Omran Center

Omran Center

عقد مركز عمران للدراسات الاستراتيجية جلسة حوارية بعنوان: "المشهد العام في إدلب: التحديات والسيناريوهات المتوقعة"، عبر منصة تفاعلية بتاريخ 24 نيسان 2020.

هدفت الجلسة إلى مناقشة الاتجاهات العامة والتطورات الراهنة في  إدلب وتلمس سيناريوهاتها المتوقعة بشكل يساهم في عملية التنبؤ بمستقبل المحافظة، خصوصاً في ظل الحملات المتتالية التي ساهمت في إعادة رسم الحدود العسكرية والأمنية، وما تبعها من تحديات اختبرت الاتفاقات المنجزة بين فواعل مسار أستانة.

كما استعرضت الجلسة في بداياتها ورقة أولية من إعداد الباحث في مركز عمران، معن طلاع، ناقشت السيناريوهات المتوقعة لمحافظة إدلب، تلتها جلسات نقاش مفتوحة عبر ثلاثة محاور أساسية جاءت على الشكل التالي؛

-  واقع اتفاق موسكو واتجاهاته المتوقعة.
-  تحديات إدلب المركبة: مصير هيئة تحرير الشام/ التحدي الإنساني/ التحدي الإداري والخدمي.
-انعكاسات المشهد العام في إدلب على العملية السياسية.

وقد ساهم الحضور عبر مشاركاتهم ومداخلاتهم بتدعيم الرؤى وإثراء النقاشات، وتقديم إجابات على التساؤلات المطروحة بشكل انعكس إيجابياً على مخرجات الجلسة.

ويجدر بالذكر أن الجلسة شهدت مشاركات من وزراء في الحوكمة السورية المؤقتة، وباحثين ونشطاء وضباط منشقين وممثلين عن منظمات المجتمع المدني.

تواجه منطقة شمال شرق سورية، التي تعاني أساساً من نقص طبي حاد وقطاع صحي معتل، تهديداً جديداً يفرضه فيروس كورونا المستجد الذي تتوقع العديد من المنظمات احتياجه لكافة مناطق سورية، أمرٌ تجاوبت معه "الإدارة الذاتية" بسلسلة من المناشدات والمطالبات بالدعم والمساندة، بالإضافة إلى اعلانها عن سلسلة من الإجراءات الاحترازية على عدة صعد؛

يتناول هذا التقرير إطلالة عامة على واقع القطاع الصحي ومدى نجاعة السياسات التي اتبعتها "الإدارة الذاتية"؛ ويقف على أهم الاجراءات التي اتخذتها وأهم التحديات التي تواجهها.

قطاع صحي هش

تعاني مناطق شمال شرق سورية خلال حكم النظام من نقص في المستلزمات والمباني والكوادر الطبية؛ فعلى سبيل المثال وقبل الثورة في عام 2010 ووفقاً لمكتب الاحصاء المركزي فإنه لم يتجاوز عدد الأطباء في محافظة الحسكة أكثر من (1252) طبيباً، بمعدل (1166) شخص لكل طبيب، ولم يتجاوز عدد الصيادلة لم يتجاوز (690) صيدلانياً، أي بمعدل (2116) شخص لكل صيدلي، وضمت محافظة الحسكة آنذاك (32) مشفى بين حكومي وخاص يتوفر فيها (1348) سرير فقط، أي بمعدل سرير لكل (1083) شخص، إضافة إلى افتقارها لوجود مركز خدمة الأورام السرطانية، وبعض الأجهزة مثل المرنان المغناطيسي.

والآن؛ وباستثناء المستشفى الوطني بالقامشلي؛ تسيطر "الإدارة الذاتية" على كافة المقرات والمباني الصحية في مناطق سيطرتها وتتولى "هيئة الصحة"  إدارة المستشفيات والمراكز الطبية معتمدة على كوادر بشرية قليلة (قسم منهم  موظفين لدى حكومة النظام، وقسم تم تدريبهم للتعامل مع الحالات الإسعافية والطارئة فقط)، خاصة بعد هجرة اكثر هذه الكوادر خارج البلاد لأسباب شتى؛ ولا تقدم "الإدارة" أي خدمات سوى دفع رواتب العاملين في القطاع الصحي واللقاحات الممنوحة لها من منظمة الصحة العالمية. ويشكل الدعم الخيري المقدم من المنظمات الدولية وغير الحكومية رافداً لحاجات القطاع الطبي والصحي إضافة إلى هبات يقدمها مغتربون أكراد في البلدان الأوروبية. وبتقريرها السنوي، أوضحت "الإدارة الذاتية" أنها في مجال الصحة قد أهلت وجهزت 58 مستوصف و8 مشافي بالإضافة إلى فتح مركزين للزنين المغناطيسي وتجهيز ثلاث غرف للعمليات وتجهيز بنك دم بأجهزة فحص مخبرية وتفعيل قسم الكلية بمشفى الفرات.

وبدراسة أعدها مركز توثيق الانتهاكات في الشمال السوري بين أنه في مناطق الإدارة الذاتية يمكن أن يصاب بفيروس كورونا قرابة مليون شخص، من أصل 5 ملايين يسكنونها، وسيحتاج 13 ألف شخص مصاب على الأقل إلى وضعهم على أجهزة التنفس الصناعي. وقدر البحث أنّ هنالك بحدود 27 – 30 جهاز تنفس صناعي في مختلف المراكز الصحية، حيث أوضح الرئيس المشترك لهيئة الصحة في شمال وشرق سوريا جوان مصطفى: “نملك الآن 27 منفس هوائي، ونسعى إلى تأمين منافس أخرى ليصل العدد إلى 100” وأنّ عدد الغرف المتوفرة بالكاد يمكن أن يصل إلى 200 غرفة، قادرة على استيعاب حتى 1500 شخص فقط، فيما ولا يتوفر في مناطق الإدارة الذاتية سوى /28/ سريراً فقط في وحدات العناية المركزة في جميع مشافي المنطقة مجتمعةً، كما ليس هناك سوى طبيبين اثنين مدربين على كيفية التعامل مع أجهزة التنفّس، ما “سيؤدي إلى كارثة إنسانية مع انتشار الفايروس في ظل الإمكانيات المتوفرة” أي إنّ قدرة الاستيعاب قد تشمل فقط 5 %، كما أن الخطوة الكبيرة تأتي من أن الفيروس سيكون سريعاً في التفشي خاصة في المخيمات وعددها 15 مخيم وحوالي 35 مركز إيواء مؤقت يقطن بها ما يصل إلى 110 ألف.

وحذّرت هيئة الصحة في بيان لها من نقص حاد في التجهيزات الأساسية والأدوية لعلاج المصابين، بينها الفحوص المخبرية للكشف عن الفيروس وعليه فإن  جميع العينات ترسل إلى مختبرات لتحليلها، وهو ما يجعل الإدارة الذاتية تعتمد على الحكومة السورية،  الأمر الذي يؤكد أن قطاع الصحة في الإدارة الذاتية لا يزال يفتقر لمقومات التأهيل والفاعلية سواء على المستوى الفني او البشري.

مناشدات وإجراءات احترازية

ناشدت "الإدارة الذاتية" المنظمات الإنسانية وجميع الجهات المعنية وحكومة إقليم كردستان العراق بضرورة تقديمها المساعدة لمنع انتشار فيروس "كورونا المستجد"؛  كما ناشد مدير مشفى السلام في القامشلي، منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، لتقديم المساعدة للمشافي الخاصة في المنطقة لمواجهة احتمالات تفشي فيروس "كورونا، وبناء على ذلك قدم التحالف الدولي ضد داعش – وفقاً للمركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية- كميات من الأدوية والمعدات الطبية  لمشافي الحسكة والشدادي ، كما أنه تم الاعلان عن مساعدة طبية من  التحالف لشرق الفرات بقيمة 1.2 مليون دولار.

مؤخراً؛ أعلنت الإدارة الذاتية في شمال وشرق سورية إيقاف حملات التجنيد الإجباري "واجب الدفاع الذاتي"، في المناطق التي تقع تحت إدارتها، مدة ثلاثة أشهر. وقالت الإدارة الذاتية في بيان، أنه "بدأ إيقاف الحملات فعلياً، منذ 5 نيسان 2020، ليستمر حتى 5 تموز2020، وذلك حرصاً على سلامة المواطنين من انتشار وباء كورونا.

كما بينت الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي لشمال وشرق سوريا في بيان لها إنه "تمدد قرار حظر التجوال المفروض بالقرار رقم (29) تاريخ 19 /3/20250 لـ (15) يوماً  بدءاً من 7/4/2020 ولغاية 21/4/2020 ضمناً، وبدأت جولات الضابطة في أرجاء القامشلي قرار الحظر، وتم انتشار القوات الخاصة في عامودا لضمان حظر التجوال ؛ وقد تم تسجيل عدة تجاوزات في عامودا لعدم الالتزام بحظر التجوال، وتؤكد المصادر أن  عدة  قرى بريف ديرك، مظاهر لعدم الالتزام بقرار حظر التجول الذي أعلنته الإدارة الذاتية لمكافحة انتشار فيروس "كورونا"، وسط مطالبة بعض السكان أقرانهم بأخذ الأمر على محمل الجد.  حيث تشهد قرى ريف مدينة كوباني حركة اعتيادية للسكان، فيما يغيب التشديد الأمني المفروض من قبل قوى الأمن الداخلي "الأسايش" على المدن في تلك القرى ؛ كما أوقفت قوى الأمن الداخلي "الأسايش" في مدينتي القامشلي والحسكة، المئات من الشبان "احترازياً" نتيجة عدم التزامهم بقرار حظر التجوال المفروض من قبل الإدارة الذاتية، بحسب ما أفاد مصدر أمني من  الأسايش".

كما تم إلغاء مظاهر الاحتفال بعيد (آكيتو) في الجزيرة بسبب كورونا، بدأت بلدية الشعب في مدينة القامشلي بالتعاون مع هيئة الصحة، الثلاثاء، في اليوم الثاني من حظر التجول في مناطق شمال شرقي سوريا، حملة تنظيف لشوارع المدينة، وذلك ضمن سلسلة إجراءات وقائية من فيروس "كورونا المستجد".

من جهة أخرى؛ أوضحت إدارة معبر سيمالكا قد أنشأت الشهر الماضي، نقطة طبية خاصة بفحص المسافرين القادمين من إقليم كردستان العراق لتفادي دخول فيروس "كورونا"؛ كما أعلنت الإدارة الذاتية، إنشاء مقابر قرب المعابر الحدودية لدفن الجنازات التي تدخل إلى مناطقها خلال الفترة التي تشملها التدابير الاحترازية من مخاطر انتشار فيروس كورونا المستجد.

قرارات إدارية ومبادرات أهلية

أكد المجلس التنفيذي في "إقليم الفرات" للإدارة الذاتية أنه مع بداية شهر نيسان سيحصل جميع الموظفين لدى مؤسسات الإدارة على رواتبهم كاملة، بما فيهم من علقوا دوامهم بسبب بحظر التجول، بالإضافة لخطة لمساعدة العائلات ذات الدخل المحدود؛ إذ يوجد نحو /11/ ألف موظف في "إقليم الفرات" يتلقون رواتبهم بشكل كامل، منهم نحو /4/ آلاف موظف في هيئة التربية وحدها، علماً أن المبلغ الكلي لرواتب الموظفين في إقليم الفرات يصل شهرياً إلى /920/ مليون ليرة سورية؛ وانخفض عدد العاملين المستمرين في دوامهم في القطاعات الخدمية والصحية والبلديات والمحروقات والكهرباء، والتي تعمل بالتنسيق مع خلية الأزمة، بنسبة تتراوح بين 25 % إلى 30 %، بحسب هيئة المالية في "إقليم الفرات".

يعد الاجراء اعلاه مقبولاً فيما يتعلق بالشريحة الموظفة في هياكل الإدارة، كما خصصت "الإدارة الذاتية" في إقليم الفرات مبلغ /100/ ألف دولار، كميزانية لهيئة الصحة لأخذ التدابير للوقاية من وباء "كورونا". كما قررت توزيع سلات ومساعدات غذائية على ذوي الدخل المحدود طيلة فترة حظر التجوال بعد إغلاق الأسواق وتوقف معظم الأعمال.

من جهتها بدأت الإدارة العامة للتموين وحماية المستهلك التابعة لهيئة الاقتصاد في الإدارة الذاتية بإصدار نشرة بأسعار الخضار والفواكه تلزم بها جميع محال بيع المواد الغذائية في المنطقة. كما  أقرت المؤسسة الدينية التابعة للإدارة المدنية الديمقراطية في مدينة منبج وريفها، إعفاء السكان المستأجرين لعقاراتها من أجور شهر نيسان/أبريل القادم.؛ وضمن هذا السياق حررت دائرة التموين في عامودا نحو 40 مخالفة لمحلات تجارية منذ دخول حظر التجوال حيز التنفيذ.

أما فيما يتعلق بالتعليم، فقد تم الاعلان عن نية البدء بخطة إلكترونية لتعويض التلاميذ دروسهم، بعد إغلاق جميع مدارس المنطقة حيث سيقومون فيها بتسجيل كافة الدروس لجميع المستويات بتقنية الفيديو ومن ثم نشرها عبر المنصات الإلكترونية والإعلام الرسمي التابع للإدارة الذاتية. ويتم تجهيز عشرات المدرسين حالياً للقيام بهذه المهمة طبقاً لهيئة التربية والتعليم. إذ أبعد فيروس كورونا المستجد /789.225/ طالباً عن مدارسهم في عموم المناطق وأغلقت أبواب /4.137/ مدرسة تنفيذاً لقرار حظر التجول المفروض من قبل الإدارة الذاتية.

أما على المستوى المحلي والمبادرات الأهلية، فقد نصبت منظمة الهلال الأحمر الكردي في ديرك خيمتين أمام مركز المنظمة لمنع تجمع المرضى في المركز بعد إغلاق العيادات الخاصة في المدينة، وذلك كإجراء احترازي للوقاية من فيروس "كورونا"؛ كما قامت منظمة الحسكة للإغاثة والتنمية HRD بحملة توعية عن فايروس  كورونا لأفراد قوات الأمن ومتطوعي الحماية. وشهدت مدينة الطبقة  حملة تعقيم؛ و حملات توعوية في القامشلي والحسكة قامت بها  مؤسسة تاء مربوطة؛ كما أطلق مجموعة من الأطباء في مدينة القامشلي، شمال شرقي سوريا، أمس الجمعة، مبادرة تهدف للمعاينات والاستفسارات الطبية عبر مجموعة على تطبيق واتس آب، تجنباً لزيارة المشافي وخطر انتشار فيروس "كورونا"، كما فقد قامت إحدى العوائل بإعفاء المستأجرين للمحلات التجارية من الإيجار الشهري عــن شهــر نيسان وتوزيع الخبز لعــدة أيامٍ مجاناً على أهالي البلدة؛ كما قامت عائلة من مدينة عامودا بصنع كمامات لتوزيعها على عائلات المدينة.

ختاماً؛

يمكن اعتبار الخطوات الاحترازية المتبعة من قبل الإدارة الذاتية خطوة إسعافية مهمة؛ لكنها من جهة أولى لن تعفيها من تحميل مسؤولية خلل السياسات الصحية وهشاشة الإمكانات الطبية الهشة في مناطق سيطرتها؛ ومن جهة ثانية ستراكم تحدياتها المتعلقة بالقدرة على الاستجابة على تلبية احتياجات الأساسية لنسبة كبير من السكان. ومما يزيد تداعيات أزمة كورونا في مناطق شمال شرق سورية هو عدم شفافية البنى الحوكمية في الإدارة الذاتية.

تمهيد

تصرح جميع الدول المجاورة لسورية بشكل يومي عن تزايد حالات الإصابة بالفيروس، بينما استمر النظام لفترة  بنفيه بوجود إصابات ؛ نفي يدحضه من جهة أولى العديد من المصادر التي أكدت  أن فيروس كورونا انتشر بصورة رئيسة بمحافظات دمشق وطرطوس واللاذقية وحمص السورية وتم تسجيل إصابات كثيرة ووفاة البعض من المصابين ووضع آخرين منهم بـ "الحجر الصحي"، ناهيك عن إعلان العديد من الدول عن حالات إصابة لوافدين من سورية كوزارة الصحة الباكستانية التي أعلنت عن تسجيل 8 إصابات لأشخاص قادمين من سورية؛ ووزارة الصحة اللبنانية أعلنت عن 4 حالات قادمة من سورية؛ ويدحضه من جهة ثانية استمرار حركة العبور للايرانين والميليشيات الأجنبية ومئات الحجاج في ظل ما تشهده إيران من تفشي متزايد لأعداد المصابين. وامام هذه المعطيات أضطر النظام بنهاية المطاف إلى الاعتراف غير الشفاف لأعداد المصابين (حتى تاريخ إعداد التقرير كان العدد 10 حالات ووفاة حالتين).([1])

إجراءات متسارعة لـ"بنية معتلة"

في النصف الثاني من شهر آذار بدأ النظام في فرض حظر التجول الليلي؛  وتم فرض حظر التجوال في البلدات والمدن الرئيسية؛([2]) يعكس هذا الاجراء السريع الذي لجأ له النظام مباشرة حالة انعدام الخيارات الاحتياطية الأخرى لعدم امتلاكه لها  لا سيما على الصعيد الصحي؛ إذ أنه ووفقاً لـ" تقرير" LSE  فإن سورية لديها حالياً 325 سريراً من وحدات العناية المركزة المتاحة، مما يتيح للنظام من استقبال 6500 حالة من المصابين بالفيروس كحد أقصى في كافة مناطق سيطرته. وهو ما يوضح اختلال سياسات قطاع الصحة عموماً، ومما يضاعف هذا الافتقار هو حالة الاستنزاف شبه الكلية لموارد الدولة لصالح العجلة العسكرية الأمر الذي انعكس ارتكاساً وظيفياً لبنى الدولة ومؤسساتها، مما يجعل مناطق سيطرته أرض خصبة لتكاثر الفيروس وإصابة أعداد كبيرة من المدنيين.

وبتفحص الإجراءات الرسمية المتبعة كطرق احترازية نجد أنها كانت حزمة من الإجراءات الإسعافية الحكومية التي اتسمت بأنها شكلية وتفتقد إلى آليات متابعة وأدوات ناجعة للتطبيق.  فإغلاق جميع المعابر أمام حركة القادمين من لبنان باستثناء سيارات الشحن؛ لم يتم الالتزام به؛ واغلاق كامل الحدود السورية العراقية لم يلحظ في الحدود البرية بين العراق ومحافظة دير الزور، حيث تؤكد مصادر وحدة المعلومات في المركز أن المعبر لا يزال حركة من وإلى حتى تاريخ إعداد التقرير؛ ولايزال حزب الله النجباء هو المسيطر الأساسي على المعبر؛  كما ان إجراء تعليق الرحلات مع كل من العراق والأردن لمدة شهر و"الدول التي أعلنت حالة الوباء" لمدة شهرين، وإجراء الحجر الصحي للقادمين من هذه الدول لمدة 14 يوماً؛ تم الالتزام به من جهة الأردن ولكن من جهة العراق لم يتم الالتزام به ويعود ذلك إلى سيطرة قوات الحشد الشيعي الموالية لإيران على النقاط البرية مع سورية.

عملياً؛ لا يمكن للنظام إغلاق الحدود باتجاه حركة حزب الله من الحدود اللبنانية أو باتجاه الايرانيين والميليشيات الأجنبية فهذا أمر عائد لتقديرات إيران العسكرياتية؛ ربما يتم الاتجاه من ضبط حركة العبور دون أن يعني إلغائها وهذا يشكل تهديداً صحياً على الحواضن الاجتماعية التي تنتشر فيها الميليشيات الايرانية والأجنبية

ومن الطرق الاجترازية التي ترتجي تخفيف التجمعات؛ لجأت حكومة النظام  إلى استصدار سلسلة من القرارات كقرار تعليق الدوام بالمدارس والجامعات، دون إيجاد طرق افتراضية ناجعة بحكم ضعف الاتمتة عموماً في مؤسسات الدولة؛ ومن بين القرارات تخفيض حجم العاملين في القطاع الإداري إلى حدود 40%، وتخفيض ساعات العمل واقتصارها على الفترة الممتدة من 9 صباحا حتى 2 ظهرا، وإلغاء نظام البصمة اليدوية لمدة شهر؛ كما صدر المرسوم الجمهوري رقم 86 لعام 2020 القاضي بتأجيل انتخاب أعضاء مجلس الشعب للدور التشريعي الثالث المحددة بموجب المرسوم رقم /76/ لعام 2020 بتاريخ 13/4/2020، إلى يوم الأربعاء الموافق لـ 20/5/2020 م ؛ كما عطلت وزارة  العدل  المحاكم والدوائر القضائية حتى 16 نيسان 2020. وأقفت وزارة الداخلية  العمل في تسجيل واقعات الأحوال المدنية ومنح البطاقات الشخصية والعائلية لذات التاريخ؛ كما تم إيقاف كل وسائل النقل الجماعي العام والخاص داخل المحافظات وبينها إلا أنه لم يلتزم بهذا القرار أيضاً؛ وفي 2 نيسان تقرر عزل منطقة السيدة زينب في محافظة ريف دمشق.

تتراوح نسب الالتزام في التطبيق لهذه القرارات؛ فالقرارات المرتبطة بحركة المواطنين وتقليص حركتهم لم يتم الالتزام بها؛ إذ أن هناك انعدام  في الخيارات البديلة؛ كما يلحظ ترهل "أجهزة"النظام في تطبيق بعض القرارات مما يؤكد استهتار النظام بالتعاطي مع هذه الجائحة

تداعيات وتحديات جمة

اتخذت حكومة النظام على المستوى الصحي سلسلة من الأمور الاحترازية التي ترتجي تغطية سوء السياسات الصحية خلال العقدين الماضيين؛ فقد حددت وزارة الصحة مراكز الحجر الصحي في المحافظات للعناية ومراكز للعزل الطبي لعلاج الحالات المصابة بالفيروس، وبلغ عدد هذه المراكز 21 مركزا في 12 محافظة وهو عدد لايمكن اعتباره مؤهلاً للتصدي للفيروس في إحدى المحافظات المكتظة بالسكان كدمشق ؛ كما تؤكد التقارير المحلية على أنها مراكز غير مؤهلة للحجر الصحي إطلاقاً.

كما قامت الوزارة بإنشاء مستشفيات ميدانية في حلب وحمص ودمشق وتجهيز صالة الجيش الرياضية في دمشق لحجر المصابين وكلية الفنون في مدينتي حلب وحمص.  والجدير بالذكر أن منظمة جهاد البناء الايرانية بدورها قد أنشات مراكز صحية دون تواجد أي آجهزة للكشف؛ كما تم تجهيز معسكر الطلائع في مدينة دير الزور كي يكون مكاناً للحجر، تحت إشراف مباشر من فصيل "القوة 313" وحزب الله اللبناني.

أما على المستوى الاقتصادي؛ فقد أعلن مصرف سورية المركزي عن خفض ساعات الدوام الرسمي ضمن المصرف وفروعه في المحافظات، وفي المصارف وشركات الصرافة، أصدر تعميماً  للمصارف يسمح لها بإغلاق عدد من أفرعها، شريطة ألا يقل عددها في المحافظة الواحدة على فرعين، وتخفيض عملياتها المصرفية، وتنظيم دوام العاملين فيها بالحد الأدنى. كما تم اقتصار تداول الأسهم في سوق دمشق للأوراق المالية على يوم واحد فقط أسبوعيا وهو يوم الاثنين. من جهة أخرى تقرر تسيير سيارات محملة بالخضار والفواكه من أسواق الهال في المحافظات إلى الأرياف ومراكز المدن لتأمين متطلبات المواطنين منها وتوفير المحروقات اللازمة لضمان عمل هذه الآليات.  إلا أنه لم يتم الالتزام به وتم استغلاله من قبل شبيحة النظام ورفع أسعار السلع الأولية مما خلق حالة من الفوضى؛

بطبيعة الحال؛ وبحكم قلة الموارد المتاحة للمواطن السوري الذي يعيش انتكاسات سوء الإدارة الاقتصادية؛ فقد ازدادت الضغوطات على المواطنين وتضاعفت إبان أزمة كورونا؛ فازدادت طوابير المدنيين عند مراكز التوزيع للسلع والبنوك. خاصة بعد إن حدد النظام لكل فرد رغيف خبز ونصف، مما أدى إلى زيادة في سعر الخبز في السوق السوداء وبالتالي ظهور فئة جديدة من المستفيدين والانتهازين والذين بدأوا باستغلال النقص في بعض السلع وقاموا باحتكارها ومن ثم إعادة بيعها بأضعاف سعرها الحقيقي. وللحد من أزمة الخبز صرح وزير الاقتصاد السوري إن الوزارة ستقدم المساعدة للمخابز الخاصة ورفعت القيود المفروضة على استيراد الدقيق ولن تقتصر على صناعات محددة مثل قبل، وتعتبر هذه المرة الأولى التي يسمح فيها للقطاع الخاص باستيراد القمح والدقيق.

أما على المستوى العسكري فقد لحظ عدة إجراءات؛([3]) كقيام الجيش الروسي بتطبيق حجر صحي على قاعدته في مطار حميميم كإجراء احترازي، حيث تم منع الحركة من والى القاعدة؛ وقيام الميليشيات الموالية لإيران بنقل كمية من العتاد من قاعدة سعسع باتجاه الشمال، تم تعليل هذه الحركة كإجراء وقائي من الغارات الإسرائيلية، ولكن عملياً  لم تخلي إيران تلك المواقع وإنما تعمل على تخفيف الكثافة البشرية في قواعدها وتقوم بتوزيع المقاتلين على عدة مواقع من أجل الحد من انتشار الفيروس.

من جهتها أصدرت القيادة العامة لجيش النظام أوامر بإنهاء الاحتفاظ والاستدعاء في جيش النظام السوري وقراراً خاصاً  بإنهاء الاحتفاظ والاستدعاء "للأطباء البشريين الأخصائيين([4]). وفي السياق العسكري وفيما يتعلق بانتشار الفيروس لم يتم رصد أي تحرك احترازي من قبل قوات النظام، وانحصر الأمر على قيام الجانب الروسي بإنشاء 3 نقاط طبيه خاصة بعناصره، بالإضافة إلى تواجد 5 مروحيات روسية جاهزة في المنطقة، وهي على الأغلب مخصصة لنقل المثابين الروس إلى مطار حميميم في حال ظهور عوارض الفيروس عليهم.

ملف المعتقلين والمصير المجهول

من أكثر الملفات التي يخشى عليها من تداعيات أزمة كورونا هو ملف المعتقلين وخطورة إصابتهم بالفيروس؛ حيث أثار العديد من نشطاء المجتمع المدني السوري ومنظمات حقوق الإنسان الدولية قضية عشرات الآلاف من السجناء السياسيين في السجون الرسمية وغير الرسمية في سوريا الوباء الحالي؛ في بيان صدر بتاريخ 18 آذار / مارس، طالب أعضاء من كتلة المجتمع المدني في سورية اللجنة الدستورية بوضع الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين في السجون السياسية أولوية في الوقت الحالي، كما طالبوا بإنشاء بعثة للأمم المتحدة لمراقبة الأوضاع الصحية في جميع السجون المتبقية.

بالمقابل لم يكترث النظام لتلك المطالبات؛ وقام بإجراءات شكلية لبعض سجون وزارة الداخلية؛ حيث تم إيقاف الزيارات في جميع فروع ومراكز السجون لمدة شهر وتم إصدار المرسوم التشريعي رقم 6 القاضي بمنح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 22-3-2020. (لم يشمل معتقلي  الرأي  والموقف السياسي والمعتقلين على خلفية الثورة )

من المعروف أن وضع السجون من الناحية الصحية يجعل انتشار الفيروس أمر لا مفر منه وخاصة بعد عدم قيام النظام بأي إجراءات وقائية لحماية السجون واقتصرت إجراءاته بنشر صور ومقاطع توضح قيام بعض المساجين برش مواقع مختلفة من السجن المركزي في عدرا بالمعقمات. ولكن الكارثة الحقيقة تكمن في المعتقلات الأمنية والتي في الوضع الطبيعي لا يمكن الحصول على أية معلومة حول ذلك.

وتشير المعلومات إلى أنه في 13 مارس، تم نقل 9 حالات إلى المشفى العسكري في حمص من السجن، وتلك الحالات ما زالت في المشفى، وكافة الحالات اشتركت بعدة أعراض تمثلت بـ (وهن في الجسم، صعوبة تنفس، ضعف في البصر، وفقدان شهية.) وقد طالبت جمعية حقوق المساجين بالتعرف على تلك الحالات من أجل إخبار عوائلهم، ولكن إدارة السجن لم تبدي تعاون وعللت ذلك إلى خطأ في أوراق التخريج الخاصة بالحالات الصحية وطلبت مراجعة المشفى العسكري، والذي يمنع زيارته من دون تصريح من أحد الفروع الأمنية.([5])

ملاحظات ختامية

من خلال رصد الإجراءات التي يتبعها النظام من جهة؛ وعدم الشفافية في التعاطي مع أزمة كورونا،  يمكن تصدير ملحوظتين رئيسيتين، تتعلق الأولى بإخفاء عجزه البنيوي في قطاع الصحة (كتقنيات وكسياسات) وبالتالي فإن عدم التهويل سيساهم في عدم تأجيج الاحتجاج المحلي الذي تعددت مستوياته سواء اقتصادية أو اجتماعية والآن صحية كما أن هذا الأمر قد يساهم في نشر الذعر داخل جيشه؛ أما الملحوظة الثانية متعلقة بعدم قدرته الاستغناء عن الدور والوجود الايراني المكثف والذي يشكل داعماً مهماً على مستوى الكوادر البشرية.

بموازة ذلك؛ سيستغل  النظام هذا الظرف (تبرير هذا العجر واللاقدرة ) ليكون سرديته أن ما يعيشه من أزمات محلية سببها العقوبات،وهذا عار عن الصحة تماما لأن الخلل بنيوي ومتراكم في ادارة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية منذ عقود، ولأن العجلة العسكرية هي المتحكمة في مسار عمل الحكومة فلو أراد الاستجابة لمتطلبات الداخل لما أقدم على معركة تكلف ملايين الدولارات وإن كان تمويلها خارجي؛  فلا يزال الناظم الرئيسي لحركية النظام مرتبطة بأمرين تحييد الملف الانساني لصالح الهدف الأمني وتحويل كل الاستحقاقات السياسية من اعادة اعمار وعودة لاجئين وتماسك اجتماعي لتحديات حكومية غير مستعجلة وقابلة للتوظيف والابتزاز الدولي.


([1])  أجرت وحدة المعلومات مقابلتين الأولى كانت مع طبيب يعمل في أحد مشافي حمص والثانية مع ممرض يعمل في أحد مشافي مدينة حلب بتاريخ 30/3/2020، ومن أبرز النقاط التي تم التوصل لها من المقابلتين تمثلت بالتالي: معدل الإصابة أعلى وأكثر انتشارا مما تشير إليه الأرقام الرسمية. تم حجر قسم كامل في أحد مشافي حمص لمدة 4 أيام ثم تم نقلهم إلى المناطق الساحلية تحت إشراف مباشر من الشرطة العسكرية الروسية. كما تحاول إيران عن طريق أذرعها المحلية من الاستفادة من الفيروس إلى أقص حد، حيث تعمل على تعزيز علاقاتها بشرائح المجتمع المختلفة عن طريق تأمين مساعدات وسلل غذائيةـ بالإضافة إلى إنشاء نقاط صحية بالقرب من المعابر الحدودية بين محافظة حمص ولبنان (القصير والدبوسية).

([2])  بحسب وسائل النظام الرسمية تم اعتقال 153 شخصا لعدم تقيدهم بقانون الحجر.

([3]) فيما يتعلق بإجراءات الشأن العسكري، أجرى الباحث مقابلتين، الأولى كانت مع أ.ر من جبلة والثانية مع س.س في ريف حماه الشمالي بمناطق سيطرة النظام يوم 1/4/2020.

([4]) وبحسب المقابلات التي أجراها الباحث تبين أن العديد من المنشآت الصحية في المدن التي يسيطر عليها النظام تعاني من نقص حاد بالكوادر الطبية، ولعل قرار تسريح الأطباء هو لسد هذا النقص

([5])  مقابلة مع موظف في جمعية رعاية المساجين في حمص والذي يشرف على سجن المركزي بتاريخ 1/4/2020.

مُلخصٌ تنفيذيّ

  • تشير المعطيات، حتى الآن، إلى قدرة فايروس "كورونا المستجد" على الحدّ من العمليات العسكرية، وهذا لا يعني أبداً نهايتها أو تجميدها، بل قد تتخذ مبدئياً أشكالاً مختلفة تتراجع فيها المعارك الميدانية التقليدية لصالح تزايد النشاط الأمني واتخاذ تكتيكات جديدة تتناسب ومصالح كل طرف.
  • يُلحظ نشاط متزايد ولافت لتنظيم "الدولة الإسلامية" في ظل انتشار الفايروس، والذي وصفه التنظيم بـ "أسوأ كوابيس الصليبيين"، ويبدو أن "داعش" ينظر إلى آثار الفايروس كظروف ملائمة لإعادة تكثيف نشاطه العسكري وهجماته على عدة جبهات.
  • تعكس تصريحات "قسد" المتضاربة حول هروب عناصر "داعش" من سجن الحسكة، تخوفها من الانكفاء الذي يقوم به التحالف الدولي في العراق واحتمالية امتداده إلى سورية، بتخفيض أعداد الجنود أو إعادة انتشار محتمل، ومحاولة للتلويح بعودة "داعش" كورقة سياسية-أمنية لتحصيل المزيد من الدعم في إطار مكافحة الإرهاب.
  • يبدو أن "كورونا" فرض على بعض الدول سياسات عسكرية انكفائية، خاصة تلك المنتشرة قواعدها حول العالم، أو يمكن القول إنه سرّع من قرارات دول أخرى بالانسحاب من تلك القواعد وإعادة التموضع والانتشار، كما حدث في العراق، الأمر الذي يفتح الباب للتساؤل حول آثاره على الوجود الأجنبي في سورية؟
  • في الوقت الذي ينكفئ فيه التحالف الدولي عن بعض مواقعه في العراق؛ تعمل القوات الأمريكية على تعزيز قواعدها الحالية، عبر استقدام بطاريات باتريوت، ويبدو أن التعزيزات الأمريكية في تلك القواعد تتناسب طرداً وحجم التهديد المحتمل لها.
  • موسكو وطهران تشتركان بعدم تأثر السياسة الخارجية بالمعادلة الداخلية، بمعنى أن هذين النظامين ومعهما الصين والنظام السوري لا يعانون من التهديد الذي تشكله الحسابات الداخلية وارتفاع نسب تفشي المرض وزيادة عدد الوفيات على الحكومات والنظام السياسي، بعكس الديمقراطيات الغربية.
  • ينظر النظام وحلفاؤه إلى المناخ العام الذي فرضه الفايروس كمجال استثمار سياسي-عسكري-اقتصادي، سواء عبر تسهيل المساعدات لنظام الأسد من مدخل إنساني والسعي لرفع العقوبات، أو استثماره كبوابة للتطبيع مع دول المنطقة وفتح قنوات تواصل جديدة، إضافة إلى كونه فرصة لمضايقة التواجد الأجنبي بأدوات مختلفة.
  • ضمن ما يفرضه "كورونا المستجد" من ارتباك على جميع اللاعبين، يبدو أن العمل العسكري سيتراجع خطوة حذرة بمعاركه التقليدية، ليفسح المجال لمناورات سياسية جديدة بين الأطراف المختلفة، سواء باتجاه محاولات تفعيل اللجنة الدستورية بين المعارضة والنظام، أو إعادة إحياء قنوات التفاوض بين "قسد" والنظام، مقابل محاولات الأخير وحلفائه إحداث خرق في جدار العقوبات.
  • إن محاولات فتح وتفعيل المسار ات السياسية لا تعني أبداً إحراز خطوات متقدمة فيها، بقدر ما تعني أنها استجابة لواقع فرضه الفايروس، وإعادة ترتيب الأوراق والأولويات، والتي يبدو أنها ستبقى مرهونة بمدى انتشار الفايروس، وما سيرافقه من آثار وتهديدات.

تمهيد

وسط القلق العالمي المتزايد على وقع تفشي جائحة "كورونا المستجد" (كوفيد 19) وما رافقها من آثار وتهديدات على عدة مستويات؛ أعلن نظام الأسد في 23آذار/مارس عن وصول الفايروس إلى سورية رسمياً، بعد التصريح عن إصابات وأولى الوفيات، مقابل إجراءات احترازية في محاولة احتوائه؛ لتتحول بذلك التخوفات إلى واقع يفتح الباب واسعاً أمام تحليلات آثار هذا الفايروس وتداعياته المتوقعة على عدة قطاعات ومستويات في البلد المُنهك. وعليه تحاول هذه الورقة تقديم قراءة تحليلية في الانعكاسات المحتملة على الملف السوري، خاصة في المستوى العسكري والجبهات المتعددة ضمن مناطق النفوذ الثلاث (معارضة، نظام، قسد)، إضافة إلى الآثار المحتملة على طبيعة التواجد الأجنبي في البلاد، مقابل العملية السياسية وآفاقها المتوقعة وسط المناخ الذي يفرضه الفايروس من البوابة الإنسانية وقابلياته للاستثمار السياسي.  

العمليات العسكريّة (تراجعٌ حذر ونشاطٌ أمنيّ)

تبدو فرضية تجميد الجبهات وتقويض العمليات العسكرية التقليدية نتيجة انتشار الفايروس منطقية حتى الآن، على الأقل في الفترة الحالية، والمتمثلة بالمواجهة الأولى مع الوباء والارتباك في احتوائه ومعالجة آثاره المتعددة، خاصة مع التخوف من تفشيه داخل القطع العسكرية والمليشيات ومجاميع الفصائل، إضافة إلى عدم القدرة على فتح معارك كبرى، تلك التي من الممكن أن تؤدي إلى عدد كبير من الجرحى يزيد الضغط على القطاع الطبي المشلول أساساً في مناطق المعارضة، والعاجز في مناطق النظام، إضافة إلى ما قد يترتب على تلك المعارك من نفقات وميزانيات سيضطر النظام إلى حرفها باتجاه قطاعات أخرى.

 ناهيك عن محاولات موسكو والنظام تجنب أي قصف جوي تقليدي يُخرجُ المزيد من النقاط الطبية والمستوصفات والمشافي عن الخدمة أو يستهدف البنى التحتية الرئيسية، وذلك لا يبدو خوفاً على المدنيين أو حرصاً على القطاع الطبي في تلك المناطق، وإنما تجنباً لحرج حقيقي أمام المجتمع الدولي في ظل جائحة تهدد الإنسانية، خاصة في الوقت الذي يسعى فيه النظام وحلفاؤه إلى استغلال هذا الظرف الإنساني لإحداث خرق في جدار العقوبات الاقتصادية (الأوروبية-الأمريكية)، إضافة إلى محاولات الإفادة منها كمدخل للتطبيع والمساعدات وإعادة العلاقات العلنية مع بعض الدول العربية-الخليجية، أو فتح قنوات تواصل جديدة عبرها باتجاه قوى مختلفة، قد تكون غربية.

وضمن إطار الإجراءات الاحترازية في مواجهة تفشي المرض؛ أصدرت القيادة العامة لجيش الأسد أمرين إداريين ينهيان الاحتفاظ والاستدعاء للضباط الاحتياطيين المحتفظ بهم والملتحقين من الاحتياط المدني، اعتباراً من 7 نيسان المقبل، لكن بشروط تحددها مدة الخدمة، إضافة إلى تسريح بعض دورات الاحتفاظ ([1])، فيما بدا تخوفاً من تفشي الفايروس داخل القطع العسكرية للجيش. مقابل موسكو التي اتخذت إجراءات احترازية صارمة داخل قاعدتها العسكرية في حميميم، إضافة إلى ضبط احتكاك جنودها بالضباط السوريين والسكان. في حين لا تتوافر معلومات دقيقة حول المليشيات الإيرانية، والتي سجّلت بحسب تقارير أعلى نسب إصابات داخل سورية، سوى نقل بعضهم إلى نقاط طبية في العراق للعلاج، عبر المعبر الوحيد الذي لم يغلق (البوكمال)، إضافة إلى عزل بعض مناطق نفوذهم كحيّ "السيدة زينب" في جنوب العاصمة دمشق، بينما اكتفى حزب الله في التصريح على لسان أمينه العام أنه "يقوم بفحص مقاتليه قبل إرسالهم إلى سورية حرصاً على عدم نقل العدوى إليها، وفحصهم أثناء عودتهم لضمان عدم نقلها إلى لبنان" ([2]). بما يشير إلى عدم تأثر تواجد الحزب بالفايروس والاكتفاء بالإجراءات الاحترازية، حتى الآن.

كل تلك الإجراءات، وما قد يلحق بها من قرارات أخرى على وقع تفشي الجائحة في البلاد، تشير، حتى الآن، إلى قدرة الفايروس على فرض هدنته الخاصة والحدّ والتقويض من العمليات العسكرية التقليدية، ولكن وفي الوقت نفسه لا يعني أبداً نهايتها أو تجميدها، بل قد تتخذ مبدئياً أشكالاً مختلفة تتراجع فيها المعارك الميدانية التقليدية لصالح تزايد النشاط الأمني واتخاذ تكتيكات جديدة تتناسب وتحقيق مصالح كل طرف.

فعلى الرغم من انحسار قصف النظام وحلفائه لمناطق المعارضة، إلا أن الخروقات للاتفاق الروسي-التركي استمرت من طرف النظام، عبر قصف صاروخي استهدف أرياف مدينة إدلب بتاريخ 31 آذار/مارس و 1نيسان/أبريل([3])، بالإضافة إلى فتح النظام معارك محدودة على جبهات أخرى كالسويداء، حيث يخوض الفيلق الخامس اشتباكات متقطعة مع فصائل محليّة "رجال الكرامة"([4])، مقابل ملاحظة زيادة وتيرة الاغتيالات في درعا بين صفوف قياديين في المعارضة السورية، ممن وقعوا على اتفاقيات التسوية([5])، الاغتيالات التي يُرجّح أن النظام يقف وراءها بشكل مباشر، خاصة أنها تأتي في سياق توترات عاشتها المحافظة خلال شهر آذار، أدت إلى اقتحام قوات النظام مدن وبلدات عدة في أرياف درعا، ماتسبب بمقتل وجرح عدد من الطرفين وتهجير 21 من مقاتلي المعارضة إلى الشمال السوري.

ويقابل اغتيالات الجنوب، ارتفاع معدلات التفجيرات عبر السيارات المفخخة والاغتيالات التي طالت قياديين في "الجيش الوطني" ضمن مناطق "درع الفرات" و"غصن الزيتون"([6])، إضافة إلى إدلب خلال الأسبوع الفائت([7])، وعلى الرغم من تعدد الجهات التي قد تقف وراء اغتيالات الشمال، كغرفة عمليات "غضب الزيتون" التابعة لـ(PYD)، إضافة لخلايا "داعش" في المنطقة وبعض المجموعات المتشددة، إلا أن النظام وخلاياه يعتبرون أحد أبرز المتهمين بتلك العمليات، بينما تبنّت "قسد" اغتيال أحد القيادين في "الجيش الوطني"، ضمن محيط بلدة عين عيسى في ريف الرقة إثر استهدافه بصاروخ حراري بتاريخ 30 آذار/مارس، وادعائها أن ذلك جاء "رداً على محاولات تقدم للجيشين الوطني والتركي"([8])، واللافت أن هذا التوتر في محيط البلدة سبقهُ بأسبوع وصول تعزيزات للنظام إلى محيطها.

"داعش" و"قسد" (تهديدٌ واستثمار)

بالمقابل، يُلحظ نشاط متزايد ولافت لتنظيم الدولة الإسلامية في ظل انتشار الفايروس، والذي وصفه التنظيم بـ "أسوأ كوابيس الصليبيين"، وذلك ضمن افتتاحية حول فايروس "كورونا" في طبعة 19 آذار/مارس من نشرة "النبأ" التابعة له، معتبراً أنهُ "سيُضعف من قدرات أعداء التنظيم وسيعيق إرسالهم للجنود لمحاربة المجاهدين، داعياً أنصاره إلى زيادة نشاطهم خاصة باتجاه تحرير الأسرى وتكثيف الهجمات التي تزيد من ضعف أعداء التنظيم ([9])".

 وقد كثّف التنظيم من عملياته باتجاه قوات "قسد" والنظام السوري على حد سواء، حيث أعلن عبر وكالة أعماق 29 آذار/مارس عن أسرّ عناصر من "وحدات الحماية" في ريف الحسكة وإعدامهم، كما تم تنفيذ سلسلة تفجيرات في مدينة الطبقة بريف الرقة، لم يتبناها التنظيم، ما دفع البعض لتوجيه الاتهام للنظام السوري في إطار محاولاته لتهيئة بيئة من الفلتان الأمني. وبالتزامن مع عمليات تنظيم الدولة في ريف الحسكة، أعلنت صفحات محليّة في دير الزور عن فقدان الاتصال مع مجموعة من المليشيات الإيرانية في بادية البوكمال إثر قيامها بجولة تفقدية، كما نشر التنظيم إصداراً جديداً حول عملياته العسكرية التي يقوم بها في البادية السورية، وتحديداً في قرى منطقة السخنة التابعة لريف حمص الشمالي، في محاولة منه لإيصال رسالة بأنه ما زال موجوداً، ويظهر التسجيل مهاجمة شاحنات وأرتال عسكرية لقوات النظام ، إلى جانب عمليات إعدام لمقاتلين قال التنظيم إنهم من عناصر النظام أو "لواء القدس" المدعوم إيرانياً([10]).

 وتزامن ذلك مع محاولات الاستعصاء والهروب التي نفذها عناصر التنظيم في سجن "الصناعة" ضمن حي غويران بمحافظة الحسكة، وهروب عدد منهم، وسط تصريحات متضاربة من قيادات "قسد" حول هذا الهروب، مقابل تصريحات المتحدث باسم التحالف، الكولونيل مايلز كاجينز، والتي خففت بشكل أو بآخر من وقع الحادثة، فيما يبدو أن قسد تسعى لتضخيمها، حيث اعتبر كاجينز أن "السجن لا يضم أي أعضاء بارزين في تنظيم داعش"[11]) )، الأمر الذي قد يشير إلى مبالغة قوات سورية الديمقراطية في موضوع أسرى تنظيم الدولة وإثارة الموضوع بهذا التوقيت بالذات،  وذلك ربما لتمرير المحاكم العلنيّة التي تدفع بها الإدارة الذاتية لمحاكمة عناصر تنظيم الدولة الذين ترفض دولهم استقبالهم، إضافة إلى استغلالها كورقة سياسية-أمنية لتحصيل المزيد من الدعم الغربي في إطار مكافحة الإرهاب. والأهم من ذلك، أنها تعكس أيضاً تخوف "قسد" من الانكفاء الذي يقوم به التحالف في العراق واحتمالية امتداده إلى سورية عبر تخفيض عدد الجنود أو إعادة انتشار محتمل شرق الفرات، خاصة وأن "قسد" اتبعت سلوك الاستثمار والتلويح بعودة "داعش" عدة مرات، ليس آخرها مع بدء العملية العسكرية التركية "نبع السلام" وإعلان ترامب سحب القوات الأمريكية شرق الفرات، حين أعلنت عن هروب سجناء من تنظيم الدولة، نتيجة القصف التركي الذي استهدف مواقع السجون، ليأتي بعدها تصريح ترامب في تاريخ 14/10/2019 ويتهم فيه قوات سورية الديمقراطية "بتسهيل هروب السجناء، لابتزاز القوات الأمريكية والتحالف الدولي"([12]).

 كما رافق نشاط التنظيم المتزايد في أرياف محافظات (الرقة، دير الزور، الحسكة)، رصد عبور عدد كبير من عناصر التنظيم الحدود السورية باتجاه الأراضي العراقية، ما دفع الحشد الشعبي في الجانب العراقي إلى جانب وحدات من الجيش العراقي "اللواء 44" و"51" وعدة قطع عسكرية، وبإسناد من طيران الجيش ومقاتلة الدروع في "الحشد الشعبي"، للاستنفار وإطلاق عملية عسكرية جديدة ضد عناصر تنظيم الدولة تحت اسم "ربيع الانتصارات الكبرى"، بحسب بيان صادر عن الحشد الشعبي بتاريخ 30 آذار/مارس، وتزامنت العملية مع هروب عناصر التنظيم من سجن الحسكة، إضافة إلى عودة تحليق طيران التحالف في السماء السورية([13]).

ويبدو أن تنظيم الدولة ينظر إلى آثار الفايروس كظروف ملائمة لإعادة تكثيف نشاطه العسكري وهجماته على عدة جبهات، الأمر الذي سيرتب ضغطاً مضاعفاً على قوات "قسد" في مناطق نفوذ الإدارة الذاتية، كما سيشكل بالنسبة لها مجال استثمار جديد لتحصيل المزيد من الدعم الغربي في مواجهة "داعش". وعلى الجانب الآخر قد يشكل نشاط "داعش" استنزافاً لقوت النظام والمليشيات الإيرانية المتواجدة في ريف دير الزور الشرقي وبادية حمص، كما أن نشاط خلايا التنظيم قد يطال مناطق نفوذ المعارضة السورية عبر الاغتيالات والتفجيرات، الأمر الذي قد يعطي فرصة جديدة لهيئة "تحرير الشام" لتصدير نفسها كقوة محلية قادرة على ضبط الأوضاع الأمنية، والتي ستمثل لها بوابة للتنسيق مع قوى إقليمية ودولية، خاصة وأن مناطق المعارضة السورية قد لا تقتصر على نشاطات تنظيم الدولة، وإنما قد تفسح أيضاً المجال  لبعض المجموعات المتشددة التي ستجد في الظروف الحالية والارتباك الأمني والعسكري فرصة ملائمة لتنفيذ عملياتها باتجاه عرقلة الاتفاق التركي-الروسي، أو باتجاه تصفية حسابات مع فصائل محددة في إطار الصراع على النفوذ، إضافة لاحتمالية زيادة نشاط خلايا النظام الأمنية، عبر التفجيرات والاغتيالات لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة.

التواجد الأجنبي (احتمالات الانكفاء والاستغلال)

على مستوى مختلف، يبدو أن فايروس "كورونا" فرض على بعض الدول سياسات عسكرية انكفائية، خاصة تلك المنتشرة قواعدها حول العالم، أو يمكن القول إنه سرّع من قرارات دول أخرى بالانسحاب من تلك القواعد وإعادة التموضع والانتشار، وفي إطار مناقشة آثاره على التواجد الأجنبي في سورية، يبدو من المفيد الدخول عبر بوابة العراق، فقد أعلنت الحكومة الفرنسية عن انسحاب قواتها من العراق 25 آذار/مارس، وذلك ضمن اتفاق مسبق مع الحكومة العراقية، في الوقت الذي قام فيه التحالف الدولي بتسليم 3 قواعد عسكرية (القائم، القيارة، كي1) من أصل 8 للقوات العراقية، والانكفاء باتجاه إقليم كردستان (قاعدة حرير) والأنبار(قاعدة عين الأسد)، وبدأ التحالف بسحب قواته التدريبية من العراق، في 20 من آذار الحالي، بعد تعليق برنامج التدريب، في إطار الإجراءات الوقائية لمنع تفشي "كورونا المستجد"، كما انسحب نحو 300 جندي من قوات التحالف منتصف آذار الحالي من قاعدة القائم([14]).

وعلى الرغم من كون بعض تلك القرارات ليست جديدة، ولا يمكن فصلها عن سياق التوتر الأخير بين الولايات المتحدة وإيران وإعادة التحالف الدولي لتموضعه في العراق، خاصة على خلفية الاستهداف الأمريكي لقاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، والذي ترتب عليه بدفع من إيران، قرار البرلمان العراقي 5 كانون الثاني 2020 بضرورة خروج القوات الأجنبية من العراق، لكن وفي ذات الوقت لا يمكن إنكار دور "كورونا" في التسريع من تلك العمليات، خاصة بالنسبة للأوروبيين الذين باتوا ينظرون إلى العراق كساحة صراع ثنائية بين طهران وواشنطن، لا مكان لهم فيها، فيبدو أن كورونا شكّل فرصة مناسبة لتسريع عمليات الانسحاب وتعليق برامج التدريب.

 وبينما يساهم الفايروس بتشكيل بيئة طاردة للقوات الأجنبية المتواجدة في العراق، يبدو أن إيران لن تفوت الفرصة في تخصيب تلك البيئة، خاصة باتجاه التواجد الأكثر تأريقاً لها، والمتمثل بالقواعد الأمريكية، وذلك عبر رفع وتيرة التهديد الأمني تجاه تلك القواعد من خلال التفجيرات أو الاستهدافات عبر مليشيات محليّة، في محاولة لتحفيزها وتسريع عملية الانكفاء، وهذا ما يتقاطع مع ما نشرته صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤول أمريكي رفيع لم تسمه، حول توافر معلومات استخباراتية عن هجمات قد تستهدف قواعدها من قبل إيران، عبر مجموعات محليّة تعفي طهران من التورط المباشر، كمليشيا حزب الله العراقي([15])، إذ يبدو أن تفشي الجائحة في إيران لا يمنعها من استثمار المناخ الذي فرضته في دول نشاطها. ولكن وفي الوقت الذي ينسحب فيه التحالف الدولي من بعض القواعد؛ تعمل القوات الأمريكية على تعزيز مواقعها الحالية في العراق، عبر استقدام بطاريتي باتريوت تم نشر أحدها في قاعدة عين الأسد، والأخرى في أربيل، ويتم الحديث عن استقدام بطاريتين إضافيتين من دولة الكويت إلى الأراضي العراقية، ويبدو أن الإجراءات الأمريكية في تعزيز تلك القواعد تتناسب طرداً وحجم التهديد المتوقع لها ([16]).

وبمقاربة أثر الفايروس على القواعد الأجنبية في الظرف العراقي، إلى الحالة السورية التي تضم عدداً من القواعد الأجنبية، يبدو أن الظرف أيضاً قابل للاستثمار لتهديد تلك القواعد، وتشجيعها على الانكفاء، فعلى الرغم من عزلة القاعدة الأمريكية في التنف، بحكم بعدها عن مراكز المدن والاحتكاك، إلا أن هذا لا يعني أنها محصنة بشكل كامل ضد الفايروس، وكذلك باقي القواعد المتواجدة في شرق الفرات، والتي قد تشهد عمليات أو هجمات محتملة من قبل مليشيات محليّة، عملت إيران على إعدادها من فترة طويلة تحت اسم المقاومة الشعبية والتي ترفع شعارات ضد الوجود الأمريكي في سورية. إضافة إلى احتمالية تأثر باقي التواجد الأجنبي (فرنسي، بريطاني) وبرامجه على وقع زيادة تفشي المرض في سورية أو داخل تلك الدول، وما سيترتب عليه من إجراءات.

 أما في غرب الفرات، حيث التواجد التركي وانتشار نقاط المراقبة، والتي تعتبر أيضاً شبه معزولة وتم رفع الجاهزية الطبية فيها، فإن الأخطار الأمنية عليها لا تبدو معدومة، فعلى الرغم من قرب تلك القواعد والنقاط من الأراضي التركية وتوافر طرق الإمداد والنقل السريع، والذي قد يخفف من أخطار تفشي الفايروس، إلا أن الظرف الحالي أيضاً يبدو مناسباً للعديد من الأطراف لرفع مستوى التهديد الأمني المحتمل لتلك النقاط، سواء عبر قوات النظام والمليشيات الداعمة لها، أو حتى بعض الفصائل الجهادية التي ترى في فتح الطريق الدولي m4 وتسيير الدوريات المشتركة تهديداً لنفوذها، خاصة وأن مختلف الجهات التي من الممكن أن تهدد نقاط المراقبة أو الدوريات التركية في هذه الظروف، تدرك وقع تفشي المرض في الداخل التركي، وانعكاس أي استهداف للجنود في هذه الفترة وما قد يسببه من حرج للحكومة التركية وتأزيم في الوضع الداخلي.

أما بالنسبة لإيران وميلشياتها أو القوات الروسية والمرتزقة المرافقة لها من الشركات الأمنية الخاصة، فمن المستبعد حتى الآن أن يؤثر الفايروس وتفشيه على تواجدها العسكري في سورية، إلا في حدوده الدنيا، المتمثلة بإعادة الانتشار والتموضع واتخاذ تدابير وإجراءات احترازية، وذلك على اعتبار أن طهران تعتمد على مجموعات مرتزقة، أغلبهم من غير الإيرانيين، وبالتالي لن تكون سلامتهم أولوية بالنسبة لطهران، وهذا ما حدث حتى على المستوى المدني في إيران، حيث أفادت التقارير الواردة من المدن الإيرانية عن سياسية عنصرية عالية في المستشفيات الإيرانية، والتي رفضت استقبال الأفغان والباكستانيين وغيرهم من الجنسيات المقيمين على الأراضي الإيرانية، وجعلت الأولوية للإيرانيين، لذلك فمن المحتمل ألا يتأثر النشاط الإيراني في سورية حتى الآن، بل وعلى العكس فقد تلجأ إيران إلى محاولات استثمار المناخ السياسي والعسكري قدر الإمكان لزيادة نشاطاتها العسكرية، ولعل الضربات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت مطار الشعيرات في حمص تعد مؤشراً على استمرار تلك النشاطات([17]).

ناهيك عن أن موسكو وطهران تشتركان بعدم تأثر السياسة الخارجية بالمعادلة الداخلية، بمعنى أن هذين النظامين ومعهما الصين والنظام السوري لا يعانون من التهديد الذي تشكله الحسابات الداخلية وارتفاع نسب تفشي المرض وزيادة عدد الوفيات على الحكومات والنظام السياسي، كما هو الحال في الديمقراطيات الغربية، وذلك بحكم طبيعة تلك الأنظمة الشمولية والديكتاتورية، والتي وعلى الرغم من انتظامها بذات الإجراءات الموحدة التي يتخذها العالم في مواجهة الفايروس؛ إلا أنها وبالوقت نفسه تنظر إليه كمجال استثمار سياسي وعسكري واقتصادي، سواء عبر تسهيل المساعدات للنظام السوري من مدخل "كورونا" والسعي لمحاولات رفع العقوبات الأوروبية-الأمريكية، أو استثماره كبوابة للتطبيع مع دول المنطقة وفتح قنوات تواصل جديدة، إضافة إلى كونه فرصة لمضايقة التواجد الأجنبي بأدوات مختلفة ومحاولة الدفع في التسريع بقرارات الانسحاب.

أما عن مدى قدرتهم في تحقيق ذلك والنجاح به، فهذا مالا يمكن التنبؤ به، إذا يتعلق بعدة عوامل على رأسها توسع خريطة انتشار المرض وسرعة تفشيه وزيادة مستويات تهديداته، وما سيبنى من استراتيجيات مضادة للدول في مواجهته، خاصة تلك المتعلقة بقواعدها المتواجدة في سورية.

المسارُ السياسيّ (مناورةُ الوقت وتفعيلُ المُعطّل)

في الوقت الذي قد تتراجع فيه النشاطات العسكرية خطوة بشكلها التقليديّ، أو تتخذ تكتيكات وأشكال جديدة تتناسب والمناخ الذي فرضه "كورونا المستجد"؛ تبدو الظروف ملائمة لفتح المجال السياسي ومحاولة تجميد الأوضاع وتثبيت وقف إطلاق النار من قبل الفاعلين الرئيسين في الملف السوري.

 فقد عقد مجلس الأمن الدولي الاثنين 30 آذار/مارس، جلسة عن بعد عبر تقنية الفيديو، بحثت جوانب عدة أبرزها مكافحة انتشار فايروس "كورونا"، وسُبل تفعيل العملية السياسية وسير اتفاق إدلب، حيث توافق أعضاء المجلس على ضمان وقف العمليات القتالية في سورية، وتحقيق الهدوء اللازم لمكافحة الفايروس، ولم تستخدم أي من الدول الخمس دائمة العضوية، حق النقض (الفيتو)، ضد القرارات الصادرة عن المجلس، في موقف نادر الحدوث خاصة فيما يتعلق بالملف السوري ([18]).

كما شهد اليوم الأخير من شهر آذار/ مارس اتصالات متبادلة بين زعماء الدول الفاعلة في الملف السوري بخصوص سورية، حيث جمع اتصال ثنائي الرئيسين أردوغان وبوتين للحديث حول إدلب وتنفيذ الاتفاقات الروسي-التركية المتفق عليها في قمة موسكو 5 آذار/ مارس 2020، بحسب بيان صادر عن الكرملين والرئاسة التركية، وجاء هذا الاتصال بعد يوم واحد من اتصال ثنائي جمع دونالد ترامب وأردوغان، تناولا فيه سبل التصدي لجائحة "كورونا المستجد"، وخاصة في الدول التي تشهد صراعات مثل سورية وليبيا ([19]).

بالمقابل، دعا الاتحاد الأوروبي إلى وقف إطلاق النار في كامل الأراضي السورية، بما يسهم في التصدي للجائحة، ونقلت وكالة "فرانس برس" عن متحدث باسم المفوضية الأوروبية، الأحد29 آذار/مارس، أن "وقف إطلاق النار الذي أُقر حديثاً في إدلب لا يزال هشاً، وينبغي الحفاظ عليه وأن يشمل كامل سورية، "داعياً إلى القيام بمبادرة واسعة النطاق من أجل الإفراج عن المعتقلين في سجون النظام السوري، الدعوة التي سبقها مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية، غير بيدرسون، ببيان مماثل، طالب فيه "بإطلاق سراح المعتقلين في سجون النظام السوري بشكل واسع، منعاً لتفشي الفايروس، وأكد ضرورة وصول المنظمات الإنسانية بشكل فوري إلى جميع أماكن الاحتجاز، واتخاذ خطوات عاجلة لضمان الرعاية الطبية الكافية وتدابير الحماية في جميع السجون" ([20]).

وضمن هذا السياق يمكن فهم وتفسير دعوات المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسون، حول الدفع لتفعيل المسار السياسي، المتمثل باللجنة الدستورية المُعطلة، وإعلانه أن النظام والمعارضة توصلا إلى اتفاق على جدول أعمال اللجنة والجولة المقبلة، إذ يبدو أن بيدرسون يحاول تحقيق أي إنجاز وتقدم ملموس في ملف اللجنة الدستورية، مستغلاً المناخ الحالي الذي تفرضه الجائحة وما قد يؤمنه من غطاء دولي داعم،  ولكن وبالوقت نفسه قد تعطي تلك الدعوات والاجتماعات مجالاً جديداً للنظام للمناورة وكسب الوقت، خاصة وأن أي اجتماعات محتملة للجنة لن تعقد فيزيائياً في الفترة الحالية نتيجة الإجراءات الاحترازية في مواجهة تفشي الفايروس، لذلك فمن المتوقع ألا تسفر الجولة الجديدة، في حال عقدها، عن أي نتائج جديّة، قياساً بالجولات السابقة، خاصة مع تمسك النظام بشروطه حول "الثوابت الوطنية" وسعيه المستمر للتعطيل والتمييع.

أخيراً، وضمن ما يفرضه فايروس "كورونا" من ارتباك على جميع اللاعبين المحليين والإقليميين والدوليين في الملف السوري، يبدو أن العمليات العسكرية ستتراجع خطوة حذرة إلى الخلف بمعاركها التقليدية، بالنسبة للاعبين الأصلاء ووكلائهم المحليين، مع احتماليات توسع الهوامش لتنظيم الدولة وبعض المجموعات المتشددة، مقابل منح المزيد من الوقت وإفساح المجال لمناورات سياسية جديدة بين الأطراف المختلفة، وتهيئة المناخ السياسي لإعادة تفعيل واستئناف المفاوضات التي من المحتمل أن تكون بثلاثة اتجاهات، الأول: والمتمثل بتفعيل المفاوضات بين النظام والمعارضة عبر الدفع في اللجنة الدستورية، والضغط على الطرفين في هذا الإطار. الثاني: والذي قد يتمثل بإعادة إحياء قنوات المفاوضات بين "قسد" والنظام، خاصة مع ارتباك وتوجس "قسد" من إعادة انتشار وتموضع محتمل لقوات التحالف في شرق الفرات، أما الثالث فقد يتجلى في محاولات النظام وحلفائه لاستثمار هذا المناخ، والسعي لفتح ثغرة في جدار العقوبات الأمريكية-الأوروبية، سواء عبر غض الطرف عن مساعدات خليجية قد تقدم للنظام، أو عدم فرملة التطبيع العربي تجاهه، بالمقابل فإن فتح وتفعيل تلك المسارات أو أحدها، لا يعني أبداً إحراز خطوات متقدمة فيها، بقدر ما يعني أنها استجابة لواقع فرضه "كورونا"، وإعادة ترتيب الأوراق والأولويات، والتي يبدو أنها ستبقى مرهونة بمدى انتشار  الفايروس وما سيرافقه من آثار وتهديدات، ومدى تأثيره في الخطط الخاصة لكل دولة واستراتيجياتها الخارجية تجاه سورية.


([1]) القيادة العامة للجيش: إنهاء الاحتفاظ والاستدعاء للضباط الاحتياطيين، الموقع الرسمي لوكالة الأنباء السورية "سانا"، 29/3/2020، متوافر على الرابط: https://cutt.us/SR50k

[2])) نصر الله: المعركة مع كورونا في أولها ويجب وقف الحرب على اليمن، الموقع الإلكتروني لقناة الميادين، 28/3/2020، متوافر على الرابط: https://cutt.us/muGUt

([3])  قوات النظام تخرق  هدنة إدلب مجدداً...الفصائل ترد، الموقع الإلكتروني لصحيفة عنب بلدي، 1/4/2020، متوافر على الرابط: https://cutt.us/uqbV9

([4]) بعد اشتباكات فصائل السويداء مع الفيلق الخامس..."رجال الكرامة تصعد ضد روسيا"، موقع الدرر الشامية، 2/4/2020، متوافر على الرابط: https://cutt.us/PJwhz

[5])) تصعيد جديد...4 عمليات اغتيال في درعا خلال 24 ساعة، أورينت نت، 26/3/2020، متوافر على الرابط التالي: https://cutt.us/CQSgk

[6]))  3 قتلى في تفجير عند مدخل اعزاز بحلب، الموقع الإلكتروني لصحيفة المدن، 19/3/2020، متوافر على الرابط: https://cutt.us/fnsDG

[7]))  انفجاران يستهدفان ريف حلب في أقل من 24 ساعة، وعودة محاولات الاغتيال إلى إدلب، الموقع الإلكتروني لصحيفة عنب بلدي، 25/3/2020، متوافر على الروابط التالية: https://cutt.us/EEyzE، https://cutt.us/PY048

[8]))  قسد تتصدى لهجمات الفصائل المسلحة...تقتل اثنين وتدمر آلية عسكرية، موقع ولاتي نيوز، 30/3/2020، متوافر على الرابط:  https://cutt.us/lWyDU

([9]) للاطلاع أكثر على افتتاحية تنظيم الدولة في نشرة النبأ حول فايروس كورونا، راجع الرابط التالي: https://cutt.us/8Krtu

([10])  السخنة "أم القرى" التي يحاول تنظيم الدولة توسيع نفوذه منها، الموقع الإلكتروني لصحيفة عنب بلدي، 3/4/2020، متوافر على الرابط:  https://cutt.us/lkKtY

([11]) الحشد الشعبي يطلق عملية عسكرية بعد دخول مسلحين من سورية، صحيفة عنب بلدي، 30/3/2020، متوافر على الرابط: https://cutt.us/QXisl

[12]))  ترامب يتهم قسد بإطلاق عناصر داعش لعودة التدخل الأمريكي، الموقع الإلكتروني بروكار برس، 14/10/2019، متوافر على الرابط: https://cutt.us/D4jxu

[13])) مرجع سبق ذكره، متوافر على الرابط: https://cutt.us/QXisl

[14])) وسط تهديدات بهجمات...التحالف الدولي يخلي قاعدة ثالثة في العراق، الموقع الإلكتروني لصحيفة عنب بلدي، 30/3/2020/ متوافر على الرابط: https://cutt.us/OQi1x

([15])  المرجع السابق.

 ([16]) أمريكا تعزز قواعد في العراق بـ"باتريوت"...وتنسحب من أخرى، 31/3/2020، متوافر على الرابط: https://cutt.us/6lyuZ

 ([17]) غارات إسرائيلية على الشعيرات..استهدفت غرفة عمليات إيرانية، جريدة المُدن، 31/3/2020، متوافر على الرابط: https://cutt.us/7r7uc

[18])) بسبب كورونا...إجماع نادر في مجلس الأمن حول الملف السوري، السورية نت، 31/3/2020، متوافر على الرابط: https://cutt.us/pFj46

([19]) خلال 24 ساعة اتصالات بين زعماء أبرز 3 دول مؤثرة في سورية، السورية نت، 1/4/2020، متوافر على الرابط التالي: https://cutt.us/DpH4w

[20])) الاتحاد الأوروبي يدعو إلى هدنة في كامل سورية وإطلاق سراح المعتقلين، الموقع الإلكتروني لصحيفة عنب بلدي، 30/3/2020، متوافر على الرابط التالي: https://cutt.us/uH5NE

مع دخول الثورة السورية في عامها التاسع، ووفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لا يزال هناك أكثر من 6 ملايين و700 ألف لاجئ سوري في العالم (حتى يونيو/حزيران 2019)، وأكثر من 6 ملايين ومئتي ألف سوري من النازحين داخلياً (حتى أغسطس/آب 2019) ويحتاج أكثر من 11 مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية في سوريا، ولا يزال الوضع الإنساني في شمال شرق سوريا وفق تعبير المفوضية "مزرياً"، حيث يحتاج الآن ما يقدر بنحو مليون و650 ألف شخص إلى المساعدة الإنسانية، (حتى سبتمبر/أيلول 2019)(1). كما تشير إحصائيات منسقو الاستجابة في الشمال السوري إلى نزوح قرابة مليون سوري من حماه وإدلب وريف حلب جراء المعارك التي شهدتها تلك المحافظات خلال الأشهر الأولى من عام 2020(2). ومع تعاظم حجم هذا الملف وتداعياته وتبعاته الأمنية والاجتماعية المتوقعة؛ تتزايد الأسئلة السورية الملحة حول هذا الملف وموضعه وأهميته في الصراع السوري، ومدى حضوره في الأولويات السياسية للأطراف الفاعلة في الشأن السوري، وإدراك دوره ومآلاته في سياق سيناريوهات اشتداد الصراع أو سيناريوهات التسوية ومساراتها.

سياقات النزوح واللجوء

تنوعت أدوات النظام في قمع الحراك الثوري منذ لحظاته الأولى؛ اتضح أن مقاربة العنف الممنهج هي المقاربة "الأنجع" بمنظوره؛ وقد عانت الحواضن المجتمعية للثورة من هذه المقاربة مما دفع قسما كبيرا منها، وفي ظروف متعددة وبأشكال مختلفة، إلى اللجوء والهجرة نحو أماكن أكثر أمناً واستقراراً.

وقد مرت هذه المقاربة بعدة مراحل؛ إذ ابتدأت بمرحلة العقاب الجماعي   المستندة على شن حملات أمنية وعسكرية للسيطرة على الموقف الميداني في مناطق الحراك (لعل أبرز مثال عليها النزوح القسري لأهالي جسر الشغور في الفترة الممتدة من مارس/آذار إلى ديسمبر/كانون الأول 2011). ثم انتقل النظام إلى مرحلة "التطهير المكاني" التي تزامنت مع قيام القوى الثورية المسلحة بإخراج القوات الأمنية للنظام من مناطقها، الأمر الذي دفع النظام إلى الزج بمزيد من القوات العسكرية لقمع الحراك وهو ما بدأ في محافظة حمص عبر تهجير أحياء بابا عمرو والسباع والخالدية وعشيرة وكرم الزيتون والرفاعي والبياضة والسبيل ووادي العرب ومنطقة جوبر والسلطانية وأحياء كرم الزيتون والرفاعي والبياضة ووادي العرب وحي السبيل.  أما المرحلة الثالثة فتم تأطيرها بالتزامن مع تبلور "مفهوم سوريا المفيدة"، فقد تم تأطير هذه المرحلة كأداة من جملة أدوات تحقيق الاستراتيجية الإيرانية في سوريا المعروفة بــالحفاظ على "سوريا المفيدة"، ويمكن تسجيل بدء هذه المرحلة مع حملة حزب الله وقوات النظام على مدينة القصير في مايو/أيار 2013(3)، لتنتقل بعدها سياسة التهجير إلى مناطق تسيطر عليها المعارضة في محيط العاصمة كداريا والمعضمية والزبداني الواقعة ضمن سوريا المفيدة.  وفي سياق تلك المراحل كانت دينامية "اتفاقيات الإخلاء" تحدث أثراً واضحاً في معدلات الهجرة والنزوح(4).

عقب التدخل الروسي في أواخر سبتمبر/أيلول 2015 الذي استند على استراتيجية تطويع الجغرافيا واستثمارها سياسياً في تحسين موازين الصراع؛ استطاع الفاعل الروسي عبر قوته الجوية واستناده إلى الميليشيات الإيرانية أن يخرج مدينة حلب الشرقية من معادلات الصراع المحلي، ونجم عن ذلك تهجير قرابة 150 ألف مدني من أحياء المدينة؛ ذهب 75% منهم إلى ريف حلب الغربي ومحافظة إدلب، بينما توجه 25% منهم إلى ريف حلب الشمالي(5).

وفي ديسمبر/كانون الأول 2018، وإثر تعثر مؤتمر الحوار المنعقد في سوتشي في تحقيق هدفه وتكريس الحل السياسي الذي ترتجيه موسكو بعدما ثبتت جل مناطق الصراع إبان قضمها لحلب الشرقية عبر اتفاقيات خفض التصعيد؛ عاد النظام مجدداً لاستراتيجية القضم الاستراتيجي لتلك المناطق، منطقة تلو أخرى، إذ شن نظام الأسد، وبدعم روسي، أعنف هجوم بري وجوي على منطقة الغوطة الشرقية التي تحتوي على 400 ألف محاصر منذ عام 2012.  وتجاوز عدد المهجرين والنازحين من الغوطة الشرقية أكثر من 80 ألف شخص (حتى تاريخ 9 فبراير/شباط 2018)(6). كما أن هناك ما يزيد عن 52 ألفاً يحتمون في تسعة ملاجئ جماعية في ريف دمشق يتم تزويدهم بإمدادات الطوارئ والمساعدة الصحية؛ وقد تتبعت مجموعة "منسقو الاستجابة في الشمال السوري" مصير قرابة 50 ألف نازح، وأوضحت أنهم توزعوا بنسبة 59% في إدلب و6% في حماه و25% في محافظة حلب(7).

وعلى مسافة قريبة من الغوطة الشرقية تقع منطقة القلمون الشرقي ومنها الضمير، والناصرية، والرحيبة، والقطيفة، وفي 19 أبريل/نيسان 2018 وافقت الفصائل العسكرية في القلمون على بنود اتفاق مصالحة مع روسيا، قضى بتسليم السلاح الثقيل الضخم، وتهجير آلاف المدنيين الذين لا يريدون المصالحة مع نظام الأسد باتجاه مناطق الشمال السوري؛ وقد تم تهجير قرابة 5 آلاف وثلاثمئة شخص،  وبذات السياق هجر قرابة 9 آلاف وثلاثمئة شخص من جنوب دمشق إلى  إدلب، كما هجّر النظام قرابة 35 ألف و600 نازح من ريف حمص الشمالي، في الفترة بين 7 و 18  مايو/أيار 2018،  وبعد ريف دمشق وحمص، توجهت قوات النظام وحلفائه جنوباً، وسيطرت على المناطق المحررة فيها، لتهجر قرابة 10 آلاف و700 من درعا والقنيطرة، بالفترة الممتدة بين 15 إلى 31 يوليو/تموز 2018، ممن غادروا إلى شمال سوريا(8).

ومنذ معارك إدلب وريف حلب الأخيرة وخلال الفترة بين نوفمبر/تشرين الثاني 2019 حتى توقيع الاتفاق الروسي التركي في 5 مارس/آذار 2020 نزح حوالي مليون و410 أشخاص(9)، وتوزعوا على المخيمات في مناطق درع الفرات و"غصن الزيتون" إضافة للقرى والبلدات الآمنة. (انظر الشكل المجاور رقم 1).

 وفي يناير/كانون الثاني 2020 سُجّل نزوح حوالي 464 ألف و800 شخص في جميع أنحاء سوريا(10).

الشكل رقم 1: وجهة النازحين من نوفمبر/تشرين الثاني 2019 حتى مارس/آذار 2020

أما فيما يتعلق بالأرقام الخاصة بتوزع اللاجئين السوريين في دول الجوار فقد بلغ عدد اللاجئين في تركيا 3 ملايين و600 ألف لاجئ، بينما كانت لبنان هي الدولة الثانية من حيث عدد اللاجئين السوريين حيث يوجد بها 929 ألف لاجئ، كما لجأ الى الأردن 662 ألف لاجئ، وأخيراً إقليم كردستان في العراق حيث يوجد به 245 ألف لاجئ (انظر الشكل 2).

الشكل (2): توزع اللاجئين السوريين في دول جوار سورية

 أما بخصوص توزع اللاجئين في أنحاء العالم فقد حصلت ألمانيا على الحصة الأكبر من اللاجئين حيث ضمت 770 ألف لاجئ، بينما ضمت جمهورية مصر131 ألف والسويد 122 ألف لاجئ، وكندا 40 ألف لاجئ، والولايات المتحدة 16 ألف لاجئ. (الشكل 3)(11).

الشكل (3): توزع اللاجئين السوريين في بعض دول العالم

 

العملية السياسية وملف اللاجئين والنازحين

منذ اندلاع الثورة السورية وتحولها إلى صراع متعدد المستويات، يركز المجتمع الدولي في تعاطيه مع الملف السوري -باستثناء صرخات الاستجابة والنداء للملف الانساني من قبل الأمم المتحدة ومنظماتها- على محورين:

  • تركز الأول حول ضرورات احتواء الأزمة وتداعياتها والحؤول دون زعزعة الاستقرار في المنطقة وهذا ما عزز منهجية "إدارة الأزمة" والتحكم في موازين الصراع بما تمليه خرائط المصالح الأمنية الاقليمية والدولية ومتطلبات التحكم في موارد الصراع واتجاهاته.
  • أما المحور الثاني فكان على مستوى المنظمات والدوائر السياسية المعنية بالملف الإنساني، وتركز حول السبيل الأفضل لمساعدة السوريين ومعالجة الأزمة الإنسانية نظراً لآثارها وتداعياتها على مستوى الاستقرار الإقليمي(12).

من جهة عملياتية؛ لم تلحظ القرارات الدولية المعنية بالشأن السوري السياسية منها والإنسانية أي حديث عن ملف اللجوء والهجرة باستثناء البند 14 من القرار 2254 الذي أكد على "تهيئة الظروف المواتية للعودة الآمنة والطوعية للاجئين والنازحين داخلياً إلى مناطقهم الأصلية وتأهيل المناطق المتضررة وفقاً للقانون الدولي"، ويحث القرار بذات البند الدول الأعضاء على تقديم المساعدة في هذا الصدد"(13). كما غاب نقاش هذا الملف خلال كل جولات التفاوض في جنيف وأستانة باستثناء جدولة شكلية على أجندة جولة أستانة 10 بتاريخ 30 يوليو/تموز 2018 حيث تضمنت بند (بدء محادثات لعودة اللاجئين والنازحين) لكن دون صدور أي نتيجة عن ذلك(14). والجدير بالذكر أن هذه الجولات (أستانة وجنيف) رافقتها عدة حملات تهجير. (للتفصيل انظر الجدول التالي)(15):

تأثر ملف "اللجوء والنزوح" بالانحرافات والاستعصاءات التي شهدتها العملية السياسية لا سيما بعد التدخل الروسي الذي حاول التأثير على بوصلة مسار جنيف سواء بمسار أستانة أو عبر التحكم به من خلال إعادة تعريف الحل السياسي واختزاله بلجنة دستورية تم طرحها في مؤتمر الحوار في سوتشي وتم تبنيه من قبل الأمم المتحدة؛ حيث شكل انتفاء مرحلة "الانتقال السياسي" من أجندة العملية السياسية نقطة نكوص في حلحلة ملف اللجوء والنزوح، ومما ساهم في تعقيد مداخل الحل عدة أمور -هي بمجملها نتاج التدخل الروسي- وهي:

  1. إخراج المعارضة (السياسية والعسكرية والمدنية) من العديد من المناطق الاستراتيجية؛ ومحاصرة المناطق المتبقية بخيارات لا تتجاوز ثنائية "الرضوخ، التهجير"، وهذا ما كان بدرعا والقلمون والغوطتين وجنوب دمشق وريفي حمص وحماه.
  2. تحول إدلب من ثقل عسكري نوعي لبيئة مليئة بالتحديات الصعبة، وستبقى مجالاً للأهداف العسكرية الروسية تحت عدة ذرائع مما يفاقم إشكاليات هذا الملف ويزيد من تحدياته.

وعليه وبحكم تطورات المشهد السوري واختلاف درجة التأثير للفاعلين لصالح التسيد الروسي، لا تزال الغايات الأمنية والعسكرية تفرض نفسها وغياب مداخل الحل السياسي عن ميادين النقاش والتفكير الدولية، لا سيما في ظل الانكفاء الأمريكي وسياسات الوقاية الذاتية المتبعة من الدول الأوربية؛ وهذا كله أجل ويؤجل تحدي العودة الكريمة والطوعية للاجئين والنازحين السوريين.

معوقات العودة

تبين الأرقام المرصودة لعام 2019 عن عودة حوالي 480 ألف نازح إلى مناطقهم في عموم المحافظات السورية من أصل 6 ملايين و200 ألف نازح، أكثرهم عاد إلى درعا ثم إدلب وحلب(16). وفيما يتعلق بعودة اللاجئين فقد سجل لبنان العدد الأكبر لعودة اللاجئين من بين جميع دول الجوار السوري. وبحسب بيان صادر عن الأمن العام اللبناني، في مارس/آذار2019، بلغ عدد السوريين الذين عادوا 172 ألفا و46 لاجئاً سورياً منذ عام 2017، حيث يتم تنسيق العودة بين الأمن العام اللبناني والنظام السوري(17). ومن جهة أخرى أوضح مركز إدارة الدفاع الوطني في روسيا عن عودة 256 ألف لاجئ خلال النصف الأول من عام 2019 إلى سوريا عبر المعابر البرية مع لبنان والأردن(18). أما في تركيا فأعلن الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان أن 365 ألف سوريٍ عادوا إلى ديارهم ومنازلهم في مناطق "درع الفرات" و"غصن الزيتون" و"نبع السلام"(19)، وفي ألمانيا عاد 13 لاجئا إلى الأراضي السورية ضمن برنامج العودة الطوعية الذي يشجع على عودة اللاجئين مقابل ألفي يورو(20).

في حين تطرح العديد من منظمات المجتمع المدني رؤيتها الوطنية لملف اللاجئين والنازحين  بما يسهم في التماسك الاجتماعي والاستقرار في سوريا(21)؛ يصر النظام على مقاربته الوحيدة في هذا السياق ضمن ما أسماه "المصالحة" والتي تتكلم في بنودها عن التهجير أكثر من العودة(22)؛ لكن مع مضي النظام في توسيع سيطرته العسكرية، شُهدت عودة لبعض النازحين دون توفر أي ضمانات، سواء أكانت أمنية أم متعلقة بسبل العيش أو الاستجابات المحلية؛ ومرد ذلك عدة أسباب منها ما يتعلق بانعدام الأمل والأفق السياسي أو ما هو مرتبط بالضغوط المعاشية والأمنية التي يتعرض لها النازحون واللاجئون في البيئات المستضيفة(23).

وهنا نموذجان لعودة النازحين واختبار ادعاءات النظام في تقبل عودتهم؛ النموذج الأول في ريف دمشق (التي أعاد النظام السيطرة عليها مطلع 2018) والثاني حلب الشرقية (التي تمت السيطرة عليها عام 2016).

فبالنسبة للأول أي ريف دمشق، فحتى يناير/كانون الثاني 2020 عاد ما مجموعه 35 ألفا و500 شخص جلهم عاد من بلدات الريف ذاته وقسم عاد من مدينة دمشق. وبخصوص حلب الشرقية (التي تمت السيطرة عليها عام 2016) فحتى ذات التاريخ، عاد قرابة 56 ألفا و500 شخص أغلبهم من بلدات ريف حلب(24). ويمكن تفسير هذه الأرقام المتدنية بأمرين، الأول عدم قدرة النظام على توفير الأسباب الموجبة للعودة خاصة فيما يرتبط بالاستجابات الطارئة وما تستلزمه من إجراءات تضمن التعافي المبكر للمناطق الخارجة من معادلات الصراع(25)، والثاني مرده إلى عدم رغبة النظام أساساً في عودة من يعتبرهم "مناهضين لسلطته" خلال سنوات طويلة. 

لقد أثقلت حركة النزوح في المناطق المستضيفة في سوريا على البنية التحتية المحلية وعلى الهياكل الإدارية(26)، وإذا ما ربطنا تأثر الواقع الأمني بملف العودة عموماً، فإنه سيحيلنا إلى تلمس وقياس:

  • قدرة الاستجابة المحلية للهياكل الإدارية الناشئة على مواجهة التحديات الأمنية التي أفرزها هذا الملف.
  • ومدى ارتباط الاستقرار الأمني بفعالية الأدوار التي يلعبها "القطاع الأمني"، الذي تأثر بتعدد أنماط الحكم الأمني في سوريا من جهة، وتفاوت الأداء الحكومي فيها من جهة ثانية.

ففيما يتعلق بالمناطق التي يسيطر عليها النظام (والتي تزداد مساحتها)، لا تزال الأسئلة المرتبطة بملفي عودة اللاجئين والنازحين والاستجابة المحلية تشكل تحدياً رئيسياً للفاعلين المحليين، وتساهم إلى جانب التردي في الواقع الأمني العام في تشكيل مناخ داعم لعدم العودة؛ ويزداد هذا التحدي عمقاً مع غياب سياسات الإصلاح والتغيير الأمني، إذ تؤكد معظم التقديرات والتحليلات وجود عدة أسباب تقف وراء التدفق المحموم لحركة النزوح والتهجير(27).

الأول: فإضافة إلى تدهور الواقع الأمني، فإن أول هذه الأسباب شيوع إحساس لدى عموم السوريين بانسداد الأفق وانعدام الأمل بخلاص قريب، أو على الأقل بتحسن الوضع الأمني واستعادة حياة عامة قوضت مقوماتها. كما يساهم عجز الفاعلين المحليين، عن توفير أبسط مستلزمات العيش، في تعزيز مقاربات الهجرة لا العودة، حيث لا غذاء ولا كساء ولا قدرة على فرض سياسات عامة تحسن خدمات الماء والكهرباء والخدمات التعليمية والصحية فضلا عن فقدان فرص العمل(28).

الثاني: ويرتبط بهاجس معظم الشباب بضرورة الهروب من العنف والاقتتال لا سيما مع حملات التجنيد الإجباري والاحتياط التي تجبرهم "قانونياً" على أن يكونوا في خضم هذا الصراع خصوصاً بعد صدور المرسوم 104 لعام 2011، ما دفع عوائل كثيرة لمغادرة سوريا خشية استدعاء أبنائهم إلى الخدمة الإلزامية أو الاحتياط، إضافة إلى تكرس قناعة عدم جدوى تحصيلهم العلمي مع غياب الإمكانات المرجوة لممارسة اختصاصاتهم عملياً. والأهم شيوع حالة قلق وخوف عامة من انحسار شروط الأمن والسلامة(29).

أما فيما يرتبط بمناطق سيطرة المعارضة، فنجد أنه كان من الطبيعي أن تؤثر البيئة الأمنية غير المستقرة على ثبات هياكل الحوكمة المحلية (المعني الأساسي في عمليات الاستجابة)، وعلى حركة العودة خاصة بعد أن تعددت حالات التهجير، حيث تتفاوت درجات الاستقرار الأمني في مناطق سيطرة المعارضة بحكم حجم وطبيعة وتعدد القوى العسكرية المسيطرة وطبيعة علاقاتها فيما بينها؛ وطبيعة القوى المهددة لأمن المجتمعات المحلية ناهيك عن العوامل المهددة لأمن المجتمع المحلي والتي تتنوع بين عوامل ذات طبيعة أمنية واجتماعية واقتصادية (30).

سيناريوهات ومآلات

بطبيعة الحال يرتبط ملف العودة بمحددين رئيسيين؛ أولها متعلق بالرؤى الدولية والاقليمية لهذا الملف ومدى التقاطع أو التعارض في هذه الرؤى، وثانيها متعلق بالسيناريوهات المتوقعة للملف السوري ودرجة تأثره بملف العودة الذي سيكون عاملاً مهماً في معادلات الاستقرار والسلام (الضرورات الاجتماعية والاقتصادية).

الأول فيما يتعلق بالرؤى الدولية والإقليمية: ففي حين تحمّل موسكو المعارضة والدول الداعمة لها (وعلى رأسهم الولايات المتحدة) كامل المسؤولية في عرقلة العودة (31)؛ فإنها لم تنجح في تحقيق غايات ما أسمته "البرنامج الروسي لعودة اللاجئين" والذي يطمح لعودة مليون لاجئ إلى قراهم وبلداتهم وذلك من خلال "تأسيس لجنة في كل من لبنان والأردن وتركيا، للتنسيق والمتابعة مع الجانب الروسي في سبل العودة وآلياتها. حيث أبلغت موسكو الدول المعنية في المنطقة أنها نسّقت مع النظام السوري، وأنّ لديها ضمانات بعدم التعرض للعائدين إضافة لإنشاء مراكز لاستقبال اللاجئين وتوزيعهم وإيوائهم(32).

 فبعد قرابة العامين ونيف على طرح هذا البرنامج، ورغم تأكيدات وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف بأن معدلات العودة لم" تكن كبيرة"(33)، فإن الإحصاء الروسي يحصي عودة 577 ألف لاجئ سوري من الأردن ولبنان منذ شهر يوليو/تموز 2018، ( قرابة 182 ألف من لبنان، قرابة 400 ألف من الأردن)، ولكن دون تبيان آلية الإحصاء التي يغلب عليها سمة إحصاء الدخول عبر المعبر الحدودي أكثر من سمة حركة عودة اللاجئين(34).

وتدلل المعطيات المتعلقة بالحركة الروسية العسكرية المستمرة ومؤشرات العودة المنخفضة على أن الرؤية الروسية لهذا الملف تتمحور حول غايتين سياسيتين؛ الأولى عدم جعل هذا الملف معطلاً لسير الهندسة الروسية تجاه إعادة تشكيل الحل السياسي وفق منظورها، وبالتالي عدم جعله استحقاقاً سياسياً وشرطاً لازماً للاستقرار؛ والغاية الثانية تتمثل في كيفية استثمار هذا الملف وما يعنيه من تحد أمني واجتماعي على البيئات المستضيفة، وجعل مسار حل هذا الموضوع مرتبطا بشرعنة نظام الأسد من جديد. وكلتا الغايتين تعتبر هذا الملف تحدياً لحكومة النظام بدلاً من اعتباره استحقاقاً سياسياً وشرطاً لازما للاستقرار.

أما فيما يتعلق بالرؤية الدولية التي يمكن توضيحها من خلال ما يعرف "بالمجموعة المصغرة حول سوريا" (الولايات المتحدة الأمريكية؛ بريطانيا، فرنسا، المملكة العربية السعودية؛ مصر؛ الأردن)، والتي حددت أن أي انخراط في استحقاقات الانتقال السياسي -سواء إعادة الإعمار أو العودة الطوعية والآمنة- مرتبط بإنجاز عملية سياسية بإشراف الأمم المتحدة في جنيف. وتنفيذاً لهذا الأمر لا تزال سياسية العقوبات الاقتصادية الضاغطة على النظام مستمرة بهدف دفعه للانخراط في العملية السياسية، وإنجاز اتفاق سياسي وفق قواعد القرار 2254، وعلى رأس هذه الدول الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الاوروبي.

قد تبدو هذه الشروط الدولية "شروطاً موضوعية" لضمان تنفيذ القرارات الدولية المعنية بالشأن السوري، إلا أن تراجع اهتمام هذه الدول وتجاهلها لما يتم من عمليات تهجير، واكتفاءها بالإدانات (لا سيما وأن انخراطهم في الملف بات محكوماً بمنهجية محاربة تنظيم الدولة سابقاً ومحاصرة طهران حالياً)، إنما يبعث بمؤشرات أن هذه الشروط هي واجهة تخفي سياسة عرقلة مقصودة للآليات الروسية، وتأزيم تدخلها العسكري والسياسي والاقتصادي في سوريا فحسب، دون وجود أي حل سياسي في الأفق؛ أي استمرار التنافس على المكسب السياسي، بما لا يفسر جهود المنظمات الدولية المعنية بشؤون اللاجئين إلا أنها من باب الاستجابة الطارئة.

وفيما يتعلق بتركيا؛ فهي طبقت منذ بداية الثورة السورية سياسة الحدود المفتوحة مع اللاجئين السوريين مما ساهم في وصولهم الى القارة الأوربية، وأعادت إغلاق الحدود مع سوريا في 2015 بعد الاتفاق مع الاتحاد الأوربي على تمويل الاتحاد الأوروبي للمشاريع المتعلقة باللاجئين في تركيا، مقابل إيقاف تركيا لتدفق اللاجئين إلى أوروبا(35)؛ ثم بدأت الحكومة التركية بعد دخولها العسكري في سوريا وسيطرتها على مناطق "درع الفرات" وعفرين ومنطقة تل أبيض ورأس العين، بالمطالبة بمنطقة آمنة في سوريا لعودة اللاجئين السوريين في تركيا إليها، واعتبرت أنقرة أن تشكيل "منطقة آمنة" في سوريا يسرع عملية العودة الطوعية للاجئين السوريين من تركيا. ووفقاً للإحصاءات التركية، فإنه "بفضل الأجواء الآمنة التي تشكلت عقب عمليتي درع الفرات، وغصن الزيتون في شمال سوريا، عاد 354 ألف سوري بشكل طوعي إلى هذه المناطق". كما أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أن 74 ألف مدني سوري عادوا إلى المناطق التي حررتها عملية "نبع السلام" شمالي سوريا(36). وبالتزامن مع إعلان أنقرة "التزامها" مبدأ "عدم ترحيل" أي مهاجر نظامي(37)؛ فإنها تطمح إلى إعادة توطين 3 ملايين لاجئ سوري ضمن "المنطقة الآمنة" التي تحاول الدفع بإنشائها شرق الفرات، من خلال استمرار المحادثات مع واشنطن(38).

وتشهد العلاقة الأوروبية التركية في هذا الملف توترات واضحة لا سيما بعد نزوج قرابة مليون سوري جراء العمليات العسكرية الأخيرة في الشمال السوري والضغط على تركيا لفتح الحدود؛ وبحكم ما اعتبرته أنقرة تجاهلاً لهذا الملف وتداعياته، فتحت السلطات التركية حدودها مع اليونان أمام اللاجئين السوريين وهو ما زاد التوتر. وفي حين لا تبدو مؤشرات انفراج في هذا الملف، تستمر محاولات الدعوة لعقد اجتماعات تركية مع بعض دول الاتحاد الأوروبي لمناقشة قضية المهاجرين، حيث تعتبر أنقرة "أن مسألة اللاجئين وسوريا وإدلب تعد اختبار إرادة وقيادة للاتحاد الأوروبي أكثر من تركيا، وعلى الاتحاد القيام بمسؤولياته"(39).

عموماً يتضح أن الرؤى الدولية والإقليمية تجاه ملف اللاجئين والنازحين -وإن اكتست بعدا إنسانيا في السياسات والخطابات- لا تعدو أن تكون ورقة ضغط سياسي يمارسها الجميع لتحقيق مقاربات سياسية وأمنية. ولا يزال الملف أسير تفاهمات سياسية لم تتوفر الظروف السياسية لنضجها.

الثاني ارتباط ملف العودة بالسيناريوهات المحتملة: في ظل المشهد السياسي الذي دخل مجدداً مرحلة الاستعصاء -بعد جولتين من اجتماعات اللجنة الدستورية- فإن السيناريوهات المحتملة تنحصر في الآتي:

  1. سيناريو استمرار   تعطيل مسار العملية السياسية والاستمرار بعمليات التشكل الأمني الآخذة بالتبلور في أكثر من منطقة. فشمال شرق سوريا بات منطقة نفوذ أمريكية تحاول واشنطن إعادة إنتاج صيغة حكم محلي فيها غير مهددة لأمن تركيا، وبنفس الوقت تمنع النظام وحلفاءه من الاستفادة من موارد تلك المنطقة، وتستمر في محاصرة وتقويض الوجود الإيراني. وهناك أيضا شمال غرب سوريا (مناطق سيطرة المعارضة في إدلب وريف حلب) التي تشهد اشتباكات مستمرة ومحاولة بلورة تفاهم أمني مؤقت بين أنقرة وموسكو حول إدارة الطرق البرية.  هذه العمليات وإن بدت تنحو باتجاه تشكيل حدود أمنية قابلة للتحول إلى حدود سياسية، إلا أن عدم توافر بيئة تفاوض أمريكية روسية جدية، سيساهم في تعزيز صيغ لمصلحة تجميد الصراع؛ وبالتالي سيبقى ملف العودة مؤجلاً خاصة في ظل تزايد موجات اللجوء والنزوح وسينحصر التعاطي معه بسياسات استيعاب النازحين وتحسين الأوضاع القانونية للاجئين في بلاد اللجوء.
  2. سيناريو تحقق الرؤية الروسية القائم على غلبة النظام وإنجاز حل سياسي من داخل أطره، وتحويل الاستحقاقات السياسية لمرحلة ما بعد الصراع إلى "تحديات حكومية غير مستعجلة" ومرتبطة بمقدار قبول المجتمع الدولي بشرعية نظام الأسد؛ وبالتالي فإن ملف العودة وما يستلزمه من برامج عودة كريمة وآمنة وطوعية ستكون غائبة كلياً وبالتالي سيؤثر ذلك على معايير الاستقرار التي منها التوافق السياسي والتماسك الاجتماعي وإعادة الشرعية وتأهيل الدولة لإعادة الإعمار.

في ظل هذه السيناريوهات ومع استمرار غياب سياسات معالجة موضوعية وفق القانون الدولي ومتطلبات التماسك الاجتماعي والاستقرار؛ يبدو أن مسألة اللاجئين والنازحين خاضعة للمنظور الروسي (وحلفائه النظام وإيران) الذي يجهد لتحويل الاستحقاقات السياسية إلى تحديات حوكمية غير مستعجلة، وبالتالي استمرار عدم مراعاة العوامل الأمنية والاجتماعية الدافعة للاستقرار. ولعل نظرية "المجتمع المتجانس" (التي طرحها بشار الأسد في منتصف عام 2017 في دلالة على أن ما تبقى في سوريا هو القسم المتجانس) تدلل على عدم رغبته بعودة من وقف ضده سنوات، وبالتالي الاتجاه نحو تثبيت التغيير الديمغرافي الناجم عن الصراع، وهو ما سيبقي عوامل الصراع متأججة.

خاتمة

لا شك أن ملف اللاجئين والنازحين السوريين يعد من أثقل الملفات من حيث تداعياته الإنسانية والاجتماعية والأمنية، ومن حيث حركته المتسارعة في ظل ما تشهده سوريا من سيناريوهات إعادة التشكل الأمني وتضارب الرؤى بين الفاعلين الرئيسيين. ومما يزيد من هذا الثقل هو التغييب التام لأجندة وبرامج العودة الكريمة وما تستلزمه من استجابات حكومية وأمنية مستعجلة؛ وهذا ما سيكون له أثر استراتيجي على معادلات الاستقرار والسلام في سوريا، فطالما أن هذا الملف لا يزال ينظر له كورقة تحسين شروط بين الفاعلين الإقليميين والدوليين فإنه سيتحول لتحد غير مستعجل، الأمر الذي يتطلب تضافر جهود منظمات المجتمع الدولي والإقليمي والمحلي وتشكيل ضغط ملح على الفاعلين للنظر إليه كاستحقاق سياسي؛ حيث لا يمكن أن تقوم دولة جديدة  أو نظام حكم جديد في سوريا  طالما أن أكثر من نصف الشعب مهجر ونازح.

 

المصدر مركز الجزيرة للدراسات: https://bit.ly/2USBp2D


 مراجع

  1. انظر صفحة سوريا في موقع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR، (تاريخ الدخول: 24 مارس/آذار 2020):  https://2u.pw/YA2Hc
  2. SYRIAN ARAB REPUBLIC Recent Developments in Northwest Syria Situation Report No. 9 – As of 26 February 2020.
  3. التغير الديموغرافي في سوريا، تقرير نشره موقع نصح، تاريخ 28 نوفمبر/ تشرين الثاني2016، (تاريخ الدخول: 24 مارس/آذار 2020): https://2u.pw/4tylK
  4. يمكن ترتيب اتفاقيات الإخلاء حتى عام 2017 وفق الشكل التالي: تلكلخ (يونيو/حزيران 2012)، حمص القديمة (مايو/أيار 2014)، الحجر الأسود (يوليو/تموز 2015)، الزبداني (سبتمبر/ أيلول 2015)، حي القدم (ديسمبر/كانون الأول 2015)، قريتي قزحل وأم القصب (يوليو/تموز 2016)، داريا (أغسطس/آب 2016).
  5. التغيير الديمغرافي والتهجير القسري في سوريا (حمص- دمشق وريفها – حلب وريفها)، عن وحدة تنسيق الدعم، 20 يونيو/حزيران 2016، (تاريخ الدخول: 24 مارس/آذار 2020): https://2u.pw/uDXcd
  6. سوريا: عدد الفارين من الغوطة تجاوز 80 ألفا خلال هذا الشهر، موقع أخبار الأمم المتحدة، 28 مارس/آذار2018، (تاريخ الدخول: 24 مارس/آذار 2020): https://2u.pw/hi4Rv
  7. التهجير القسري من الغوطة الشرقية – الإصدار الثاني، وحدة تنسيق الدعم، 13إبريل/نيسان 2018، (تاريخ الدخول: 24 مارس/آذار 2020): https://2u.pw/n8BHy
  8. كم عدد السوريين المهجرين في 2018؟ قناة الجسر الفضائية، 17 ديسمبر/كانون الأول 2016، (تاريخ الدخول: 24 مارس/آذار 2020): https://2u.pw/qxLmH
  9. وتوزيعهم على الشكل التالي: محافظة حلب قرابة 408 آلاف و900، ومن محافظة إدلب قرابة 632 ألف و500. للمزيد انظر: عنب بلدي، بيانات توضيحية لنتائج الحملة العسكرية على شمال غربي سوريا، 08 مارس/آذار 2020، (تاريخ الدخول: 24 مارس/آذار 2020): http://bit.ly/3d0hkQj
  10. حيث سجلت أكبر حركة نزوح في محافظة إدلب وبلغت حوالي 320 ألفا و600 نازح (منهم 297 ألفا نزحوا من داخل إدلب و23 ألفا و500 نزحوا من حلب)، فيما تم تسجيل ثاني أكبر حركة نزوح في حلب بحوالي 132 ألفا و600 نازح، ( منهم 86  ألفا ومئة شخص قادمون من داخل حلب، و46 ألفا و400 نازح من إدلب)، كما تم تسجيل حركة نزوح في الشهر الأول من عام 2020 في محافظة الحسكة بحوالي 4 آلاف و900 نازح، (منهم 3،700 نزحوا داخل المحافظة بينما انتقل الباقي من محافظة حلب). أما في محافظة الرقة فقد نزح إليها حوالي 3،400 شخص، واستقبلت محافظة اللاذقية حوالي 1300 نازح من محافظات حلب وحمص وطرطوس وحماة. وفي محافظة ريف دمشق، أفادت التقارير بحوالي 100 تحرك للنازحين داخلياً 2020.

Humanitarian response, IDP and Spontaneous Returnee Movements - 31 January 2020, http://bit.ly/2QhfTTH

  1. المصدر السابق.
  2. مجموعة نقاشية عقدها الباحث مع مجموعة من الباحثين والمهتمين بشأن اللاجئين والنازحين عبر السكايب حول تموضع ملف اللاجئين السياسي وأسباب تعثر حله، تاريخ 28 فبراير/ شباط 2020.
  3. انظر قرار مجلس الأمن رقم 2254 لعام 2015 الصادر بتاريخ 18 ديسمبر/كانون الأول 2015، البند رقم 14 صفحة رقم 5.
  4. وحددت بنود جدول أعمال الاجتماع كالتالي؛ منطقة خفض التصعيد في إدلب والمخاطر والخروقات المتعلقة بها، وملف المعتقلين ومجموعة العمل الخاصة بها، واللجنة الدستورية، وملف عودة المهجّرين الذي تطرحه روسيا؛ للمزيد انظر: "أستانة-10" بطعم "سوتشي-2"، موقع المدن، تاريخ 30 يوليو/تموز 2018، (تاريخ الدخول: 24 مارس/آذار 2020): https://2u.pw/RrsNF
  5. الجدول من إعداد الباحث
  6. Humanitarian response, IDP and Spontaneous Returnee Movements - 31 January 2020, http://bit.ly/2QhfTTH
  7. "عربي21" ترصد بالأرقام عودة اللاجئين الطوعية إلى سوريا، موقع عربي 21، تاريخ 7 أبريل/نيسان 2019، (تاريخ الدخول: 24 مارس/آذار 2020): https://2u.pw/rESkA
  8. في موسكو تمت جلسة هيئتي أركان التنسيق المتعدد الوزارات لروسيا وسوريا بشأن عودة اللاجئين إلى الجمهورية العربية السورية، موقع وزارة الدفاع الروسية، تاريخ 10 يونيو/حزيران 2019، (تاريخ الدخول: 24 مارس/آذار 2020): https://2u.pw/p77su
  9. تركيا تكشف أعداد السوريين العائدين إلى المناطق التي وفرت الأمن فيها، ترك برس، 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، (تاريخ الدخول: 24 مارس/آذار 2020): https://2u.pw/9j7X9
  10. ألمانيا: ولايتان تكشفان عن عدد اللاجئين العائدين طوعاً إلى بلدانهم ونسبة السوريين منهم، موقع عكس السير، تاريخ 17 فبراير/ شباط 2020، (تاريخ الدخول: 24 مارس/آذار 2020): https://2u.pw/2slwC
  11. الانتقام والقمع والخوف: واقع السوريين العائدين إلى مناطق سيطرة النظام السوري، تقرير صادر عن الرابطة السورية لكرامة المواطن، وعُقد مؤتمر صحفي للاطلاع على نتائج دراسة قامت بها الرابطة تستطلع به آراء عينة من العائدين. (تاريخ الدخول: 24 مارس/آذار 2020): https://tr.agency/news-63383
  12. للتوضيح: في اتفاقية "المصالحة" مع مدينة الضمير مثلا؛ نصت الاتفاقية على " تسليم عناصر المقاومة السلاح الثقيل والمتوسط، على أن يتم تسليم لوائح الراغبين بالخروج إلى "جرابلس" في الشمال السوري  وتم تحديد مواعيد الخروج بدءا 19من / 4/2018 وحتى 23/ 4/2018؛ وأوضحت الوثيقة أن إخراج الراغبين سيتم تحت إشراف الشرطة العسكرية الروسية والهلال الأحمر ومخابرات النظام السوري، مشيرة إلى أنه يحق لكل عنصر حمل سلاحه الفردي مع ثلاثة مخازن ممتلئة. للاطلاع على الوثيقة انظر: "زمان الوصل" تحصل على وثيقة اتفاق تهجير أهالي "الضمير"، زمان الوصل، تاريخ 17/4/2018، (تاريخ الدخول: 24 مارس/آذار 2020): https://2u.pw/8Kn0D
  13. مجموعة نقاشية عقدها الباحث مع مجموعة من الباحثين والمهتمين بشأن اللاجئين والنازحين عبر السكايب حول تموضع ملف اللاجئين السياسي وأسباب تعثر حله، مرجع سابق.
  14. لتتبع حركة عودة النازحين انظر الإحصائيات التي يقدمها مكتب الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة، (تاريخ الدخول: 24 مارس/آذار 2020): https://2u.pw/dxsa9
  15. ويقصد بالتعافي المبكر سلسلة من الإجراءات التي تتخذها "الحكومة" بعد الصراع مباشرة، تضمن من خلالها تحقيق الأمن وحرية التنقل والحركة؛ وإصلاح البنية التحتية الأولية والتعافي الاقتصادي والاجتماعي.
  16. للاطلاع على تلك الأعباء انظر: في الانتقال إلى الدولة الآمنة: آليات استعادة الاستقرار في سوريا، ملف صادر عن مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، 10 أغسطس/آب 2015، (تاريخ الدخول: 24 مارس/آذار 2020): https://goo.gl/tp8aH4
  17. قال فيليبو غراندي المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين اليوم (الجمعة) إنه من "المبكر جدا" الحديث عن عودة اللاجئين إلى سوريا لأن الوضع هناك ما زال غير آمن ومحفوفا بالمخاطر، انظر: مفوض اللاجئين: سوريا ما زالت خطيرة على عودة اللاجئين، موقع الجزيرة، تاريخ: 9 مارس/آذار 2018، (تاريخ الدخول: 24 مارس/آذار 2020): https://goo.gl/aaCNLq
  18. كريستين هليبرغ:"أسباب لجوء السوريين"، موقع قنطرة الإلكتروني، تاريخ 28 سبتمبر/أيلول 2015، (تاريخ الدخول: 24 مارس/آذار 2020): https://goo.gl/scVnf2
  19. أكرم البني: "عن دوافع هجرة السوريين إلى الغرب"، موقع جريدة الحياة الإلكتروني، تاريخ 16أكتوبر/تشرين الأول 2015، (تاريخ الدخول: 24 مارس/آذار 2020): https://goo.gl/McWDv2
  20. أيمن دسوقي: " المجالس المحلية وملف الأمن المحلي: دورٌ مطلوب لملف إشكالي "، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تاريخ 2 يناير/ كانون الثاني 2017، (تاريخ الدخول: 24 مارس/آذار 2020): https://2u.pw/kWtfX
  21. أوضح البيان الختامي للقاء رئيس المركز الوطني لقيادة الدفاع في روسيا العماد أول ميخائيل ميزنيتسيف، ووزير الإدارة المحلية في حكومة نظام الأسد حسين مخلوف حول عودة المهجرين السوريين إلى سوريا، أن المشكلات التي تعيق تطبيق مبادرة عودة المهجرين من وجه النظر الروسية، تتلخص بالنقاط التالية: عدم تحقيق الاستقرار والأمن من قبل فصائل المعارضة بعد محاولة الجانب الروسي إقامة ممرات إنسانية، وجود وحدات عسكرية تابعة لدول أجنبية ضمن الأراضي السورية مما يساعد على إطالة أمد النزاع وعدم تهيئة الظروف للعودة الآمنة، وجود دعم "مصطنع" للظروف اللاإنسانية من قبل المنظمات في مخيمات اللاجئين، تهيئة الولايات المتحدة الأرضية لتأجيج المنظمات من أجل الحفاظ على عدم الاستقرار في سوريا.
  22. أمين محمد حبلا: "هل ينجح الروس بإعادة اللاجئين السوريين؟" الجزيرة نت، 27 يوليو/تموز 2018، (تاريخ الدخول: 24 مارس/آذار 2020): https://2u.pw/iqjoO
  23. هذا ما أقر به وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف خلال لقاء صحفي مشترك مع نظيره الأردني أيمن الصفدي في الأردن، 19فبراير/ شباط 2011، حيث قال: " إن المركز الروسي الأردني المشترك، الذي تم تشكيله قبل عدة سنوات في عمان بهدف تسهيل عودة اللاجئين السوريين، قد حقق إنجازات ملموسة، ولو لم تكن كبيرة"، للاطلاع على التصريح، انظر روسيا اليوم، 19 فبراير/شباط 2020، (تاريخ الدخول: 24 مارس/آذار 2020): https://2u.pw/MqAmp
  24. البيان المشترك للهيئتين التنسيقيتين الوزاريتين الروسية والسورية حول المشكلات التي تعيق تطبيق مبادرة عودة المهجرين إلى أماكن إقامتهم المختارة، موقع وزارة الدفاع الروسية، مرجع سابق. (تاريخ الدخول: 24 مارس/آذار 2020) https://bit.ly/3ak3YMM
  25. Gerry Simpson: "Repatriation" of Syrians in Turkey Needs EU Action”, Human Rights Watch,7/11/2019. https://2u.pw/SEhbs
  26. تركيا: إنشاء "منطقة آمنة" يسرع عودة اللاجئين السوريين، موقع روسيا اليوم، 19 ديسمبر/ أيلول 2019، (تاريخ الدخول: 24 مارس/آذار 2020): https://2u.pw/jKxpg
  27. المصدر السابق.
  28. أردوغان يقترح إعادة توطين 3 ملايين لاجئ سوري في المنطقة الآمنة شمال سوريا، موقع روسيا اليوم، 18 ديسمبر/ أيلول 2019، (تاريخ الدخول: 24 مارس/آذار 2020): https://2u.pw/sM6WH
  29. قمة تركية أوروبية في إسطنبول لبحث أزمة الهجرة :أنقرة تسعى لتعديل اتفاقية 2016 مع أوروبا وتتعهد "بمحاسبة" اليونان، الشرق الأوسط، 11 مارس/آذار  2020، (تاريخ الدخول: 24 مارس/آذار 2020): https://2u.pw/l8Cfr

 

قدم الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، بدر ملا رشيد، تصريحاً لجريدة عنب بلدي بتاريخ 31آذار 2020، رأى فيه أن “قسد” تحاول القيام بالاستثمار السياسي في ملف عناصر التنظيم المعتقلين لديها، “فمن المعروف أن معظم الدول وبالأخص الأوروبية تتهرب من ضرورة استرداد مواطنيها المحتجزين هناك، ومن جهتها تحاول قسد الاستفادة من الملف”، وفق قوله.

متوقعاً أن المحاكمة التي ستُجرى لعناصر التنظيم، والتي تحدثت عنها أجهزة “قسد” القضائية، ستشمل في أغلب الأحيان العناصر السوريين، مقدرًا عددهم بتسعة آلاف، ولافتاً إلى أن “قسد” تستطيع، وفق سلطتها الحالية، فرض أحكام عليهم، ومعالجة قضاياهم وفق القوانين السورية وقوانين العقد الاجتماعي لـ”الإدارة الذاتية”.

للمزيد انقر رابط المصدر: https://bit.ly/2ykYza9

 

قال الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية “معن طلاع” خلال تصريحه لـ SY24، إن هذا التواصل والدعم ليس مفاجئاً وباعتقادي أن هذا الإجراء هو ضمن سلسلة من الإجراءات الآخذة بالتعاظم والتي اتخذتها أبو ظبي في إعادة تعريف علاقتها مع نظام الأسد؛ وهو عموماً يأتي ضمن (إدراك إماراتي) لأمرين، الأول إنتاج المشهد العسكري وتحولاته بعد التدخل الروسي؛ والذي فرض تسيداً روسياً أجبر -ابتداءاً- العديد من الدول الاقليمية إلى تعديل خططها ومواقفها، ثم التطبيع التدريجي مع غايات موسكو في سورية في ظل سياسة إدارة الظهر الأمريكي للصراع المحلي السوري”.

والثاني تفرضه محددات أمنية إماراتية ترى أن استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية في سوريا بعد هزيمة داعش تتمثل في محاصرة طهران وتحجيم تواجدها الأمني والعسكري والإداري، وهذا سيفرض فراغاً ما تسعى الإمارات لتعبئته.

للمزيد انقر الرابط التالي: https://bit.ly/3bKVP4C

بتاريخ 9 كانون الثاني 2020، شارك الباحث محمد العبد الله بتقرير موسع نشره موقع السورية نت بعنوان: "ضواحي سكنية على قوائم الانتظار: توغلٌ إيراني ناعم لتكريسِ سيطرةٍ مستقبلية"، رأي فيه يرى الباحث أن توصيف العلاقة بين روسيا وإيران في سورية “لا تتعدى كونها علاقة تعاون مصلحية ظرفية، ولا ترقى لأن تكون بمثابة علاقة تحالف بين الدولتين”، على حد تعبيره، وذلك على اعتبار أن كلا الطرفين استفاد من المزايا التي يتمتع بها، لتحقيق الانتصار ضد معارضي النظام، وكان لكل منهما طموحاته العسكرية والسياسية والاقتصادية في سورية.

وعلى الرغم من الكلفة المادية الكبيرة التي وضعتها إيران لقاء تدخلها في سورية، تمكنت موسكو من التفرد بالفرص الكبرى في القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية، ما دفع طهران إلى محاولة الاستئثار بما تبقى من الفرص التي لم تطالها الأيادي الروسية، ومنها قطاع الإسكان، وذلك من خلال توقيع مذكرات تفاهم مع حكومة النظام، وتنفيذ تلك المشاريع بالتشارك مع المؤسسات والشركات الحكومية التابعة له، بهدف منحها شرعية أكبر في المستقبل.

للمزيد حول التقرير انقر رابط المصدر: https://bit.ly/3bpxrF8

 

الملخص التنفيذي

  • ضمن منهج "ثالوث القيادة" (قاعدة توازن طائفي) هندس الأسد الأب مراكز القوة اجتماعياً بطريقة تضمن ولاء الجيش للنظام وتمنع تحوله لأداة سياسية ضد سلطته؛ إلا أنه وبعد الثورة السورية ولأسباب عدة تصدع ثالوث القيادة في الوحدات العسكرية لصالح تولي الضباط العلويين قيادة تلك الوحدات ليس في الصف الأول فقط بل في الصف الثاني والثالث وما يليهما.
  • خلال استقصائها للتوزع الطائفي والمناطقي لأهم 40 مركزاً في الجيش السوري حتى تاريخ 10/3/2020. توصلت هذه الورقة إلى أن من يشغل هذه المراكز الحساسة هم ضباط من الطائفة العلوية، من القائد العام ووزير الدفاع مروراً بقادة الفيالق العسكرية وقادة الفرق وأجهزة الاستخبارات التابعة لوزارة الدفاع.
  • يسيطر ضباط اللاذقية على 58% من المناصب القيادية، بينما يسيطر ضباط طرطوس على 17%، وضباط حمص على 15%، في حين يسيطر ضباط حماه على 10%.
  • هناك محاصصة غير معلنة ما بين ضباط مناطق القرداحة وجبلة وطرطوس ودريكيش، حيث يتولى ضباط من جبلة قيادة ثلاثة فيالق وعدد من الفرق النوعية. بينما يتولى ضباط القرداحة قيادة فيلق وضابط من حمص قيادة فيلق آخر، كما يتولى ضباط القرداحة أكثر الفرق العسكرية قوّة وتنوعاً، في حين يقود ضابطان من نفس القرية بمنطقة دريكيش في محافظة طرطوس قيادة أعتى وأقوى جهازي استخبارات في سورية.
  • يعتبر الثقل المركزي في الجيش للضباط المنحدرين من اللاذقية بشكل أساسي، ومن جبلة والقرداحة بشكل خاص.

تمهيد: سياق تنامي "العلونة" في الجيش

منذ استيلاء حافظ الأسد على السلطة في البلاد، بدأ بإنشاء وحدات عسكرية وأمنية من شأنها حمايته من أي انقلاب آخر،([1]) وتابع ما بدأه سابقاً صلاح الجديد بإزاحة الضباط السُنة وتفكيك كتلهم وكذلك تفكيك الكتلة الدرزية، وإزاحة المعارضين له أو حتى تصفيتهم وهو ما حدث لاحقاً مع جديد نفسه ومحمد عمران بل وحتى مع رفعت شقيق حافظ الأسد، ومع عدد آخر من الضباط التاريخيين في الجيش السوري، كما قام حافظ الأسد بإسناد قيادة الوحدات النوعية في الجيش لضباط من أقاربه وعشيرته وطائفته بحسب أهمية تلك الوحدات وتوزعها الجغرافي المؤثر وبالأخص في نطاق العاصمة دمشق وما حولها، واتبع الأسد في تصميم ثالوث القيادة في الوحدات العسكرية (قائد الوحدة ورئيس أركانه وضابط الأمن) على معايير التنوع الطائفي مع ضرورة وجود علوي على الأقل في كل ثالوث باستثناء بعض أجهزة المخابرات العسكرية والجوية وبعض الشبكات العسكرية الأمنية كالفرقة الرابعة والحرس الجمهوري ووحدات المهام الخاصة، وسار على ذات النهج بشار الأسد.

لعب الجيش السوري دوراً أساسياً في المحافظة على نظام الحكم القائم في سورية منذ عقود، وأثبت الجيش مرّة وراء أخرى بأنه الموالٍ الأقوى والأكبر للنظام الحاكم، وذلك بالرغم من كمية الانتكاسات التي تعرض لها على سواء على الصعيد الخارجي منذ نكسة حزيران عام 1967 وأيلول الأسود 1970 وحرب تشرين 1973، ولبنان 1982، أو على الصعيد الداخلي عبر تدخل الجيش لصالح النظام في حماه ثلاث مرات على التوالي 1965 – 1982 – 2011،وغيرها في القامشلي وأحداث درعا والسويداء خلال السنوات الأولى من حكم بشار الأسد، وكذلك انخراطه التام لصالح النظام منذ بداية الثورة السورية عام 2011 والذي يعتبر أكبر نكسة لهذا الجيش والتي أدت لخلق تصدعات كبيرة ومتنوعة أفقدته كلياً الحياد وحتى القدرة على استملاك هذا الحياد، ولولا التدخل الخارجي سواء الإيراني أو الروسي لكان الجيش ومن خلفه النظام السوري من الماضي.

تاريخياً، مرّ الجيش السوري بعدة تحولات أوصلته لما هو عليه، بداية تحويل عقيدته من مفهوم الجيش الوطني لمفهوم الجيش العقائدي وذلك بعد استيلاء حزب البعث العربي الاشتراكي على الحكم بما يُعرف بثورة الثامن من آذار 1963، ولاحقاً بعد استيلاء حافظ الأسد على السلطة بانقلاب عسكري عام 1970 بما يُعرف بالحركة التصحيحية، وهذه النقطة التاريخية الفاصلة - وإن سبقها ارهاصات ضمن اللجنة العسكرية – تمثلت في وصول أول رئيس "علوي" للحكم في سورية الحديثة منذ الاستقلال، علماً أنه سبق له الوصول لمنصب وزير الدفاع قبل ذلك بعام 1966، ولتبدأ بعدها حقبة مليئة باستثمار الطائفية حتى يومنا هذا.

 أن تقوية الانقسام الطائفي في سورية بدأ في السبعينات، على خلفية الصراع بين حركة الأخوان المسلمين والنظام السوري، والذي وصل ذروته بعد عام 1982، حيث زادَ من اعتماد حافظ الأسد على أقربائه وأبناء طائفته، وبالتالي زيادة في الطبيعة العلوية لنظام، حيث كان  هناك من بين 31 ضابطاً عُينوا من قبل حافظ الأسد في قيادة الجيش السوري (في الفترة الممتدة ما بين 1970 إلى 1997) ما لا يقلّ من 61.3% من العلويين في قيادته منهم 8 ضباط من عشيرة حافظ الأسد و4 من عشيرة زوجته، وبالتدقيق تبين أن 7 من هؤلاء 12 من أقرباء الأسد المباشرين، ومما ساهم في انتصار العلويين النهائي في تلك الحقبة هي أنهم ركزوا على الوحدات الضاربة القوية التي كانت ذات صلة مباشرة بالقيام بالانقلابات العسكرية أو إفشالها، ونجحوا في السيطرة عليها، وتلك الوحدات هي أسراب الطيران ووحدات الصواريخ والألوية المدرعة في العاصمة وحولها، فضلاً عن قوات المخابرات والمخابرات المضادة.([2])

يبدو جلياً أن هذه السياسية ما زالت متبعة حتى بعد مرور خمسة عقود من الزمن على تولي آل الأسد الحكم في سورية، حيث يسيطر العلويون على 100 % من أهم 40 منصب قيادي في الجيش السوري، بالإضافة لاحتفاظ بشار الأسد بقيادة الوحدات النوعية ضمن أبناء القرداحة أو ممن ينتمون لعشيرته أو لعشيرة أخواله.([3])

وهذا ما ساهم في بلورة سبباً رئيسياً في سخط الضباط "السنة" حيث كان التحيّز الطائفي مركزياً في استراتيجية بقاء النظام السوري، وبالتالي بقي سلك الضباط السوريين يميل لصالح العلويين طوال العقود الماضية. وهذا يعني أن الضباط السنّة كانوا تحت مستوى التمثيل في جميع مستويات سلك الضباط، وبالتحديد في المناصب العملياتية والاستخباراتية. كان الإحباط متفشياً بشدة بين الضباط السنّة من ناحيةٍ مهنية، وضاعفَ من اغترابهم عن النظام ما أدركوه من إهمال متعمدٍ للجيش لصالح الوحدات الخاصة العلوية. كما تفاقمَ سخطُ الضباط السنّة بسبب الأخلاقية المعادية للدين، المتفشية داخل المؤسسة العسكرية، وسطَ انهيار مصداقية مزاعم النظام العروبية. إن انشقاق الضباط السنّة في أعقاب التحركات الشعبية عام 2011، يعكس اغترابهم عن النظام،([4]) جنباً إلى جنب مع رفضهم لذبح المدنيين، ومعظمهم من المسلمين السنة، من أجل الدفاع عن النظام. من جهة أخرى ساهمت "العلوية العسكرية" في بقاء الجيش متماسكاً وموالياً منذ عام 2011 أن غالبية الضباط ينحدّرون من الطائفة العلوية، ([5])

عموماً؛ تتضافر عدة عوامل في  صعود العلويين داخل المؤسسة العسكرية ليتمكنوا من الهيمنة الحاسمة على الجيش ابتداءً من النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي، حيث بدأ الملمح العلوي داخل القوات المسلحة بالتمظهر منذ أحداث الثمانينات، إذ حفزت تلك الأحداث مشاعر الخوف وعدم الاطمئنان لدى العلويين ودفعتهم للانضمام أكثر للقوات المسلحة وعزز هذا الميل بيئة اجتماعية محفزة للتطوع وشبكات حماية وانتشار داخل المؤسسة العسكرية عمادها الأقارب والأصدقاء والمعارف، وتسهيلات تمنحهم أفضلية في القبول بالكليات الحربية بمقابل انخفاض تدريجي في نسبة المتطوعين السنة. ([6])

ثالوث القيادة بعد عام 2011: نحو "العلونة" سر

قبل عام 2011؛ تكوّن الجيش السوري تاريخياً من ثلاثة فيالق عسكرية في القوات البرية تضم 12 فرقة عسكرية أساسية إضافة للحرس الجمهوري والقوات الخاصة وحرس الحدود، بالإضافة لفرقتين جويتين وفرقتين دفاع جوي وعدة ألوية في القوات البحرية ناهيك عن عشرات الإدارات والوحدات العسكرية والألوية المستقلة وغيرها، وكانت تتوزع المناصب الأساسية في تلك الفرق والوحدات والإدارات على مختلف الطوائف الموجودة في سورية ضمن ثالوث القيادة مع وجود تفضيل لاستلام ضباط علويون لقيادة مناصب معينة دون الالتزام بهذا الثالوث. واستمر منهج "ثالوث القيادة" كمعيار ناظم لتصميم قيادة الوحدات العسكرية حتى قبل بداية الثورة السورية بعام 2011، إلا أنه بعد بداية الثورة السورية، زجت قيادة النظام بوحدات معينة من الجيش السوري في الأحداث الدائرة، واعتمدت بداية على وحدات معروفة بولائها الطائفي له، ومع تزايد حدّة الاحتجاجات الشعبية وفشل الأجهزة الأمنية في مهامها، تزايد بشكل مطرد دخول وحدات أخرى من الجيش، ونتيجة لممارسات وحشية قام بها الجيش بدأت تظهر حالات انشقاق عن الجيش السوري وازدادت وتيرتها بشكل ملحوظ مع كل انتشار جديد للوحدات العسكرية، وتركزت حالات الانشقاق خصوصاً ضمن صفوف العسكريين من السُنة بمختلف فئاتهم سواء من ضباط أو صف ضباط أو حتى أفراد في الخدمة الإلزامية بالتزامن مع عزوف شبه تام عن الالتحاق بالجيش على صعيدي الخدمة الإلزامية أو الخدمة الاحتياطية.

ومع هذه الانشقاقات بدأ ثالوث القيادة بالتصدع لصالح تولي ضباط من الطائفة العلوية المناصب القيادية في الجيش السوري بشكل أكبر من السابق، وليس في الصف الأول فقط بل امتد هذا التصدع ليشمل بقية الصفوف وبشكل ملحوظ، وبدا مع كل نشرة تعيينات أو حتى من دونها تحول الجيش لمؤسسة "علوية" همها الأوحد الحفاظ على النظام الحاكم وبالأخص في المناصب القيادية في الجيش، وذلك بغض النظر عن وجود عناصر من مختلف الطوائف مع غلبة لعناصر الطائفة العلوية سواء بالضباط أو صف الضباط والأفراد علماً أن الطائفة العلوية لا تكاد تتجاوز نسبتها 10% بالنسبة لسكان سورية، وكلّ ذلك جاء نتيجة تجيش الطائفة العلوية خوفاً من سقوط النظام وتبعاته المفترضة عليهم.

والجدير بالذكر هنا أنه بعد سلسة من التحولات نتيجة الصراع الدائر منذ 2011 وتدخل قوى أجنبية لصالح النظام السوري، ومع تدخل عسكري روسي مباشر حتى في بنية الجيش السوري، أصبح الجيش السوري يتألف من خمسة فيالق عسكرية في القوات البرية تضم 17 فرقة عسكرية أساسية إضافة للحرس الجمهوري والقوات الخاصة وحرس الحدود في القوات البرية في حين حافظت القوى الجوية والدفاع الجوي والقوى البحرية والدفاع الساحلي على بُنيتهما السابقة، مع تغييرات بسيطة على بقية الوحدات والإدارات والألوية المستقلة، كما أدى الصراع مع قوى المعارضة لخروج عدد من الألوية والوحدات العسكرية عن الخدمة بمقابل تأسيس وحدات جديدة خارجة عن المألوف والعرف العسكري، بالإضافة للاستعانة بعدد من الميليشيات الأجنبية والمحلية والتي تحمل في أغلبها أيدولوجيا شيعية كحزب الله اللبناني والميليشيات الشيعية العراقية والأفغانية، يضاف لها ميليشيات تقاتل مع النظام بطابع قومي عروبي بحجة أن النظام عروبي مقاوم، والتي سعى الجيش السوري لضم بعضها ضمن صفوفه، وبالأخص ضمن وحدات الفيلق الخامس والفرقة الرابعة والحرس الجمهوري.

تختلف الأسباب التي أوصلت الجيش السوري لحالة عالية من العلونة، وبالطبع هذه العلونة موجودة على مستوى القيادات أو على مستوى الممارسة الفعلية في صفوف الجيش وبالعودة لتلك الأسباب فيمكن إجمالها بأسباب تاريخية كالأساس الذي بني عليه الجيش منذ قضية وحدات المشرق الخاصة، وبأسباب تتعلق بوصول حزب البعث العربي الاشتراكي عبر انقلاب عام 1963 وسيطرة الضباط البعثيين من الأقليات الطائفية في سورية على مجلس قيادة الثورة؛ والصراع مع حركة الاخوان المسلمين. وحادثة مدرسة المدفعية في حلب. وصولاً لأحداث الثورة السورية منذ 2011. ومن جهة أخرى تبرز عدة أسباب في تنامي هذه المنهجية كممارسة الاقصاء على منتسبي الكليات الحربية من مختلف الطوائف ومن ضمنها السنة، بمقابل زيادة نسبة منتسبي العلويين في سلك الضباط. وعزوف "السّنة" عن التطوع في سلك الضباط نتيجة الشعور السائد بأن أعلى رتبة قد يصل إليها الضابط السني هي رتبة عقيد، في حين أن الحظ سيكون حليف القلة القليلة أصلاً في تجاوز هذه الرتبة.

قادة الجيش في نشرة 2020: علوية خالصة

يوضح الجدول التالي التوزع الطائفي والمناطقي لأهم أربعين مركزاً قيادياً في الجيش السوري حالياً، مدعوماً بأسماء ومناطق هؤلاء الضباط من القائد العام ووزير الدفاع مروراً بقادة الفيالق وقادة التشكيلات والفرق العسكرية وصولاً لبعض المراكز القيادية الأمنية والقيادية الحساسة في الجيش السوري.([7])

م

الرتبة

الاسم

المنصب

المحافظة

المنطقة

البلدة

الانتماء

ملاحظة

1          

الفريق

بشار حافظ الأسد

القائد العام للجيش والقوات المسلحة/ رئيس الجمهورية

اللاذقية

القرداحة

 

علوي

تم اعتماد الأصول

2          

العماد

علي عبد الله أيوب

وزير الدفاع

اللاذقية

اللاذقية

البهلولية

علوي

 

3          

اللواء

كفاح محمد ملحم

رئيس شعبة المخابرات العسكرية

طرطوس

دريكيش

جنينة رسلان

علوي

 

4          

اللواء

غسان جودت اسماعيل

مدير إدارة المخابرات الجوية

طرطوس

دريكيش

جنينة رسلان

علوي

 

5          

اللواء

علي أحمد أسعد

قائد الفيلق الأول

حمص

تل كلخ

المخطبية

علوي

 

6          

اللواء

طلال مخلوف

قائد الفيلق الثاني

اللاذقية

القرداحة

 

علوي

من عائلة والدة الأسد

7          

اللواء

حسن محمد محمد

قائد الفيلق الثالث

اللاذقية

جبلة

عين شقاق

علوي

 

8          

اللواء

حسن مرهج

قائد الفيلق الرابع

اللاذقية

جبلة

 

علوي

تم تأسيسه عام 2015

9          

اللواء

زيد علي صالح

قائد الفيلق الخامس

اللاذقية

جبلة

القطيلبية

علوي

تم تأسيسه عام 2016

10       

اللواء

مالك سليم عليا

قائد الحرس الجمهوري

اللاذقية

القرداحة

يرتي

علوي

 

11       

اللواء

ميلاد جديد

قائد الوحدات الخاصة

اللاذقية

القرداحة

 

علوي

 

12       

اللواء

علي عارفي

قائد قوات حرس الحدود

حمص

تل كلخ

 

علوي

 

13       

اللواء

إبراهيم خليفة

قائد الفرقة الأولى

اللاذقية

جبلة

حمام القراحلة

علوي

كان يقودها زهير الأسد

14       

اللواء

أيوب حمد

قائد الفرقة الثانية

حماه

مصياف

بعرين

علوي

الفرقة تتبع الفيلق 4

15       

اللواء

موفق محمد حيدر

قائد الفرقة الثالثة

اللاذقية

اللاذقية

عين البيضا

علوي

 

16       

اللواء

ماهر حافظ الأسد

قائد الفرقة الرابعة

اللاذقية

القرداحة

 

علوي

شقيق بشار الأسد

17       

اللواء

مفيد حسن

قائد الفرقة الخامسة

اللاذقية

القرداحة

بشلاما

علوي

 

18       

اللواء

جهاد محمد سلطان

قائد الفرقة السادسة

اللاذقية

القرداحة

 

علوي

الفرقة تتبع الفيلق 4

19       

اللواء

حكمت علي سليمان

قائد الفرقة السابعة

طرطوس

طرطوس

 

علوي

 

20       

اللواء

محمد عبد العزيز ديب

قائد الفرقة الثامنة

حمص

حمص

خربة الحمام

علوي

تم تأسيسها عام 2014

21       

اللواء

رمضان يوسف رمضان

قائد الفرقة التاسعة

حماه

السلمية

المبعوجة

علوي

أصله من قرى مصياف

22       

اللواء

سليم عبدو محمد

قائد الفرقة العاشرة

اللاذقية

الحفة

المزيرعة

علوي

 

23       

اللواء

محي الدين عبدو السلامة

قائد الفرقة الحادية عشرة

حمص

حمص

بلقيسة

علوي

 

24       

العميد

كمال إسماعيل صارم

رئيس أركان الفرقة الرابعة عشرة

طرطوس

دريكيش

المعمورة

علوي

قائد الفرقة السابق تم نقله لقيادة الفرقة 5

25       

اللواء

عيسى سليمان

قائد الفرقة الخامسة عشرة

حمص

حمص

 

علوي

 

26       

اللواء

غسان سليم محمد

قائد الفرقة السابعة عشرة

اللاذقية

جبلة

القلايع

علوي

 

27       

اللواء

عبد المجيد حسن محمد

قائد الفرقة الثامنة عشرة

اللاذقية

جبلة

بسنديانا

علوي

 

28       

اللواء

أحمد ديوب

قائد الفرقة عشرون

طرطوس

طرطوس

كرتو

علوي

فرقة قوات جوية

29       

اللواء

توفيق محمد خضور

قائد الفرقة اثنان وعشرون

اللاذقية

جبلة

حلة عارا

علوي

فرقة قوات جوية

30       

اللواء

سالم الصالح([8])

قائد الفرقة الرابعة والعشرون

حماه

السلمية

 

علوي

فرقة دفاع جوي

31       

اللواء

علي توفيق سمرة

قائد الفرقة السادسة والعشرون

حماه

السقيلبية

عين الكروم

علوي

فرقة دفاع جوي

32       

العميد

سهيل الحسن

قائد الفرقة الخامسة والعشرون مهام خاصة

اللاذقية

جبلة

بيت عانا

علوي

مشكلة حديثاً 2019 قوات النمر

33       

اللواء

بركات علي بركات

قائد الفرقة 30 حرس جمهوري

اللاذقية

القرداحة

فاخورة

علوي

تم تأسيسها عام 2017

34       

اللواء

أكرم تجور

مدير إدارة المدفعية والصواريخ

اللاذقية

القرداحة

 

علوي

 

35       

اللواء

أحمد بللول

قائد القوى الجوية والدفاع الجوي

طرطوس

بانياس

بارمايا

علوي

 

36       

اللواء

ياسر الحفي

قائد القوى البحرية

اللاذقية

جبلة

صنوبر جبلة

علوي

 

37       

اللواء

رياض عباس

الشرطة العسكرية

اللاذقية

جبلة

عين قيطة

علوي

 

38       

اللواء

محمد كنجو حسن

إدارة القضاء العسكري

طرطوس

طرطوس

خربة المعزة

علوي

 

39       

اللواء

بسام توفيق وردة

مدير إدارة القوى البشرية

حمص

تل كلخ

الزينبية

علوي

مستحدثة بعام 2018 بعد دمج إدارة شؤون الضباط مع شعبة التنظيم والإدارة

40       

اللواء

سامي توفيق محلا

مدير إدارة التجنيد العامة

اللاذقية

جبلة

 

علوي

 

 الجدول (1) التوزع الطائفي والمناطقي لأهم أربعين مركزاً قيادياً في الجيش السوري

التحليل التفصيلي: التوزيع الطائفي والمناطقي للمناصب العسكرية

يظهر الجدول السابق، أن أهم 40 مركزاً قيادياً في الجيش السوري يشغلها ضباط جميعهم من الطائفة العلوية، من هؤلاء الضباط هناك ضابطان من أقرباء الأسد المباشرين، هم اللواء ماهر الأسد ويشغل منصب قائد الفرقة الرابعة؛ اللواء طلال مخلوف يشغل منصب قائد الفيلق الثاني؛ كما كان اللواء زهير الأسد يشغل منصب قائد الفرقة الأولى حتى تاريخ قريب 7 شباط/ فبراير 2020 حتى تم استبداله باللواء إبراهيم خليفة، كما أن أعتى وأقوى جهازي استخبارات في سورية هما: شعبة المخابرات العسكرية وإدارة المخابرات الجوية يقودهما لواءان من محافظة طرطوس ومن نفس المنطقة "دريكيش" لا وبل من نفس القرية "جنينة رسلان" هما: اللواء كفاح ملحم، واللواء غسان إسماعيل على التوالي.

وفيما يلي احصائيات لأهم نسب التوزع المناطقي بين الضباط بعد أن تبين أن جميع تلك المناصب القيادية هي من نصيب الطائفة العلوية دون غيرها من الطوائف الدينية أو العرقية الموجودة في سورية.

فوفقاً للمحافظات؛ يشغل الضباط المنحدرون من محافظة اللاذقية 23 منصب قيادي من المناصب الـ 40 المذكورة أعلاه، بنسبة 58%، ومن ضمن تلك المناصب: القائد العام؛ وزير الدفاع؛ الحرس الجمهوري؛ الوحدات الخاصة؛ الفرقة الرابعة؛ بالإضافة لعدد آخر من الفرق والمناصب الأخرى، في حين يشغل الضباط المنحدرون من محافظات طرطوس 7 مناصب بنسبة 17%؛ حمص 6 مناصب بنسبة 15%؛ حماه 4 مناصب بنسبة 10%، واقتصر التوزع الجغرافي بشكل عام على ضباط من أربع محافظات فقط هي (اللاذقية – طرطوس – حمص - حماه) من أصل 14 محافظة سورية.

 

ووفقاً للمناطق: يتوزع الضباط على 12 منطقة من أصل 60 منطقة في سورية، حيث يتوزع الضباط المنحدرون من محافظة اللاذقية على الشكل التالي: 11 ضابط من منطقة جبلة، 9 من منطقة القرداحة التي ينحدر منها بشار الأسد، 2 من منطقة اللاذقية؛ 1 من منطقة الحفة، أما محافظة طرطوس فينحدر 3 ضباط من منطقة دريكيش ويحتكرون مناصب قيادية أهمها شعبة المخابرات العسكرية وكذلك إدارة المخابرات الجوية وقيادة الفرقة 14 قوات خاصة، كما يشغل ضابط من منطقة طرطوس منصب مدير إدارة القضاء العسكري المسؤولة عن كافة المحاكمات الميدانية ومحاكم الإرهاب سواء للمدنيين أو العسكريين،  كما أن قائد القوى الجوية والدفاع الجوي من منطقة بانياس بطرطوس، في حين يتوزع الستة ضباط المنحدرين من محافظة حمص على منطقتي تل كلخ وحمص، أما محافظة حماه فيوجد ضابطين من منطقة السلمية أحدهما يقود فرقة دبابات وآخر يقود فرقة دفاع جوي، وضابط من منطقة مصياف يقود فرقة ميكا، في حين يقود ضابط من منطقة السقيلبية فرقة دفاع جوي.

ويشغل الضباط المنحدرون من منطقتي جبلة والقرداحة فقط ما نسبته 27% و22% على التوالي من المراكز القيادية، ويشغل الضباط المنحدرون من منطقتي دريكيش وطرطوس في طرطوس 7% لكل منطقة، ومنطقتي حمص وتل كلخ ما نسبته 8 % لكلاً منهما، أي أن هذه المناطق السورية الستة (القرداحة – جبلة – دريكيش – طرطوس – حمص– تل كلخ) ينحدر منها 79% من قيادي الجيش، علماً أن هذه عدد سكان منطقة القرداحة التي ينحدر منها بشار الأسد، بحسب إحصاء عام 2014 بلغ /108,369/ نسمة، أي أنهم يشكلون ما نسبته 0.005 بالنسبة لعدد السكان في سورية بعام 2014، /22,7/ مليون نسمة، ويشكل مجموع هذه المناطق ما نسبته 0.06 من عدد سكان سورية.([9])

وبالنسبة لتوزع قادة الفيالق بحسب المحافظات والمناطق:

ينحدر قادة الفيالق العسكرية الخمسة من محافظتي اللاذقية وحمص، حيث يقود الفيلق الأول ضابط من منطقة تل كلخ بحمص هو اللواء علي أسعد، في حين يقود الفيالق الأربعة المتبقية ضباط من اللاذقية موزعين على منطقتين منها، حيث يقود الفيلق الثاني ضابط من القرداحة هو اللواء طلال مخلوف، في حين يقود الفيالق الثلاثة المتبقية ضباط من منطقة جبلة هم اللواء حسن محمد؛ اللواء حسن مرهج؛ اللواء زيد صالح، على التوالي.

أما توزع قادة الفرق البرية بحسب المحافظات والمناطق:([10])

كما أسلفنا سابقاً يوجد حالياً 17 فرقة عسكرية أساسية في الجيش السوري إضافة للحرس الجمهوري والوحدات الخاصة وحرس الحدود وهذه الوحدات الثلاثة كلٌ منها بقوام فرقة عسكرية في القوات البرية، وهذه الفرق تختلف اختصاصاتها ما بين مشاة محمول والمعروفة باسم ميكا، أو فرق دبابات مدرعة، وهذه الفرق موزعة على الفيالق الأربعة الأولى بالإضافة لفرق مستقلة، مع التنويه أن الفيلق الخامس – اقتحام طوعي مؤلف من عدة ألوية وليس من فرق كما يقتضيه التقسيم العسكري عادة، ومن الضروري بمكان التركيز على توزع قادة الفرق البرية لأهميتها القصوى، حيث تتوزع الاختصاصات في هذه الفرق كما يلي:

م

الفرقة / الوحدة

الاختصاص

محافظة القائد

منطقة القائد

1          

الحرس الجمهوري

حرس جمهوري

اللاذقية

القرداحة

2          

الفرقة 30 حرس جمهوري

حرس جمهوري

اللاذقية

القرداحة

3          

الوحدات الخاصة

وحدات خاصة

اللاذقية

القرداحة

4          

حرس الحدود

حرس الحدود

حمص

تل كلخ

5          

الفرقة الأولى

دبابات

اللاذقية

جبلة

6          

الفرقة الثانية

ميكا

حماه

مصياف

7          

الفرقة الثالثة

دبابات

اللاذقية

اللاذقية

8          

الفرقة الرابعة

دبابات

اللاذقية

القرداحة

9          

الفرقة الخامسة

ميكا

اللاذقية

القرداحة

10       

الفرقة السادسة

ميكا

اللاذقية

القرداحة

11       

الفرقة السابعة

ميكا

طرطوس

طرطوس

12       

الفرقة الثامنة

دبابات

حمص

حمص

13       

الفرقة التاسعة

دبابات

حماه

مصياف

14       

الفرقة العاشرة

ميكا

اللاذقية

الحفة

15       

الفرقة الحادية عشرة

دبابات

حمص

حمص

16       

الفرقة الرابعة عشرة

قوات خاصة

طرطوس

دريكيش

17       

الفرقة الخامسة عشرة

قوات خاصة

حمص

حمص

18       

الفرقة السابعة عشرة

ميكا

اللاذقية

جبلة

19       

الفرقة الثامنة عشرة

دبابات

اللاذقية

جبلة

20       

الفرقة الخامسة والعشرون

مهام خاصة - إرهاب

اللاذقية

جبلة

 الجدول (2) التوزع المناطقي لقادة الفرق البرية في الجيش السوري

وفيما يتعلق باختصاصات وحدات الفرق البرية: يوجد في الجيش السوري 7 فرق دبابات و6 فرق ميكا بالإضافة لحرس جمهوري (بقوام فرقتين) وفرقتي قوات خاصة وقيادة وحدات خاصة بالإضافة لقوات حرس الحدود مع فرقة مشكلة حديثاً باختصاص مهام خاصة/مكافحة إرهاب.

 تشكل فرق الدبابات 35% من قوة الجيش السوري البرية، أما فرق الميكا تشكل 30 % من هذه القوة، ويشكل الحرس الجمهوري 10% والقوات الخاصة 10% في حين أن الوحدات الخاصة والمهام الخاصة وحرس الحدود يشكل كلاً منها 5%، بالطبع هذا لا يعني أن الحرس الجمهوري ليس لديه قوة مدرعة بل هي موجودة وأفضل من بقية الوحدات نوعاً.

أما توزع قادة الفرق البرية بحسب المحافظات: يشغل الضباط المنحدرون من محافظة اللاذقية أكبر عدد من قادة الفرق البرية بـ 12 قائد، يليه حمص بـ 4 قادة، وثم طرطوس وحماه بقائدين لكل منهما، أي أن ضباط اللاذقية يشغلون 60% تماماً من قادة الفرق البرية بمقابل 20% لحمص، و10 % لكل من طرطوس حماه

وبالنسبة لتوزع قادة الفرق البرية بحسب المناطق: يشغل ضباط القرداحة النسبة الأعلى من قادة الفرق البرية بـ 6 قادة، ثم جبلة 4 قادة، وحمص 3 قادة بينما، بقية المناطق إما اثنان أو واحد على الأقل، أي أن ضباط القرداحة يشغلون ما نسبته 30% من قادة الفرق البرية ثم يشغل ضباط جبلة 20% من قادة الفرق البرية وبالتالي يشكل ضباط القرداحة وجبلة فقط ما نسبته 50% من قادة الفرق البرية، وكذلك نسبة 5% لمنطقتي اللاذقية والحفة، مع نسبة 15% لضباط من منطقة حمص و5% لمنطقة تل كلخ، ونسبة 5% لكلاً من منطقتي مصياف والسلمية في حماه، وكذلك 5% لكل من منطقتي طرطوس ودريكيش، أي أن ضباط من ثلاثة مناطق إدارية فقط هي (القرداحة – جبلة – حمص) يشكلون ما نسبته 65% من قادة الفرق البرية.

وبالنسبة لقادة الفرق البرية بحسب المحافظات واختصاصات الفرق البرية: يشغل ضباط اللاذقية قيادة 4 فرق دبابات و4 فرق ميكا وقيادة الحرس الجمهوري (+ الفرقة 30 الحرس جمهوري) وقيادة الوحدات الخاصة، وكذلك فرقة مهام خاصة (مكافحة إرهاب)، في حين يشغل ضباط حمص قيادة فرقتين دبابات وحرس الحدود وفرقة قوات خاصة، أما ضباط طرطوس يشغلون قيادة فرقة ميكا واحدة وفرقة قوات خاصة، في حين يشغل ضباط حماه قيادة فرقة ميكا واحدة وفرقة دبابات واحدة.

توزع قادة الفرق البرية بحسب المناطق واختصاصات الفرق البرية:  يشغل ضباط القرداحة قيادة الحرس الجمهوري
(+ الفرقة  30 حرس جمهوري)، وفرقة دبابات، كما يشغلون قيادة فرقتي ميكا وقيادة الوحدات خاصة، أما ضباط جبلة يشغلون قيادة فرقتي دبابات وفرقة ميكا وفرقة مهام خاصة، في حين يشغل ضابط من منطقة اللاذقية قيادة فرقة دبابات، وضابط من منطقة الحفة قيادة فرقة ميكا، ويشغل ضباط من منطقة حمص قيادة فرقتين دبابات وقيادة فرقة قوات خاصة، كما يشغل ضباط تل كلخ قيادة قوات حرس الحدود، أما منطقة طرطوس يشغل ضابط واحد قيادة فرقة ميكا في حين يشغل ضابط آخر من منطقة دريكيش قيادة فرقة قوات خاصة، في حين يشغل ضباط منطقتي السلمية ومصياف بحماه قيادة فرقة دبابات وفرقة ميكا على التوالي.

تتمتع بعض الوحدات العسكرية بأهمية عن بعض الوحدات الأخرى، وتأتي هذه الأهمية نتيجة قيام هذه الوحدات بأدوار معينة، يتجاوز بعضها المهام العسكرية المفترضة نحو مهام أمنية، بمقابل تجاوز أيضاً وحدات الاستخبارات الأدوار والمهام الأمنية المنوطة بها للقيام بأدوار عسكرية، حيث يتمتع هذا المزيج بقوة عسكرية/أمنية تفوق قوة بقية الوحدات، وهو ما يمكن تسميته بمراكز القوة الفاعلة في الجيش السوري.

م

المنصب

المحافظة

المنطقة

الانتماء

ملاحظة

1          

القائد العام للجيش والقوات المسلحة/ رئيس الجمهورية

اللاذقية

القرداحة

علوي

 

2          

وزير الدفاع

اللاذقية

اللاذقية

علوي

 

  -

رئيس هيئة الأركان العامة

المنصب شاغر منذ بداية عام 2018

3          

رئيس شعبة المخابرات العسكرية

طرطوس

دريكيش

علوي

وحدة استخبارات تقوم بمهام أمنية وعسكرية

4          

مدير إدارة المخابرات الجوية

طرطوس

دريكيش

علوي

وحدة استخبارات تقوم بمهام أمنية وعسكرية

5          

قائد الحرس الجمهوري

اللاذقية

القرداحة

علوي

وحدة عسكرية تقوم بمهام أمنية

6          

قائد الوحدات الخاصة

اللاذقية

القرداحة

علوي

تقوم بالأساس على عدة أفواج عسكرية قادرة على المناورة والتحرك بسرعة

7          

قائد الفرقة الأولى

اللاذقية

جبلة

علوي

خط الدفاع الأول عن دمشق من جهة الجنوب

8          

قائد الفرقة الثالثة

اللاذقية

اللاذقية

علوي

خط الدفاع الأول عن دمشق من جهة الشمال

9          

قائد الفرقة الرابعة

اللاذقية

القرداحة

علوي

تم تأسيسها على أنقاض سرايا الدفاع، تقوم بمهام أمنية ويقودها ماهر شقيق بشار

10       

قائد الفرقة عشرون

طرطوس

طرطوس

علوي

فرقة جوية

11       

قائد الفرقة اثنان وعشرون

اللاذقية

جبلة

علوي

فرقة جوية

12       

قائد الفرقة 25 قوات خاصة

اللاذقية

جبلة

علوي

تم تشكيلها أساساً على ميليشيا النمر،
الميليشيا تتبع للمخابرات الجوية

13       

مدير إدارة المدفعية والصواريخ

اللاذقية

القرداحة

علوي

برنامج الصواريخ من أهم البرامج في سورية

 الجدول (3) مراكز القوة الفاعلة في الجيش السوري

يتمتع ضباط اللاذقية بشغل أهم المناصب في الوحدات العسكرية ويشكلون ما نسبته 77% من مراكز القوة، في حين يتمتع ضباط طرطوس في شغل المناصب الأمنية ويشكلون ما نسبته 23% من مراكز القوة.

أما مناطقياً، يشغل ضباط منطقة القرداحة 5 مناصب بنسبة 39%، يليه ضباط منطقة جبلة 3 مناصب بنسبة 23% وضباط منطقة اللاذقية منصبين بنسبة 15%، بمقابل منصبين لضباط منطقة دريكيش بنسبة 15% ومنصب واحد لمنطقة طرطوس بنسبة 8%.

وبناءً على ما سبق، يتبين أن توزع المناصب القيادية (40) على أبناء الطوائف في سورية على النحو التالي:

أما بالنسبة لتوزع المناصب القيادية على المحافظات السورية فهو على النحو التالي:

المحافظة

العدد

المحافظة

العدد

المحافظة

العدد

دمشق

0

حماه

4

اللاذقية

23

ريف دمشق

0

حمص

6

طرطوس

7

حلب

0

إدلب

0

درعا

0

السويداء

0

الرقة

0

الحسكة

0

القنيطرة

0

دير الزور

0

-

-

 

الجدول (5): توزع المناصب القيادية على أبناء المحافظات في سورية

الخاتمة

لقد أدرك حافظ الأسد في الثلث الأخير من القرن العـشرين بـأن الـشق الحـزبي−المـدني هو الحلقة الأضعف بين الفئات المتصارعة على الـسلطة، فـأعطى لمؤسـساته نمطـا شـكلياً يقتـصر عـلى قطـاع محـدود في أجهـزة الإدارة والحكـم، وجعـل تـوازن النظـام يقـوم عـلى مؤسسة عسكرية تبسط نفوذاً واسـعاً، مـن خـلال تـشكيل فـرق عـسكرية خاصـة بحمايـة النظام، ومؤسسات أمنية تهيمن على الحياة العامة، واعتمد في ذلك عـلى العنـصر الطـائفي − العشائري − العائلي لأنه يعتـبر الأكثـر ضـمانا بالنـسبة لتحقيـق معادلـة التـوازن الـصعبة داخل المؤسسة العسكرية،([11]) وهذا هو النهج الأساسي والمستمر الذي اتبعه بشار الأسد بعد توريثه السلطة ففي حين أن الحكومات وأغلب المناصب الوزارية هي من نصيب السُنة مع عدد قليل من بقية الطوائف من ضمنها العلوية، نجد أن أغلب المناصب في الجيش والأفرع الأمنية هي من نصيب العلوية، حيث أدت سياسية المتبعة لتفاقم الأحداث في سورية بشكل دراماتيكي عجيب منذ عام 2011 وحتى اليوم، ويمكن القول فعلاً بأن الجيش هو جيش طائفي بامتياز سواء على مستوى المناصب القيادية أو على مستوى اتخاذ القرار وآليات تنفيذه في حين أن القاعدة الدنيا من قواته مشكلة من عدة طوائف مع غلبة للطائفة العلوية أيضاً، وكان للأحداث الدائرة في سورية منذ عام 2011 الأثر الأكبر في إظهار الوجه الحقيقي للنظام السوري وبالأخص على مستوى المؤسسة العسكرية.

لا يمكن القول تحت أي عنوان بأن أساس ترفيع هؤلاء الضباط هو ترفيع مهني غير متحيز وبأنه ليس طائفي بل وحتى ليس عشائري، خصوصاً أن تعيين هؤلاء الضباط قد تم بشكل مباشر من بشار الأسد؛ ويمكن أن تتغير نتائج الورقة في أي عملية هيكلة سواء عملية هيكلة شاملة أو عملية فردية يقوم بها الأسد، ولكن يبدو بإمكاننا القول أن الجيش العربي السوري قد تحول رسمياً للجيش العلوي السوري.

ملحق التغيرات في المناصب العسكرية السابقة منذ بداية 2020:

الوحدة العسكرية

القائد الحالي

المحافظة

الانتماء

القائد السابق

المحافظة

الانتماء

الفرقة الأولى

7/2/2020

اللواء إبراهيم خليفة

اللاذقية

علوي

اللواء زهير الأسد

اللاذقية

علوي

جبلة

القرداحة

الفيلق الأول

6/3/2020

اللواء علي أسعد

حمص

علوي

اللواء محمود القوزي

اللاذقية

علوي

تل كلخ

القرداحة

الفرقة الخامسة عشرة

6/3/2020

اللواء عيسى سليمان

حمص

علوي

اللواء علي أسعد

حمص

علوي

حمص

تل كلخ

الجدول (6): التغيرات في المناصب العسكرية السابقة منذ بداية 2020

وبناءً على الجدول أعلاه يتبين أن عملية التغيير هي عملية تغيير باتجاه واحد، أي استبدال ضابط علوي بضابط علوي آخر.

قائمة بأسماء الضباط والعشائر العلوية التي ينتمون إليها:

هناك أربعة عشائر علوية رئيسية في سورية هي: الكلبية؛ الحدادين؛ الخياطين؛ المتاورة، وتتفرع عدة عشائر فرعية من هذه العشائر الرئيسية كالرسالنة؛ القراحلة؛ المحارزة؛ الصوارمة؛ النميلاتية؛ الشوارغة؛ البهلولية([12])، من هذه العشائر الرئيسية، وفيما يلي قائمة بأسماء الضباط والعشائر التي ينتمون إليها،([13])

م

الرتبة

الاسم

المنصب

المحافظة

العشيرة

الفخذ

ملاحظة

1          

الفريق

بشار حافظ الأسد

القائد العام للجيش والقوات المسلحة/ رئيس الجمهورية

اللاذقية

الكلبية

 

 

2          

العماد

علي عبد الله أيوب

وزير الدفاع

اللاذقية

 

بهلولي

 

3          

اللواء

كفاح محمد ملحم

رئيس شعبة المخابرات العسكرية

طرطوس

الكلبية

الرسالنة

 

4          

اللواء

غسان جودت اسماعيل

مدير إدارة المخابرات الجوية

طرطوس

الكلبية

الرسالنة

 

5          

اللواء

علي أحمد أسعد

قائد الفيلق الأول

حمص

-

 

 

6          

اللواء

طلال مخلوف

قائد الفيلق الثاني

اللاذقية

الحداديين

 

 

7          

اللواء

حسن محمد محمد

قائد الفيلق الثالث

اللاذقية

الحداديين

بني علي

 

8          

اللواء

حسن مرهج

قائد الفيلق الرابع

اللاذقية

الخياطين

 

 

9          

اللواء

زيد علي صالح

قائد الفيلق الخامس

اللاذقية

الخياطين

 

 

10       

اللواء

مالك سليم عليا

قائد الحرس الجمهوري

اللاذقية

الكلبية

 

 

11       

اللواء

ميلاد جديد

قائد الوحدات الخاصة

اللاذقية

الحداديين

 

 

12       

اللواء

علي عارفي

قائد قوات حرس الحدود

حمص

-

-

 

13       

اللواء

إبراهيم خليفة

قائد الفرقة الأولى

اللاذقية

الكلبية

القراحلة

 

14       

اللواء

أيوب حمد

قائد الفرقة الثانية

حماه

متاورة

محارزة

 

15       

اللواء

موفق محمد حيدر

قائد الفرقة الثالثة

اللاذقية

الحداديين

الحيدريين

 

16       

اللواء

ماهر حافظ الأسد

قائد الفرقة الرابعة

اللاذقية

الكلبية

 

 

17       

اللواء

مفيد حسن

قائد الفرقة الخامسة

اللاذقية

الحداديين

 

 

18       

اللواء

جهاد محمد سلطان

قائد الفرقة السادسة

اللاذقية

الكلبية

 

 

19       

اللواء

حكمت علي سليمان

قائد الفرقة السابعة

طرطوس

-

 

 

20       

اللواء

محمد عبد العزيز ديب

قائد الفرقة الثامنة

حمص

الكلبية

 

 

21       

اللواء

رمضان رمضان

قائد الفرقة التاسعة

حماه

متاورة

 

 

22       

اللواء

سليم عبدو محمد

قائد الفرقة العاشرة

اللاذقية

الكلبية

 

 

23       

اللواء

محي الدين عبدو السلامة

قائد الفرقة الحادية عشرة

حمص

الحداديين

 

 

24       

العميد

كمال إسماعيل صارم

رئيس أركان الفرقة الرابعة عشرة

طرطوس

الكلبية

الصوارمة

 

25       

اللواء

عيسى سليمان

قائد الفرقة الخامسة عشرة

حمص

-

 

 

26       

اللواء

غسان سليم محمد

قائد الفرقة السابعة عشرة

اللاذقية

-

 

 

27       

اللواء

عبد المجيد حسن محمد

قائد الفرقة الثامنة عشرة

اللاذقية

خياطين

 

 

28       

اللواء

أحمد ديوب

قائد الفرقة عشرون

طرطوس

-

 

 

29       

اللواء

توفيق محمد خضور

قائد الفرقة اثنان وعشرون

اللاذقية

الكلبية

القراحلة

 

30       

اللواء

سالم الصالح

قائد الفرقة الرابعة والعشرون

حماه

-

 

 

31       

اللواء

علي توفيق سمرة

قائد الفرقة السادسة والعشرون

حماه

الحداديين

المهالبة

 

32       

العميد

سهيل الحسن

قائد الفرقة 25 قوات خاصة

اللاذقية

-

 

 

33       

اللواء

بركات علي بركات

قائد الفرقة 30 حرس جمهوري

اللاذقية

الكلبية

 

 

34       

اللواء

أكرم تجور

مدير إدارة المدفعية والصواريخ

اللاذقية

الكلبية

 

 

35       

اللواء

أحمد بللول

قائد القوى الجوية والدفاع الجوي

طرطوس

الخياطين

 

 

36       

اللواء

ياسر الحفي

قائد القوى البحرية

اللاذقية

-

 

 

37       

اللواء

رياض عباس

الشرطة العسكرية

اللاذقية

الكلبية

الياشوطية

 

38       

اللواء

محمد كنجو حسن

إدارة القضاء العسكري

طرطوس

-

 

 

39       

اللواء

بسام توفيق وردة

مدير إدارة القوى البشرية

حمص

-

 

 

40       

اللواء

سامي توفيق محلا

مدير إدارة التجنيد العامة

اللاذقية

-

 

 

 

الجدول (7): أسماء الضباط والعشائر العلوية التي ينتمون إليها


([1]) أسس حافظ الأسد الحرس الجمهوري وسرايا الدفاع والوحدات الخاصة، وهي وحدات نوعية من شأنها حماية النظام من أي عملية انقلابية.

([2])  حنا بطاطو: "فلاحو سورية أبناء وجهائهم الريفيين الأقل شأناً وسياساتهم"، ترجمة: عبد الله فاضل – رائد النقشبندي، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بيروت، ط1، 2014، ص 406.

([3]) ينتمي بشار الأسد لعشيرة الكلبية في حين ينتمي آل مخلوف لعشيرة الحديديين.

([4]) هشام بو ناصيف: " مظلومية الضبّاط السنّة في القوات المسلحة السورية: ضبّاط الدرجة الثانية"، موقع الجمهورية، تاريخ النشر: 3/5/2016، الرابط: https://bit.ly/2TIvz4l

([5]) خضر خضور: " "غيتو" ضبّاط الأسد: لماذا لايزال الجيش السوري مواليا؟ "، مركز كارنيغي، تاريخ النشر: 04 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، الرابط: https://bit.ly/38GUs4Y

([6]) والذي يعود لعزوف يتحمل مسؤوليته أبناء السنة، وبالأخص أبناء المدن، أو نتيجة إقصاء متعمد مورس بحقهم حال دون قبولهم في الكلية الحربية، وتوصل الباحث إلا أن هوية الجيش الوطنية قد تآكلت وبأن خطوط الانقسام الطائفي قد توضحت بداخله، مع شعور الضباط السنة بالمزيد من الاقصاء وانخفاض عددهم وتآكل نفوذهم عقب عمليات انشقاق العديد منهم، كذلك إزاء اندفاعة الضباط العلويين وتعزيز تواجدهم في سلكي الضباط وصف الضباط وهيمنتهم على المناصب القيادية داخل القوات المسلحة.

للمزيد راجع ورقة أيمن الدسوقي، "ما الذي تفصح عنه الطائفية في الجيش السوري؟"، كتاب "المؤسسة العسكرية السورية 2019"، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، 01 تموز/ يوليو 2019، الرابط: https://bit.ly/3aLHc0c

([7])ملاحظة: في البيانات اللاحقة سيرد كلمة "منطقة" وبعدها قد يرد أسماء محافظات، أود التنويه بأنها ليست عبارات خاطئة، فالتقسيم الإداري في سورية يتبع البلدات والقرى القريبة لمراكز المحافظات لمنطقة المحافظة، وبالتالي أن تعبير منطقة اللاذقية أو منطقة حمص أو منطقة طرطوس يدل على أن قائد الوحدة العسكرية يتبع إما للمدينة نفسها أو لبلدة أو قرية قريبة من مركز المدينة.

([8]) اللواء سالم الصالح، قائد الفرقة 24 دفاع جوي، المصدر: وحدة المعلومات في مركز عمران.

([9]) المكتب المركزي للإحصاء، الرابط: http://cbssyr.sy/

المنطقة

السكان

النسبة

المنطقة

السكان

النسبة

المنطقة

السكان

النسبة

المجموع

سكان سورية

النسبة

جبلة

315,864

0.014

القرداحة

108,369

0.005

الدريكيش

87,454

0.004

1,417,570

22,740,000

0.06

طرطوس

243,815

0.011

حمص

612.271

0.027

تل كلخ

49,797

0.002

([10]) لم يتم إدخال قادة الفيالق العسكرية، تم احتساب قادة الفرق البرية فقط.

([11]) بشير زين الدين: "الجيش والسياسة في سوريا"، دار الجابية، لندن، ط1، 2008، ص 426.

([12]) عشيرة قائمة على أساس معتقد ديني (حيدري) ضمن الطائفة العلوية.

([13]) المصدر:

محمد أمين غالب طويل: "تاريخ العلويين"، مطبعة الترقي، اللاذقية، عام 1924.

منير شريف: "المسلمون العلويين، من هم، وأين هم"، دمشق، ط2، 1960عام.

اميل عباس: "تاريخ العلويين في بلاد الشام"، الجزء 3، دار الأمل والسلام، بيروت، ط1، عام 2013.

نظّمَ مركز عمران للدراسات الاستراتيجية "مجموعة تركيز" في إطار سلسلة ورشاته، نحو البحث في تطوير خارطة طريق لتطبيق أنواع ومفاهيم اللامركزية المناسبة والممكنة في سورية مستقبلاً، وذلك خلال الفترة الممتدة من 2-4 آذار 2020، ضمن مقره الكائن في تركيا-إسطنبول.

وقد تخلل الورشة نقاش متبادل بين مجموعة من الباحثين والخبراء والتقنيين والمعنيين من الهيئات واللجان السياسية السورية، إضافة لممثلين عن منظمات مجتمع مدني، كما استعرضت الورشة ضمن سياقها تجارب مختلفة لعدة دول خاضت تجارب اللامركزية بدرجات متفاوتة، في حين تم البحث والنقاش بالأبعاد المختلفة لتطبيقات اللامركزية على السلطات المختلفة (التشريعية، التنفيذية، القضائية)، مراعياً الهواجس والمخاوف المختلفة التي قد ترافق مفاهيم اللامركزية وتطبيقاتها، خاصة في مراحل ما بعد الصراع.