ملخص تنفيذي

  • تم تنفيذ 766 مشروعاً ونشاطاً في مناطق المعارضة بالشمال، ريف حلب الشمالي والشرقي ومحافظة إدلب، خلال النصف الثاني من 2021، بانخفاض عن النصف الأول 2021 بنسبة 11% أو بواقع 104 مشروعاً. وفي رصد للعدد الإجمالي لمشاريع في التعافي الاقتصادي المبكر أظهر التقرير تنفيذ 4070 مشروعاً بين 2018 و2021 في مناطق المعارضة.
  • استحوذ قطاع النقل والمواصلات على النسبة الأكبر للمشاريع المنفّذة (193 مشروع) ثم قطاع التجارة (169 مشروع) وقطاع المياه والصرف الصحي (123 مشروع) ويليه قطاع النزوح الداخلي (104 مشروع) وقطاع الزراعة والثروة الحيوانية (61 مشروع) والإسكان والتعمير (60 مشروع).
  • يلحظ التقرير عدة قضايا منها ارتفاع الأعمال المنفّذة في إدلب وريفها بواقع 55% لإدلب (419 مشروع) مقارنة بالمشاريع المنفّذة في حلب وريفها بواقع 45% (347 مشروع)؛ وتم تسجيل 1862 فرصة عمل في العديد من القطاعات تركزت معظمها في القطاع الطبي والنزوح الداخلي، ومن بين القرارات والإعلانات البارزة للمجالس المحلية والمنظمات تم عقد اجتماعات بين منظمات لوضع خطة لزراعة القمح وتنظيم عملية الزراعة، وإطلاق جمعية مزارعي البطاطا بالتعاون والتنسيق بين مؤسسة إكثار البذار وكل من المجلس المحلي في مارع وصوران والراعي، وإقرار المجلس المحلي في مدينة الباب سعر الكيلو واط 88.8 قرش لخط الكهرباء المنزلي و1.15 لخط الكهرباء التجاري، كما تم تحديد سعر ربطة الخبز بليرتين تركيتين.
  • من بين نقاط الضعف التي أوردها التقرير عدم توحيد آليات النشر ورصد النشاطات والمشاريع، يصعّب مهمة البحث والتدقيق على المشاريع والنشاطات المنفّذة ويجعل من الأرقام تفتقر للدقة المطلوبة لتقييم اقتصاد المنطقة، وجفاف واضح في البيئة القانونية بالشكل الذي يعطّل عملية التمويل ورفد المنطقة بالاستثمارات الصناعية والزراعية الكفيلة بتطوير اقتصاد المنطقة.
  • ومن بين نقاط القوة التي لحظها التقرير؛ استمرار العمل في بناء وحدات سكنية ونقل النازحين إليها، والاعتماد على طاقة الشمس في توليد الطاقة الكهربائية في مضخّات المياه وإنارة الطرقات، فضلاً عن تعبيد وتأهيل المزيد من الطرقات والساحات والأسواق، بالإسفلت وحجر الأنترلوك.
  • ويوصي التقرير بتوجيه المجالس المحلية والمنظمات على اعتماد آلية نشر موحدة لدى تنفيذ المشاريع، بحيث توجِد شبكة تواصل بين المجالس والمنظمات والعمل على خط مشترك في هذا الشأن، وتأسيس "جمعية زراعية وطنية" للنهوض بقطاع الزراعة تجمع الفلاحين والنقابات الزراعية للعمل على تنفيذ أجندة وطنية تصب في صالح المنطقة، وأوصى التقرير بتشكيل "هيئة إدارة المشاريع" لتذليل كافة الصعوبات التي يعاني منها قطاع التمويل، من قوننة وتعبئة المدخرات المحلية وإنتاج وتسويق.

حول التقرير: المنهجية والأدوات

يحاول تقرير التعافي الاقتصادي المبكر في مناطق المعارضة في مدن وبلدات "درع الفرات"، و"عفرين"، ومحافظة إدلب استكمال ما بدأه منذ النصف الثاني لعام 2018 عبر رصد نشاطات الفاعلين من مجالس محلية ومنظمات خلال النصف الثاني لعام 2021 بين تموز وكانون الأول. ويهدف التقرير لتشخيص وفهم ما يلي:

  1. حركية النشاطات والأعمال المنجزة في المنطقة المحددة وبالتالي قياس تطور الاقتصادات المحلية ومقارنة المناطق والقطاعات مع بعضها البعض؛
  2. قدرة الفواعل على إيجاد بيئة آمنة للعمل والاستثمار تؤدي إلى خلق فرص عمل والقيام بأعمال ونشاطات متنوعة وتحريك الطلب المحلي؛
  3. قدرة المجالس المحلية على لعب دور حوكمي وتوقيع مذكرات تفاهم مع الشركات والمنظمات تسهم في رفد عملية التعافي المبكر بالنشاطات اللازمة؛
  4. معرفة حجم ما تصدره المجالس من تشريعات وقرارات وتعميمات والدور التشريعي الذي تلعبه المجالس في مأسسة العمل وضبط آليات العمل فيها.

وتتشكل أهمية هذا التقرير من قدرته على تشخيص حركة الانجاز في المشاريع الاقتصادية والتنموية المنفّذة بعموم المناطق التي يتم رصدها وتقييم الإيجابيات والسلبيات، مما يشكل دافعاً وإسهاماً لصنّاع القرار والفواعل لتوجيه الدعم وسد الثغرات في القطاعات الاقتصادية.

ركّز التقرير خلال عملية الرصد على المدن الرئيسية والبلدات المبين في الجدول رقم (2) التي شهدت نشاطاً اقتصادياً ملحوظاً، ووفقاً للتصنيف الصناعي المعياري الدولي، كما تم الاعتماد على المعرّفات الرسمية للمجالس المحلية والمنظّمات العاملة على "فيس بوك" و"تليغرام" وتسجيل نشاطاتها وتقاريرها الدورية الموضّحة بالجدول رقم (1)، وفق معادلة رصد مضبوطة تؤمّن القدرة على تحليل البيانات وفق مستويين، المستوى الأول مستوى القطاعات الاقتصادية، والثاني وفقاً للمستوى الجغرافي.

يوضّح الجدول أدناه خارطة الفواعل التي يرصد التقرير أنشطتها التنموية والخدمية والاقتصادية

 كما يظهر الجدول أدناه القطاعات ونوعية النشاطات/ القرارات المرصودة:

 

أولاً: مؤشرات التعافي الاقتصادي المبكر في النصف الثاني من عام 2021

تم تنفيذ 766 مشروعاً ونشاطاً في مناطق المعارضة بالشمال، ريف حلب الشمالي والشرقي ومحافظة إدلب، بانخفاض عن النصف الأول بنسبة 11% أو بواقع 104 مشروعاً. وحسب الشكل رقم (1) ورقم (4) يوضحّان عدد ونسب المشاريع في المنطقة، وكانت ضمن قطاع النقل والمواصلات (193 مشروع) بنسبة 25% وقطاع التجارة (169 مشروع) بنسبة 22% وقطاع لمياه والصرف الصحي (123 مشروع) بنسبة 16% وقطاع النزوح الداخلي في المرتبة الرابعة بواقع (104 مشروع) وقطاع الزراعة  والثروة الحيوانية (61 مشروع) وقطاع الإسكان والتعمير (60 مشروع).

وحافظت إدلب على تنفيذ النسبة الأكبر من المشاريع والنشاطات بواقع 55% (419 مشروع) مقارنة مع ريف حلب (347 مشروع) كما يظهر في الشكل رقم (2).

 

وبشكل أكثر تفصيلاً يُظهر الشكل رقم (3) توزع المشاريع على المناطق المرصودة؛ حيث حلّت مدينة إدلب في المرتبة الأولى (125 مشاريع) في المؤشر للمرة الرابعة، وجاءت بعدها مدن الباب (85 مشروع) واعزاز (82 مشروع) وسرمدا (80 مشروع)، إضافة إلى مدن الدانا وعفرين وأخترين، ويعود تركز المشاريع في هذه المدن إلى عدة عوامل لعلّ أبرزها تركز عدد كبير من المخيمات فيها وبالتالي وجود معظم المنظمات والمحلية والأجنبية، واحتواءها على أسواق تجارية.

 

ومن بين أبرز القرارات والإعلانات التي تم اتخاذها والإعلان بها من قبل المجالس المحلية والمنظمات خلال هذه الفترة: عقد اجتماعات لعدة منظمات لوضع خطة لزراعة القمح وتنظيم زراعة وتصرف المحصول، وأطلق المجلس المحلي في مارع وصوران والراعي جمعية مزارعي البطاطا بالتعاون والتنسيق مع مؤسسة إكثار البذار، أما في إدلب فقد أعلن الاتحاد العام للفلاحين ومديرية زراعة إدلب أنها تتابع تشكيل الجمعيات الفلاحية في المدن والبلدات والقرى لتنظيم عمل الفلاحين وزراعاتهم وحل مشاكلهم العالقة، وأقر المجلس المحلي في مدينة الباب سعر الكيلو واط 88.8 قرش لخط الكهرباء المنزلي و1.15 لخط الكهرباء التجاري، كما تم تحديد سعر ربطة الخبز بليرتين تركيتين، وتم عقد مذكرتي تفاهم في الراعي واعزاز أحدهما لتعبيد الطرقات والأخرى لتقديم 50% من مادة الطحين للمجلس المحلي في الراعي لبيع ربطة الخبز للمواطن بسعر ليرة تركية، كما وفرت المنظمات والمجالس المحلية نحو 1862 فرصة عمل خلال الفترة المرصودة بزيادة 832 فرصة عن النصف السابق بنسبة 80%، معظمها عقود مؤقتة بين شهر و6 أشهر وسنة، وتركزت في القطاع الطبي من قبل منظمات "سيريا ريليف"، و"تكافل الشام"، و"المؤسسة الدولية للتنمية الاجتماعية" و"يداً بيد للاغاثة والتنمية" وغيرها.

استحوذ قطاع النقل والمواصلات على المرتبة الأولى ضمن مؤشر التعافي بواقع 193 مشروعاً، بارتفاع عن النصف السابق بـ52 مشروعاً، وحازت الدانا واعزاز وأخترين وعفرين على المراتب الأربعة الأولى بين المناطق التي تم رصدها كما يظهر في الشكل أدناه. ومن بين المشاريع المنفّذة استمرار رصف الطرقات الفرعية والساحات بحجر الانترلوك، وتعبيد الطرقات بالإسفلت بين اعزاز وكفركلبين، وكفركلبين وكلجبرين، والسلامة وشمارين، وشمارين وسجو وغيرها، وشهدت هذه الفترة أيضاً تأهيل العديد من الطرقات المؤدية إلى تجمعات المخيمات وربطها مع القرى المجاورة لسهولة نقل الخدمات إليها.

 

وتم تنفيذ 169 مشروعاً في قطاع التجارة جاءت إدلب في المرتبة الاولى بـ44 مشروعاً تلتها الباب واعزاز والدانا على التوالي، ولا تزال السمة الرئيسية في هذا القطاع هو إصدار المنظمات العاملة والمجالس المحلية مناقصات لتوريد أدوات طبية ووقود وقرطاسية وخدمات طباعة وطحين وتقديم عروض لاستئجار سيارات وسواها، ومن بين المنظمات التي تقدم مناقصات وتساعد على تنشيط هذا القطاع مؤسسة بناء للتنمية، ومنظمة بنيان، والرابطة الطبية للمغتربين، وجمعية عطاء وغيرها.

 

وفيما يتعلق بقطاع المياه والصرف الصحي تم تنفيذ 123 مشروعاً في المنطقة كما يُظهر الشكل أدناه، وتربّعت مدينة سرمدا على رأس القائمة بواقع 22 مشروعاً، تلتها مدينتي اعزاز (21 مشروع) وإدلب (14 مشروع)، ويعد هذا القطاع أحد القطاعات الحيوية ضمن مؤشر التعافي وساهم العمل عليه خلال الشهور الماضية في تحسن وضع البنية التحتية للمياه وطرق إيصالها للسكان والمخيمات، وأشارت إحصائية لوحدة تنسيق الدعم إلى طرق إيصال المياه في الشمال السوري في تشرين الأول 2021 وجاءت النسب: 89% بواسطة شبكة مياه و6% عبر الصهاريج و1% منهل.

 

وبالانتقال إلى قطاع النزوح الداخلي، انخفض عدد المشاريع في هذا القطاع عن النصف السابق بواقع 41 مشروعاً إذ تم تنفيذ 104 مشاريع خلال النصف الثاني من 2021 حيث نفّذ في سرمدا (24 مشروعاً) وأطمة (22 مشروعاً) وإدلب (19 مشروعاً)، نظراً إلى كثافة أعداد النازحين والمخيمات فيها، وشملت الأعمال تقديم خدمات البنية التحتية في المخيمات وترميم المنازل لتحسين الظروف المعيشية للنازحين القاطنين فيها، وأوردت نشرة لوحدة تنسيق الدعم أن 62% من الطرق ضمن المخيمات معبدة أو مرصوفة فيما لا تزال 38% تحتاج إلى رصف وتعبيد.

 

بالنسبة لقطاع الزراعة والثروة الحيوانية فقد تم تنفيذ 61 مشروعاً أقل بـثلاثة مشاريع عن النصف السابق، جاءت إدلب في المرتبة الأولى (18 مشروعاً) تلتها جرابلس (6 مشاريع) وقباسين وعفرين واعزاز (4 مشاريع) لكل منها، وتضمنت هذه الفترة دعم الفلاحين بالمواد الأساسية لدعم المحاصيل الزراعية، وتسليم قروض حسنة للمزارعين، ومتابعة حثيثة للمحصول من قبل المنظمات للتدخل في الأوقات المناسبة ومساعدة الفلاح على جني المحصول. وألقت المجالس المحلية الضوء أكثر على قطاع الزراعة من خلال دعم تأسيس جمعيات للمزارعين وتأسيس اتحاد عام لهم، واجتماع عدة منظمات في اعزاز لوضع خطة لزراعة القمح في المنطقة.

 

وسجّل قطاع الإسكان والتعمير تنفيذ 60 مشروعاً بزيادة 8 مشاريع عن النصف السابق، كما يظهر في الشكل أدناه، وبقيت مدينة الباب في قمة المؤشر بواقع 37 مشروعاً بدافع إصدار تراخيص على الشيوع لبناء سكني وتجاري، واستمرت مشاريع نقل المخيمات إلى مجمعات سكنية تتسع لمئات العائلات ومجهّزة بكافة الخدمات، وألقى "فريق ملهم التطوعي" على نقطة مهمة في هذا الإطار عندما تمكن من جمع تبرعات بأكثر من 2 مليون دولار لبناء وحدات سكنية للنازحين عوضاً عن الخيمة، وأنهى العمل في مدينة اعزاز على مشروعي أوتاد الذي يضم 320 وحدة سكنية، وقرية ملهم التي تضم 300 وحدة، وجهّزت منظمة إحسان 247 وحدة سكنية في بلدة كفرصفرة، والانتهاء من "قرية التميز الإنساني" من قبل منظمة وطن في مدينة حارم، وتم نقل 453 عائلة من المخيمات إلى مساكن جاهزة في قرية الزيتون في مدينة الدانا من قبل مديرية الشؤون الإنسانية.  ومن بين المشاريع البارزة التي تم العمل عليها في هذه الفترة؛ بناء منطقة حرفية في اعزاز، وسوق من 39 محل في الراعي، وبدء العمل على مدينة صناعية في صوران.

 

ونفذت المجالس المحلية والمنظمات 24 مشروعاً في قطاع الكهرباء خلال هذه الفترة أقل بمشروعين عن النصف السابق. وجاءت إدلب على رأس القائمة بـ5 مشاريع والراعي بـ4 مشاريع وبعدها الأتارب، وتم خلالها إيصال الكهرباء للبلدات ولمدن وتجهيز أعمدة إنارة للمحلّق الغربي الشمالي في اعزاز، وعلى طريق معبر السلامة، وفي الراعي وقباسين وسلقين، ونفّذت العديد من المنظمات مشاريع توليد طاقة كهربائية عبر تركيب المئات من ألواح الطاقة الشمسية في محطات ضخ المياه لتخديم النازحين في المخيمات في كفردريان وصوران وإدلب والأتارب.

 

فيما يتعلق بقطاع الخدمات الاجتماعية فقد تم تنفيذ 17 مشروعاً أقل بـ9 مشاريع عن النصف السابق، حيث تم بناء مدرسة "حق الشام" في مدينة الباب، ومدرسة في أخترين، ومستوصف في صلوة، وتم تأهيل 6 مدارس في مدينة اعزاز، وتأهيل عدد من المدراس في عفرين، وغيرها.

وفيما يتعلق بقطاع التمويل، تم تنفيذ 10 مشاريع في بزاعة والباب واعزاز والراعي وأخترين وإدلب ومن بين المشاريع التي يتم تنفيذها، النقد مقابل العمل التي تستهدف أعمال النظافة العامة والمشاريع الخدمية، وطرح مزادات لاستثمار محال وصالات تجارية، وتم طرح معمل غاز وأراضي زراعية ومحل تجاري وحديقة للاستثمار في بزاعة.

كما تم تنفيذ 3 مشاريع في قطاع الاتصالات، بينها إصلاح خط الهاتف الواصل بين إدلب وعربيتا، وصيانة وتمديد خطوط للهاتف الأرضي في إدلب. أما في قطاع الصناعة فقد تم تنفيذ مشروع يتعلق بتجهيز معمل لصناعة حجر الانترلوك في مدينة جرابلس، ومشروع بناء محطة مفاعل معالجة لاهوائية للصرف الصحي في بلدة باتبو.

أخيراً، يمكن القول إن النصف الثاني من 2021 انخفضت عدد المشاريع فيه بواقع 104 مشاريع، وبقي تركز المشاريع في قطاعات النقل والمياه والتجارة في سلم أولويات المنظمات العاملة والمجالس المحلية، ولا تزال إدلب تتفوق بعدد المشاريع على ريف حلب بواقع 55% لإدلب مقابل 45% لريف حلب. وتم تسجيل 1862 فرصة عمل أوجدت من قبل المنظمات والمجالس المحلية في مختلق القطاعات الاقتصادية، وتركز معظمها في القطاع الطبي وهو مؤشر يؤكد على آثار الحرب واحتياجات المنطقة في هذا القطاع.

 

ثانياً: التقييم العام

يُظهر الشكل رقم (13) المسح القطاعي على مشاريع التعافي في مناطق المعارضة من النصف الثاني في 2018 حتى النصف الثاني في 2021 أنجز خلالها 4070 مشروعاً معظمها في قطاع النقل والمواصلات تلاها المياه والصرف الصحي ومن ثم قطاع التجارة، وقد شكّلت هذه القطاعات بما رفدته من مشاريع ونشاطات قاطرة عملية التعافي في المنطقة على مدار الفترة الماضية واستطاعت تقديم الخدمات الأساسية الأشد احتياجاً للسكان من مياه وطرقات، فيما حازت قطاعات الصناعة والاتصالات والتمويل على الاهتمام الأقل بين القطاعات المرصودة فضلاً عن قطاع الزراعة والثروة الحيوانية الذي نفذ فيه 323 مشروعاً، وهي إشارة إلى خلل يحتاج إلى تضافر الجهود لدفع هذه القطاعات وإعادة التوازن للمنطقة، باعتمادها على الموارد المحلية المتوفرة لإحلال جزء من الواردات وعدم الاعتماد على الخارج بنسبة عالية. كما يشكل قطاع النزوح الداخلي (577 مشروعاً) تحدٍ كبير للمنطقة بالمنهجية المتبعة في تخديم النازحين في المخيمات، وقد بدأت العديد من المنظمات الاعتماد على بناء منازل سكنية وتنقل سكان المخيمات إليها، إلا أن العدد الكبير للمخيمات يحتاج لتضافر عدد أكثر من المنظمات للعمل على خطة تضمن إنهاء المخيمات ومشاكلها.

 

وفيما يتعلق بتوزع المشاريع على البلدات والمدن يُظهر الشكل رقم (14) مدينة إدلب على رأس قائمة المدن الأكثر تنفيذاً للمشاريع بواقع 562 مشروعاً، وتلتها مدينتي الباب واعزاز 487 و388 على التوالي. وساهم تركز المنظمات المحلية والأجنبية من جانب، والمخيمات من جانب آخر إلى استقطاب هذه المدن مشاريع بشكل أكثر من بقية المدن الأخرى. ومن جانب آخر يلحظ التقرير التغيرات الجذرية التي حلّت ببعض القرى والبلدات الصغيرة بتحولها إلى حواضن كبيرة إثر تدفق النازحين وإنشاء المخيمات فيها ونشاط المنظمات والمجالس المحلية فيها، مثل بزّاعة والدانا وسرمدا، على حساب المدن الكبيرة والتي كانت تشكل مراكز جذب تجاري واقتصادي مثل عفرين وحارم وغيرها.

تبين نتائج الرصد في النصف الثاني لعام 2021 جملة من نقاط القوة والضعف قي القطاعات المرصودة في مناطق "درع الفرات" و"عفرين" ومحافظة إدلب، فبالنسبة لنقاط الضعف يمكن شملها بالنقاط الآتية:

  • عدم توحيد آليات نشر المشاريع فضلاً عن وجود مكتب إحصائي يقوم بمهام الإحصاء، يصعّب مهمة البحث والتدقيق على المشاريع والنشاطات المنفّذة في المنطقة ويجعل من الأرقام تفتقر للدقة المطلوبة لتقييم اقتصاد المنطقة.
  • تعاني المنطقة من جفاف قانوني يعطّل بيئة التمويل وبالتالي قطاعي الصناعة والزراعة بشكل أساسي، إذ تساعد القوانين والتشريعات ضمن بيئة قانونية مواتية إلى تشجيع رأس المال الوطني بالدرجة الأولى للعمل والاستثمار بشكل أكبر، وإضفاء أجواء الثقة بالشكل الذي يساهم في رفد المنطقة بالتطور المطلوب.
  • يؤدي تركز المشاريع في مناطق محددة إلى تشوهات اقتصادية مستقبلية من قبيل استقطاب أناس للعمل في مدن محددة وما يتبعها من ارتفاع في الأسعار وتوسع سكني أفقي وعامودي وعدم استيعاب البنية التحتية لهذا التوسع، وهو ما يحدث فجوات عدّة بين البلدات والمدن في المنطقة.

أما بالنسبة لنقاط القوة التي يسجلها التقرير:

  • اعتماد المنظمات على توليد الكهرباء في مضخات المياه وإنارة الطرقات على ألواح الطاقة الشمسية، يقدّم مرونة عالية في هذا القطاع وبالنظر إلى حجم الصعوبات التي تواجه المنطقة في ظل عدم توفر موارد مستقرة للوقود، ومن شأن اعتماد هذه الطريقة وتوسعها إلى ابتكار نموذج جديد في توليد الطاقة الكهربائية كبديل عن الطاقة التقليدية.
  • تعبيد وتأهيل المزيد من الطرقات والساحات والأسواق، بالإسفلت وحجر الإنترلوك، حيث يتم تشبيك المدن والقرى ببعضها البعض بالشكل الذي يسهّل عملية تنقل المدنيين والتجارة المحلية.
  • بناء المنظمات مئات الوحدات السكنية الجاهزة ونقل العوائل النازحة إليها، بالشكل الذي يساهم في تخفيف الأعباء على المنطقة، وتوجيه الموارد المالية من المخيمات إلى أبواب وقطاعات اقتصادية أخرى.
  • ويُضاف إلى ما سبق بناء مفاعل لاهوائي لمعالجة مياه الصرف الصحي في المنطقة، وهي خطوة ولا شك مهمة ولا بد أن يتبعها خطوات أخرى من قبيل معالجة النفايات والاستفادة من الطاقة المتولدة.

توصيات ختامية

يورد التقرير توصيتين من شأنهما رفد عملية التعافي الاقتصادي المبكر مزيداً من التنسيق في المنطقة وفواعلها، ومزيداً من العمل في القطاعات غير الفاعلة حتى الآن:

  • يمكن للمجالس المحلية والمنظمات الاعتماد على آلية نشر موحدة لدى تنفيذ المشاريع إلى حين تأسيس مكتب إحصائي لديه منهجية واضحة ويعتمد على طريقة عمل احترافية في هذا الخصوص، من شأن هذه الطريقة إيجاد شبكة تواصل بين المجالس والمنظمات والعمل ضمن خطة مشتركة لا تتطلب الكثير من التنسيق والتشابكات الإدارية.
  • وللنهوض بقطاع الزراعة يمكن العمل على تأسيس "جمعية زراعة وطنية" تجمع الفلاحين والنقابات الزراعية ينتخبون إدارة تعمل على تنفيذ أجندة وطنية تصب في صالح المنطقة وتصمم طريقة تتناسب وظروف المنطقة التي تمر فيها.
  • تطوير القطاع التمويلي متلازمة ضرورية للنهوض بالاقتصاد المحلي، ومن شأن العمل مع المجالس المحلية والمنظمات وغرف التجارة والصناعة في تشكيل "هيئة إدارة المشاريع" على تذليل كافة الصعوبات التي يعاني منها قطاع التمويل، من قوننة وتعبئة المدخرات المحلية وإنتاج وتسويق.
التصنيف تقارير خاصة
الإثنين, 12 تشرين1/أكتوير 2015 13:28

مؤتمر عمَّان الأمني

شارك المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف خلال اليومي 11و12 تشرين الثاني 2015 بمؤتمر عمان الأمني الذي نظمه المعهد العربي لدراسات الأمن بالتعاون مع حكومة هولندا ومؤسسة كونراد أديناور، بهدف بحث سبل التعاون الدولي في تعزيز الأمن وتنمية الاقتصاد، وكل ما يتعلق بقضايا التحقق من البرامج النووية وحظر أسلحة الدمار الشامل.

شارك خلال المؤتمر كل من: مساعد وزير الخارجية الأميركي روز غوتمولر، والأمين العام المساعد في حلف الشمال الأطلسي زورين دوكارو، ورئيس جهاز الأمن الوطني الكويتي سمو الشيخ ثامر الصباح، ورئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية الدكتور خالد طوقان، بالإضافة إلى كبير المفاوضين في فلسطين صائب عريقات والرئيس الأول للمجلس الانتقالي السوري الدكتور برهان غليون.

تناول المشاركون خلال المؤتمر -الاتفاق النووي الإيراني بفرصه وتحدياته وأثره على المنطقة وبحث خيارات السياسة الخارجية، والتعاون الإقليمي، ونزع السلاح وحظر الانتشار النووي، مع التركيز بوجه خاص على منطقة الشرق الأوسط. كما خصص المؤتمر خلال فترة انعقاده حيزاً للحديث عن قيام التنظيمات المسلحة بحيازة أسلحة دمار بيولوجية وكيميائية، مسلطة الضوء على التعنت الإسرائيلي في مجال عدم الانضباط باتفاقية حظر الانتشار النووي، فضلاً عن تداعيات فشل مؤتمر مراجعة اتفاقية حظر الانتشار النووي الذي عقد في نيويورك مؤخراً.

وقال مدير مركز دراسات الأمن وعضو اللجنة التنسيقية للمؤتمر، الدكتور أيمن خليل خلال كلمته أن هذا المؤتمر يعد من أهم التجمعات المتخصصة على المستوى الإقليمي التي تعقد بشكل منتظم، وتعنى بالقدرات غير التقليدية والتي تشمل القدرات النووية والبيولوجية وتهدف إلى إلقاء الضوء على المشهد الدولي للحصول على رؤية متوازنة واضحة.

في حين قدم المدير التنفيذي لمركز عمران الدكتور عمار قحف خلال اليوم الأول للمؤتمر ورقة حملت عنوان " المبادرات الدولية للحل السياسي في سورية: التحديات والفرص"  استعرض خلالها مبادرات الحل السياسي في سورية منذ 2011 والتي تباينت إجراءاتها بين  الاحتواء والتسكين الجزئي والمحلي وبين تأجيل الحسم مع عدم معالجة أسباب الأزمة الحقيقية محاولة إيجاد حلول مُرضية ولو تدريجية أو تفكيكية، متجاهلة البعد المجتمعي الأمر الذي فاقم الأزمة إنسانياً وسياسياً وعسكرياً ونقل حدودها لتشمل البعد الأوروبي ونمَّى خطاب التطرف ومهَّد لدخول عناصر عابرة للحدود من جهة، وأدى إلى تعاظم المشاريع الحزبية كازدياد سيطرة قوات الحماية الشعبية الكردية وتشكيلهم الإدارة الذاتية.

وتعود أسباب فشل المبادرات لعدة مُعطيات واقعية أهمها تلك التي تتعلق بالبُنية العسكرية السائلة، وطبيعة الفصائل المتحاربة وغاياتها وقياس قدرة التحكم بها سياسياً ومدى اقتناعها وقبولها بالحل السياسي، بالإضافة إلى طبيعة حلفاء النظام ونظرتهم البراغماتية للملف السوري وتوظيفه لتحسين تموضعات سياسية واقتصادية ضمن الخارطة الإقليمية والدولية، ناهيك عن مساهمة الفاعل الأمريكي  عبر زهده في توفير سبل ومناخات الحل لقضايا المشرق العربي والاكتفاء باحتواء مفرزاته بخلق هوامش تحرك لعدة فاعلين تضبط بوصلتها فقط وفق المهدد الأمن القومي.

واختتم الدكتور قحف كلمته بنتيجة خلصت إليها الورقة في إن عدم مراعاة المبادرات السياسية لمصالح المجتمع السوري السياسية والاقتصادية والحقوقية والأمنية والاجتماعية مجتمعية سيكون عنوانها كسب الوقت وتمييع للقضية. إن بناء التوافق بين الفاعلين السوريين واستعادة امتلاك القرار الوطني -رغم صعوباته-إلا أنه أسهل من بنائها بين الفاعلين الدوليين والإقليمين. كما أنَّ ذلك يُعد فرصة حقيقية للبدء في تنفيذ آليات وطنية لا تتعارض مع المعادلات الأمنية الإقليمية، كضبط الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب واستمرار مؤسسات الدولة المتبقية، وطرح آليات إعادة هيكلة مؤسسات الأمن والدفاع والبدء بإطلاق برامج وطنية حول إعادة الإعمار والعودة الطوعية للاجئين وإطلاق برنامج وطني للعدالة الانتقالية.

التصنيف أخبار عمران