Omran Center

Omran Center

خريطة توضح تغيرات مواقع السيطرة في ريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي حتى تاريخ 12 أيار / مايو 2016

أجرت قناة الحوار الفضائية ضمن برنامجها "سوريا اليوم" مقابلة تلفزيونية مع الدكتور عمار قحف المدير التنفيذي لمركز عمران، للحديث عن بشار الأسد من الناحيتين الشخصية والنفسية. أثر دراسة قدمها مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي حول شخصية بشار الأسد وتأثير هذه الشخصية على الصراع في سورية، ولعل أحد أسباب خروج الشعب السوري للمطالبة بنيل حريته هو هذه الشخصية المستبدة وما تنطوي عليه من جوانب ظاهرية وباطنية، كما يذكر أن الدراسة التي أعدها مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي تناولت في سلسلتها عدداً من زعماء الدول كان من بينهم بشار الأسد.

بقدر ما عكسته الهدنة من هشاشة تتبع لطبيعة التعاطي الدولي مع الملف السوري؛ إلا أنها فرضت متغيرات جديدة على واقع الصراع السوري. فالهدنة التي فشلت إلى حد ما في تثبيت وقف إطلاق النار؛ نجحت بشكل أكبر في فرض مجموعة من المعطيات الجديدة على الأرض، والتي استتبعت استراتيجيات جديدة من الفاعليين المحليين، واستحدثت مسارات مختلفة في التعاطي الدولي والإقليمي مع الملف السوري، لتبدأ بصياغة واقع مختلف عما قبل الهدنة لا يزال قيد التشكيل، تكاد تبرز ملامحه عبر مجموعة المتغيرات التي فرضتها الهدنة على الأرض. ما يضع المعارضة السورية أمام تحديات جمة على كل الصعد، ويفرض عليها ديناميات داخلية لتحرك فعال على المستوى التكتيكي والاستراتيجي.

أعلنت كلٌ من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية في بيان مشترك بتاريخ 27 فبراير/شباط 2016 عن التوصّل لاتفاق هدنة في سوريا يستثني كلاً من تنظيمي "الدولة الإسلامية" و "جبهة النصرة". وقد بُنيَ الاتفاق على أرضية مشتركة بين موسكو وواشنطن بدعم دولي، لتثبيت وقف إطلاق النار والأعمال العدائية، واستئناف العملية السياسية في جنيف وفقاً لخارطة الطريق في القرار 2254.  وشهدت تلك الهدنة منذ بدايتها ما يزيد عن 2000 خرقاً من قبل نظام الأسد، كان آخرها حملة شرسة قادها النظام بدعم من حُلفائه على مدينة حلب بالتوازي مع تعثّر المسار السياسي في جنيف.

ورغم ما عكسته الهدنة من هشاشة نتيجة طبيعة التعاطي الدولي مع الملف السوري، إلا أنها فرضت متغيرات جديدة على واقع الصراع. فالهدنة التي فشلت إلى حدّ ما في تثبيت وقف إطلاق النار، نجحت بشكل كبير في فرض مجموعة من المعطيات الجديدة على الأرض، استتبعت بدورها استراتيجيات جديدة من الفاعليين المحليين، كما استحدثت مسارات مختلفة في التعاطي الدولي والإقليمي مع الملف السوري، لتبدأ بصياغة وتشكيل واقع مختلف عمّا قبل الهدنة؛ الواقع الذي إلى الآن ما زال قيد التشكيل، إلا أن ملامحه تكاد تبرز عبر مجموعة المتغيرات التي فرضتها الهدنة على الأرض.

أولاً: ملامح واقع ما بعد الهدنة

ساهم اتفاق الهدنة وما رافقه من تطورات محلية إقليمية ودولية، بالدفع باتجاه صياغة واقع جديد لمسار الصراع السوري. ويستند هذا الواقع إلى مجموعة متغيرات فرضتها الهدنة على الرغم من أنه لم يتم تثبيتها بشكل نهائي إلا أن ملامحها تكاد ترتسم بوضوح، ولعل أبرزها:

1.    استراتيجية تطويق الأزمة

عكست الهدنة إرادة دولية في تثبيت خطوط التماس بين المعارضة والنظام عبر حدود الهدنة التي تُعد تقسيماً غير معلن لمناطق النفوذ، وتثبيتاً لها إلى أمد يبدو بعيد، إضافة إلى نقل الملف السوري إلى الساحة السياسية عبر المفاوضات في جنيف، مقابل توجيه الفاعلية العسكرية باتجاه محاربة الإرهاب.

2.    تعزيز سياسة المحاور

مع بداية توقيع الهدنة بدأت تلوح في الأفق بوادر لتبلور توافق روسي أمريكي -وإن كان غير متطابق في كل الملفات-ووجهة نظر موحدة حول طبيعة الحل السياسي تُهمش باقي الفاعلين الدوليين في الملف السوري، وهو الأمر الذي أدى إلى تعزيز سياسة المحاور على المستوى الدولي إزاء فرض واشنطن وموسكو رؤيتهما على باقي الفاعلين، حيث بات الفاعل الخليجي إضافة إلى تركيا يمثلون محوراً يتقاطع بدرجة كبيرة مع المحور الأوروبي، مقابل الأسد وطهران اللذان يمثلان محوراً آخر. في حين بدت روسيا وأمريكا اللتان أخذتا تبتعدان عن شركائهما ووكلائهما الإقليمين والمحليين، لتقتربا من تقديم نفسيهما كطرف "راعٍ للحل السياسي وليس ضالع في الصراع"، أقرب لمحور ناشئ في وجه باقي المحاور، من حيث التعاطي مع الملف السوري.

3.    أولوية مكافحة الإرهاب

كرست الهدنة على الأرض اختزال القضية السياسية السورية بملف مكافحة الإرهاب، والسعي لتقديمه على حساب الإشكالية الحقيقية المتمثلة بحضور الأسد، الأمر الذي انعكس في محاولات إخضاع المقاربات السياسية وتفاصيل العملية التفاوضية في جنيف لمدخل مكافحة الإرهاب وأولوياته، مما ساهم بشكل كبير في خلق حالة تعطيلية في مسار المفاوضات السياسية.

4.    استراتيجية جديدة للتنظيم

بحكم استثنائه من الهدنة ونقل الصراع إلى مجال مكافحة الإرهاب، تحوَّل تنظيم الدولة "الإسلامية" إلى هدف معلن لجميع الفاعليين على الأرض، ما فرض على التنظيم تغيير الاستراتيجية العسكرية لتحركاته، والتي بدت خلال الهدنة أنها قائمة على تجنب الفاعلية العسكرية الأقوى، والمتمثلة بقوات نظام الأسد والمليشيات الشيعية وما يؤمَّن لهما من غطاء جوي روسي، إضافة لقوى "سوريا الديمقراطية" وما يؤمَّن لها من غطاء جوي أمريكي، والتوجه إلى الجهة الأضعف عسكرياً، والتي مثلتها مجاميع المعارضة المسلحة، وهذا ما يُفسر انسحاب التنظيم من تدمر وهجماته في ريف حلب الشمالي.

5.    النصرة كإشكالية متنقلة

أدى استثناء جبهة النصرة من الهدنة دون وضع قواعد وآليات محكمة لاستهدافها إلى خلق إشكالية متنقلة في جسد المعارضة العسكرية، نتيجة لتداخل نفوذ النصرة مع أغلب جبهات المعارضة. وقد أدت هذه السيولة إلى تأمين غطاء الشرعية الدولية لاستهدافها من قبل قوات نظام الأسد وموسكو، وإحداث ارتباك حقيقي بين صفوف المعارضة نتيجة عدم وجود أي آليات للتعاطي مع هذا الواقع الجديد. ومن هنا يمكن استنتاج إصرار الروس وبعض الأطراف الدولية في فيينا على استثناء جبهة النصرة من الهدنة، على الرغم من إدراك واقع الأرض المعقد والمتشابك وتحديداً في الشمال السوري، ولكن يبدو أنه كان لابد من تثبيت هدنة تحتمل الخرق على شماعة النصرة.

6. اختبار الخطط البديلة PLAN B

أكدت الخروقات المتكررة للهدنة من قبل نظام الأسد -وخاصة الحملة الأخيرة على حلب التي هددتها بشكل مباشر، إضافة لتعثر المفاوضات السياسية وعدم التعاطي بجدية معها- على عدم وجود أي خطة بديلة PLAN B لدى الفاعلين الدوليين الداعمين للثورة، حيث أظهرت ارتباكاً حقيقياً، وتحديداً أمام الأجندة الإيرانية، واضحة المعالم كبديل للهدنة والقائمة على الحسم العسكري واستعادة المناطق الاستراتيجية من المعارضة وتحديداً  حلب، مما جعل من الهدنة غطاء حقيقياً استثمره الإيرانيون ونظام الأسد لاستكمال استراتيجيتهم بأدوات مختلفة، بل سَعَوا لتطويع الحضور الروسي ضمن هذ الاستراتيجية ما زاد مؤشرات التنافس بين موسكو وطهران.

7. موسكو وطهران ومؤشرات التنافس

كشّفت الهدنة وما شهدته من تطورات عسكرية على الأرض، عن تصاعد مؤشرات التنافس بين موسكو وطهران في الملف السوري، وتحديداً في حلب، والذي لم يصل لدرجة التضارب ولكن بات يبدو بشكل واضح تنافساً حول التصور المختلف لطبيعة الحل السياسي لكل من الطرفين. ويبدو من هذا التنافس أن الأسد إلى الآن يستفيد من هوامشه مع الاقتراب بشكل أكبر من الأجندة الإيرانية ومحاولة تجاوز الالتزام الروسي بالهدنة في حلب. ولعل خسارة الأسد والإيرانيين التي بدأت في "تل العيس" وانتهت في "خان طومان" بريف حلب الجنوبي، وهي مناطق نفوذ المليشيات الإيرانية؛ مثّلت رسالة واضحة من الروس لعدم تدخلهم في نجدة النظام، بأن الدعم الروسي أساس للصمود والتقدم، وهي الرسالة التي سبقها تصريح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بأن "الأسد ليس حليفنا"، في محاولات سعي موسكو لتقديم نفسها كراعٍ للحل السياسي وليس طرفاً تابعاً للأجندة الإيرانية. انظر الخريطة رقم (1)

خريطة رقم (1) توضح مواقع النفوذ والسيطرة – ريف حلب الجنوبي – 10 أيار 2016


8. ضعف استراتيجية المعارضة

عادت الهدنة من جديد لتؤكد على مجموعة من نقاط الضعف في بنى المعارضة العسكرية على مستوى عدم وضوح الاستراتيجية الدفاعية لصد الخروقات أو على مستوى الردود التكتيكية، ما حال بينها وبين استثمار الهدنة لصالحها، وهذا ما انعكس في خلافات القوى العسكرية في الغوطة الشرقية (جيش الإسلام/فيلق الرحمن)، إضافة للتحركات غير المحسوبة في ريف حلب الشمالي. ويُقابل ذلك التعثر نهج أكثر وضوحاً لنظام الأسد، والذي طوع عبره الهدنة والعملية السياسة كغطاء لتحركات وخروقات عسكرية لا تبدو عبثية بقدر ما تبدو مدروسة، إذ توزعت خروقات النظام على عدة مستويات، أبرزها:

- خروقات استنزافية تهدف إلى استنزاف فصائل المعارضة العسكرية فقط، كمعارك الساحل الأخيرة والقصف المتواصل على جبال الأكراد والتركمان.
- خروقات للضغط السياسي كالمجازر التي ارتكبتها قوات الأسد في مدينتي كفرنبل ومعرة النعمان، إثر إعلان الهيئة العليا للتفاوض عن تعليق مشاركتها في مفاوضات جنيف.
- خروقات استراتيجية تمثلت في الحملة الأخيرة على حلب والسعي لحصارها وإبعادها خارج نطاق الهدنة.

إن مجمل تلك الوقائع التي أفرزتها الهدنة وتقاطعها مع الظرف الإقليمي والدولي، تبدو بأنها تصب في مصلحة الأسد وحلفائه، والذين يسعون للتماهي معها واستثمارها عبر عدة أدوات سياسية وعسكرية، أبرزها:

1.    الهدن المحلية التي يتبعها نظام الأسد في محيط دمشق، لضبط حزام العاصمة.
2.     الاعتماد على الخروقات المنظمة خارج هذا الحزام لاستنزاف قوى المعارضة.
3.    استثمار الفاعلية الروسية للتوسع في مناطق تنظيم الدولة وتقديم نفسه كشريك في مكافحة الإرهاب.
4.    استخدام أدوات التعطيل السياسي في جنيف، سواء عبر سياسة الإغراق بالتفاصيل التي يتبعها النظام، أو بعض المنصات التي ساهم بتشكيلها لخرق جسد المعارضة (حميميم، الأستانة، القاهرة).
5.    استغلال المزاج الدولي القائم على تراجع الفاعلية الأمريكية في الملف السوري وتقارب وجهة نظر واشنطن وموسكو لتصور الحل السياسي، والقلق الأوروبي إزاء مكافحة الإرهاب وملف اللاجئين، وتراجع الفاعلية العربية نتيجة

تعقد ملفات دول الربيع العربي والدعم من بعض الأنظمة العربية، إضافة إلى رضى حذر من تل أبيب إزاء هذا الوقع المعقد في سورية والاكتفاء بمنطقة آمنة في الجنوب، وانحسار وارتباك أدوات المحور الثلاثي (تركيا، السعودية) أمام الحاجز الأمريكي الروسي.

إن ما يلجأ إليه الأسد وحلفائه ولايزالون خلال فترة سريان الهدنة؛ يضع المعارضة السورية أمام تحديات جمة على كل الصعد، ويفرض عليها ديناميات داخلية لتحرك فعَّال على المستوى التكتيكي والاستراتيجي، فبقدر ما تمثله المرحلة المقبلة من محاولات تضييق لأفق المعارضة؛ إلا أنها لاتزال تؤمن هامش تحرك حقيقي قد يحوِّلها من طرف متأثر إلى طرف مؤثر في الواقع الذي لايزال قيد التشكل.

ثانياً: هوامش تحرك المعارضة السورية

إن محاولات تثبيت الهدنة وفرض خارطة طريق في القرار 2254 لا يمثل بداية حل للأزمة السورية، بقدر ما يُنذر بنقل الصراع إلى صُعد مختلفة تماماً، وتشكيل واقع جديد يتناسب ووجهة النظر الأمريكية الروسية (قيد التشكل)، الأمر الذي يتطلب من المعارضة تغيير الأدوات واستحداث أخرى تتناسب والظرف القائم، والذي يُمثل تهديداً حقيقياً للثورة السورية. إن هذا يفرض على المعارضة التحرك على عدة مستويات واستغلال ما يتاح لها من هوامش التجاذبات الدولية وخلق أخرى تصب في صالح الثورة، ولعل أبرز التحركات التي يفرضها واقع الهدنة -وما سبقه وما قد يتلوه-على المعارضة السورية، تتمثل فيما يلي:

1.    على المستوى العسكري

•    تشكيل غرف عمليات مشتركة على مستوى المحافظات ومحاولة استثمار الهدنة لإعادة هيكلية حقيقية وتدعيم نقاط الضعف في جسد المعارضة وتقوية نقاط الاشتباك مع النظام.
•    رسم سيناريوهات جاهزة للخروقات المحتملة للهدنة من قبل نظام الأسد، وتحديد أساليب وآليات الرد وفقاً لتحديد نقاط ضعف النظام والجبهات الأقوى للمعارضة، بحيث تخرج الردود على الخروقات من خانة ردَّات الفعل لتقترب من الاستراتيجية، ومن الحالة الدفاعية إلى الهجومية.
•    استثمار الهدنة للتوسع وكسب أراضٍ جديدة على حساب تنظيم الدولة، لإبعاد خطر شن حملات مشتركة "تخادم" بين نظام الأسد والتنظيم على مناطق المعارضة. ويمكن أن يتم ذلك عبر توجيه فاعلية عسكرية منظمة باتجاه مناطق سيطرة التنظيم، والسعي لاحتكار نقاط الاشتباك معه وتعزيزها، لتأمين مناطق نفوذ للمعارضة بالدرجة الأولى، وقطع الطريق على القوى الساعية لاحتكار نقاط الاشتباك مع التنظيم استعداداً لمرحلة مكافحة الإرهاب.
•    محاولة التوصل إلى اتفاق مع جبهة النصرة، يضمن إبعاد تجمعات عناصرها ومقراتها الرئيسية عن مناطق المدنيين، وذلك لسحب ذريعة قصف المدنيين بحجة مكافحة الإرهاب.
•    مقاومة محاولات تجزئة الهدنة من قبل النظام وحلفائه وسياسة الاستفراد بالمناطق، كالمحاولات الأخيرة للدفع بحلب خارج طوق الهدنة، ما يفرض على المعارضة العسكرية التعاطي مع الهدنة بشكل شامل جغرافياً، كإشغال عدة جبهات لفرض عودة جبهة واحدة إلى الهدنة. وهنا يبرز أهمية تشكيل غرف العمليات على مستوى المحافظات ورفع وتيرة التنسيق العسكري البيني. بالمقابل فإن المعارضة السياسية تمتلك في مواجهة استراتيجية تجزئة الهدنة أدوات التعطيل السياسي عبر تعليق المشاركة في المفاوضات أو الانسحاب منها.

2.    على المستوى السياسي

•    السعي دولياً لاستثمار عدم تطابق الرؤى الإيرانية -الروسية حول مستقبل سورية السياسي، والاستفادة من هوامش التنافس بين موسكو وطهران في هذا الإطار، ما يفرض على المعارضة التحرك باتجاه الانفتاح الجزئي على موسكو، خاصة وأن وجهة النظر الروسية تكاد تتماهى مع الأمريكية، وتحول الروس إلى فاعل لا يمكن تجاوزه في الملف السوري.
•    استثمار الموقف الأوروبي (بريطانيا، ألمانيا، فرنسا) باتجاه زيادة الضغط من خلال الملف الإنساني ضمن التفاوض، وترجمة خروقات النظام خلال الهدنة وما تخللها من جرائم الحرب إلى قرارات دولية صادرة عن مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية، بدعم تلك الدول.
•    الدفع باتجاه ضغط سعودي على النظام المصري، لاستثمار ترأس جمهورية مصر العربية لمجلس الأمن في الشهر الحالي، لإحالة خروقات النظام والملف الإنساني إلى مجلس الأمن، علماً أن المندوب المصري قد عطّل اقتراح بريطانيا وفرنسا لإحالة ملف حلب إلى مجلس الأمن.
•    الدفع باتجاه قيام المملكة العربية السعودية بضبط موقف عربي موحد، يعترف بالهيئة العليا للتفاوض كممثل شرعي وحيد للشعب السوري في المفاوضات، ومنع تشكُّل محور لدى بعض الدول العربية يقترب من المشروع الروسي للحل عبر منصات بديلة.
•    سعي الائتلاف والهيئة العليا للتفاوض لقطع الطريق على أي محاولة من المنصات السياسية المستحدثة في جنيف (حميميم، الأستانة، القاهرة، مجلس المرأة الاستشاري)، لإحداث أي شرخ داخل جسد الهيئة، وذلك عبر تدعيم بنية الهيئة، وحشد الشارع السوري من خلال تظاهرات في الداخل ودول الشتات، لإعلان أن الهيئة العليا هي الممثل الشرعي الوحيد عن الثورة السورية في مفاوضات جنيف.

3.    على المستوى الاستراتيجي

طالما أن المزاج الدولي يسير باتجاه إدارة الأزمة وتطويقها عبر الهدنة لأمد متوسط على الأقل؛ فهذا يفرض تعزيز إدارة المناطق المحررة بشكل فعَّال، عبر زيادة تمكين القوى المحلية المدنية، المتمثلة بالمجالس المحلية والسعي لشرعنتها دولياً. وتُعتبر هذه الخطوة مُلحة واستراتيجية بالنسبة للمعارضة لعدة أسباب أبرزها:
أ‌.    تسيير وخدمة شؤون المدنيين في ظل أزمة قد تطول، مما يعزز شرعية المجالس التي تستند أصلاً لسلطة الشعب انتخاباً أو توافقاً.
ب‌.    تأمين شرعية دولية للمناطق المحرّرة، عبر القوى المحلية المدنية على الأرض.
ت‌.    إعادة تشغيل مؤسسات الدولة الإدارية، بعد أن دمرها قصف النظام، كخطوة على طريق استعادة وظائف الدولة، وسحب ذريعتها من نظام الأسد.
ث‌.    تفريغ الفصائل العسكرية لمهامها الأساسية في حماية الجبهات وليس الإدارة المدنية.

إلا أن هذه الخطوة تفرض على المعارضة السورية توحيد أطر العمل السياسي العسكري وتوجيهها لدعم القوى المدنية، ما يستوجب على الفصائل العسكرية التنازل عن بعض المهام المدنية التي سيطرت عليها، وإعادة تسليمها إلى المجتمع المدني والتفرغ للجبهات. وقد يساعد في ذلك تشكيل غرف العمليات على مستوى المحافظات، إذ أن نظام القطاعات "الجبهات" ما يزال يعوق تحرك قوى المجتمع المدني، نتيجة تشابك السلطات والنفوذ وفقاً لهذا النظام. بالمقابل لابد من سعي حقيقي من المعارضة السياسية (الهيئة العليا للمفاوضات، الائتلاف الوطني) لحشد دولي سياسي للاعتراف بشرعية المجالس المحلية في الهيئات والمنظمات الدولية، (جامعة الدول العربية، مجلس التعاون الخليجي، مجموعة أصدقاء الشعب السوري، منظمة التعاون الإسلامي) كإدارة مدنية شرعية للأراضي المحررة.

إن إحداث أي تغيير في سياق واقع ما بعد الهدنة، والذي يبدو أنه يسير باتجاه الثبات النسبي، لا يمكن أن يتم قبل تغيير داخلي وحقيقي في استراتيجية المعارضة السورية، عبر دينامية داخلية تفرض نفسها بشكل حقيقي على معادلة التدافع الدولي، مستندة في ذلك إلى تدعيم القرار المركزي –العسكري السياسي-على المستوى الوطني والذي تمت خسارته لصالح عدة أطراف.

إن أساس هذه الدينامية هو الإيمان بالعمل المؤسساتي واليقين أنه الطريق الأكثر نجاعة لإحداث فرق في مسار الثورة السورية ضمن هذه المرحلة الحرجة، والانطلاق من حقيقة أن الثورة هي جزء من التغيير وليست هي التغيير، وإنما هناك آليات ومراحل أخرى لا تكتمل مسيرة التغيير دونها، ولا تقل صعوبة عن الثورة ذاتها.

الثلاثاء, 10 أيار 2016 15:58

Aleppo Battle Fronts Status - April -May - 2016

1&2) Syrian revolutionary forces advanced on Islamic State positions during mid February in northern Aleppo reaching Al Rai. The offensive operation turned into a defensive one at the start of April, when the Islamic State launched a counter offensive and regained control of all the positions it had previously lost and took new positions all the up to April 27. At the start of May the Islamic State had taken control of a number of positions east of Al Kafra and was closing in on Izaz with only 7 KM to reach the city north of Aleppo. They were also able to take Dweidan in northern rural Aleppo, a town near the Turkish border.  3) In rural western Aleppo Syrian revolutionary forces and SDF forces are engaged in on and off skirmishes, the most violent of which took place on April 27, especially in Ain Daqna east of Tal Rifaat. Jaish Al Sunna attacked SDF without any discernible strategy. This was especially apparent since the during Jaish Al Sunna movements, the Islamic State managed to take control of Jarez and Yamool that are located near Ain Daqna. The SDF were not only successful at defending against the failed offensive, but also paraded the corpses of dead Jaish Al Sunna fighters in Ifrin.4) Opposition controlled areas in Aleppo endured a heavy Russian and Syrian bombing campaign following the HNCs announcement about pulling out of the UN sanctioned peace talks in Geneva on April 19. Before this announcement there were several political statements made by various sources about Jabhat Al Nusra's presence in Syria. Their presence in Aleppo was used as an excuse to legitimize the air strikes on Aleppo but the Russia and Syrian strikes failed to target JN positions and instead struck civilian targets, mosques, and hospitals. 5) Southern Rural Aleppo has witnessed intense battles since April 9 between Iranian backed militias and special forces on one side and Syrian revolutionary forces on the other. Iran sent its 65th Special Forces Airborne Brigade to participate in battles at Al Eis which Syrian revolutionary forces recently tool over. At the beginning of May the Jaish Al Fateh operation room forces took over Al Khaldiyeh and Khan Tooman Hills which made it easier to take over the entirety of Khan Tooman.

2-1) تقدمت قوى الثورة السورية على تنظيم الدولة في منتصف شهر شباط بريف حلب الشمالي حتى مدينة الراعي، هذا الهجوم تحول مع بداية شهر نيسان إلى دفاع، حيث شن تنظيم الدولة هجوماً معاكساً استرجع من خلاله كافة المواقع التي كان قد خسرها بالإضافة إلى سيطرته على مواقع جديدة كان أخرها في 27 نيسان و بداية شهر أيار، حيث سيطر على على عدة بلدات تقع شرق بلدة الكفرة، حيث بات يفصله عن مدينة إعزاز مسافة 7 كلم فقط. كما استطاع التنظيم من السيطرة على بدلة دويدان في الريف الشمالي والتي بالقرب من الحدود التركية. 3) يشهد ريف حلب الغربي اشتباكات متقطعة بين قوى الثورة السورية من جهة وقوى سورية الديمقراطية من جهة أخرى وصلت لأشدها في 27 نيسان/أبريل وبالتحديد على جبهات قرية (عين دقنة) الواقعة في الجهة الشرقية من مدينة (تل رفعت)، حيث شنَ مقاتلي جيش السنة هجوماً على مواقع قوى سورية الديمقراطية والذي بدوره لم يكن له أي هدف استراتيجي واضحاً، خاصةً أن الهجوم حدث بالتزامن مع سيطرة مقاتلي تنظيم الدولة على بلدتي (جارز ويامول) اللتان تقعان بالقرب من قرية (عين دقنة)، ولم تكتف قوى سورية الديمقراطية بصد الهجوم فقط، حيث قامت في بلدة عفرين باستعراض لجثث مفاتلي جيش السنة في أحياء مدينة عفرين. 4) شهدت أحياء مدينة حلب التي تخضع لسيطرة قوى الثورة السورية حملة عسكرية جوية من قِبل المقاتلات الروسية والسورية، وجاء هذا التصعيد بعد يومٍ واحد من إعلان الهيئة العليا للمفاوضات من تأجيل مشاركتها في مباحثات جنيف وذلك في 19 نيسان/أبريل. وسبق هذا التصعيد بعض التصريحات السياسة عن تواجد جبهة النصرة في حلب، واعتبر مراقبين أن تلك التصريحات كانت بمثابة مشرعناً لتلك الحملة، ولكن الطيران الروسي والسوري لم يستهدف مقراً عسكرياً واحد بل اقتصرت غاراته على مواقع المدنيين والمشافي والمساجد.  5) يشهد ريف حلب الجنوبي منذ 9 نيسان 2016 معارك كرً وفر بين ميليشيات إيران ووحداتها الخاصة من جهة وقوى الثورة السورية من جهة الأخرى، حيث أرسلت إيران فرقة 65 للمهام الخاصة من أجل الإشتراك بمعارك العيس والتي سيطرت عليها قوى الثورة السورية وفصائل إسلامية أخرى مؤخراً. ومع بداية شهر مايو تمكن مقاتلي غرفة عمليات الفتح من السيطرة على بلدة الخالدية وتلال خان طومان مما سهل لهم فيما بعد بالسيطرة على بلدة خان طومان بالكامل.

بينما تولي الكثير من الجهات المتابعة للشأن السوري جلَّ اهتمامها للبعد الأمني والسياسي، فإن القليل منها يولي اهتماماً موازياً للأبعاد الإنسانية كالبعد الصحي. حيث تؤشر الكثير من التقارير إلى تردي القطاع الصحي في ظل التدهور المتواصل للمرافق الصحية والنقص الكبير الذي تعاني منه على صعيد الكوادر الاختصاصية والنقص الحاد في الأدوية مع بلوغ الثورة السورية عامها السادس. ووفقاً لآخر الإحصائيات يقدر عدد من هم بحاجة إلى الخدمات في القطاع الصحي في سورية عام 2016 بـ 11.5 مليون إنسان ويبلغ عدد النساء والأطفال منهم 8 مليون. بينما يقدر حجم الدعم المطلوب لهذا القطاع بـ 437.21 مليون دولار.


بينما تولي الكثير من الجهات المتابعة للشأن السوري جلَّ اهتمامها للبعد الأمني والسياسي، فإن القليل منها يولي اهتماماً موازياً للأبعاد الإنسانية كالبعد الصحي.

ووفقاً لنداءاتها التحذيرية المتكررة حول الوضع الصحي في سورية، أعلنت منظمة الصحة العالمية على لسان مسؤوليها في عام 2016 عن قلقها الكبير جراء الوضع الصحي المتدهور في هذا البلد ومن التداعيات السلبية على القطاع الصحي، والتي أخذت تؤثر سلباً على جميع برامج الصحة ومدى القدرة على الوصول إلى شرائح واسعة من المجتمع لتقديم الخدمات الصحية الأساسية بعد أن بلغ عدد من هم بحاجة إلى الخدمات في القطاع الصحي 11.5 مليون إنسان، يبلغ عدد النساء والأطفال منها 8 مليون، وقدر حجم الدعم المطلوب بـ 437.21 مليون دولار. وأكدت المنظمة كذلك على أنها بلغت نقطة تخشى فيها من عدم قدرتها على تقديم هذه الخدمات بسبب شحّ التمويل وانتشار الأمراض.

وتشير المعطيات الصحية إلى دمار أكثر من 60% من المشافي وخروج أكثر من نصف المراكز الطبية عن العمل، بينما تأثر أكثر من 70% من مصانع الأدوية بهذا الصراع، وانخفض الإنتاج المحلي للأدوية بنسبة تقل عن 30%، مما تسبب بانتشار الأدوية المزورة والمهربة بشكل كبير، إلى جانب انخفاض عدد العاملين في المجال الصحي إلى ما يقارب 45%.  

ومع توارد التقارير الصادرة عن المنظمات الأهلية والدولية كمنظمة أطباء بلا حدود والشبكة السورية لحقوق الإنسان وغيرها من الجهات الأخرى العاملة على الأرض، والتي تؤشر إلى تردي الأمن الصحي بشكل كبير في ظل التدهور المتواصل للمرافق الصحية. يبدوا من الأهمية بمكان تسليط الضوء على الواقع الصحي في المناطق السورية المحررة لتلمس حجم المعاناة التي يكابدها السكان في ظل غياب الخدمات الصحية والأدوية والرعاية الطبية.

فمع انطلاق الثورة السورية تركز القمع الأمني للنظام السوري في أحد جوانبه على قطاع الصحة، عندما لجأ إلى استخدامها كسلاح في وجه المعارضين له في جميع المناطق الثائرة، عبر الاستهداف المنظم من قبل قوات النظام وحلفاؤه للمراكز الطبية والمشافي الميدانية باستخدام الطائرات الحربية والمدفعية والسيارات المفخخة، مخلفة أضراراً كبيرة في غرف الأطباء والمرضى ومحتوياتها من الأجهزة الطبية والأثاث واحتراق سيارات الإسعاف بهدف وقف تقديم خدماتها للجرحى والمرضى. مما دفع القائمين على الشأن الصحي في هذه المناطق إلى إقامة مشافي تحت الأرض لحمايتها من الاستهداف، إلى جانب التكتم على أماكن وجودها، ولجوئها في كثير من الأحيان إلى استخدام المدارس والمساجد كمراكز طبية لتقديم الخدمات الصحية. ومما زاد من معاناة هذه المشافي كذلك النقص الكبير الذي تعاني منه على صعيد الكوادر الاختصاصية، بعد قيام النظام بقتل واعتقال العديد منهم بسبب نشاطهم في هذه المشافي، مما قلص من قدرتها إلى حد كبير على تحمل عبء تقديم الخدمات الصحية وليقتصر عمل الكثير منها على تقديم الإسعافات الأولية.  

وتبعاً لذلك ازدادت معاناة المواطنين بشكل حاد مع انتشار العديد من الأمراض الوبائية والمعدية، وتفاقم حالة الأمراض المزمنة لدى الأفراد، لقلة توافر الأدوية واللقاحات الضرورية وانعدام الخدمات الصحية في كثير من هذه المناطق، فهناك أجزاء واسعة من سورية معزولة تماماً عن أي شكل من أشكال المساعدة الطبية بعد أن أصبح تسليم المواد الطبية مقيداً بسبب استهداف خطوط المواصلات النظامية وغير النظامية، ولم يعد النظام الصحي الحالي يلبي الخدمات المناطة به إلا في حدودها الدنيا، معتمداً على المساعدات الإقليمية والدولية والجمعيات الأهلية المتباينة في اهتماماتها وخبراتها وما يعنيه ذلك من تضارب في الأجندات والخوف من عدم ثبات واستمرار الخدمات  الصحية في المستقبل. 

وما زاد من تفاقم الوضع الصحي سوءً في الوقت الحالي تراجع الدعم المقدم من المانحين الدوليين، مما انعكس على قدرة المنظمات الدولية الإغاثية والطبية على تأمين الأدوية والإمدادات الصحية الكافية، وفي مدى قدرتها على مواصلة عملها في سورية في ظل الأزمة الحالية المتفاقمة، في ظل الاحتياجات الصحية والدوائية المتزايدة نتيجة الاستمرار في تدمير البنية التحتية للمرافق الصحية وفقدانها كل مقوماتها وانهيار طرق الإمداد الطبي وازدياد معاناة العاملين فيها نتيجة تحديات وأخطار عدة تمنعهم من أداء مهامهم على النحو المطلوب.

ووفقاً لما سبق فإن التراجع الحاد في الحصول على الرعاية الصحية والأدوية أمر بالغ الأهمية، نظراً لما سيشكله من آثار عميقة وبالغة الخطورة على مستقبل السكان. كما أن غياب الاستراتيجيات الصحية والخطط الضرورية لمواجهة تداعيات الأزمة الناجمة عن استطالة الصراع سيفاقم في المستقبل من تردي الوضع الصحي وسيزيد من عبء المشكلات التي ستواجه السكان في المرحلة القادمة.  

مع تواصل الصراع واستمرار تدهور الوضع الصحي في سورية يوماً بعد يوم، يتزايد عدد من يفقدون أرواحهم كل يوم، ليس بسبب العنف فحسب، وإنما يصبح الناس هناك ضحايا لنظام صحي واهن ومهترئ لم يعد قادراً على تزويدهم باحتياجاتهم من الخدمات الصحية كي يبقوا على قيد الحياة. مما يجعل حياة الآلاف منهم في دائرة الخطر.

لذا يتعين على أجهزة الأمم المتحدة وخصوصاً المفوضية السامية لحقوق اللاجئين ومنظمة الصحة العالمية حث الجهات المانحة الدولية على الوفاء بالتزاماتها والعمل على سدّ الثغرات التمويلية التي يعانيها القطاع الصحي، وتطوير وتنفيذ بروتوكولات وسياسات من شأنها توفير تغطية صحية لسكان هذه المناطق بالتعاون مع وزارة الصحة في الحكومة السورية المؤقتة والمجالس المحلية في المناطق المحررة. والتركيز على تجهيز المشافي الميدانية المتطورة لسد الاحتياجات اللازمة من الأدوية المنقذة للحياة والأدوية الأساسية والخدمات الصحية. مما سيساعد على تخفيف المعاناة وإنقاذ حياة العديد من الأرواح أو تخفيف النتائج بعيدة المدى للإصابات. ولا بد من العمل كذلك على وضع برامج وأساليب جديدة وزيادة حملات التوعية للحد من انتقال الأمراض المعدية والوبائية في المناطق المحررة والمحاصرة.

خريطة توضح تغيرات مواقع السيطرة في ريف حلب الشمالي حتى تاريخ 05 أيار/ مايو 2016، وذلك بعد الهجوم الأخير الذي شنه مقاتلي تنظيم الدولة على أكثر من موقع.

بتاريخ 28 نيسان / إبريل 2016، استضافت قناة TRT العربية ضمن برنامجها "جيران" المدير التنفيذي لمركز عمران الدكتور عمار القحف، بهدف الحديث حول أفق الحل السياسي للأزمة السورية خصوصاً بعد تعليق المعارضة لمشاركتها في محدثات جنيف علاوة عما يحدث على الأرض من تصعيدات خطيرة خصوصاً بعد استمرار عمليات القصف الأسدي واستهدافه الممنهج للمدنيين.