعم والانفتاح واستمرار الإعفاءات بعد الـ 180 يوماً طالما لم يحدث نكوص جوهري.
أخيراً، تمثل مرحلة تخفيف العقوبات المفروضة على سورية نافذة مهمة لإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني على أسس حديثة، بعد سنوات من العزلة والانهيار الاقتصادي. ولا يعتمد نجاح الحكومة السورية في استثمار هذا التحول على رفع القيود المالية والتجارية فقط، بل على قدرتها في بناء منظومة اقتصادية متماسكة تقوم على الشفافية، وحوكمة المؤسسات، وإعادة توزيع الأدوار بين الدولة والقطاع الخاص، مع التركيز على تحفيز الإنتاج الوطني وخلق الوظائف وتنمية الصادرات. بالتوازي مع ذلك يمكن العمل على إدارة الحوار الدبلوماسي مع القوى الإقليمية والدولية، بهدف تحويل تخفيف العقوبات من حالة مؤقتة مرهونة بالظرف السياسي، إلى حالة دائمة مستقرة قادرة على ضمان الاستمرارية الاقتصادية والسياسية للدولة السورية في المرحلة المقبلة.
([1]) Syria and Eight American Demands: Diplomacy, security, and a shifting Balance. The Syrian Observer, link: https://rb.gy/dzy4ll