على الرغم من جولات الحوار السابقة المتعثرة؛ أحدثت دعوة قيادة "قوات سوريا الديمقراطية" للحوار بين الأطراف الكردية، صدىً بين الأحزاب الكردية و"الإدارة الذاتية". دعوةٌ ترافقت مع دفعٍ أمريكي واضحٍ للتيارات الكُردية للوصول إلى صيغة توافق معقّدة؛ تتمكن عبرها من "التمكين المحلي"، و"التفاعل أكثر" مع المعارضة السورية و"تهدئة" الجانب التركي. ولقياس هذا الصدى وطبيعته، وتلمُّس مالاته، يحاول تقدير الموقف، تسليط الضوء على السياقات السياسية، والعسكرية التي أدّت إلى ما وصلت إليه العلاقة الكُردية البينيّة حالياً، وتحليل غايات هذا التقارب، وتتبّع مؤشرات بناء الثقة بين الأطراف الكُردية، ومن ثم استشراف مآلات هذا التقارب وتحدياته.
حاول الطرفان الكُرديان (حزب الاتحاد الديمقراطي، والمجلس الوطني الكُردي) الدخول في مفاوضات تؤدي لتقاسُم، وتشارُك السلطة خلال الأعوام 2012-2015([1])، عبر عدّة اتفاقيات وتفاهمات (هولير1، هولير2، دهوك([2]))، إلا أنها باءت بالفشل؛ لأسبابٍ عدّة مرتبطةٍ بسياسة المحاور الوطنية، والإقليميّة من جهة، ومتعلِّقةٍ بأسبابٍ ذاتيةٍ نابعةٍ من طبيعة الاْطراف الكُردية نفسها من جهةٍ ثانية؛ وليدخل الملف السوري من بداية العام 2015 مرحلة جديدةً مع انخراطٍ مباشرٍ لقوىً إقليميّةٍ، ودوليّةٍ في الصراع السوري، كالولايات المتحدة الأمريكية بدعمها "لوحدات حماية الشعب" في مواجهة "تنظيم الدولة"، والاتحاد الروسي بدعمه المباشر للنظام، وتركيا عبر الدخول البري المباشر؛ لتحقيق عدّة أهدافٍ متعلِّقةٍ بأمنها القومي كإنهاء، وإعاقة مشروع "الإدارة الذاتية"، والحفاظ على بعض المناطق تحت سيطرة المعارضة. وفي هذا العام اتسعت مساحة الخلاف بين الأطراف الكُردية، وكادت تنعدم محاولات التوفيق بين الطرفين؛ باستثناء بعض المبادرات المجتمعية من شخصيات، أو منظمات المجتمع المدني، والتي لم تتكلّل بالنجاح، وتعرَّض "المجلس الوطني الكردي" لمضايقاتٍ، واعتقالاتٍ من قبل أجهزة الإدارة الذاتية أدّت لإيقاف شبه كامل لنشاطه في سورية، بينما منح تحالف "وحدات حماية الشعب" و"قسد" مع قوات التحالف الدولي منحهم جرعةً زائدةً من الثقة بديمومة مشروعهم، دون الأخذ بالحسبان غياب أيَّة توافقاتٍ سياسية سواءً محليةٍ، أو وطنيةٍ تُأطّر بقائها في المشهد.
قُوبلت الثقة الزائدة التي اكتسبتها الإدارة الذاتية بالدخول الأمريكي بوجود فيتو مزدوج من تركيا، والمعارضة السورية على دخول "الإدارة" في المسار السياسي كطرف ثالث، أو ضمن لوائح وفد المعارضة للمفاوضات، وعليه وخلال عامي 2017 -2018 توجهت "الإدارة" للوصول إلى التفاوض مع النظام عبر الوساطة الروسية في "قاعدة حميميم"، إلا أن معظم جولات التفاوض بين الطرفين باءت بالفشل.([3])
ومع بداية عام 2018 شهدت منطقة عفرين بدء العملية التركية " غصن الزيتون" والتي أدّت لإنهاء وجود الإدارة الذاتية فيها، وهو ما شكّل نقطة تحوّل في العلاقة الكُردية البينيّة؛ حيث هاجمت "الإدارة الذاتية وأحزابها" المجلس الوطني الكُردي؛ كونه أحد مكونات الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، الذي دعم العملية، وفي عام 2019 مع "الانسحاب الأمريكي "الجزئي المفاجئ"، وبدء عملية " نبع السلام " وسيطرة تركيا على المنطقة الممتدّة من مدينة رأس العين إلى تل أبيض شمالاً، وجنوباً وصولاً إلى الطريق الدولي، M4، بدى جلياً التغيُر في المواقف، والتصريحات الكُردية البينيّة خلال هذه العملية غايرت شاكلتها خلال " غصن الزيتون"، لتكون من جهة قيادة " قسد" مطالبة بإنهاء حالة الانقسام الكُردي، ومن جهة المجلس مطالبة بتوافقٍ يُنهي سلطة الحزب الواحد على مفاصل "الإدارة الذاتية"، ويفتح المجال لتشارُك السلطة، مدعوماً برغبة أمريكية غير واضحة المعالم؛ أتت ضمن محاولات واشنطن الحفاظ على ما تبقى من الإدارة الذاتية؛ بصيغة تلبي مطالب تركيا من جهة، وتُطمئن الفواعل المحلية من جهة أخرى.
تطورت الرغبة الأمريكية، والنداءات الكُردية البينيّة لتصل إلى مرحلة البدء بخطوات بناء الثقة أقدم عليه الطرفان، فمن جهتها وبعد نداء قائدها " مظلوم عبدي" بضرورة الكشف عن مصير المختطفين، والمُغيّبين من أنصار المجلس الوطني الكردي قامت " قوات سوريا الديمقراطية" بنشر بيانٍ يتطرق لمصير عشرة أسماء قدّمها المجلس الكُردي، وفي حين أن البيان اتسم بتشتيت المسؤولية حول مصير المختطفين والمغيبين، إلا أن البعض اعتبره بادرةً يمكن البناء عليها، ليتطور الأمر لاحقاً إلى عودة المجلس الكُردي لفتح بعض مكاتبه، بالإضافة لقيام بعض أحزابه بخطوات مماثلة.
ارتبط ملف التفاوض الكُردي البيني بعوامل ثابتة، وأخرى متغيرة خلال سنوات الصراع السوري، فمن الثوابت التي استمرت منذ تشكّل "الإدارة الذاتية"، كان ما يتعلق بالاصطفاف الداخلي، فالمجلس الكُردي توجه للاتفاق مع الائتلاف الوطني السوري، ودخل ضمن إطاره السياسي، كما حصل على مقاعد ضمن هيئة المفاوضات، واللجنة الدستورية، تحت مظلّة الائتلاف، بينما الإدارة الذاتية وإن حاولت أن تبقي على سياسة الطرف الثالث ضمن المشهد السوري، إلا أنها لم تنجح في تحقيقها بدرجة صلبة سليمة، فهي من جهة ضمن إطار " منصّة القاهرة لبعض قوى المعارضة"، ومن جهة أخرى تتجه لتفاوض دمشق، وموسكو منفردة، في وقتٍ تحاول الحفاظ على ما تبقيه واشنطن من علاقة معها. ويمكن إضافة الموقف الثابت من النظام من أيّة عملية تفاوض، وتوجهه لإبقائها ضمن حدود عودة الطرف الآخر "لحضن الوطن"، والتنازل عن كُل، أو معظم ما اكتسبه خلال سنوات الصراع من أُطر لامركزية، أو قوات عسكرية وأمنية، وهو ما أبقى على نتيجة كافة المفاوضات بين الإدارة الذاتية، والنظام ضمن نطاق محادثاتٍ أولية، دون أن تتقدم للبحث في تفاصيلٍ مُعمّقةٍ، أو اتفاقاتٍ على خطوطٍ عريضةٍ، أو ضيقةٍ حول مصير الإدارة الذاتية.
أما بعض المتغيرات التي حصلت، فمنها انسحاب واشنطن "الجزئي" من المنطقة، ولاحقاً العودة، والتمركز فيما تبقى من مناطق لم يدخلها النظام أو الروس، ومحاولة إعادة رسم الخريطة الجغرافية العسكرية، بطريقة تمنع موسكو من التمدد أكثر في محيط مدينة القامشلي باتجاه الشرق، ومع هذا الغياب الميداني، نشهد تطوراً ملحوظاً في نشاط الولايات المتحدة فيما يخص عملية التفاوض بين المجلس الوطني الكُردي، والإدارة الذاتية، إلا أنه نشاطٌ مبهمٌ، فواشنطن إلى الآن تعطي إشاراتٍ للمجلس بضرورة بقائه ضمن المعارضة السورية، على أنها المكان الطبيعي له ، كما أنها تقوم بدور الوسيط بين المجلس، والإدارة بصورةٍ غير مُعلنة التفاصيل والخطوات، ولم يُقدّم المسؤولون الأمريكيون إلى الآن للطرفين أيّة صيغة للتوافق تستطيع أن توافق بين تخوفات "المجلس"، وطلبات "الإدارة الذاتية"، بالتوازي مع ما يقبل به الجانب التركي، الذي دخل بقوة صلبة أكثر ضمن الجغرافية السورية، سواءً عبر العمليات الثلاث التي استهدفت إنهاء مشروع "الإدارة الذاتية، أو عبر "ملف إدلب" الذي رغم معاناة تركيا فيه من خرق موسكو، ودمشق لاتفاقاتهم، إلا أنه يشهد انخراطاً تركياً متزايداً، سيمنح تركيا في حال استمراره كلمةً أقوى في مستقبل سورية السياسي، لذا سيكون من الصعب التوصل لصيغة توافقٍ ثنائية في ظل انخراطٍ، وتواجدٍ تركي أكبر ضمن الجغرافية السورية، إلا في حالة تقديم واشنطن صيغة حلٍ تؤدي في النهاية لإحداث تغييراتٍ شاملة ضمن المنظومة الحاكمة شمال شرق الفرات.
تُشكّل هذه العوامل نقاطاً مهمة ضمن عملية التفاوض الكُردية البينية، فالمجلس الكُردي لا يمتلك رفاهية البقاء ضمن المعارضة السورية، والوصول مع "الإدارة الذاتية" لاتفاقية لم يُدرك المجلس إلى الآن مصيره ضمنها، مع وجود هواجس لديه من أن تؤدي أيّة خطوة تَوافق مع "الإدارة الذاتية" إلى ابتلاعه بهيكله السياسي وقواه الشعبية، كما أن النظام من جهته_ وفي الفترة الأخيرة_ أشار بأصابعه إلى عدم تمثيل "الإدارة الذاتية" لجميع الكُرد، وركّز على ضرورة أن يتوحّد الكُرد، في مطالبهم، ووفدهم المستقبلي، ولا يغيب عن هذا المشهد العامل التركي؛ المتمثل برفضه لبقاء أيّة سلطة نوعية "لحزب الاتحاد الديمقراطي" ضمن منظومة حكم شمال شرق سورية، إلا في حالة وصول الولايات المتحدة في جهودها لحلٍ يرضي الأطراف جميعها، وتطور موقف رأس النظام مؤخراً لينفي وجود قضيةٍ كردية في سورية، لا بل وضع مطالب "الكُرد بالحكم الذاتي" في خانة أطروحات تبناها الانفصاليون، وبالأخص المجموعات التي وصفها بانها نزحت لسورية من تركيا خلال القرن الماضي. وحول القضية الكُردية في سورية قال الأسد" ما تسمى القضية الكردية هي عبارة عن عنوان غير صحيح، عبارة عن عنوان وهمي كاذب"، هذا التصريح جاء كإشارة لانهيار محاولة التفاوض بين النظام والإدارة الذاتية، إلا أن الإدارة لاتزال تحاول الإبقاء على بعض الخطوط مفتوحة، وهو ما يمكن ملاحظته من تصريح إلهام أحمد، رئيسة الهيئة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية، في ردها على الأسد حيث قالت "تصريحات الرئيس السوري لا تخدم وحدة الأراضي السورية، ولا تخدم الحوار السوري الداخلي".
يُعتبر شعار "الوحدة الكُردية" من أكثر الشعارات المستخدمة شعبياً، فمعظم بيانات حالات الانشقاق الكثيرة؛ التي أصابت الأحزاب الكُردية خلال مدة تزيد عن خمسين، عاماً، بدأت بالدعوة لوحدة الصف الكُردي، أما في مرحلة ما بعد الثورة، فتلازمت الدعوة لوحدة الصف الكُردي عادةً مع التهديدات الخارجية، من احتمال انهيار النظام في مرحلة ما بين عامي 2012-2014، أو في تنامي خطر "تنظيم الدولة " عام2015، ومن إمكانية إنهاء الآمال لأي مشروع بغالبية كُردية في شمال سورية في مرحلة عام2018 وما بعدها.
تشبه الدعوة الجديدة للوصول لاتفاق كردي بيني سابقاتها، إلا أن المُتغير الأهم هذه المرة يكمن في " الشخصية الجدلية لقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي". مظلوم عبدي، أو مظلوم كوباني، الذي بقي بعيداً عن الشاشات لسنواتٍ عدّة، مثل معظم الكوادر الكُردية سواءً ذات الهوية السورية أو التركية، ممن قَدِمُوا ضمن بعثات "حزب العمال الكُردستاني" منذ العام 2012، في محاولة الحزب تشكيل كيانٍ لتطبيق نظرية "الأمة الديمقراطية على بقعة جغرافية".
المُتغير في حالة "مظلوم" أنه يحاول محاولةً هي الأولى من نوعها ضمن المنظومة الحاكمة لشمال شرق سورية، وهي التبرئة من إرث (الإدارة الذاتية، ووحدات حماية الشعب)، وبقية الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة لها، فيما يخص الاتفاق الكردي-الكردي، وفصل "قسد" بمرحلة ما بعد 2015 عمّا قبلها، والعمل على تكوين شخصية عسكرية " تحاول خلق حيادٍ للجهة العسكرية المسيطرة"، عن الأطراف السياسية المتنازعة، ولا يخفى دور الولايات المتحدة الامريكية في رسم وتقوية هذه الشخصية العسكرية، عبر ملازمة مسؤولي الملف السوري لمظلوم في الداخل، ونقل مواقفه لبقية الأطراف الكُردية والإقليمية، كما تجنّب "مظلوم" نفسه خلال عملية " نبع السلام"، القيام برفع سقف تهديدات المواجهة، بل قدّم خلالها، وبعد انتهاء العملية دعواتٍ عدّة للتفاوض؛ سواءً مع المجلس الوطني الكُردي، أو حتى تركيا، التي من جهتها لم تُقلِّل من سقف سواءً تهديدها بالاستمرار بعملياتٍ عسكرية مستقبلية، أو رفضها لأيّة محاولات لإعطاء مقعدٍ "للإدارة الذاتية"، وقواتها ضمن الأطر التفاوضية المتمثلة بعملية جنيف وأستانا، والقوى السياسية المنخرطة فيها من هيئة التفاوض ومنصاتها، أو اللجنة الدستورية ومرشحيها.
بين حالة الأزمة التي تدفع بالأطراف الكردية لدعوات الحوار، وبين وجود متغيّرٍ جديد يتمثل في دفع واشنطن سواءً لشخص "مظلوم عبدي"، أو الأطراف السياسية للتقارب، تظهر كافة المعوّقات القديمة التي أدّت لانهيار اتفاقات الأطراف الكُردية.
يستمر موضوع الارتباطات سواءً الإقليمية، أو المحلية بإلقاء ظلاله على أي اتفاق تصل له الأطراف الكُردية، أما في الوضع الحالي فيتم تلمّس انخراط مباشر من الولايات المتحدة، وهو ما يمكن أن يقلل لدرجة معينة من تأثير التيارات الكُردية الإقليمية على صيغ التوافق بين الطرفين، إلا أن مطالبات "المجلس" بالعودة للاتفاقيات السابقة بين الطرفين، في ظل رغبة " قسد" بشكلٍ أساسي البدئ بعملية تفاوض جديدة، سيُلقي بظلاله على تطور المحادثات بينهم. في مجمل الاتفاقيات السابقة بين الطرفين لم يكن العامل "الأيديولوجي" هو المانع الرئيس لوصول الأطراف الكُردية لتطبيق الاتفاق، بل كانت آليات التطبيق، وانعدام وجود طرفٍ ضامنٍ ضاغط كالولايات المتحدة الأمريكية، هو أحد أهم المسبّبات في فشل تطبيق المتفق عليه، وهنا لا يمكن تجاهل الدور الذي لعبه "إقليم كُردستان" في أن يكون المُيسّر والضاغط على الأطراف جميعها للوصول وتطبيق الصيغ المتفق عليها. إلا أن "حزب الاتحاد الديمقراطي" بشكلٍ رئيس كان يرفض أي تشارُكية حقيقية للسلطة، ولا يمكن حساب درجة تحسن حالة قبول "حزب الاتحاد" للتخلص من هذه الإشكالية إلا عبر الوصول للاتفاق ومشاهدة مستقبله.
ومع تغير الوقائع على الأرض بشكلٍ كبيرٍ، منذ آخر صيغة للاتفاق بين الطرفين عام 2015 في "اتفاقية دهوك"، إلا أن النقاط الخلافية التي أدّت لإنهاء الاتفاقيات قبل البدء في تطبيقها لاتزال مستمرة وهي:
يبقى كيفية الوصول إلى ألياتٍ لتطبيق "صيغة اتفاق"، أحد أصعب العوائق التي تنتظر الأطراف الكُردية، فالاتفاقيات السابقة كانت تنهار دوماً بحكم استخدامها من قبل "الإدارة الذاتية" كأداة مرحلية للحصول على دعمٍ من واشنطن من جهة أولى، أو لتقليل ضغوطات أربيل، والحاضنة الشعبية عليها من جهة ثانية، أو بحكم هشاشة البنية المؤسساتية لدى أحزاب المجلس الوطني الكُردي، وبالنتيجة للمجلس نفسه من جهة ثالثة، ويعترض محاولة التقارب الأخيرة عدّة عقبات مرتبطة بآلية حل الإشكال المتأتي من ملفي الجهاز الأمني، والقضائي في المنطقة.
([1]) تمحورت الجهود الكُردية بداية الثورة حول تشكيل جبهة داخلية تستطيع التفاوض مع دمشق وأطراف المعارضة المشكلة حديثاً حول شكل سوريا المستقبلي، واستطاعت الأحزاب الكُردية أن تبلور مطالب شعبية عامة وكُردية خاصة باستجابة سريعة خلال الفترة الممتدة من 2011- 2012، وبدأت بطرح مقاربات "لأشكال حكم خاصة" تراوحت بين الفدرالية السياسية الموحدة لشمال سورية، وبين الإدارات الذاتية على اختلاف نسب العلاقة بين هذه النماذج المطروحة والمركز في المستقبل، وتوجت هذه الجهود بداية الثورة في شهر نيسان بالتوصل لـ" مبادرة أحزاب الحركة الوطنية الكُردية ". هذا التوافق الكُردي سرعان ما بدء بالدخول لمفترق طرق، مع تشكيل المجلس الوطني الكُردي نهاية 2011، وسيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي على المدن والمناطق الكُردية منتصف العام 2012، ليتشكل إطاران كرديان، أحدهما ويتمثل بالمجلس الوطني الكردي يرى نفسه قريباً من اهداف المعارضة السورية، والإطار الثاني ويتمثل بحزب الاتحاد الديمقراطي ومنظوماته، وسلطة الأمر الواقع التي شكلها، ورأى بضرورة النأي بالنفس عن المحاور المباشرة، مع دخوله لاتفاقاتٍ غير معلنة مع النظام حول إدارة المناطق والمجتمعات الكُردية.
([2]) للمزيد حول مسيرة محاولات الاتفاق والتفاهم بين الأطراف الكُردية يمكن العودة للورقة المنشورة لمركز عمران بعنوان" المظلة الكردية المفقودة في سورية.. بين التناحر على السلطة والاتفاقيات الهشة"، والمنشورة بتاريخ 20/03/2019، الرابط: https://bit.ly/2HBEQEJ
([3]) للوقوف على اسباب التعثر راجع: بدر ملا رشيد:" تطورات العلاقة بين الإدارة الذاتية والنظام وروسيا خلال عامي 2016 – 2017"، ورقة بحثية صادرة عن مركز عمران للدراسات الاستراتيجية،22/1/2018، الرابط: https://2u.pw/l0pVq
بدعوة من دائرة الاتصال لدى الرئاسة التركية، حضر الدكتور عمار قحف، المدير التنفيذي لمركز عمران، والمحلل العسكري، نوار شعبان، مؤتمر دولي عن الأزمة في إدلب وتداعياتها الجيوسياسية، وذلك خلال يومي 5 و 6 آذار 2020.
تضمنت الدعوة في يومها الثانية المشاركة بأعمال جلسة نقاشية خاصة مع مجموعة من الخبراء وصناع القرار من مختلف الدول الفاعلة في الشأن السوري.
استكمل التقرير التالي رصد عملية التعافي المبكر في مناطق المعارضة خلال النصف الثاني من عام 2019 بين تموز وكانون الأول، بعد رصد النصف الثاني من عام 2018 والنصف الأول من عام 2019، بغرض تشخيصها وتتبع أنشطتها وعمل مقارنة بين المناطق للوقوف على مستوى التعافي المبكر فيها، وبالتالي خلق اتجاه (Trend) يمثل قراءة شاملة للعملية برمتها ومفصلة للقطاعات الاقتصادية، بالشكل الذي يفيد رسم تصورات مستقبلية لاتجاه التعافي ومداها الزمني بشكل مرحلي.
وتتأتى أهمية هذا التقرير من محاولته تلمس أثر التعافي المبكر وسط تقارير دولية ومحلية لا تزال تقيس حركة النزوح وتقييم احتياجات النازحين والسكان ومراقبة السوق وإحصاء نشاطات المجالس المحلية، ويفتح التقرير المجال نحو انعكاس هذه المرحلة على مستوى معيشة السكان والثغرات التي تعاني منها القطاعات الاقتصادية في المجتمع وأخيراً توجيه الدعم لسد تلك الثغرات. ويهدف التقرير إلى إعطاء وصف شامل للتعافي الاقتصادي المبكر في المنطقة وتقديم معلومات صحيحة بغية تحديد وجهة التعافي ونسب انخراط المناطق بالعملية. وتتلخص الأهداف الأساسية للتقرير بالنقاط التالية:
شملت عملية الرصد مدن وبلدات "درع الفرات"، و"عفرين"، ومحافظة إدلب ووفقاً للتصنيف الصناعي المعياري الدولي فقد تم تصنيف القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية التي سيتضمنها التقرير كما يلي: قطاع الإسكان والتعمير، قطاع الكهرباء والمياه، قطاع النقل والاتصالات، قطاع الصناعة، قطاع التجارة، قطاع التمويل، قطاع الزراعة والثروة الحيوانية، قطاع الخدمات الاجتماعية، وقطاع النازحين داخلياً.
تم اتباع عدة أدوات في إطار عملية الرصد ممثلة بـ1) مكاتب المنتدى السوري المنتشرة في المناطق المحررة بإدلب وريف حلب وهي خمسة مكاتب؛ 2) متابعة المعرفات الرسمية للمجالس المحلية على الفيس بوك والتليغرام؛ 3) متابعة المنظمات العاملة، المحلية والأجنبية، في المنطقة ورصد نشاطاتها على الفيس بوك وتقاريرها الدورية؛ 4) متابعة التقارير الدولية الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى ذات الشأن في سورية والتقارير الصحفية التي تحدثت عن المنطقة.
من بين المجالس المحلية التي تم رصدها في محافظة إدلب: معرة النعمان، كفرنبل، بداما، أريحا، إدلب، حارم، سرمدا، سراقب، جسر الشغور؛ وفي ريف حلب تم رصد المجالس المحلية التالية: مارع، اعزاز، الباب، جرابلس، أخترين، قباسين، بزاعة، عفرين، صوران، الأتارب. أما المنظمات والمؤسسات التي تم رصدها: إحسان للإغاثة والتنمية، هيئة ساعد الخيرية، لجنة إعادة الاستقرار، منظمة شفق، منظمة بنفسج، منظمة IHH، منظمة بنيان، تكافل الشام، منظومة وطن، وهيئة الإغاثة الإنسانية، الدفاع المدني السوري، وحدة تنسيق الدعم، لجنة إعادة الاستقرار، منظمة التنمية المحلية، منظمة بنيان، منظمة رؤية العالمية، منظومة وطن، منظمة عطاء الخيرية، الرابطة الطبية للمغتربين السوريين، المؤسسة الدولية للتنمية الاجتماعية، تكافل الشام، حكومة الإنقاذ، مؤسسة أورينت للأعمال الإنسانية، مؤسسة بناء للتنمية، مؤسسة يدا بيد للتنمية، اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية، منظمة اقرأ الخيرية، منظمة رحمة بلا حدود، غراس النهية، مؤسسة قطر الخيرية، منظمة المساعدة السورية، منظمة نقطة، منظمة مضمار، مديرية صحة إدلب، مديرية تربية إدلب، الاستجابة الإنسانية.
يظهر الجدول أدناه القطاعات ونوعية النشاطات/ القرارات المرصودة:
القطاع |
النشاط /القرار |
الخدمات الاجتماعية |
· ترميم وتعديل وصيانة وبناء المدارس والروضات والجامعات والمشافي والحدائق والملاعب والمرافق الإدارية العامة. · تنظيف وإزالة النفايات والأنقاض من شوارع المدينة. · تجميل أرصفة وطرقات المدينة. |
النقل والمواصلات |
· ترميم وتعبيد الطرق في المداينة وخارجها بالبحص والاسفلت. · ترخيص المركبات، وتسجيل شهادات السواقة. |
الكهرباء |
· ترميم وتعبيد وإصلاح أعمدة وشبكة الكهرباء. · تركيب أعمدة وكابلات وشبكة كهرباء. · تركيب أعمدة وأضواء تعمل على الطاقة الشمسية. |
الماء والصرف الصحي |
· ترميم وتعديل وإصلاح شبكات المياه والصرف الصحي. · تمديد شبكات المياه والصرف الصحي. |
الإسكان والتعمير |
· ترميم وتأهيل وبناء المنازل والأسواق والمحال التجارية. · ترخيص بناء سكني وتجاري (اعتبر البيان الذي يحوي على ترخيص لعدة مساكن أو أبنية على أنه بيان واحد). · تنفيذ أعمال العزل وإزالة الأنقاض. · مناقصات مشاريع ترميم المنازل. |
الزراعة والثروة الحيوانية |
· مشاريع الزراعة ومنح دعم المزارعين بالبذار والمحاصيل والأسمدة والأدوية والأعلاف. · تلقيح الأغنام والأبقار. · طرح أراضي زراعية للأجار عن طريق المزايدة. |
التمويل |
· القروض الحسنة للمشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر. · النقد مقابل العمل. · دعم النفقات التشغيلية. · دعم المشاريع التجارية الصغيرة. · منح مالية للمجالس المحلية. |
الصناعة |
· استدراج عروض لتصنيع أدوات ومعدات. · المشاغل والمعامل والمصانع. |
التجارة |
· مناقصات لتزويد المجلس بالمياه والمازوت ومواد القرطاسية والطباعة. · مزايدة لتأجير محال وأكشاك وأراضي. · طرح أصول للاستثمار. |
النزوح الداخلي |
· تأهيل المخيمات. · تعبيد الطرقات داخل المخيمات. · توريد مواد للمخيمات. · إنارة الطرق في المخيمات. · مشاريع للمياه والصرف الصحي والكهرباء في المخيمات. |
الاتصالات |
· ترميم وإصلاح شبكة الاتصالات. · تمديد شبكة اتصالات. |
واجه الراصد عدة صعوبات تمثلت في بعدين مهمين؛ البعد الأول متعلق بتأزم الأوضاع العسكرية في إدلب من جهة، وهو ما أسهم في تأخير عملية جمع المعلومات واهتمام المجالس والمنظمات بنشاطات الإغاثة. والبعد الثاني مرتبط بصعوبة التواصل مع بعض المجالس وعدم تسجيلها لكل أعمالهم ونشاطاتهم على معرفاتهم الرسمية، أو عدم توضيح تلك النشاطات بشكل مفصل عند نشرها، ناهيك عن عدم التمكن من الحصول على البيانات المتعلقة بالقطاع الخاص كما يجدر التنويه إلى أن المجالس المحلية لم توثق جميع مذكرات التفاهم المعقودة مع المجالس المحلية، وأن عدد فرص العمل المعروضة في التقرير هي المنشورة في المعرفات المرصودة مع التأكيد أن هذا العدد قد لا يعبر عن الرقم الحقيقي لفرص العمل بسبب تغييب القطاع الخاص والصعوبات التي واجهها الراصد.
تبين البيانات في الشكل رقم (1) توزع المشاريع على القطاعات المرصودة على منطقتي ريف حلب الشمالي والشرقي وإدلب، حيث تظهر أن النسبة الأكبر للمشاريع المنفذة كانت ضمن قطاعات النقل والمواصلات (123 مشروع) بارتفاع بنسبة 95% عن النصف الأول من 2019، وقطاع النزوح الداخلي (90 مشروع) وقطاع والمياه والصرف الصحي (87 مشروع) بارتفاع بنسبة 107% عن النصف الأول، والإسكان والتعمير (86 مشروع) بارتفاع بنسبة 79% عن النصف الأول. فيما حلت قطاعات الصناعة والتمويل والاتصالات والكهرباء في مراتب متأخرة، واللافت للانتباه هنا ارتفاع حجم قطاع التجارة والنزوح الداخلي عن النصف الأول، إذ حلت عدد المشاريع المنفذة لصالح النازحين في المرتبة الثانية (90 مشروع) بينما كانت في المرتبة قبل الأخيرة في النصف الأول بواقع 10 مشاريع فقط، أما في قطاع التجارة فقد ارتفع عدد المشاريع المنفذة من 24 في النصف الأول إلى 54 في النصف الثاني.
فيما يظهر الشكل رقم (2) توزيع المشاريع على المناطق بتنفيذ 399 مشروع في ريف حلب الشمالي والشرقي بنسبة 70%، وحازت محافظة إدلب وريفها على 169 مشروع بنسبة 30% مرتفعة عن النصف الأول من العام الحالي لسببين: ارتفاع نسبة المشاريع المنفذة لصالح النازحين داخليا من ريف إدلب وريف حماة في المخيمات للتحضير لفصل الشتاء، والسبب الآخر متعلق باعتماد المنظمات والمؤسسات على نظام المناقصات في تنفيذ المشاريع المتنوعة لتوريد الوقود ومياه الشرب وتنظيف الحفر الفنية وتوريد قرطاسية للمدارس وطباعة مناهج تعليمية واحتياجات أخرى حفزت التجار على التقدم للمناقصات المعروضة بهدف التربح.
ويشكل مفصل أكثر يُظهر الشكل رقم (3) توزع المشاريع على المناطق المرصود حيث مدينتي الباب واعزاز في المرتبتين الأولى والثانية بـ 99 و 90 مشروع على التوالي لتحافظ كلا المدينتين على مرتبتيهما مقارنة بالنصف الأول من العام 2019، مدفوعة بزخم المشاريع في قطاعي الإسكان والتعمير والنقل والمواصلات فيما قفزت إدلب إلى واجهة المدن التي شهدت أعمالا ونشاطات متنوعة في قطاعات التجارة والنزوح الداخلي بالدرجة الأولى.
فيما يخص القرارات التي اتخذتها المجالس المحلية في القطاعات المرصودة، يفيد هذا المؤشر معرفة حجم ما تصدره المجالس من تشريعات وقرارات وتعميمات في كل قطاع، والدور التشريعي الذي تلعبه في قيادة القطاع نحو مزيد من المأسسة والتنظيم. وقد حاز قطاع التجارة والزراعة والثروة الحيوانية على المرتبة الأولى والثانية بواقع 15 و 14 قرار على التوالي. متفوقة على قطاعي النقل والمواصلات والتجارة في النصف الأول من 2019.
يظهر الشكل رقم (5) بشكل جليّ الأثر الذي خلفته الزيادة في المشاريع والأعمال والذي أثر بدوره على خلق فرص عمل أكثر فمن 262 مشروع في النصف الأول إلى 557 مشروع في النصف الثاني، وبالمثل ارتفعت أيضاً مذكرات الأعمال الموقعة من قبل المجالس المحلية مع المنظمات والمؤسسات لتنفيذ مشاريع متنوعة.
فيما يتعلق بقطاع المياه والصرف الصحي يظهر الشكل أدناه تربع مدينة اعزاز بـ18 مشروع في مقدمة المدن والبلدان في تنفيذ المشاريع في هذا القطاع، الحيوي والهام، مقارنة بـ 7 مشاريع في النصف الأول، حيث يُسهم استقرار معدل تدفق المياه إلى المنازل والمشاريع في توطين السكان واستقرار معيشتهم فضلا عن رفد الواقع الاقتصادي بمزيد من المشاريع. وبينما كانت معرة النعمان في إدلب في مقدمة المدن في النصف الأول تراجعت لمؤخرة المؤشر بواقع مشروع واحد فقط وهذا يوضح حجم ما تعرضت له مدينة المعرة ومجلسها المحلي بسبب الحملة العسكري عليها، وسقوطها لاحقاً في نهاية كانون الثاني 2020.
أما في قطاع الكهرباء فقد ارتفع إجمالي المشاريع عن النصف الأول من 13 مشروع إلى 22 مشروع في النصف الثاني، استحوذت مدينة مارع في ريف حلب الشمالي على أكثر المشاريع استعداداً لتغذيتها بالكهرباء من شركة تركية بالتعاون مع "شركة الشمال المساهمة للكهرباء" المحلية، حيث تركزت المشاريع في تأهيل البنية التحتية وصيانة الأضرار في الشبكة المحلية وتشغيل المحطة الرئيسية للكهرباء.
بالنسبة لقطاع النقل والمواصلات والذي سبق وحاز على أغلب المشاريع المنفذة في النصف الأول من بين القطاعات الأخرى، حافظ هذا القطاع في النصف الثاني على صدارة المشاريع مرتفعاً من 63 مشروع في النصف الأول إلى 123 مشروع في النصف الثاني ما نسبته 95%، وبقيت مدينة اعزاز صاحبة المرتبة الأولى بين المدن والبلدات المرصودة بواقع 51 مشروع عن 21 مشروع في النصف الأول. وفي المرتبة الثانية والثالثة حلت صوران وأخترين بواقع 20 و11 مشروع على التوالي. والملاحظ ارتفاع الاهتمام بهذا القطاع الاستراتيجي الذي يلعب دوراً محورياً في عملية نقل السلع والخدمات بما يعزز عملية التبادل التجاري بين بعضها من جهة وبينها وبين المدن التركية الحدودية من جهة أخرى، فضلا عن الأهمية التي تشكلها الطرق في تنقل المواطنين بسهولة ويسر بين القرى والمدن.
وبالنظر إلى قطاع الإسكان والتعمير الذي حاز على المرتبة الثالثة من حيث حجم المشاريع المنفذة بين القطاعات المرصودة، بواقع 86 مشروع مرتفعا عن 48 مشروع في النصف الأول. ولا تزال مدينة الباب حاضرة في المرتبة الأولى بـ 61 مشروع في حركية البناء السكني والتجاري، علماً أنه تم تنفيذ 34 مشروع في المدينة بالنصف الأول. الملفت للنظر في هذا القطاع جحم التفاوت بالمشاريع بين مدينة الباب والمدن والبلدات الأخرى فبين المرتبة الأولى والثانية هناك فارق 53 مشروع، وهو إن دل على شيء فهو يدل على حركة البناء التي تشهدها مدينة الباب على الصعيد السكني والتجاري واستمرار هذه الأنشطة سيجعل من المدينة قاطرة المنطقة في العمران وقد يؤهلها هذا للعب دور أكبر في المستقبل بعد تحرك قاطرة النمو الاقتصادي واجتذاب رؤوس الأموال إليها، والأمر الآخر يظهر التفاوت في حركية الإعمار والبناء بين المدن ويعود هذا التفاوت إلى عدة أسباب بينها استقرار الأهالي وابتعادها عن خط التماس مع النظام وانضباط الأمن فيها؛ ورؤوس الأموال المتوفرة لدى أهالي المدينة والتي تمكنهم من التشييد والبناء؛ وفرة الخدمات المتنوعة التي تلعب دور في قرار الاستقرار والبناء؛ احتوائها على منطقة صناعية تضم معامل ومصانع توفر فرص عمل ونشاط تجاري وصناعي؛ وأخيراً نشاط المجلس المحلي والمنظمات المحلية والأجنبية في المدينة.
فيما يتعلق بقطاع الخدمات الاجتماعية فقد تم تنفيذ 41 مشروع في المنطقة، حازت منها بلدة بزاعة على أكثر المشاريع المنفذة، بفارق الضعِف عن النصف الأول، ويُعنى هذا القطاع بتشييد المرافق العامة من مشافي ومدارس وحدائق ومجالس وملاعب ومؤسسات تعنى بالشأن العام.
على أهمية قطاع الزراعة والثروة الحيوانية لا يزال يحظى باهتمام قليل مقارنة بالقطاعات الأخرى من جهة وبالأزمة المعيشية التي تعاني منها المنطقة من جهة أخرى والتي تتعلق بارتفاع أسعار معظم السلع الغذائية بشكل يضغط على تكاليف المعيشة، ومن ثم حجم ما قد يوفره قطاع الزراعة من فرص عمل. نفذ 43 مشروع خلال النصف الثاني مرتفعاً بالضعف عن النصف الأول. ومن بين الأسباب التي يمكن سوقها في سياق ضعف هذا القطاع هو ضعف قيمة الليرة وعدم استقرار سعر صرفها مقابل الدولار وهو ما يضغط على أسعار المواد الأولية الزراعية وعلى جدوى الزراعة بحد ذاتها وسط نقص الدعم للأرض والفلاح؛ هجرة الفلاحين لأراضيهم بسبب الحملة العسكري على ريف إدلب حلب وحالة عدم الاستقرار الأمني التي تعيشها المنطقة ساهمت في تعطيل العمل بالزراعة؛ ضعف تسويق المحاصيل الزراعية.
بالانتقال إلى قطاع النزوح الداخلي والذي شهد نقلة نوعية عن النصف الأول إذ ارتفعت عدد المشاريع من 10 مشاريع إلى 90 مشروع في كل من ريف حلب الشمالي والشرقي ومحافظة إدلب، ويعزى هذا إلى تنفيذ مشاريع أكبر للنازحين القادمين من ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي بواقع 71 مشروع، على إثر العملية العسكرية التي يشنها النظام بالتعاون مع حلفاءه الروس والإيرانيين، وقد حاز محافظة إدلب وريفها على الحصة الأكبر من المشاريع المنفذة، والسبب الآخر يعود إلى الاستعداد لفصل الشتاء وتأهيل البنية التحتية للمخيمات بكل ما تحتاجه تجنباً لوقوع كوارث من هطول أمطار وجريان السيول.
فيما يتعلق بقطاع التمويل والمشاريع المنفذة فيه من قبيل مشروع النقد مقابل العمل وتمويل المصاريف التشغيلية لبعض المشاريع وطرح أصول للاستثمار، فقد تم تنفيذ 17 مشروع خلال هذه الفترة وهو نفس عدد المشاريع خلال النصف الأول.
بقي قطاع الصناعة الأضعف على الإطلاق بين القطاعات المرصودة، بدون تغيير عن النصف الأول، إذ تم تنفيذ مشروع صناعة واحد فقط وهو الأعلاف لدعم مربي الماشية لتحسين البنية التحتية الأساسية والأصول المجتمعية الإنتاجية في مدينة الباب في ريف حلب الشمالي من قبل منظومة وطن.
أما في قطاع التجارة فهو أحد أبرز القطاعات التي شهدت نشاطاً ملحوظاً خلال هذه الفترة فمن 24 مشروع في النصف الأول إلى 54 مشروع في النصف الثاني، مدفوعة بحجم المناقصات المطروحة على التجار لتقديم عروض أسعار لتوريد جملة من السلع والخدمات، كتوريد المياه والمازوت والمعدات الكهربائية وطباعة الكتب وتوريد قرطاسية وتجهيزات عديدة أخرى.
وفي قطاع الاتصالات بلغ عدد المشاريع المنفذة 4 مشاريع تتضمن تنفيذ تمديدات لشبكة اتصالات ومراقبة داخلية تشمل تركيب كاميرات في الطرقات والساحات العامة لأغراض أمنية.
عموماً أظهرت البيانات أعلاه أن عدد المشاريع التي تم تنفيذها في المنطقة المرصودة في الفترة الزمنية المحددة بين 1 تموز و31 كانون الأول 2019 نحو 568 مشروع موزعة القطاعات الاقتصادية المدروسة، تركزت معظم المشاريع في قطاعات النقل والمواصلات ومن ثم النزوح الداخلي والمياه والصرف الصحي والإسكان والتعمير، وحافظت ريف حلب على النسبة الأكبر من المشاريع بمقدار 399 مشروع مقابل 169 مشروع في إدلب وريفها، ومن بين المناطق المرصودة حافظت مدينة الباب على الحصة الأكبر من المشاريع بواقع 99 مشروع وبعدها اعزاز 90 مشروع وإدلب 73 مشروع.
أظهرت المقارنة بين النصف الأول والثاني من 2019 عدد من الملاحظات لعل أبرزها تحسن في مؤشر التعافي المبكر في المنطقة المدروسة من 262 مشروع في النصف الأول إلى 568 مشروع نتيجة ارتفاع أعداد النازحين وما تطلبه من تقديم خدمات ومشاريع لهم ولباقي المخيمات، وتوضح عملية المقارنة أيضاً بين الفترة الأولى والثانية جملة من المؤشرات الأولية في القطاعات المرصودة موضحة كالآتي (انظر الشكل (15):
وبتلمس جوانب القوة والضعف قي القطاعات المرصودة في مناطق "درع الفرات" و"عفرين" ومحافظة إدلب يظهر ما يلي.
بناء على تحليل البيانات أعلاه وتلمس جوانب القوة والضعف يوصي التقرير بجملة من التوصيات من شأنها توفير أطر رئيسية لعملية التعافي المبكر التي ولا شك تعتبر تحدياً رئيسياً لقوى المعارضة في الشمال السوري، ونذكر إضافة لما ورد في التقرير السابق في النصف الأول، ما يلي:
أخيراً:
مما لا شك فيه؛ تشكل جهود التعافي الاقتصادي المبكر أولى الخطوات الحاسمة نحو التصدي بشكل منهجي لأوجه الضعف الكامنة داخل المجتمع الذي يعاني من تبعات الصراع والكوارث ونقله نحو التنمية المنصفة. وقد أسهم الاستقرار النسبي الحاصل في شمال حلب؛ "درع الفرات" و"عفرين"، في التهيئة "المقبولة" لانطلاق مشاريع وأعمال ونشاطات تعود بعوائد اقتصادية للسكان وتسهم في إرساء قواعد الاستقرار في المنطقة. وتتعاظم مسؤوليات وتحديات مؤسسات المعارضة ذات الوظائف الحوكمية كالمجالس المحلية والمنظمات العاملة وتحدياتها؛ ويجعلها أكثر مطالبة في إنجاز هذا التحدي. فيما لا يزال المستقبل غامض فيما يخص محافظة إدلب أمام استمرار الحملة العسكري واتساع سيطرة النظام على أجزاء واسعة فيها، وهو ما من شأنه أن يصعب المهمة على المجالس المحلية هناك ويقوّض من جهود التعافي المبكر فيها.
طرح الرئيس التركي في خطابه الأخير بعد مقتل الجنود الاتراك في إدلب جملة من الرسائل يمكن وصفها "بالحازمة" وتدل على توجه جديد للتعاطي التركي في سورية على رأسها "تغيير قواعد الاشتباك"؛ واستهداف ممنهج لقوات النظام في منطقة خفض التصعيد؛ إلا أن هذا التوجه يعتريه العديد من العقبات مما يجعل السيناريو الأكثر توقعاً في ظل عدم إنجاز اتفاق جديد مع الروس هو استمرار التصعيد العسكري الذي سيكون مليئاً بمؤشرات الانزلاق لمواجهة كبرى.
من خلال استعراض نقاط حديث الرئيس التركي الأخير بتاريخ 29 شباط 2020، يمكن استنباط أربعة محاور:
شارك الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، ساشا العلو، في حوار تلفزيوني ضمن برنامج الصالون السياسي على تلفزيون سوريا، للحديث حول مستقبل هيئة تحرير الشام في ضوء التصريحات الأخيرة لزعيمها، وضمن سياق الحملة العسكرية للنظام وحلفائه على الشمال السوري. وقد ناقشت الحلقة الرسائل التي حملتها تصريحات الجولاني الأخيرة، إضافة إلى تحولات الهيئة كبنية تنظيمية وطبيعة تلك التحولات، مقابل سؤال المستقبل والمصير والسيناريوهات المحتملة لذلك، في ظل الظروف الموضوعية التي تحكم الملف السوري والتوافقات الإقليمية والدولية التي ستحدد مساراته.
بعد تداول أخبار عن نيّة “هيئة تحرير الشام” حلّ نفسها، دون أي تأكيد أو نفي من الهيئة ذاتها، وعلى الرغم من كونها لاتزال في إطار الإشاعات، تعود تلك الأخبار لتثير سؤال المستقبل حول مصير التنظيم الذي أعلن عن تأسيسه في كانون الثاني 2012 تحت مسمى “جبهة النصرة”، ليتطور بمراحل مختلفة ومتسارعة وإشكاليّة، وصولاً إلى البنية الحالية.
ولا يمكن الإجابة عن هذا السؤال دون الأخذ بالاعتبار عاملين، الأول: وهو العامل الذاتي المتمثل ببنية وطبيعة الهيئة ذاتها، والثاني العامل الموضوعي الذي تشهده الجغرافية التي تنشط فيها الهيئة، والمتمثل بالحملة العسكرية على محافظة إدلب، وما قد يترتب عليها من تفاهمات واتفاقات سياسية ستحدد مستقبل الملف السوري، وتموضع هيئة “تحرير الشام” ضمنهُ.
وعلى ما يبدو أن الهيئة في المستقبل القريب أمام خيارات محدودة، خاصة مع الرفض الدولي والإقليمي وتصنيفها على لوائح الإرهاب، الخيارات التي قد تتراوح بين قرار الصدام حتى النهاية، وفي حال الاقتراب منها، التشظي كتنظيم والتحول إلى مجموعات تمارس نشاط عسكري متقطع بعيداً عن مفهوم التمكين والاستحواذ على الأرض، إلى تكتيكات مختلفة وجديدة، أو التوجه إلى تجنّب هذا الخيار عبر قرارات تنظيمية تكتيكية، على رأسها حلّ الهيئة كتنظيم، لكن الحلّ بمعنى التغير الشكلي والتكتيكي للبنية التنظيمية، وليس الإجهاز عليها.
وباعتقادي، قد تلجأ الهيئة فعلاً إلى خطوة الحلّ بهذا المعنى الإجرائي، بغض النظر عن شكل هذا الحلّ وجديته وتوقيته، وذلك بناءً على عدة معطيات تتعلق بطبيعة الهيئة وعقليتها ونهجها، إضافة لدورها الوظيفي ضمن الظرف السياسي والعسكري القائم، وتتوزع أبرز تلك المعطيات وفق ما يلي:
١- العقلية:
تمتلك “هيئة تحرير الشام” عقليَة براغماتية مرنة هيئتها لتكون أبرز الفاعلين المحليين على المستوى العسكري على الأرض خلال سنوات الصراع، هي ذات العقلية التي دفعتها للخروج من عباءة “تنظيم الدولة” ومبايعة “تنظيم القاعدة” (الهروب من الفرع إلى الأصل)، ومن ثم فك الارتباط عن تنظيم “القاعدة” والتخلص من ثقل هذه التركة، والتحول من “جبهة النصرة” العابرة للحدود إلى “جبهة فتح الشام” ذات البعد المحلي، ومن ثم تأسيس “هيئة تحرير الشام”، والتخلص من أكبر قدر من العنصر الأجنبي الذي لم ترضه تلك التحولات، والذي خرج ليؤسس مجموعات أخرى أكثر تشدداً كـ”حراس الدين” وغيرهم، وبذلك وقع مجال التمايز، بين متشدد وأكثر تشدداً، وأجنبي ومحليّ.
ذات العقلية التي دفعتها كتنظيم لتجاوز مفهوم السيطرة والدور العسكري فقط، إلى محاولات توسيع النفوذ على عدة مستويات في إطار إطباق السيطرة على إدارة المناطق المحررة، سواء عبر التغلغل في الإدارة المحلية والمساهمة بتأسيس حكومة الإنقاذ ومحاولة السيطرة على المجالس المحلية وإدارة الجزء الأكبر من المُحرر، أو على المستوى الاقتصادي عبر السيطرة على المعابر وشبكات الطرقات الرئيسية، أو على المستوى العسكري والأمني عبر استراتيجية إنهاء الفصائل وابتلاعها والتمدد بالهيمنة والنفوذ.
هي ذات العقلية التي رشحت الهيئة لتكون شريك يُعتمد عليه من قبل بعض القوى الإقليمية، وشجعت حتى أعدائها للتعاطي معها بصفقات، فالهيئة أكثر الأطراف المحليّة التي عقدت صفقات تبادل مع إيران وحزب الله، وغيرها من صفقات التبادل على مستوى دولي. وبذات العقلية قد تتحذ “هيئة تحرير الشام” خيار حلّ ذاتها، إذا وجدت في ذلك أقل الأضرار وأهون الشرين.
٢- قراءة الواقع:
تدرك الهيئة تماماً، أن أي اتفاق سياسي قد ينجز بين موسكو وأنقرة، سينهي ملف الطرقات الدولية كبند ثان من اتفاق “سوتشي”، بعد أن تم ترسيم المنطقة العازلة كبند أول، ليبقى بند مكافحة التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسه تفكيك الهيئة، والذي سيكون عنواناً للمرحلة القادمة. وبغض النظر عمن سيتكفل بتلك المهمة، التي تقع وفق اتفاق “سوتشي” على عاتق تركيا، فإن الهيئة تدرك أن الصدام العسكري لن يكون لصالحها، فأي معركة بعد الطرقات الدولية سيكون ضمن معاقلها ومناطق نفوذها بعد الانحسار الجغرافي الكبير نتيجة المعارك الحالية، خاصة وأن موسكو والنظام سيروجان لتلك المعركة، كـ”معركة المجتمع الدولي” وليس معركتهما فقط، باعتبارها مواجهة مباشرة مع تنظيم إرهابي، بل ستسعى فيها موسكو لتحقيق نصر إعلامي كنصر ترامب على ” تنظيم الدولة”. ناهيك عما قد ينتج عن هذه المعركة من كارثة على المدنيين، هذا إن سلمنا جدلاً بأن الهيئة تكترث للمدنيين، بعد التسليم أن روسيا والنظام هدفهم المدنيين قبل الهيئة ذاتها. لذلك فإن تجنب هكذا معركة يدفع الهيئة لترجيح قرار الحل الشكلي وتجنب الصدام، وسيدفع للضغط عليها أيضاً من أطراف إقليمية باتجاه هذه الخطوة لتجنب كارثة إنسانية على الحدود.
٣- عدم انتهاء الصلاحية:
وفق التحالفات التي تديرها الهيئة، لا يبدو أن دورها الوظيفي قد انتهى، بل على العكس، تبدو أطراف عديدة أشد ما تكون بحاجة للهيئة خلال هذه الفترة، خاصة مع تحول إدلب إلى ساحة لتصفية حسابات المحاور ومسرحاً للصراعات الإقليمية والدولية بالاعتماد على أطراف محليّة، وأن تلك الحسابات قد تتقاطع في جزء منها مع وجود الهيئة وبقائها كفاعل محلي مؤثر على الأرض، ولكن بشكل جديد لهذا الوجود، لذلك فإن قرار الحلّ والتحول إلى شكل تنظيمي جديد، قد يكون مقدمة لأدوار وظيفية جديدة تتناسب ومعطيات المرحلة القادمة. وهذا ما يرجح أيضاً جنوح الهيئة نحو هذا الخيار، أو دفعها وتشجيعها عليه أو الضغط عليها باتجاهه. إذ من الممكن أن تتقاطع مصالح الهيئة في الحل والتحول إلى شكل تنظيمي جديد مع مصالح أطراف أخرى.
٤- المنهج:
بالنهاية، فإن “هيئة تحرير الشام” كتنظيم سلفي جهادي، قد يحتاج في بعض القرارات المفصلية إلى تبريرات شرعيّة، على الأقل لضبط الصف العقائدي لمقاتليه وإقناعهم بأي تحول، وإن ما مرت به “هيئة تحرير الشام” من تحولات تنظيمية لم يكن عشوائياً، وإنما كان ضمن استراتيجية جديدة لجماعات وتنظيمات الجهاد المعولم، الاستراتيجية القائمة على الاتجاه من المركزية العابرة للحدود إلى المحليّة والنزوع للتوطين، من الجهاد الأممي إلى المحلي، أو بعبارة أخرى: “الانتقال من جهاد النخبة إلى جهاد الأمة”، بشكل يمكنها من التأثير المحلي وضمان قاعدة شعبية أوسع لأفكارها والحد من العزلة التي غالباً ما تقع التنظيمات الجهادية ضحية لها، وهذا ما حدث بين “النصرة” و”القاعدة” (فك الفرع عن الأصل) بالتوافق، فضمن هذا التوجه مثلت “جبهة النصرة” تجربة جديدة لتنظيم “القاعدة”، والحامل الأساسي لقياس نجاعة هذه الاستراتيجية، وتكرر هذا مع غيرها من فروع “القاعدة” في اليمن وأماكن أخرى، خاصة بعد تراجع المشاريع الأممية وتحول مركز الجهاد من أفغانستان إلى المشرق العربي وبروز “تنظيم الدولة” وسحبه البساط الجهادي من تحت “القاعدة” بإعلانه الخلافة واستقطاب أكبر عدد من المهاجرين، لذلك فإن الإطار موجود وجاهز لأي تحول محتمل، بل إن تحول الشكل التنظيمي سيكون تكتيك ضمن استراتيجية أوسع للنزوع نحو التوطين، النزوع الذي لم يقتصر على الحقل السلفي الجهادي، وإنما شمل أغلب الأيديولوجيات العابرة للحدود في المنطقة.
وبناءً على كل ما سبق، فلا يمكن استبعاد خيار الهيئة بحلّ نفسها، بغض النظر عن شكل هذا الحلّ وكيف سيكون، وبغض النظر كذلك عن توقيته، وفي حال حصل، فسيكون في المرحلة الأولى منهُ إعلاناً إعلامياً شكلياً، وذلك نتيجة لارتباط نهاية ملف الهيئة بعدة ملفات أخرى لم يتم حسمها بعد، وكذلك لما سيترتب على ذلك من تبعات على الأرض والجبهات والمستوى الإداري في مناطق نفوذها، ففي حال تم فلن يكون سوى إعلان كمرحلة الأولى، ليتم بعدها على مراحل لاحقة خروج آخر كتلة أجانب من القيادات ومن يرفض التحول، خاصة وأن خطوة الحل ستسبب انقسامات عامودية وأفقية في بنية الهيئة، والتي من المرشح أن ترتصف مع باقي التنظيمات المصنفة إرهابية ويغلب عليها العنصر الأجنبي، لتشكل كتلة صلبة تواجه انعدام الخيارات بالنسبة للأجانب، فيما سيعاد تشكيل العنصر المحلي السوري، وهو الطاغي، وفق بنية جديدة.
لن تكون نهاية “هيئة تحرير الشام” بالسهولة التي يعتقدها البعض، كما أنها ليست بالاستحالة التي تروج لها الهيئة، ليبقى مستقبلها رهناً بخياراتها، والمرتبطة بدورها بطبيعة التوافقات الدولية والإقليمية وشكل الحل السياسي في سورية.
الرابط: http://bit.ly/2SKVoiw
شارك الباحث محمد العبدالله من مركز عمران في تقرير اقتصادي، أعدته جريدة عنب بلدي بعنوان: "قانون “قيصر” وطرق سورية الدولية.. عقوبات جاهزة وشركات قد تعيد حساباتها".
حيث تم التركيز على أهمية السيطرة على الطرق الدولية من قبل حلفاء النظام، والعقوبات التي قد تفرضها الولايات المتحدة على دول الجوار في حال استخدام هذه الطرق.
رابط المصدر: https://www.enabbaladi.net/archives/363689
ممثلاً بالدكتور عمار قحف والباحث معن طلاع، حضر مركز عمران للدراسات الاستراتيجية بوصفه أحد أعضاء "المنصة السورية"، ورشة عمل بعنوان: "قطاع الشرطة والأمن العام ودوره في تحقيق بيئة آمنة للمنطقة"، والتي عقدها المنصة السورية للدراسات والأبحاث الأكاديمية عبر لجنة إعادة الاستقرار ومركز دراسات الشرق الأوسط - جامعة حسن قاليونجي، في مدينة اعزاز بالداخل السوري، بتاريخ 13 شباط 2020.
حضر الورشة ممثلين عن مؤسسات الشرطة والأمن العام في المناطق المحررة من الريف الشمالي والشرقي لمحافظة حلب، بالإضافة بقية أعضاء المنصّة, وعديد من مراكز الدراسات ومنظمات المجتمع المدني.
استعرضت الورشة الواقع الأمني وما يعتريه من مشاكل وتحديات، علاوة عن دور الشرطة والأمن العام في المحافظة على الأمن و تقديم الحلول العملية له. كما ساهمت برسم خارطة للعلاقات والروابط فيما بين المؤسسات المختصة وسلطات الحكم المحلي بهدف الوصول إلى بيئة آمنة للمنطقة.
بتاريخ 27-28 كانون الثاني لعام 2020؛ وضمن سلسلة النقاشات المجتمعية التي ينظمها مركز عمران للدراسات الاستراتيجية في إطار سعيه لفهم الديناميات المحلية وتضمين الشرط المحلي في معادلات الاستقرار في سورية؛ عقد مركز عمران ورشة حوارية مع مجموعة من الفاعلين والناشطين والباحثيين والأكاديميين المحليين وذلك في مؤسسة الشرق الأوسط للبحوث MERI في مدينة أربيل، حيث هدفت الورشة إلى تحديد الرؤى والمواقف المحلياتية حيال العملية السياسية واستحقاقاتها ووتحديد الأطر القانونية والعملية لتضمين أدوار المجتمع المحلي في استحقاقات الاستقرار في سورية.
تركز النقاش والحوار في اليوم الأول على العملية السياسية واستحقاقاتها؛ حيث استعرض المشاركون في الجلسة الأولى: مواقفهم من العملية الدستورية وتموضعها ضمن خطوات الحل السياسي، وماهية المبادئ السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي ينبغي تضمينها في الدستور الجديد، وتبيان آليات تفعيل دور المجتمعات المحلية في صياغة دستور تشاركي يعبر عن وجهة نظر السوريين. كما فنّد المشاركون في الجلسة الثانية القضايا المتعلقة بالاستحقاق الانتخابي بدءاً من الاجراءات التي ينبغي أن تتضمنها هذه العملية حتى تكون خطوة على طريق التأسيس لاستقرار مستدام في سورية، وصولاً لاستعراض شروط "البيئة الآمنة انتخابياً"، والضمانات السياسية والقانونية، التي ينبغي توافرها لإطلاق أي عملية انتخابية مستقبلية في سورية وكيفية ضمان إجراء انتخابات تضمينية تشمل اللاجئين والنازحين السوريين؛ ثم تم التركيز على الإصلاحات التي يتوجب إدخالها على النظام الانتخابي في سورية، على مستوى الدوائر الانتخابية ونظام القوائم، وشروط الانتخاب والترشح، وآليات الرقابة والإشراف وأدوار وحدات الإدارة المحلية في العملية الانتخابية ومتطلبات الكفاءة والقدرات للاضطلاع بهذه الأدوار.
وفي الجلسة الثالثة؛ وضمن الرؤى المجتمعية لشروط الاستقرار وضح المشاركون ضرورة تضمين العدالة والمحاسبة والبيئة الآمنة والممكنة والكريمة لعودة اللاجئين والنازحين وبحثوا في آليات وسبل تجسيرهوة الانقسام المجتمعي القائمة، وأدوات المجتمع التي تمكنه من ممارسة دوره في قضايا العدالة الانتقالية والمحاسبة. أما الجلسة الرابعة فقد تمحورت حول التعافي المبكر وإعادة الإعمار والتنمية، فقد حدد المشاركون المحددات الرئيسية لوثيقة "المبادئ الأساسية" لعمليات الانتعاش الاقتصادي وإعادة الإعمار، وكيفية الموازنة بين اعتبارات سيادة الدولة وحرية عمل المجالس المحلية في أطر عملها ووادوارها في هذه العمليات.
في اليوم الثاني خصص المشاركون جلساتهم للتباحث في مقاربة اللامركزية النوعية كمدخل موضوعي للحل؛ حيث تناولوا في الجلسة الأولى والثانية واقع المحليات وهياكل الإدارة والعلاقة مع المركز؛ إذ أكد المشاركون على أن تجارب الحكم المحلي متباينة في سورية من حيث الإداء الحوكمي والشرعية التمثيلية إلا أنه يمكن إيجاد قاعدة أولية لتطوير لامركزية نوعية ( تقاسم الوظائف) بين المركز والمحليات تستوعب مطالب المكونات المجتمهية ويمكن لها ان تشكل مدخلاً هاماً لعقد اجتماعي جديد، منوهين إلى جملة من التحديات والمخاوف وطرق معالجتها قانونياً ومؤسساتياً؛ بينما تركز النقاش في الجلسة الأخيرة حول الأطار القانوني للامركزية وصلاحية أن يكون القانون 107 أرضية لهذا الإطار مع التركيز على ضرورة أن تتوافر الضمانات الدستورية والقانونية والآليات المؤسساتية لحماية وحدات الإدارة المحلية من استبداد الحكومة المركزية.
حضر كلاً من الباحثين محمد العبد الله، وبدر ملا رشيد من مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، ورشة عمل مع مجموعة من ممثلي منظمات المجتمع المدني السورية والتركية، إلى جانب بعض ممثلي الجهات الحكومية في إسطنبول وذلك بتنسيق وإشراف منظمة كادم التركية بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي. تأتي الورشة في إطار مشروع "مجتمع مدني قوي للاجئين"، والذي يهدف بشكل أساسي إلى توفير خدمات أكثر استدامة وفاعلية من خلال تعزيز تنمية المجتمع المدني بمشاركات ديمقراطية أكثر فاعلية في عمليات صنع القرار، ويهدف المشروع أيضاً إلى تعزيز الصلة بين المنظمات غير الحكومية وكذلك بين المؤسسات والمنظمات العامة ذات الصلة، وتعزيز التعاون بين منظمات المجتمع المدني مع بعضها البعض ومع السلطات العامة، من خلال إنشاء آلية شبكة للتشاور مع منظمات المجتمع المدني في صياغة السياسات.