Omran Center

Omran Center

الإثنين, 05 تشرين1/أكتوير 2015 12:19

آليات مكافحة الفساد في المجالس المحلية

تواجه المجالس المحلية عدة تحديات وفي مقدمتها الفساد، وللتعامل مع ذلك وظّفت المجالس أربعة أنماط رقابية تراوحت بين رقابة داخلية تمارسها لجان من المجالس على أعماله، وأخرى شعبية أقرّتها المجالس في أنظمتها الداخلية من خلال حق السكان في ممارسة دورهم الرقابي عن طريق الاجتماعات العامة أو من خلال عضويتهم في منظمات المجتمع المدني، إضافةً للرقابة العسكرية التي تمارسها فصائل المقاومة الوطنية بحكم نفوذها المحلي، وأخيراً الرقابة القضائية التي تمارسها الهيئات الشرعية والتي تلجأ إليها المجالس في ظل غياب منظومة قضاء محلي وقدرتها على تنفيذ الأحكام الصادرة عنها نظراً لدعم الفصائل لها.

تشكّل آلية تعامل المجالس المحلية مع أزمة المياه مؤشراً مهماً على مدى تطور أدائها الخدمي وحضورها في إدارة شؤون مجتمعاتها المحلية، ومع تفاقم أزمة المياه وفي ظل الحلول المجتزأة تبرز الإدارة التشاركية كاستراتيجية بعيدة المدى من أجل تعزيز استجابة المجالس تجاه هذه الأزمة من خلال توزيع الأدوار وحفظ الموارد وتأمينها.

نجح حزب PYD في توظيف عدة عوامل لنقل الإدارة الذاتية من حيز الفكرة للواقع كصيغة لإدارة مناطق الكرد، إلا أنها أقرب لسلطة أمر واقع تعززها بنية شمولية وذراع عسكرية لم ترقى بعد للمستوى الذي يطمح إليه السكان المحليين سواءً فيما يتعلق بخدماتها أو شرعيتها.

يتطلب الإنجاز العسكري في محافظة إدلب إطلاق عملية بناء هياكل الحكم والقيادة تراعي الأبعاد الأمنية والاقتصادية والقيمية. ومرافقته بدينامية سياسية قائمة على مبدأ التوافق وتوزيع المهام سيجعل من التحرير نموذجاً مؤثراً في المعادلة السياسية والعسكرية وتحميه من ثنائية "التسلط والتوحش".

استغل تنظيم "الدولة الإسلامية" عدّة عوامل ليبني سلطته جاهداً في إضفاء سمات الدولة عليها وتعزيز تلك الصورة لدى السكان المحليين باستغلال معاناتهم من فوضى الحرب وطغيان النظام، إلا أن افتقاده للشرعية من جهة وعجزه عن الإيفاء بمتطلبات المجتمعات المحلية من جهة أخرى، ينفي عنه صفة الدولة ليكون أقرب إلى ظاهرة سلطوية عابرة في صراع مفتوح تضاف إلى سجل الحركة الجهادية.

تتناول القراءة التحليلية لاستطلاع رأي المجالس المحلية في محافظة إدلب في جزئها الثاني أداء المجالس المحلية وآليات عملها، وكخلاصة يمكن القول إن أداء المجالس لا يزال دون المستوى الذي تفرضه حاجة الواقع من حيث الأطر القانونية والإدارية والأداء المالي وإن كان أداؤها قد شهد تطوراً ملحوظاً خصوصاً في العمل الإغاثي والأرشفة وآليات التواصل مع السكان المحليين. ولإحداث نقلة نوعية في أداء المجالس يجب تركيز سياسات مؤسسات المعارضة من ائتلاف وحكومة مؤقتة وباقي الكيانات الإدارية على تدريب وبناء قدرات أعضاء تلك المجالس، إضافةً إلى ضرورة التشبيك مع المنظمات الإقليمية والدولية المختصة في مجال الإدارة المحلية لتقديم الدعم الإداري واللوجستي والعلمي اللازم للكوادر القائمة على المجالس المحلية في سورية وذلك كي لا يبقى أداء هذه المجالس مرتبطاً بالتجربة وآلية ردود الفعل الإسعافية.

تحليل يلفت النظر إلى بعدٍ غير مشهور عن واقع الثورة السورية، وهو أن المناطق التي تفلّتت من قبضة النظام نجحت في تنظيم مناطقها وفق صيغة تمثيلية انتخابية، فحازت على شرعية سياسية لها أهمية تفوق أهمية قيامها بالخدمات الأساسية.

الخميس, 26 شباط/فبراير 2015 15:30

مجلس محافظة درعا: المسار الصعب 2/2

تشكل مجالس المحافظات إحدى أهم البنى الإدارية للمعارضة السورية، وبغض النظر عن السياق الذي تشكلت فيه فإن أهميتها تتزايد لا سيما مع تزايد الاحتياجات وتشتت الجهود، واستكمالاً لدراسة مجلس محافظة درعا (2/1) تأتي هذه الدارسة لتقييم أداء المجلس الراهن بغية استخلاص الدروس وتحسين الأداء، وقد خلصت الدراسة إلى النتائج التالية:

  • نجح المجلس الراهن مقارنة بسلفه في تعزيز قاعدة شرعيته وذلك من خلال إتاحة المجال لعدد أكبر من الفاعليات والقوى المحلية للمشاركة في عملية التشكيل، كما نجح في تعزيز عامل الثقة به نتيجة قربه من السكان المحليين.
  • ساهم ضعف حضور المؤثرات الخارجية عند عملية التشكيل ووجود اتفاقات محلية حول قواعد المشاركة في اتساع نطاق المشاركة في عملية التشكيل.
  • وفّرت طبيعة عمل المجلس القائمة على الإشراف والمتابعة أكثر منها على التدخل المركزي مناخاً إيجابياً للفاعليات والقوى القائمة في المحافظة للتعاون مع المجلس لتحقيق المصالح المشتركة.
  • نجح المجلس في تأسيس آليات محاسبة ورقابة داخلية وخارجية تتوافق مع طابع البيئة التي يعمل بها، وإن لم تُوضع بعدُ في موضع الاختبار الجدي.
  • لُوحِظ عدم اكتمال البنية الإدارية للمجلس حيث ما تزال في طور التأسيس، ويعود ذلك إلى ضعف اللوائح التنظيمية والهياكل الإدارية.
  • يعاني مجلس المحافظة من قلة عدد الكوادر، وهي سمة تتشارك فيها المجالس المحلية، أما السبب فيعود إلى محدودية مصادر الدعم المالي وضعف التدريب.
  • لم تتوفر مؤشرات كافية تؤكد تبنّي المجلس لخطة استراتيجية محدّدة بإطار تنفيذي وزمني واضح، وما صاغه المجلس لنفسه عبارة عن أهداف عامة تتمثل في ثلاث نقاط: 1) مأسسة العمل الخدمي في المناطق المحررة؛ 2) تنظيم إدارة مؤسسات الدولة؛ 3) تقديم الخدمات الأساسية.
  • حقق المجلس في فترة زمنية قصيرة نتائج ملموسة تصب في تحقيق الأهداف السابقة، ورغم ذلك تبقى دون توقعات السكان المحليين، ويمكن أن يُعزى ذلك إلى التباين بين حجم الاحتياجات المتزايد وقلّة الإمكانيات المتوفرة.

طرحت في الآونة الأخيرة مجموعة من المقاربات السياسية على أمل إحداث اختراقات تسهم في توطئة آليات دافعة للحل السياسي بعدما تبين صعوبة الحسم العسكري لأي من طرفي الصراع. وقد شكلت الهُدن القاسم المشترك بين هذه الطروحات باعتبارها نقطة البدء في مسار طويل من الإجراءات لحل الصراع الدائر في سورية، ولكن السؤال الذي يتم إغفاله في هذه الطروحات، هل تمتلك الهُدن مقومات النجاح وفرص الاستمرارية لكي تكون مدخلاً لحل سياسي، أم أنها تختزل في طياتها عوامل تداعيها وبالتالي لا تعدو عن كونها مجرد آلية تسكينيّة للصراع؟

تأتي هذه القراءة التحليلية في محاولة لاستقراء واقع عمل المجالس المحلية وسعياً نحو فهم أعمق لطريقة تشكيلها وآليات عملها. حيث اعتمدت في منهجيتها مؤشرات أربعة دُرس على أساسها واقع عمل المجالس المحلية كمرحلة أولية ضمن إطار الشرعية، وهذه المؤشرات هي التشكيل، العضوية، علاقات القوى والسيطرة، إدارة الموارد.وقد تم تناول هذه المؤشرات على جزأين من القراءات التحليلية لإعطاء كل مؤشر حقه من التحليل، وسيستعرض هذا الجزء شرعية المجالس المحلية في محافظة إدلب من حيث التشكيل والعضوية وعلاقات القوى والسيطرة، على أن يتم تناول مؤشر الأداء في جزء لاحق.