Omran Center

Omran Center

مُلخّصٌ تنفيذيّ

  • تبرز أهمية وضرورة إعادة هيكلة وزارة الداخلية السورية، كجزء من إعادة الهيكلة الشاملة للأجهزة الأمنية السورية، ومن الدور الكبير الذي سيترتب على الوزارة أن تلعبه في مستقبل سورية، بعد كف يد الأجهزة الأمنية عن التدخل في حياة المواطنين.
  • عمد نظام الأسد إلى إضعاف وزارة الداخلية السورية لصالح تقوية الأجهزة الأمنية التي يثق بها لحماية نظامه أكثر من جهاز الشرطة، فعمّل حافظ الأسد منذ وصوله للسلطة إلى تقليص صلاحيات الوزارة وإضعافها عبر جملة من التعديلات الهيكلية التي أجراها على البنية التشريعية والإدارية للوزارة.
  • تعاني وزارة الداخلية السورية من مشكلات مزمنة على عدة مستويات؛ سواء الإداري التنظيمي أو مستوى التشريعات والقوانين، إضافة إلى مستويي الكادر البشري والموارد المادية واللوجستية. والتي يمكن القول بأنها تفاقمت بعد العام 1970، بشكل تراجع تدريجي في عمل الوزارة وصولاً إلى بروز مشكلات كبيرة وعوائق أثرت سلباً على عمل الجهاز وأداء رجاله.
  • إنّ التراكم في المشكلات والمعوّقات دون إيجاد الحلول أدّى بجهاز قوى الأمن الداخلي إلى التردّي والتراجع المترافق مع عدّة عوامل ساهمت في رفع معدّلات الجريمة بعد العام 2000 إلى مستويات غير مسبوقة.
  • تعتبر وزارة الداخلية قياساً بباقي الأجهزة الأمنية أقلها اعتماداً على الطائفية في انتقاء منتسبيها، وذلك نتيجة العدد الكبير للمنتسبين من ناحية، وتركيز النظام على تطييف الجيش والأجهزة الأمنية كونها الحامي الرئيسي للنظام. ولكن هذا لا ينفي وجود الطائفية في مفاصل وزارة الداخلية.
  • على الرغم من أن شعبة الأمن السياسي تتبع نظرياً لوزارة الداخلية؛ إلا أنها فعلياً تهيمن بشكل رئيسي على الوزارة بمختلف وحداتها وأجهزتها، وليس لوزير الداخلية أي صلاحيات فعلية في عملها، إلّا من النواحي الإدارية واللوجستية، بل هي من تراقب فعلياً وزارة الداخلية ابتداءً من وزير الداخلية وحتى أصغر عنصر فيها.
  • يتعرض دور وزارة الداخلية في سورية لتحجيم كبير لصالح الأجهزة الأمنية، نتيجة إعطاء الأخيرة صلاحيات المحاسبة والمراقبة على جهاز قوى الأمن الداخلي وتقليص دور مؤسسات الرقابة والمحاسبة الخاصة بالوزارة، ما أدى إلى تغول وتسلط الأجهزة الأمنية على وزارة الداخلية واستخدامها في قضايا ليست في اختصاصها.
  • مع اندلاع الثورة السورية في العام 2011، جرى إقحام رجال الشرطة بأعمال عسكرية قتالية ضد أبناء الشعب السوري، ما أدّى لارتكاب بعض رجال الشرطة انتهاكات خطيرة من قتل وتعذيب، مما سبب ازدياد المسافة والهوة ما بين الشرطة والمجتمع.
  • بغض النظر عن الترهّل والفساد التدريجي الذي اعترى وزارة الداخلية في سورية إبّان فترة حكم آل الأسد؛ إلا أنّ هذه الوزارة تعتبر من الوزارات السيادية العريقة، ليس لأنّ النظام السوري أراد لها ذلك، ولكن لأن إحداثها عام 1947 كان على أسس وقواعد صحيحة فيما يتعلّق بالأصول الدستورية والقانونية، بالإضافة لاعتماد نظامها الداخلي على بعض تجارب الدول المتقدّمة آنذاك.

مقدمة

تُعتبر عملية إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية حجر الأساس في أي عملية تحول ديمقراطي، وخاصةً في الدول الخارجة من صراعات، حيث ترتبط تلك العملية ببناء السلام بعد النزاع، الأمر الذي يُشكل الشرط اللازم لإطلاق عملية إعادة الإعمار والتحول الديمقراطي. وفي الحالة السورية، لطالما ارتبطت صورة الأجهزة الأمنية بالقمع والتوحش، وتركزت تلك الصورة بشكل أكبر خلال الثورة السورية عبر الممارسات الوحشية التي ارتكبتها الأجهزة الأمنية، سواء في الشارع أو في المعتقلات الخاصة بكلٍ منها، الأمر الذي يجعل إعادة هيكلة تلك الأجهزة وعزلها عن التعامل مع المدنيين على رأس أولويات السوريين، وضرورة لبناء السلام بعد سنوات الحرب السورية.

وهنا تظهر أهمية دور وزارة الداخلية، والذي أضعفه نظام الأسد لصالح تقوية الأجهزة الأمنية التي يثق بها لحماية نظامه أكثر من جهاز الشرطة، فعمّد حافظ الأسد ومنذ وصوله للسلطة إلى تقليص صلاحيات وزارة الداخلية وإضعافها عبر جملة من التعديلات الهيكلية التي أجراها على البنية التشريعية والإدارية للوزارة، الأمر الذي أثر سلباً على أداء الجهاز ورجاله، وأعطى الفرصة للأجهزة الأمنية للاستيلاء على كثير من اختصاصات الوزارة. لذلك يسعى هذا المشروع لدراسة وزارة الداخلية السورية باعتبارها الإطار النظري الناظم للعمل الشُرَطي والأمني في سورية، منطلقاً من أهمية الحديث عن إعادة هيكلة وزارة الداخلية، كجزء من إعادة الهيكلة الشاملة للأجهزة الأمنية السورية، ومن الدور الكبير الذي سيترتب على تلك الوزارة أن تلعبه في المستقبل، بعد كف يد الأجهزة الأمنية عن التدخل في حياة المواطنين.

وعليه ستتناول هذه الدراسة الأوليّة، التي تعد خطوة أولى ضمن هذا البرنامج البحثي: تحليل البنية الإدارية والتنظيمية والتشريعية لوزارة الداخلية السورية ومراحل تطورها، مقابل استعراض أقسامها ومديرياتها المختلفة والاختصاصات والمهام المنوطة بكل منها وآليات العمل، وذلك كمدخل لتفكيك المشكلات الحقيقية التي تعاني منها الوزارة على المستويات التشريعية الإدارية و مستويي الكادر البشري والموارد المادية واللوجستية، وصولاً إلى إشكاليات العلاقة مع المؤسسات والأجهزة الأمنية الأخرى، سواء هيمنة شعبة الأمن السياسية أو باقي الأجهزة الأمنية المتغولة على عمل الوزارة، مستندةً في ذلك إلى مسح الأدبيات الخاصة بوزارة الداخلية السورية، إضافة إلى ورشات التركيز والمقابلات الميدانية مع أصحاب الخبرة من الضباط المنشقين عنها ضمن مختلف الرتب والاختصاصات.

وذلك تمهيداً للمراحل اللاحقة في البرنامج، والمتمثلة بدراسة وبلورة رؤية إصلاحية تتمحور حول ما يمكن تعديله على عمل الوزارة في المستويات التشريعية والبنيوية والوظيفية والوصل إلى اقتراح حزمة من التوصيات في هذا الإطار، استناداً إلى دراسة تجارب بعض الدول واختيار الأنسب والأقرب إلى الحالة السورية. وذلك استكمالاً لسلسلة البحوث والدراسات التي أنجزها وينجزها مركز عمران في تحليل وتقييم بيئات عمل مؤسسات الدولة السياسية والقانونية والإدارية، بما تمليه مرحلة ما بعد النزاع من ضرورات الإصلاح.

أولاً: خلفيّة تاريخيّة (مراحل تطور وزارة الداخليّة)

بغض النظر عن الترهّل والفساد التدريجي الذي اعترى وزارة الداخلية في سورية إبّان فترة حكم آل الأسد؛ إلا أنّ هذه الوزارة تعتبر من الوزارات السيادية العريقة، ليس لأنّ النظام السوري أراد لها ذلك، ولكن لأن إحداثها بموجب المرسوم التشريعي رقم /77/ لعام 1947 كان على أسس وقواعد صحيحة فيما يتعلّق بالأصول الدستورية والقانونية والأوامر والقرارات التي أُسست عليها وزارة الداخلية، بالإضافة لاعتمادها في نظامها الداخلي على بعض القوانين الفرنسية والاستفادة بشكل عام من تجارب الدول المتقدّمة. إذ يُمكننا القول إن أول هيكلية لجهاز الشرطة في سورية كانت في العام 1928 إبان الاحتلال الفرنسي لسورية، حيث صدرت الهيكلية وفق التقسيمات التالية: (القسم العدلي، القسم الإداري، التفتيش، الشعبة السياسية، التحري والأبحاث، الديوان، المحاسبة، مفوضية المركز، الضابطة الأخلاقية، الخطوط الحديدية، السير، الفرسان، الحرس، المدرسة، السجل، المستودع، الطبابة، ديوان التأديب، مجلة الشرطة).

ثمّ كان صدور نظام خدمة الشرطة بالقرار رقم /1962/ تاريخ 25/03/1930، وهو نظام ساري في معظم مواده حتى اليوم، والذي استُمد من قانون الإجراءات الجزائية الفرنسية، حيث عرّفت المادة الأولى من هذا القرار الشرطة بما يلي: "شرطة الجمهورية العربية السورية قطعة مرتبطة بوزير الداخلية، وقد أُحدثت لتسهر على الأمن وتقوم بالمحافظة على السكينة وتنفيذ القوانين". وكان جهاز الشرطة في ذلك الوقت يُقسم إلى هيئتين منفصلتين من حيث طبيعة ومكان عمل كلّ منهما: "الدّرَك" وهي هيئة مخصصة لأمن الأرياف (القرى) وطرق المواصلات، أما مهمتها في المدن فتنحصر في مساعدة ما يعرف آنذاك بـ "الشرطة الملكيّة"، وهي الهيئة المعنية بحماية وتوطيد النظام وأمنه في ذلك الوقت، وينحصر عملها ونشاطها في السجون ودور الحكومة ومركز رئيس الدولة والمصارف.

وقد استمرّ العمل بهذا النظام حتّى العام 1958، حيث صدر القانون رقم /118/ بتاريخ 13/03/ 1958، والذي قضى رسمياً بتوحيد الدرك والشرطة واستبدال كلمة الدرك حيثما وجدت بكلمة الشرطة، ومن ثم صدر القانون رقم /14/ بتاريخ 13/04/1958، والذي نصّ على إحداث مجلس أعلى للشرطة وحدد اختصاصات الشرطة في المادة الثانية منه وفق ما يلي: "تختص هيئة الشرطة بالمحافظة على النظام والأمن العام، وعلى الأخص منع الجرائم وضبطها وحماية الأرواح والأعراض والأموال وتنفيذ ما تفرضه الأنظمة والقوانين". ومن هذا التعريف نستدل على أن المُشرّع قد أعطى لجهاز الشرطة صلاحيات تشمل مختلف أوجه النشاط في الدولة، سواء من الناحية الإدارية أو التنفيذية أو القضائية، باعتبارهم مساعدين للنائب العام أو ضابطة عدلية مساعدة.

 ثم بدأ التحول من مفهوم الشرطة إلى مفهوم قوى الأمن الداخلي، وكانت إشارة البداية مع صدور المرسوم رقم /196/ تاريخ 11/12/1961 الذي أطلق تسمية قائد قوى الأمن الداخلي وألغى المجلس الأعلى للشرطة ومن ثم من خلال المرسوم رقم /67/ بتاريخ 24/03/1965، الذي صدر بعنوان "مهمّة قوى الأمن الداخلي"، ومن هنا أضحى تعبير جهاز قوى الأمن الداخلي رديفاً لكلمة الشرطة، وقد نصت المادة الأولى من المرسوم رقم /67/ لعام 1965 على أنّ قوى الأمن الداخلي من القوى الفرعية العاملة في القوات المسلحة ومرتبطة بوزير الداخلية ومتخصّصة بالأعمال والمهام المنوطة بها وفقاً للأنظمة المرعية، وتتألف من ضباط وصف ضباط وأفراد، وتتمتع وتستفيد هي ورجالها حُكماً من جميع الحقوق والمزايا الماديّة والمعنوية، ومن كافة الاستثناءات والاعفاءات التي يتمتّع بها ويستفيد منها الجيش العربي السوري ورجاله([1]).

الصكوك القانونيّة التي رسمت شكل وزارة الداخليّة

يمكن القول بأنّ تشكيلات الشرطة قد خضعت لتغييرات مختلفة أثّرت بشكل كبير على مؤسسة الشرطة شكلاً ومضموناً، فقد انسحب التغيير في شكل وهيكل هذا الجهاز إلى مضمونه وآليات عمله التي ترتبط كلّيّاً بشكل هذا الهيكل من حيث المسؤوليات والصلاحيات الملقاة على عاتق القائمين عليه. وهنا نورد أهم الصكوك القانونية التي رسمت شكل جهاز الشرطة السورية منذ نشأته ولغاية الآن ([2]):

  1. المرسوم التشريعي رقم /77/ لعام 1947 المعدّل بالقانون رقم /198/ لعام 1954.
  2. المرسوم التشريعي رقم /14/ لعام 1958 الذي نصّ على إحداث المجلس الأعلى للشرطة وأناط به مسؤولية إدارة هذه المؤسسة.
  3. القرار الجمهوري رقم /221/ لعام 1958.
  4. القانون رقم /253/ لعام 1959.
  5. المرسوم رقم /196/ لعام 1961، الذي ألغى المجلس الأعلى للشرطة وأحدث منصب معاون وزير الداخلية كقائد لقوى الأمن الداخلي.
  6. المرسوم التشريعي رقم /67/ لعام 1965.
  7. المرسوم رقم /1623/ لعام 1970 الذي ألغى منصب قائد قوى الأمن الداخلي وأعطى لوزير الداخلية صلاحيات واسعة واعتبره المرجع الأعلى في الوزارة وهو آمر الصرف وعاقد النفقة ويحدد صلاحيات مختلف الوحدات بقرار منه، كما يقترح تسمية معاونين له يتم تعيينهما بمرسوم ويقوم هو بتحديد صلاحياتهما ومهامهما بقرار منه. ومن هنا بدأ تراجع دور جهاز قوى الأمن الداخلي، والذي انسحب لاحقاً إلى تراجع في الأداء، ولا سيّما بعد أن أصبح المرسوم رقم /1623/ لعام 1970 هو المرجعية الأساسية لوزارة الداخلية والعاملين فيها، وإنّ نظرة تحليليه بسيطة وقراءة لحيثيات هذا المرسوم تًظهر العيوب الكثيرة التي اعترته.
  8. المرسوم التشريعي رقم /1/ لعام 2012 المتعلق بقانون خدمة عسكريي قوى الأمن الداخلي ([3])، والذي لم تنفّذ معظم بنوده ومواده بسبب الظروف التي تمر بها البلاد.

جهاز قوى الأمن الداخلي بعد العام 2000

إنّ التراكم في المشكلات والمعوّقات دون إيجاد الحلول أدّى بجهاز قوى الأمن الداخلي إلى التردّي والتراجع المترافق مع عدّة عوامل ساهمت في رفع معدّلات الجريمة بعد العام 2000 إلى مستويات غير مسبوقة ومن أهم هذه العوامل ([4]):

  • زيادة نسبة الفقر بشكل كبير في معظم مناطق سورية.
  • زيادة نسبة البطالة ونسبة العاطلين عن العمل.
  • ازدياد مساحات السكن العشوائي بشكل كبير جدّاً، والذي يفتقر إلى الخدمات ويشكّل تربة خصبة لإنبات الجريمة.
  • تراجع نسبة التعلم.
  • الهجرة غير المنتظمة من الريف إلى المدينة لأسباب البحث عن العمل.
  • انتشار السلاح المهرّب والمخدّرات.
  • التطوّر الكبير في المجالات العلمية والتقنية وثورة المعلوماتية، التي انتجت أنماطاً جديدة ومتعدّدة من الجريمة، كالجريمة الإلكترونية ووضعها في متناول روّاد شبكات الإنترنت.
  • تراجع ظاهرة الضبط الاجتماعي المستندة إلى الموروث الاجتماعي من عادات وتقاليد تفرض على المواطنين قواعد التزام واحترام في الأحياء والقرى وغيرها بسبب تراجع دور الشخصيات البارزة التي تقوم بذلك.
  • دخول جرائم جديدة للمجتمع السوري لم تكن مألوفة من قبل كالخطف وغيرها.
  • ازدياد النزعة المادّية لدى أفراد المجتمع مع انحسار القيمة الأخلاقية، ما أدّى إلى ضعف الرادع الأخلاقي والسعي للكسب المادّي بجميع الطرق، بما فيها التي هي خارج إطار القانون.

هذه العوامل وغيرها أدّى إلى حدوث منعطفات خطيرة في مسارات مكافحة الجريمة، وجعل من الصعب جدّاً تدارك الأمور بسبب عدم استشعار الخطر مُسبقاً وتركه يتفاقم إلى أن وصل إلى ذروته، وعندها وفي العام 2009 تداعى القائمون والمسؤولون عن الأمن إلى إيجاد الحلول المناسبة لتدارك هذا الخطر من خلال عقد عدّة اجتماعات على مستوى مكتب الأمن القومي آنذاك، والذي خَلص إلى وضع خطّة أطلق عليها خطّة "خفض نسبة الجريمة في سورية" تقودها وزارة الداخلية وتتظافر جهود كافّة الوزارات من أجل تحقيق أهدافها؛ إلّا أّنّ هذه الخطّة بقيت مجرّد خطاب إعلامي دون تحقيق الغايات المرجوّة.

ومع اندلاع الثورة السورية في العام 2011، جرى إقحام رجال الشرطة بأعمال عسكرية قتالية ضد أبناء الشعب السوري، وهذا ما أدّى لارتكاب بعض رجال الشرطة انتهاكات خطيرة من قتل وتعذيب، مما سبب ازدياد المسافة والهوة ما بين الشرطة والمجتمع.

ثانياً: بُنية وزارة الداخليّة (الهيكل والصلاحيات والعقيدة)

يمثل استعراض بُنية وزارة الداخلية السورية، ضرورة لرسم صورة واضحة عن طبيعة عمل الوزارة وهياكلها التنظيمية والإدارية والصلاحيات والمهام المنوطة بكل منها وطبيعة الكادر البشري الذي يضطلع بتلك المهام والتعرف على العقيدة والفلسفة التي من المفترض أن تنظم عمله وتمثل بوصلته، وفقاً لما يلي ([5]):

  1. الهيكل (الأجهزة والقطاعات)

تتكون وزارة الداخلية في الجمهورية العربية السورية بشكل عام من جهازين:

  • جهاز قوى الأمن الداخلي "الشرطة": وهو هيئة نظامية تخضع لقواعد الانضباط العسكري، وتتولى كل ما يتعلق بحفظ الأمن والنظام العام، ومنع الجرائم وضبطها وحماية الحريات العامة والشخصية بالإضافة إلى الأعمال المتعلقة بالهجرة والجوازات والجنسية والإقامة، وتنظيم المرور والسجون. وتطبق على العاملين في هذا الجهاز قوانين خدمة ومعاشات خاصة.
  • جهاز الشؤون المدنية: ويتكون من العاملين المدنيين، ويتولى الشؤون المتعلقة بالسكان وتطبيق قوانين وأنظمة الأحوال المدنية والشؤون المتعلقة بالانتخابات العامة والاستفتاءات والحج والحدود،ويطبق على العاملين في هذا الجهاز من ناحيتي الخدمة والمعاشات القانون الأساسي للعاملين في الدولة.

ويمكننا تقسيم وزارة الداخلية في سورية إلى قطاعين، وذلك بحسب الأعمال التي تقوم بها، وفقاً لما يلي:

  • القطاع الخدمي والأمني: والذي يضم العديد من الإدارات وفروعها بالمحافظات وأهمها: شعبة الأمن السياسي، إدارة الأمن الجنائي، إدارة الهجرة والجوازات، إدارة المرور، إدارة السجون، إدارة مكافحة المخدرات، مراكز الطرق العامة بالمحافظات، إدارة العمليات، قيادات الشرطة والأقسام العاملة التابعة لها، أمانات السجل المدني.
  • القطاع الإداري: والذي يضم العديد من الوحدات الإدارية في الوزارة أهمها إدارة التنظيم والإدارة الإدارة المالية، فرع العقود، إدارة الشؤون الإدارية، إدارة الخدمات الطبية، إدارة الذاتية، إدارة شؤون الضباط، إدارة المعاهد والمدارس.
  1. الكادر البشري

بحسب إحصاءات العام 2011، فإن عدد العاملين في وزارة الداخلية من عسكريي قوى الأمن الداخلي بلغ   43000 شرطي، بمعدل شرطي واحد لكل 400 مواطن تقريباً، بل أكثر، على اعتبار أن عسكريي قوى الأمن الداخلي ضمن الرقم المذكور ليسوا جميعهم على احتكاك مباشر وميداني مع المواطنين، في حين أن المعدل العالمي هو شرطي واحد لكل 300 شخص تقريباً. أما بالنسبة للمؤهلات العلمية للعاملين في وزارة الداخلية، فتتوزع على الشكل التالي ([6]):

  • الضباط: بنسبة 100% من حملة الإجازة الجامعية في الحقوق، أو الطب، أو من خريجي الكلية الحربية.
  • صف الضباط: بنسبة 50% من حملة شهادة الدراسة الثانوية أو المعاهد المتوسطة، ونسبة 50% من حملة شهادة الدراسة الإعدادية.
  • الأفراد: بنسبة 10% من حملة الشهادة الثانوية و45% من حملة شهادة الدراسة الإعدادية، والباقي من حملة شهادة الدراسة الابتدائية.
  1. مهام وزارة الداخلية

يناط بوزارة الداخلية في سورية حفظ الأمن والنظام العام وحماية الحريات العامة والشخصية، وتنفيذ سياسة الدولة وتوجيهاتها وخططها فيما يتعلق بهذه المهام، وممارسة المهام والاختصاصات الموكلة إليها بمقتضى القوانين والأنظمة النافذة، والتي يمكن إجمالها بما يلي ([7]):

  • المحافظة على أمن الدولة الداخلي وأجهزتها ومؤسساتها.
  • منع الجرائم وضبطها، وحماية الأرواح والأعراض والأموال وتنفيذ ما تفرضه عليها القوانين والأنظمة.
  • تولي الشؤون المتعلقة بالهجرة والجوازات والجنسية وتنظيم المرور ودخول وإقامة العرب والأجانب والسجون.
  • تسجيل السكان، وقيد الواقعات المتعلقة بأحوالهم الشخصية، وتطبيق قوانين وأنظمة الأحوال المدنية.
  • تولي الشؤون المتعلقة بالانتخابات العامة والاستفتاءات، والحج، والحدود، والترخيص بالتملك العقاري للعرب والأجانب.
  • الإسهام مع الجهات المختصة في رعاية الأحداث والسجناء وأسرهم، والمفرج عنهم من المحكومين.
  • تنفيذ الطلبات الرسمية وتقديم المؤازرات المطلوبة للجهات العامة، وفقاً للقوانين النافذة.
  • التعاون والتنسيق مع الأجهزة الرسمية المعنية فيما يتعلق بمجالات العمل المشتركة.
  • تعميق التعاون مع أفراد المجتمع والمنظمات الشعبية، للوقاية من الجريمة ومنعها ومكافحتها.

 وزير الداخلية وصلاحياته:

تُعتبر وزارة الداخلية في الجمهورية العربية السورية شخصية اعتبارية يمثلها وزير الداخلية أمام الغير، وله أن ينيب عنه في ذلك أحد معاونيه، أو أحد رؤساء الوحدات المنصوص عليها في القوانين والأنظمة النافذة. ويمارس وزير الداخلية الصلاحيات التالية ([8]):

  • وزير الداخلية هو المرجع الأعلى في قيادة أجهزة الوزارة ومراقبة سير أعمالها، وهو المسؤول عن تنفيذ سياسة الدولة وتوجيهاتها وخططها فيما يتعلق بالمهام المحددة له بموجب القوانين والأنظمة النافذة.
  • هو عاقد النفقة وآمر الصرف في الوزارة، وله أن يفوض عنه في ذلك أحد معاونيه، أو أحد رؤساء الوحدات المنصوص عليها في القوانين والأنظمة النافذة.
  • يعاون وزير الداخلية ثلاثة معاونين: الأول لشؤون الشرطة، والثاني لشؤون الإدارة، والثالث للشؤون المدنية، وترتبط بهم الإدارات والجهات المتعلقة بعمل كل منهم وفق الهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية ويمارس كل منهم الصلاحيات المنوطة به بموجب القوانين والأنظمة النافذة، إضافة إلى تفويضهم ببعض صلاحيات الوزير المتعلقة بعمل الإدارات والجهات المرتبطة بكل منهم.
  1. العقيدة والفلسفة

يتبنى جهاز قوى الأمن الداخلي في سورية "فلسفة وعقيدة" للوصول إلى غاياته المتمثلة في تحقيق الأمن والأمان والطمأنينة للمجتمع، ويمكن تلخيص هذه العقيدة والفلسفة بعدة مبادئ "كان من المفترض أن تًشكل حجر الأساس في عمله"، وعلى رأسها ([9]):

  • جهاز قوى الأمن الداخلي يؤمن بأن الأمن والأمان في المجتمع حق للمواطن يجب أن يستشعره ويحسه وبالتالي فالجهاز يسهر على أمن المواطن وطمأنينته.
  • جهاز قوى الأمن الداخلي ينطلق في عمله من شعار "الشرطة في خدمة الشعب"، ويعمل جاهداً على تحقيق هذا الشعار.
  • جهاز قوى الأمن الداخلي يؤمن بالحرفيّة والأداء العالي، ومن أجل ذلك يعتبر جهاز الأمن الداخلي مدرسة كبيرة يتعلم فيها رجاله (الضباط وصف الضباط والأفراد) من خلال الخبرات التراكمية والتجارب العملية التي تتكوّن عبر فترة خدمتهم، وينقلون تلك المعرفة لمن هم حديثو الخدمة في السلك.
  • جهاز قوى الأمن الداخلي جهاز منضبط تحكمه القوانين والأنظمة والقواعد ودفاتر الضبوط وغيرها وبالتالي هناك التزام كبير وإيمان مُطلق بأهمية هذه المرجعيات ولا سيما مفهوم سيادة القانون.
  • جهاز قوى الأمن الداخلي جهاز تحكمه قواعد أخلاقية وسلوكية، ويتمتع أفراده بمرونة كبيرة تُتيح خلق روابط وعلاقات اجتماعية تُسهل لهم المشكلات.

ثالثاً: مُشكلات الوزارة (عوائق البُنية والأداء)

يعتري عمل وزارة الداخلية السورية جُملة من المشكلات الحقيقية، والتي يمكن القول بأنها تفاقمت من بعد العام 1970، حيث أصبح هناك تراجع تدريجي في عمل الوزارة وصولاً إلى بروز مشكلات كبيرة وعوائق أثرت سلباً على عمل الجهاز وأداء رجاله، ويمكن إجمال تلك العوائق على عدة مستويات، بما يلي:

  1. المستوى الإداري والتشريعي

تعاني وزارة الداخلية السورية من عدة إشكاليات مزمنة على المستوى الإداري التنظيمي، إضافة إلى مستوى التشريعات والقوانين الناظمة لعملها، ولعل أبرزها ([10])

  • المركزية الشديدة: وتتجلى بحصر معظم الصلاحيات بيد وزير الداخلية، والذي يُعيّن غالباً من خارج الوزارة، وتحديداً من الأجهزة الأمنية الأخرى، والتي تعمل خارج سياق القانون. كما أنّ إلغاء منصب قائد قوى الأمن الداخلي ([11])، والذي يحمل على عاتقه مسؤولية الإحاطة بكل أعباء السلك أدى إلى خلل كبير في بنية هذا الجهاز، وعدم قدرة رؤساء الوحدات الشرطية على ممارسة صلاحياتهم الممنوحة لهم وفق الأنظمة والتعليمات والقرارات، وذلك نظراً للمركزية الشديدة المتبعة عموماً في وزارة الداخلية. ويمكن تفسير قيام حافظ الأسد بإلغاء منصب قائد قوى الأمن الداخلي برغبته في إضعاف وزارة الداخلية، والتي كانت تمثل القوى الأكبر بعد وزارة الدفاع، ويبدو ذلك لضمان تثبيت أركان نظامه والهيمنة على الوزارة عبر أمرين:
  • الأول: فسح المجال لتعيين وزير الداخلية حسب ما يراه مناسباً له، على اعتبار أنّ منصب قائد قوى الأمن الداخلي كان محصوراً بضابط شرطة حصراً من أعلى الرتب في الوزارة، وقد لا يجد فيه الرجل الموالي له بالحد الكافي الذي يرغبه، وبذلك أصبح بإمكانه تعيين وزير الداخلية من المدنيين أو العسكريين في الجيش أو من رجال المخابرات، وبالفعل فقد قام حافظ الأسد بعد صدور هذا المرسوم بتعيين اللواء، عبد الرحمن خليفاوي، وهو ضابط جيش وزيراً للداخلية. أما بالنسبة لمنصبي معاون وزير الداخلية واللذين استحدثهما بنفس مرسوم إلغاء منصب قائد قوى الأمن الداخلي، فكانا غير مهمين كون صلاحياتهما تُمنح من قبل وزير الداخلية بصورة شكليّة، وإن أراد الوزير إعفائهما من صلاحيتهما فيقوم بذلك بكل يُسر.
  • الثاني: رغبة حافظ الأسد بإعطاء الدور الكبير للحفاظ على الأمن وحماية النظام للأجهزة الأمنية، والتي عمل على تقوية الموجود منها وإحداث أجهزة جديدة لم تكن موجودة بتلك الفترة. وهذا ناجم عن عدم ثقة الأسد بوزارة الداخلية كحامي للنظام، وذلك لتنوع منتسبيها من حيث الطوائف والمحافظات التي ينتمون إليها.
  • التحجيم لصالح الأجهزة الأمنية: ويتمثل بتقليص صلاحيات الشرطة ولا سيّما في المناطق الإدارية التي يتولون الإشراف عليها من الناحية الإدارية والتنفيذية، مع إعطاء دور أكبر للأجهزة الأمنية التي مهمّتها حماية النظام والدفاع عنه. وما زاد الأمر سوءاً هو إعطاء تلك الأجهزة صلاحيات المحاسبة والمراقبة على جهاز قوى الأمن الداخلي، وتقليص دور مؤسسات المراقبة والمحاسبة المتمثلة في إدارة التفتيش وإدارة القضايا والملاحقات، مما أدى إلى تسلط الأجهزة الأمنية على وزارة الداخلية واستخدامها في قضايا وأمور ليست في اختصاصها، وبالتالي أفقدها الكثير من هيبتها، وتسبب في انعدام ثقة المجتمع بها، وحتى ثقة أفرادها بأنفسهم وببعضهم، الأمر الذي انعكس على الروح المعنوية لضباط وعناصر الوزارة وأدى إلى تراجع روح المبادرة لديهم.
  • تغول شعبة الأمن السياسي ([12]): على الرغم من أن شعبة الأمن السياسي نظرياً تُعتبر إحدى وحدات وزارة الداخلية في سورية؛ إلا أن وزير الداخلية ليس هو من يقترح تعيين رئيسها، وإنما يتم تعيين الأخير بمرسوم من رئيس الجمهورية وليس لوزير الداخلية أي دور في ذلك، كما لا يقوم رئيس شعبة الأمن السياسي برفع تقاريره الأمنية إلى وزارة الداخلية وإنما يرفعها مباشرة إلى مكتب الأمن الوطني أو رئيس الجمهورية أو إلى الجهات الأخرى الحكومية ورئاسة الوزراء والوزراء بشكل مباشر دون المرور على وزير الداخلية. وكذلك الأمر بالنسبة لرؤساء فروع الأمن السياسي في المراكز والمحافظات، والذين يعينون من قبل رئيس شعبة الأمن السياسي بعد أخذ موافقه القصر الجمهوري دون أخذ رأي وزير الداخلية، بالرغم من أن معظمهم ضباط في وزارة الداخلية، ومن المفترض أن يكونوا تابعين لوزير الداخلية.

 والأمر ذاته بالنسبة لعناصر الشرطة المفرزين إلى شعبة الأمن السياسي، حيث يتم فرزهم إلى فروع الشعبة من قبل رئيس شعبة الأمن السياسي ([13])، وكذلك فإن عقوباتهم من قبل رئيس الشعبة دون مصادقة وزارة الداخلية. وفي الحقيقة فإن شعبة الأمن السياسي هي من تراقب فعلياً وزارة الداخلية ابتداءً من وزير الداخلية وحتى أصغر عنصر فيها، ومن أكبر الوحدات الشرطية إلى أصغر وحدة شرطية. وهي من تقوم بتقييم أداء الوزارة ووحداتها وتقييم الضباط وصف الضباط والأفراد. كما يحق للشعبة من خلال فرع أمن الشرطة المركزي وأقسام أمن الشرطة التابعين لفروع الأمن السياسي في المحافظات استدعاء من يشاؤون من ضباط وصف ضباط وعناصر الشرطة والتحقيق معهم وتوقيفهم في حال وجود ما يستوجب ذلك من ناحية الفساد أو الاشتباه بالفساد أو بتهمة التديّن ومناهضة النظام ([14]). الأمر الذي يؤدي إلى توليد مشكلات دائمة ما بين رئيس شعبة الأمن السياسي ووزير الداخلية والتي تؤثّر سلباً على عمل الجهتين.

  • اشتراط الانتساب البعثي: ويتمثل بانتقاء منتسبي الوزارة من المنتمين إلى حزب البعث الحاكم حصراً)[15](، إذ لا يجوز أن ينتسب للوزارة إلا من هو بعثيّ، حيث نصت المادة (40) من النظام الداخلي للشرطة على أنه "يُحظر على عسكريي الشرطة الانتماء إلى الأحزاب والهيئات والجمعيات والمنظمات السياسية غير حزب البعث العربي الاشتراكي، كما يُحظر عليهم إبداء الآراء السياسية والحزبية الموجهة ضد مبادئ حزب البعث".
  • الغربة عن المجتمع المحلي: وغياب العلاقات الودية بين جهاز الشرطة والمجتمع المحلي، وذلك نتيجة قوانين وزارة الداخلية التي تحظر على عسكريي الشرطة إبداء الآراء المذهبية والنقاش حولها، كما تحظر عليهم الترشيح لعضوية المجالس على اختلاف أنواعها وتسمياتها أو القيام برعاية الدعايات الانتخابية أو الانتساب إلى الجمعيات أو الأندية أو قبول عضويه مجلس إدارتها أو أي منصب آخر، إلّا بموافقه وزير الداخلية أو من يفوّضه. كما يحظر على عسكريي الشرطة نشر المقالات والمؤلفات خارج نطاق الشرطة أو الاتصال بمكاتب الأخبار ووسائل الإعلام على اختلافها أو الإفصاح بآراء أو بيانات لها إلّا في حدود التعليمات الناظمة لذلك.
  • تعقيد الهيكل التنظيمي: بشكل كبير، حيث تتشعب فيه الإدارات التابعة للوزارة وتتداخل اختصاصاتها بعض الأحيان بشكل يزيد البيروقراطية ويفتح الباب أمام الفساد الإداري، وقد تم في عام 2012 إعداد مشروع وحيد بغية دمج إدارة القضايا والملاحقات المسلكية وإدارة التفتيش، وذلك لوجود ازدواجية أحياناً في العمل، ولكن بقي هذا المشروع بدون تنفيذ حتى هذا التاريخ.
  • تفشي الفساد: والمتمثل بالرشوة والاختلاس وإساءة استعمال الوظيفة بين معظم منتسبي الشرطة في سورية ([16])، ونظرة المجتمع إليهم أنهم مجموعة من اللصوص يحميها القانون.
  1. مستوى الكادر البشري

تعاني وزارة الداخلية مشكلات عدة على مستوى الكادر البشري العامل، من حيث العدد والكفاءة، الأمر الذي يؤثر سلباً على وظائف الجهاز وأداء رجاله، وتتوزع أبرز تلك المشكلات، وفقاً لما يلي ([17]):

  • نقص الكوادر البشرية ([18]): الأمر الذي أثر بشكل كبير على عمل جهاز قوى الأمن الداخلي، ولا سيما أن قوى الأمن الداخلي تعمل على مدار 24 ساعة لتغطي 14 محافظة تتضمن بحدود 65 منطقة و281 ناحية وبحدود 1000 مخفر ومركز، إضافة إلى الفروع والأقسام التي تتجاوز 150، يُضاف لهم الإدارات والفروع المركزية وغيرها من الوحدات الإدارية التي تحتاج إلى موجود بشري كبير مؤهل ومدرب، وهذا ما تفتقره الوحدات الشرطية، التي قد يصل تعداد موجودها إلى 4 أو 5 عناصر للفئة فقط.
  • ضباط الكلية الحربية ([19]): وفرز أعداد كبيرة منهم إلى وزارة الداخلية، ممن لا يحملون سوى الشهادة الثانوية، ما أدى إلى تراجع كبير في تكوين الخبرات القانونية اللازمة لسير العمل، وعلى الرغم من تسريح عدد كبير منهم؛ إلا أن الأمر انعكس بشكل سلبي على كافة وحدات قوى الأمن الداخلي، ولا سيما تلك التي يتولاها ضباط من الحربية.
  • افتقار إلى الكوادر الاختصاصية: ولا سيما في التخصصات العلمية والتكنولوجية التي أصبحت الحاجة إليها كبيرة وملحّة، وذلك نتيجة لقصور في القوانين التي تمنح لخريجي كلية الحقوق والطب البشري فقط حق الانتساب إلى قوى الأمن الداخلي ([20]).
  • محسوبيات التنسيب ونقص التدريب: وتتمثل بعدم اختيار منتسبي وزارة الداخلية بالشكل الأمثل من حيث توفر الشروط الواجب أن تكون موجودة برجل الشرطة، والمتعلقة بالدرجة العلمية والمعرفة والثقافة العامة وحسن السيرة والسلوك، بالإضافة لشروط أخرى تتعلق بقوة الشخصية واللياقة البدنية، وذلك نتيجة للفساد والمحسوبيات داخل الوزارة. كما لا يتلقى ضباط وصف ضباط وزارة الداخلية القدر الكافي من التدريب والتأهيل قبل انخراطهم الفعلي في العمل، حيث لا تتجاوز مدة تدريب الضباط عاماً واحداً، وصف الضباط ثمانية أشهر، وقد تم بعد اندلاع الثورة السورية اختزال تلك المدة بالنسبة للضباط وصف الضباط بشكل كبير، وذلك لتعويض النقص الحاصل في الأعداد نتيجة الانشقاقات.
  • الطائفية في المفاصل: تعتبر وزارة الداخلية قياساً بباقي الأجهزة الأمنية أقلها اعتماداً على الطائفية في انتقاء منتسبيها من صف الضباط والأفراد، وذلك نتيجة العدد الكبير للمنتسبين من ناحية، وتركيز النظام على تنسيب أبناء الطائفة العلوية إلى الجيش والأجهزة الأمنية كونها الحامي الرئيسي للنظام من ناحية أخرى. ولكن هذا لا ينفي وجود الطائفية في مفاصل وزارة الداخلية، فعند انتقاء عناصر الشرطة المفرزين إلى شعبة الأمن السياسي غالباً ما يتم انتقائهم على أسس طائفية من أبناء الطائفة العلوية، باعتبار أن شعبة الأمن السياسي من الأجهزة الأمنية التي تعتبر الحامي للنظام، أما أبناء الطائفة العلوية الذين يبقون في وزارة الداخلية فيتم فرزهم إلى وظائف مهمة تدر عليهم أموال عبر الفساد، مثل المرور والهجرة والجوازات، وغالباً لا يتم استخدامهم في أقسام أو وحدات إدارية ليس لها علاقة بالمواطنين، وذلك كون هذه الوحدات ليس فيها وسائل للكسب الغير مشروع. ويشار إلى أنه بعد العام 2011 ازدادت الطائفية في التنسيب وقبول المتقدمين للوزارة، وذلك لتغطية الفراغ الذي أحدثه الحجم الكبير للانشقاقات ضمن صفوف الداخليّة، والذي بلغ ثلث الوزارة تقريباً.
  • تدهور العلاقة مع القضاء: ويتمثل بدايةً بانخفاض الروح المعنوية والشعور بالضعف لدى عناصر قوى الأمن الداخلي، والناجم بالدرجة الأولى عن المواقف التي يتعرضون لها عند مثولهم أمام القضاء العادي في جرائم متعلقة بالوظيفة أو بسببها، وهو ما أدى إلى تفاقم هذه المشكلة. ونتيجة لذلك تم إصدار مرسوم يقضي بإخضاعهم للقضاء العسكري في الجرائم الناجمة عن الوظيفة أو بسببها، ولكنه لم يحلّ المشكلة، فالقضاء العسكري لم يكن أقدر من القضاء المدني على تفهم ومعالجة هذه القضايا بل غالباً ما يميل إلى التعسف في استخدام سلطاته من أجل إذلال عناصر الشرطة، وإظهار سلطته دون النظر إلى أهمية رفع الروح المعنوية لرجال قوى الأمن الداخلي. الأمر الذي يشير إلى تدهور العلاقة بين مؤسّستي القضاء والشرطة.
  1. مستوى الموارد المادية واللوجستية

إضافة إلى الإشكاليات السابقة، تعاني وزارة الداخلية في سورية من إشكاليات حقيقية على مستوى الموارد المادية والتجهيزات اللوجستية، والتي تعتبر من العوامل الرئيسية لنجاح الوزارة في أداء مهامها، وتتوزع أبرز تلك الإشكاليات، وفقاً لما يلي ([21]):

  • ضعف الموارد المادية: حيث يلاحظ ذلك في تجهيزات الوحدات الشرطية، ونقص الآليات الجيّدة من حيث الكم والنوع، فهي قليلة وقديمة، وغالباً ما يلجأ عناصر الشرطة إلى سيارات الأُجرة لتنفيذ مهامهم، كما أن الأبنية قديمة وكثير منها مستأجرة وغير صالحة كي تكون وحدات شرطية.
  • ضعف الإمكانيات التقنية: ولا سيّما وسائل الاتصال وأجهزة الحاسوب ووسائل الأرشفة وتقنيات مسرح الجريمة والمخابر، الأمر الذي لا ينسجم مع ضرورات رفع مستويات الكفاءة لأجهزة الأمن كي تتمكن من مجابهة الجريمة المتطورة.
  • بدائية أساليب التحقيق: عدم مواكبة وزارة الداخلية للتطور الحاصل في عمل الشرطة بباقي البلدان والاعتماد على الأساليب البدائية في تنفيذ المهام، وبخاصة الضرب والتعذيب، مما أدى لزيادة الشرخ بين مؤسسة الشرطة والمجتمع.
  • تدني أجور العمل: والمتمثل بضعف الرواتب وساعات العمل الطويلة، والناتج عن ضعف ميزانية وزارة الداخلية بشكل عام قياساً بالميزانية الممنوحة للأجهزة الأمنية في سورية. مما أدى الشعور بالغبن وعدم الرضى من قبل عناصر قوى الأمن الداخلي، زاده فرز المنتسبين إلى خارج مناطقهم ومحافظاتهم ([22]).

خاتمة

يظهر من خلال الدراسة عمق وتشابك المشكلات التي تعتري وزارة الداخلية السورية، ولكن بالمقابل فإن تفكيك تلك المشكلات وتصنيفها يُشير  إلى أنها ليست عصية على الحل، وإنما تحتاج إلى دراسة معمقة واستنارة بتجارب دول لها ذات البنية الأمنية لسورية وعاشت فترة تحول ديمقراطي، وذلك للوصول إلى خطة إعادة هيكلة شاملة للوزارة، تبدأ من تصحيح البنيّة التشريعيّة لإعادة الصلاحيات التي سلبت من الوزارة ومنحت للأجهزة الأمنية، وتحويل الوزارة إلى مؤسسة داعمة للديمقراطية عبر تعيين وزير مدني وإعادة منصب قائد قوى الأمن الداخلي واختياره من ضباط الشرطة وليس الجيش.

 بالإضافة إلى إصلاح العلاقة وتوضيحها بين جهاز الشرطة والجهاز القضائي وتفعيل مؤسسات الرقابة على عمل الشرطة عبر اللجان البرلمانية. كما أن أي عملية إعادة هيكلة لابد أن تركز على الإصلاح الإداري وتخفيف البيروقراطية التي تعيق عمل الوزارة، ورفع الظلم عن منتسبي جهاز الشرطة لناحية الرواتب والمكافآت، إضافة إلى ساعات العمل وقانون الترفيع والتقاعد، وهذا ما سيشكل مقدمة لمكافحة الفساد داخل الوزارة.

 وهذا سيتطلب إعادة النظر في الميزانية المخصصة للوزارة وزيادتها عبر تقليص ميزانية الأفرع الأمنية، مما سيتيح تحديث موارد الوزارة اللوجستية من آليات ووسائل تقنية حديثة تساهم في رفع كفاءة جهاز الشرطة، ناهيك عن القدرة على رفع أعداد المنتسبين لسد النقص بشكل يسمح ببسط الأمن على كامل الجغرافية السورية. ومن المهم جداً أن تُربط خطة إعادة هيكلة وزارة الداخلية بملف العدالة الانتقالية كمقدمة لإصلاح العلاقة بين أجهزة الوزارة والمواطنين، وذلك عبر محاسبة الضباط المتورطين في أعمال القتل والتعذيب والفساد خلال الثورة السورية، وإعادة الضباط وصف الضباط والأفراد المنشقين عن الوزارة رفضاً للتورط في أعمال القتل، والذين تبلغ نسبتهم ما يقارب ثلث منتسبي الوزارة.

رابعاً: ملاحق الدراسة

تنقسم ملاحق الدراسة إلى ملحقين رئيسيين، يوضح الأول: مهام وصلاحيات قائد قوى الأمن الداخلي في سورية، فيما يشرح الملحق الثاني عبر الأشكال التوضيحية: الخارطة التنظيمية لوزارة الداخلية السورية بإداراتها وأقسامها وفروعها وشعبها المختلفة ([23]):

الملحق رقم (1): مهام وصلاحيات قائد قوى الأمن الداخلي

بما أن قيادة قوى الأمن الداخلي مرتبطة بوزير الداخلية؛ فتشكيل الشرطة وإدارة شؤونها وتنفيذ جميع أقسام خدماتها بطريقة نظامية من اختصاص الوزير ضمن حدود النصوص النافذة (المرسوم التشريعي رقم 77 لعام 1947 وتعديلاته مع القانون رقم 14 لعام 1958 وتعديلاته، والمرسوم التشريعي رقم 67 لعام 1965، والمرسوم التشريعي رقم 142 لعام 1966، والمرسوم التشريعي رقم 196 لعام 1962 المعدل بالمرسوم التشريعي رقم 101 لعام 1963)، وقد صدر قرار وزير الداخلية رقم 848 تاريخ 1965/05/31 المتضمن صلاحيات واختصاصات قائد قوى الأمن الداخلي وهي:

  1. يمارس سلطة فعلية على جميع هيئات وشعب وإدارات ووحدات قوى الأمن الداخلي، ويعالج أمور قوى الأمن الداخلي من خلال هذه الهيئات والشعب، وكذلك الإدارات المرتبطة به بما يصدره عنها من أوامر وتعليمات.
  2. يتلقى البرقيات والتقارير الشفوية والخطية المتعلقة بالأمن السياسي والجنائي، ويأمر باتخاذ تدابير حفظ الأمن وتنسيق العمل بين مختلف الأجهزة والوحدات.
  3. يتدارس مع مختلف الأجهزة الأخرى المختصة بقضايا الأمن، وينسق أو ينفذ أو يأمر باتخاذ تدابير حفظ الأمن وتنسيق العمل بين مختلف الأجهزة والوحدات.
  4. يحدث ويلغي الأقسام والفروع والفرق والمخافر والمكاتب والورشات الدائمة، ومراكز الإشارة اللاسلكية والسلكية، والدورات وفقاً للحاجة وبموافقة وزير الداخلية.
  5. يصدر التعليمات الناظمة لسير العمل في مختلف وحدات السلك، ويحدد اختصاصاتها.
  6. يصدر بلاغات المنع لمقتضيات الأمن في حدود القوانين النافذة.
  7. يصدر التعليمات المتعلقة بإدارة العمليات الناظمة لحفظ الأمن، ويأمر بتحريك القوى وفقاً للحاجة.
  8. يقترح تعيين الضباط ونقلهم وترفيعهم وإنهاء خدماتهم وندبهم وإعارتهم ووضعهم خارج الملاك وإحالتهم إلى المجالس الانضباطية والقضاء.
  9. يُصادق على عقوبات الضباط وموظفي الأمن العام على اختلاف أنواعها في حدود صلاحياته، ويُصادق ويعلن نتائج فحوصهم النهائية، ويُقرر افتتاح المدارس والدورات.
  10. يقرر قبول وتعيين الشرطيين وموظفي الأمن العام، كما يقرر إعادتهم للسلك وفقاً للأنظمة.
  11. يأمر بتبديل الصنف لصف الضباط والأفراد.
  12. يبت أو يقترح ترفيع صف ضباط وأفراد الشرطة وموظفي الأمن العام والموظفين غير الإجرائيين وطي أسمائهم من جداول التبشير، ونقلهم وقبول احترافهم وإنهاء خدماتهم وفق القوانين والأنظمة السارية المفعول.
  13. يبت في أضابير التحقيق المسلكية التي لا يدخل أمر البت فيها في صلاحيات رئيس أركان قوى الأمن، ويُصادق أو يلغي أو يعدل آراء المجالس الانضباطية بالنسبة لصف الضباط والأفراد، ويأمر بتنفيذ قرارات المجالس التأديبية، ويصدر التعليمات الناظمة لأصول التحقيق المسلكي ويحدّد الحالات التي يجب أن تجري فيها تحقيقات مسلكية، وتلك التي يكتفي بتنظيم تقرير بشأنها.
  14. يُثني على جميع عناصر قوى الأمن.
  15. يمنح الأذون الإدارية والاستثنائية والصحية والمتراكمة للضباط وفق الأنظمة والتعليمات السارية المفعول.
  16. يبت في إلغاء العقوبات وتعديلها وعقوبات حسم الراتب بالنسبة لجميع عناصر قوى الأمن.
  17. يصادق على ملاكات وحدات قوى الأمن وملاكات تسليحها.
  18. يعتمد أسماء عناصر البعثات على اختلاف أنواعها، ويحدد اختصاصاتها والجهات الموفدة إليها.
  19. يقترح الأوسمة على اختلاف أنواعها ودرجاتها لجميع عناصر قوى الأمن الداخلي، كما يقترح تبديل شهادات الخدمة.
  20. يأمر بعقد النفقة والتصفية والصرف لموازنة قوى الأمن، ويفوض غيره بذلك عند الاقتضاء.
  21. يصدر أوامر توزيع اعتمادات الموازنة على الوحدات المركزية والمحافظات.
  22. يصدر قرارات تنفيذ الأشغال بالأمانة في المركز، ويصادق عقود الأشغال التي تجاوز تكاليفها 10000 ليرة سورية، كما يصادق على العقود على اختلاف أنواعها كالمناقصات والعقود بالتراضي.
  23. يقرر منح المكافآت والإكراميات المالية لرجال السلك.
  24. يصدر أوامر قبول الرواحل ومنح سلف شرائها ويقرر شراء الرواحل التي تعود ملكيّتها للدولة، ويحدد مجالات استخدامها ويحيل على البطالة من لا يتدارك راحلة ضمن المدة القانونية من العسكريين الخيالة.
  25. يقرر صرف المبالغ للمخبرين الذين يأمر بتعيينهم، كما يصدر تعليمات صرفها للمخبرين المكتومين في المركز والمحافظات.
  26. يمثل قوى الأمن في خصوماتها، وله أن يفوض غيره بذلك عند الاقتضاء.
  27. يقرر شراء وتوزيع الآليات على وحدات قوى الأمن الداخلي.
  28. يصدر أوامر توزيع سلف المساكن.
  29. يرأس لجنه الموازنة المؤلفة من رئيس الأركان ورؤساء هيئات التفتيش – الشؤون الإدارية والمالية – الذاتية والتنظيم – الشؤون الفنية -رئيس إدارة المحاسبة عضواً ومقرراً، وممن يرى قائد قوى الأمن ضرورة لإشراكهم من رؤساء الهيئات والشعب والإدارات. وتتولّى هذه اللجنة دراسة واعتماد الموازنة، وتقدير حاجات السلك من شتى المواد سنوياً ومرحلياً، ودراسة المخططات والتصاميم المتعلقة بإنشاءات أبنية قوى الأمن والبت بأمرها.
  30. ينظر فيما يراه هاماً من الأمور الإدارية والمالية، ويعطي توجيهات حيالها ويعالجها مع الجهات والمراجع المختصة.
  31. يتولى التخطيط العام للتوجيه القومي في مجالات قوى الأمن، ويصدر أو يعتمد النشرات الدورية والمواد التدريسية المتعلقة بذلك.
  32. يقرر قبول الهبات والهدايا.
  33. يرأس مجلس إدارة قوى الأمن الداخلي ويصدر قرارات المجلس.
  34. يمارس هو أو من يفوضه الصلاحيات والاختصاصات المخولة له بموجب القوانين النافذة.
  35. ينتدب العدد اللازم من ضباط قوى الأمن الداخلي للقيام بأعمال التدريس ويتفرغون لهذا الواجب، ويحدد ارتباطهم بأوامر تصدر عن قياده قوى الأمن الداخلي.


المُلحق رقم (2): الخارطة التنظيمية لوزارة الداخلية السورية

 

الشكل رقم (1): يوضح هيكلية وزارة الداخلية السورية بمستوياتها الإدارية وأقسامها وأفرعها المختلفة.

 

قيادات الشرطة في المحافظات: وتتبع لوزارة الداخلية وتمثلها على مستوى المحافظة، وتتكون من:

 

الشكل رقم (2): يوضح هيكلية قيادة شرطة المحافظة بأقسامها ومديرياتها وأفرعها.


 ([1]) "التشريعات والقوانين الناظمة لعمل وزارة الداخلية"، تقرير غير منشور صادر عن وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية.

([2]) المرجع السابق. 

 ([3]) للاطلاع على تفاصيل القانون، يرجى مراجعة الرابط التالي: https://bit.ly/2QukH9t

([4]) تم تلخيص تلك العوامل من خلال مجموعة مقابلات ميدانية أجراها الباحث مع عدد من ضباط وزارة الداخلية المنشقين عن إدارات وفروع (الهجرة والجوازات، مكافحة المخدرات، مكتب الدراسات والأبحاث)، وقد تمت المقابلات على فترات متقطعة خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2018. حيث أضافوا إلى العوامل السابقة؛ موجات الهجرة من الجزيرة السورية إثر جفاف نهر الخابور بعد العام 2005، إضافة إلى دخول عدد كبير من الأجانب إلى سورية بعد العام 2003، وتحديداً العراقيين الذين بلغ عددهم في تلك الفترة مليون وثمان مائة ألف نسمة، مقابل تساهل الوزارة معهم فيما يتعلق بالثبوتيات الشخصية.

([5]) للاطلاع بشكل تفصيلي على الخارطة التنظيمية لوزارة الداخلية السورية بأجهزتها وإدارتها المختلفة وتراتبية ومستويات القرار فيها، راجع الملحق رقم (2).

([6]) اتصال هاتفي أجراه مدير وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية مع مقدم منشق عن وزارة الداخلية السورية، عمل في المكاتب الإدارية ضمن الوزارة، الاتصال بتاريخ: 5تشرين الأول/أكتوبر 2018.

([7]) وزارة الداخلية في الجمهورية العربية السورية: الهيكل والمهام والصلاحيات، تقرير غير منشور صادر عن وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات.

([8]) وزارة الداخلية في الجمهورية العربية السورية: الهيكل والمهام والصلاحيات، مرجع سبق ذكره.

([9]) المرجع السابق.

([10]) تم استخلاص هذه النتائج وبلورتها من خلال جلسة تركيز مطولة، تحت عنوان: "إشكاليات وزارة الداخلية ومعوقات العمل"، عقدتها وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية مع مجموعة من ضباط الشرطة المنشقين عن وزارة الداخلية السورية، ضمن مقر مركز عمران في مدينة إسطنبول، بتاريخ: 12-13 تشرين الثاني/نوفمبر 2018.

([11]) قائد قوى الأمن الداخلي كان يحوز على معظم مهام وزارة الداخلية بشكل فعلي وكان حينها رجل الأمن الأول في سورية، أما منصب وزير الداخلية فكان منصب سياسي، ولم تكن الأجهزة الأمنية الموجودة حالياً في سورية تتمتّع بالسطوة التي عليها الآن وبعضها لم يكن موجود أصلاً في تلك الفترة. وكانت تسيطر وزارة الداخلية في تلك الفترة على اختصاصات الأمن في البلاد. وكان منصب قائد قوى الأمن الداخلي يتولاه شخصيات وطنية مشهود لها بالثقافة المسلكية والنزاهة والكفاءة وكان ضابطاً من أبناء السلك ممن تدرجوا في المناصب الوظيفية العاملة بوزارة الداخلية وممن يتمتعون بقوة الشخصية، وكان الهم الأول لمن يتولون هذا المنصب تحقيق الأمن والاستقرار والطمأنينة في عموم البلاد. وما إن تولى حافظ الأسد الحكم في سورية في عام 1970 حتى أصدر المرسوم التشريعي رقم 1623 لعام 1970 القاضي بإعادة هيكله وزارة الداخلية وإلغاء منصب قائد قوى الأمن الداخلي وإحداث منصبي معاوني وزير الداخلية.

([12]) مقابلة ميدانية أجراها مدير وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية مع ضابط منشق عن شعبة الأمن السياسي في وزارة الداخلية السورية، ضمن مقر مركز عمران في مدينة إسطنبول، بتاريخ 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2018.

([13]) كما تقوم شعبة الأمن السياسي بعملية انتقاء ضباط وصف ضباط وعناصر، وهم خلال خدمتهم في الدورة، بشكل يخالف فرز الدورات عبر الوزارة.

([14]) وتقوم شعبة الأمن السياسي باستدعاء ضباط الوزارة للتحقيق معهم وتوقيفهم ومحاسبتهم دون إذن الجهة المسؤولة عنهم، وذلك خلافاً لقوانين الوزارة وتعميماتها، فيما يخص المثول أمام جهة أمنية إلا بعد موافقة قائد الشرطة أو مدير الإدارة، حسب تابعية الشخص.

([15]) لا يُقبل في جهاز الشرطة أي عناصر ينتمون إلى أحزاب أخرى غير حزب البعث الحاكم، وقد يتم قبول عسكريين حياديين لا ينتمون إلى أي أحزاب أخرى ولكن عددهم قليل جدّاً. هذا فيما يتعلّق بصف الضباط والأفراد، ولكن بمجرّد التطوّع بجهاز الشرطة يتم العمل على تنسيبهم لحزب البعث الحاكم ومن لا يقبل بذلك يتم فرزهم إلى أعمال إدارية في مناطق نائية، أما بالنسبة للضباط الذين يرغبون في التطوع في وزارة الداخلية فيجب أن يكون بعثيين حتى يتم قبول تطوعهم. ويوجد في وزارة الداخلية فرع لحزب البعث خاص بقوى الأمن الداخلي، يرأسه إما وزير الداخلية أو رئيس شعبة الأمن السياسي (الأقدم رتبة)، ويوجد في كل قيادة شرطة شعبة للحزب تنقسم إلى فرق حزبية، حسب تعداد العناصر في الوحدات الشرطية، ويتم عقد اجتماعات الحلقات الحزبية في مقرات الوحدات الشرطية.

([16]) لم يجري في سورية أي حملة لمكافح الفساد على مستوى وزارة الداخلية وشعبة الأمن السياسي بشكل منهجي ومدروس؛ وإنما كان هناك ردود أفعال على شكاوى معيّنة، أو تصفية حسابات ما بين الوزير السابق واللاحق ورئيس شعبة الأمن السياسي السابق واللاحق أيضاً، فكان يتم إبّان فترة حكم بشار الأسد بين فترة وأخرى تسريح وإنهاء خدمة عدد من الضباط، بعضهم لأسباب حقيقية ونتيجة دورهم بالفساد وآخرين بدون مبرّر، وذلك نتيجة لتصفية حسابات قديمة، أو لتديّنهم ،أو تقييماتهم الأمنية، وأحياناً لارتكاب مخالفات لا تستوجب الطرد والتسريح وإنهاء الخدمة.

([17]) تم استخلاص هذه النتائج وبلورتها من خلال جلسة تركيز مطولة، تحت عنوان: "إشكاليات وزارة الداخلية ومعوقات العمل"، عقدتها وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية مع مجموعة من ضباط الشرطة المنشقين عن وزارة الداخلية السورية، ضمن مقر مركز عمران في مدينة إسطنبول، بتاريخ: 12-13 تشرين الثاني/نوفمبر 2018.

([18]) يوجد في وزارة الداخلية بشكل عام، والوحدات الشرطية التابعة لها في المحافظات السورية ما يسمى بالملاك النظري والموجود الفعلي.

  • الملاك النظري: هو عدد الضباط وصف الضباط والأفراد والسائقين الذين يجب أن يكونوا على ملاك الوحدة الشرطية، حسب أمر إحداث هذه الوحدة.
  • الموجود الفعلي: وهو عدد الضباط وصف الضباط والأفراد والسائقين الموجودين فعلياً في الوحدات الشرطية، وهو ما يكون غالباً أقل بكثير من الملاك النظري.

([19]) منذ مجيء بشار الأسد للسلطة في عام 2000 كان متحاملاً على وزارة الداخلية؛ بسبب إيمانه وقناعته أن هذه الوزارة ليست كباقي الأجهزة الأمنية في ولائها له ولوالده من قبله وباعتبارها الحلقة الأضعف قياساً بباقي الاجهزة الأمنية، فعلى الرغم من أن وزارة الداخلية تعتبر وحدة من وحدات الجيش والقوات المسلحة؛ إلّا أنه لم يمنحها أي ميزة من ميزات الجيش فيما يتعلق بالتعويضات والمكافآت وتعويض نهاية الخدمة، والسيارات التي يحصل عليها ضباط الجيش المعفاة من الجمارك في نهاية الخدمة. كما سار بشار الأسد على نهج والده في تعيين وزير الداخلية من خارج جهاز الشرطة؛ فإما أن يكون تعيينه من المدنيين (مثال ذلك: محمد حربا) في فترة الأسد الأب، أو من ضباط المخابرات العسكرية في فترة الأسد الابن (اللواء علي حمود – اللواء سعيد سمور واللواء محمد الشعار) وجميعهم ضباط مخابرات عسكرية، وحتى رؤساء شعبة الأمن السياسي فقد كانوا من الجيش والأمن العسكري (اللواء عدنان بدر حسن هو ضابط جيش، اللواء غازي كنعان واللواء محمد منصورة واللواء محمد ديب زيتون) فهم ضباط مخابرات عسكرية، (اللواء نزيه حسون هو ضابط مخابرات عامة، وأخيراً اللواء محمد رحمون فهو  ضابط مخابرات جوية)، حيث لم يتم في عهد الأسدين الوثوق بضباط الشرطة في تعيينهم كوزراء داخلية أو رؤساء شعبة الأمن السياسي.

([20]) تقوم الوزارة أحياناً بقبول صف ضباط من حملة المعاهد التجارية والمعلوماتية، ضمن اختصاصات المحاسبة والمالية وغيرها، إضافة إلى خريجي معاهد التمريض الذين يتم فرزهم إلى مشافي الشرطة، مقابل التعاقد مع مهندسين ضمن بعض الفروع والإدارات، مثل إدارة المركبات.

([21]) تم استخلاص هذه النتائج وبلورتها من خلال جلسة تركيز مطولة، تحت عنوان: "إشكاليات وزارة الداخلية ومعوقات العمل"، عقدتها وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية مع مجموعة من ضباط الشرطة المنشقين عن وزارة الداخلية السورية، ضمن مقر مركز عمران في مدينة إسطنبول، بتاريخ: 12-13 تشرين الثاني/نوفمبر 2018.

([22]) يعاني صف ضباط وأفراد وزارة الداخلية من ضعف رواتبهم وأجورهم قياساً بباقي موظفي الدولة، وذلك كونهم لا يتبعون لقانون العاملين الأساسي في الدولة، وإنما لقانون الموظفين رقم 135 لعام 1945 وتعديلاته، حيث أنّ أساس راتب هؤلاء العسكريين متدني، بالإضافة إلى أن عناصر الشرطة يخضعون لنظام الاحتراف الذي قد تبلغ مدته تسعة سنوات، وبالتالي لا ينالون درجات الترفيع إلّا بعد انقضاء هذه الفترة حيث يحصلون على درجات الترفيع بمعدل كل سنتين، ولكون خدمة الشرطي وصف الضابط محددة بالقانون حتى سن الخمسين عام فنصف خدمتهم تقريباً تكون دون زيادة في الراتب، وهذا يعتبر أحد أسباب تفشّي الفساد في وزارة الداخلية.

([23]) وزارة الداخلية في الجمهورية العربية السورية: الهيكل والمهام والصلاحيات"، تقرير غير منشور صادر عن وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات.

عقد مركز عمران للدراسات الاستراتيجية ندوة تعريفية لإشهار كتابه السنوي الرابع الذي جاء تحت عنوان "حول المركزية واللامركزية في سورية: بين النظرية والتطبيق". وذلك في مدينة كركخان التابعة لولاية هاتاي التركية بتاريخ 19 كانون الأول 2018.

وقد تم استعراض موجز لمحتويات الكتاب ومضامينه، وتناول أهم الأفكار والآراء الواردة فيه من قبل المؤلفين لجمع من الشخصيات والفعاليات المهتمة بقضايا الحوكمة والشأن السوري العام. وقد لاقى الكتاب اهتماماً كبيراً من قبل الحضور نظراً لأهمية موضوعه في مستقبل الدولة السورية، ومحتواه الثري الذي ربط بين الأطر النظرية للامركزية بمختلف أشكالها ومدى إمكانية تطبيقها على الواقع السوري. إلى جانب عرضه لتجارب الدول السابقة الخارجة من الصراعات في هذا الصدد، وإبرازه كذلك لواقع التجارب الحوكمية الحالية في المناطق السورية وبيان أهم التحديات التي تواجهها.  

ضمن إطار برامجه البحثية لإصلاح القطاع الأمني في سورية، عقد مركز عمران للدراسات الاستراتيجية جلسة تركيز تحت عنوان: "وزارة الداخلية في سورية..الواقع وضرورات الإصلاح"، وذلك في 18 يناير  2019، بمدينة غازي عينتاب التركية.

وقد حضر الورشة مجموعة من الاختصاصيين من ضباط الوزارة المنشقين ضمن مختلف الرتب والاختصاصات، إضافة إلى مجموعة من الباحثين في حقل الإصلاح الأمني.

وقد تضمنت الورشة عرض دراسة أوليّة انطلقت من الدور الكبير الذي سيترتب على وزارة الداخلية أن تلعبه في المستقبل، بعد كف يد الأجهزة الأمنية عن التدخل في حياة المواطنين، وضرورات الإصلاح الذي يؤهلها أن تضطلع بهذا الدور، حيث استعرضت المشكلات الحقيقية التي تعاني منها الوزارة على المستويات التشريعية الإدارية ومستويي الكادر البشري والموارد المادية واللوجستية، وصولاً إلى إشكاليات العلاقة مع المؤسسات والأجهزة الأمنية الأخرى.

واختتمت الورشة بالتأكيد على ضرورة تعميق الدراسات وتكثيف الورشات في هذا الإطار، بما يساهم ببلورة رؤية إصلاحية وطنيّة تتمحور حول ما يمكن تعديله على عمل الوزارة في المستويات التشريعية والبنيوية والوظيفية، بما تمليه مرحلة ما بعد النزاع من ضرورات الإصلاح، وبما يراعي مصلحة السوريين ضمن المحددات الوطنية.

 

الإثنين, 21 كانون2/يناير 2019 11:57

الخلاف الأميركي التركي بشمال سورية يتأرجح

في تصريحه لموقع الجزيرة نت بتاريخ 18 كانون الثاني 2019، حول الخلاف الأميركي التركي على إدارة الأوضاع في شمال سورية؛ وضح معن طلاع الباحث في مركز عمران أن أنقرة تريد تلك المناطق غير مهددة لأمنها وبالتالي سحب كافة أنواع التسليح من الحدود فيما تسعى واشنطن لتوفير إطار سياسي يكفل لحلفائها في سورية الأمن والحفاظ على مكتسباتهم، وما بين الطموحين ستبقى تلك المنطقة أسيرة التفاهم الأمني القلق الذي ربما يبقى مجالا للشد والجذب واحتمال لجوء أنقرة إلى مسار أستانا لتحقيق هدفها". 

كما بيّن طلاع أن المسرح السوري سيبقى محكوماً بمنطق "التفاهمات الأمنية الظرفية" بين الفواعل الدولية والإقليمية، إلا أن تلك التفاهمات لم تشهد تطوراً ملموساً على مستوى التركي الأميركي وبشكل يفضي إلى إدارة مشتركة لبعض الملفات العالقة، في ظل سعي واشنطن لتسليم قواعدها بعد انسحابها إلى الأكراد في سورية، في حين تصر أنقرة على إلغاء القواعد نهائيا أو تسليمها إليها لتسلم لاحقا إلى قوى محلية سورية.

 

المصدر الجزيرة نت: http://bit.ly/2T6c0QW

في تصريحه لصحيفة القدس العربي بتاريخ 9 كانون الثاني2019، حول تمدد "هيئة تحرير الشام الأخير"؛ وضح الباحث معن طلاع من مركز عمران للدراسات الاستراتيجية أن هذا التمدد هو بمثابة "الانتقال الاستراتيجي" إلى مراحل متقدمة في التمكين المحلي وإنهاء أي صيغ لتوازع السلطة في تلك المنطقة؛ وأنه ليس نتاج رغبة دولية وإن تقاطعت أهدافها النهائية مع تلك الرغبة والمتمثلة في تعجيل عودة إدلب إلى النظام عبر حجة "الهيئة"؛ إذ أن ما حدث يؤكد على أنها رغبة ذاتية للهيئة نابعة من إدراكها لصعوبة خياراتها المستقبلية وضرورة تحسين تموضعها العسكري والإداري والأمني.

أما من حيث السيناريوهات المحتملة لهذا التمدد فأوضح الباحث أنها  تتراوح ما بين احتمال ضئيل لحصول اتفاق أمريكي تركي للقضاء على الهيئة وهذا يستلزم اتفاقاً سياسياً حول "لإدلب ما بعد الهيئة"؛ وما بين المواجهة الجزئية مع النظام مدعومة بالقوات الروسية أو لايرانية للسيطرة على M4 وm5 .؛ أو إعادة تدعيم قوى المعارضة والدخول في معركة استنزاف طويلة.

المصدر صحيفة القدس العربي: https://goo.gl/iXXuei

 

بيّن الباحث معن طلاع من مركز عمران للدراسات الاستراتيجية في تصريحاته لصحيفة القدس العربي بتاريخ 12كانون الثاني 2019، حول خيارات هيئة التحرير بعد تمددها الأخير؛ أن استراتيجية "التمدد" على حساب قوى المعارضة ليست بالاستراتيجية الجديدة على الهيئة؛ فلطالما لجأت إليها لتحسين تموضعها العسكري عبر الاستيلاء على أسلحة نوعية؛ أو لتحسين التموضع الاقتصادي والإداري عبر السعي الحثيث للسيطرة على أهم القطاعات الخدمية أو التجارية كالمعابر (سواء الدولي منها أو المحلي) ومحطات التوليد الكهربائي وغيرها؛ وهي تلجأ إليها لتعزيز الأسباب الآنفة الذكر جميعاً مضافاً إليها تحسين الشروط السياسية في أي مفاوضات محتملة في حال لجوء الفواعل الدولية والمحلية إلى خيار المفاوضات والتباحث عن صيغ ما دون عسكرية؛

وحول المستوى المرتبط بخيارات الهيئة أوضح الباحث أنه وفقاً "لبرغماتيتها الشديدة"فإنه يتوقع أن تطمح الهيئة لتحويل سيطرتها العسكرية إلى سيطرة مدنية وسياسية عبر مرحلتين مرحلة انتقالية تديرها وتهيئ لها حكومة الانقاذ متبنية عدة برامج منها ما يتعلق بإعادة التشكيل السياسي والعسكري والمدني وفق صيغ تبدو شكلاً أكثر تشاركية وهي ضمناً أكثر شمولية وتسلط؛ ومرحلة نهائية يختفي فيها اسم هيئة تحرير الشام لصالح اسم جديد وفاعلية جديدة.

المصدر صحيفة القدس العربي: https://goo.gl/qch9SB

أجرت صحيفة القدس العربي بتاريخ 11 كانون الثاني 2019، لقاء مع الخبير العسكري في مركز عمران نوار أوليفر حول أبرز التغيرات والتطورات في مناطق سيطرة المعارضة بمحافظة إدلب وريف حلب الغربي، وعن الخيارات الروسية في المنطقة والتي قال عنها : "إن التصريحات الروسية، تناقض الواقع وهي محاولة تهيئة الوضع العام لعمل عسكري محتمل، مستبعداً إن تشن معركة ضد محافظة إدلب لما في ذلك من تداعيات خطيرة على الجانب التركي إذ تضم المنطقة نحو 4 ملايين شخص، واي عمل عسكري سيؤدي إلى نزوح المدنيين إلى المناطق الآمنة وهي إما مناطق عفرين أو درع الفرات أو الأراضي التركية ما يؤثر على محاذير أنقرة. وأضاف «أوليفر» لـ«القدس العربي» إن أي عمل بري للنظام والمليشيات الإيرانية شمالي سورية هدفه «استنزافي» صرف، فيما تندرج الأهداف الروسي الحالية ضمن اطار ضبط المنطقة ومحاولة العمل مع الأتراك من اجل تحسين الوضع الأمني، على أن تكون الخطوة الثانية هي تطبيق اتفاق المنطقة العازلة وتفعيل الخطوط الدولية ام 4 وام 5، مشيرًا إلى «إن روسيا حالياً على الخط نفسه مع تركيا ولا ترغب بإقامة خلاف مع حليفها التركي الوحيد تقريباً في المنطقة، لذا تعمل روسيا على نشر قواعد عسكرية جديدة في محيط المنطقة العازلة لضبط الميليشيات الإيرانية ومنعها من محاولة التقدم البري».

المصدر صحيفة القدس العربي: https://goo.gl/ubpWiP

الملخص التنفيذي

  • تاريخياً: مرت عملية التشكل البنيوي والوظيفي للمؤسسة العسكرية السورية بمراحل عديدة، منها ما ارتبط ببوصلة البناء المهنية وضرورات التطوير، ومنها ما استدعته رغبة استحواذ السلطة الحاكمة على الجيش، ومنها ما أملته الحروب التي شهدتها سورية عموماً، إلا أنه ومنذ استلام حافظ الأسد السلطة بات الجيش طرفاً رئيساً في "الصراعات" المحلية، سواء بحكم التكوين الاجتماعي للجيش والهندسة الطائفية النوعية التي عمل عليها حافظ الأسد ومن بعده بشار الأسد، أم بحكم طبيعة الامتيازات الممنوحة والعقيدة العسكرية اللاوطنية. ولعل الهزات البنيوية والبشرية الأقسى والأعمق كانت مع انطلاقة عام 2011 حتى 2018 إذ استلزمت تلك الهزات استجلاب عناصر غير سورية داعمة سواء على مستوى الدول أم المجموعات، ليخرج "الجيش" كلياً عن الوظيفة الأساسية المحددة لأي جيش وطني ويدخل في إطار وظيفة مغايرة وهي الدفاع عن النظام الحاكم. ويخرج عن وظيفة إدارة العنف في المجتمع بعد أن نصّب نفسه حامياً للنظام السوري ومدافعاً عنه في إطار مجموعة من الأسباب التي دفعته لذلك.
  • كان لعدم توقع حدوث عمليات عسكرية على كامل الجغرافية ضد ثورة شعبية أثر كبير في زيادة معدل تعديل القوانين الناظمة للمؤسسة العسكرية من أجل تغطية الثغرات في تلك القوانين. كما تم تجاهل بعض القوانين لصالح العُرف والتقليد، وظهر ذلك في عمليات الترقية والتقييم للضباط وصف الضباط نتيجة الطائفية أو المناطقية. كما أن فرض حالة التعبئة الجزئية بشكل غير علني في سورية نتيجة الأحداث الدائرة في البلاد منذ عام 2011، وإصدار قانون جديد للتعبئة في نهاية عام 2011، يدعم جهود النظام في توزيع مهام التعبئة على كافة مؤسسات ودوائر الدولة على الرغم من أن القانون السابق الخاص بالتعبئة تم إصداره عام 2004.
  • تميّزت حركة الجيش خلال الفترة الأولى بالفوضى المطلقة. وحولت استعانة النظام بالميليشيات المحلية والخارجية وكذلك بالنظامين الإيراني والروسي هذه الحركة من الفوضى المطلقة إلى الفوضى المنظمة. واستطاع النظام استعادة الكثير من القرى والمدن اعتماداً على استراتيجية العقاب الجماعي وسياسة الأرض المحروقة واستراتيجية حرب العصابات. كما أدّى استعانة النظام السوري بالميليشيات المحلية والخارجية إلى خلل في بنية الجيش ودوره خلال سنوات الثورة بحيث أصبح الجيش ذا طابع علوي أكثر تركيزاً من سابقه بعد اعتماده الأساسي على المنتسبين العلويين. واتسم أغلب ضباطه بالفساد الذي تضاعف مرات ومرات على مدى سنوات الثورة، وأضحى الجيش أكثر انعزالاً وبُعداً عن المجتمع. ودفع ذلك الأمر الضباط للتواطؤ مع شبكات الفساد في النظام، واستغلال هذا الأمر لتحقيق المزيد من المكاسب وجمع الأموال بشتى الطرق.
  • يمكن تعريف المشهد العسكري في عام 2018 بأنه مسرح عسكري شهد تحولات جمة أبرزها: حصر خارطة الفواعل ضمن ثلاثة مناطق نفوذ دولية ينشط فيها فواعل محلية متباينة سياسياً، فمن جهة أولى: وضمن مناطق سيطرة النظام ازدادت مؤشرات الفاعلية الإيرانية وبطبيعة الحال الروسية كذلك مع ملاحظة بعض المحاولات لضبط المشهد الميليشياوي الذي شهد حلاً لبعضها ودمجاً لبعضها المرتبط بإيران، ومن جهة ثانية: توضحت خارطة فواعل المعارضة المسلحة في الجبهة الشمالية التي تضمنها أنقرة ضمن تفاهمات الأستانة، فحضنت القوى المهجرة من الجنوب والوسط السوري وأعادت توظيف إمكانياتهم ضمن الترتيب الذي جهدت أنقرة لضبطه والمتمثل بعمليات درع الفرات وغصن الزيتون، ومن جهة ثالثة: تستمر قوات قسد في أداء وظائفها الأمنية والعسكرية ضمن مشروع الإدارة الذاتية ومحدداته القانونية، وبالوقت ذاته لايزال مشهد التفاوض مع النظام مشهداً مفتوحاً لكل الاحتمالات مع ترجيح استمرار تأزمه بحكم عدم وضوح الرؤية النهائية للداعم الأمريكي الذي يجهد لتمكين قوات قسد من جهة ويدفع باتجاه خط المفاوضات من جهة ثانية.
  • لا يمكن اعتبار محاولات النظام في تحجيم أدوار الميليشيات الإيرانية والمحلية مقاربة متكاملة الأركان، فمن جهة أولى عدت بعض هذه الميليشيات جزءاً أصيلاً من قوات النظام وتم مأسسة العمليات الإيرانية في سورية وهذا يتعارض مع حركية أي تحجيم، ومن جهة ثانية لم تلحظ بعض الخطوط العامة لاستراتيجية الدمج سواء المتعلقة بالميليشات المحلية ككل أم بالمجموعات التي صالحت، فلاتزال أولوية قتال المعارضة تفرض نفسها وهذا ما يؤجل هذه الحركية، والتي ستواجه صعوبات بالغة الحدية نظراً لعمق تواجد هذه الميليشيات وتعدد أدوارها سواء بالمعنى المجتمعي أم الأمني.
  • تسجل المعطيات والمؤشرات المدروسة في أوراق هذا الكتيب أن التحولات التي طرأت على المؤسسة العسكرية هي بالغة الأثر في المدى المتوسط والبعيد، وهذا ما كان من شأنه أن يحدث اختلالاً هيكلياً وبنيوياً في هذه المؤسسة التي تجد نفسها أمام واقعٍ جردها من القوة التنظيمية والنوعية، وباتت إحدى الفواعل وليس الفاعل الوحيد في المشهد العسكري وإن تبدلت نسب السيطرة، فالقوى المحلية ومن خلفها الإقليمية والدولية جعلت من هذه المؤسسة أسيرة شبكات ناشطة سواء تلك الشبكات الروسية والإيرانية المتحكمة في قطاع الدفاع السوري أم الشبكات الدولية والإقليمية الأخرى في "الجغرافيات" الأخرى الخارجة عن سيطرة النظام، وهذا وغيره من الأسباب المتعلقة بعدم الحياد والتكوين الاجتماعي المختل والعقيدة والأيديولوجية الحزبوية تحتم ضرورة سياسات إعادة البناء التي لا تزال تغيب عن أجندة النظام وحلفائه لصالح إعادة الترميم وفق مبدأ عودة التحكم والسيطرة وجعل الجيش أداة في ذلك.
  • أمام تلك الموجهات المتحكمة في محددات التغيير والإصلاح للمؤسسة العسكرية يسجل غياب الرؤى الوطنية عن الأجندة المتعلقة بهذه المؤسسة والتي تضبط العملية الإصلاحية بشروط عدة، أهمها التغيير السياسي، والعمل على انتزاع الجيش من دوائر التنافس السياسي الحزبي لصالح الحيادية، وحماية الحياة السياسية، إضافة إلى تعزيز العلاقات المدنية العسكرية الدافعة باتجاه تحسين أداء المؤسسة.

المقدمة

انطلاقاً من ضرورة إعادة تعريف أدوار المؤسسة العسكرية في سورية في ظلّ التحولات العميقة التي يشهدها مفهوم الدولة الوطنية، وما تستوجبه من تفكيك بحثي لوظيفة وبنية الجيش في سورية، وهويته العقائدية والتفسيرات الرئيسية التي أدت إلى تدخلات الجيش )كقوة المركزية والتنظيمية( في الحياة الاجتماعية والسياسية وفق فلسفة الفئة الحاكمة. ومنطوقٍ يخدُم ويُغذي السلطة، أطلق مركز عمران للدراسات الاستراتيجية مشروعه البحثي حول تحولات المؤسسة العسكرية السورية وتحدي التغيير وإعادة التشكل، وأنجز جملة من المخرجات البحثية والتي نجمعها في هذا الكتيب كما هو مبين أدناه:

  1. الجيش السوري خلال الفترة 2011-2018: الدور والوظيفة.
  2. البنى والفواعل العسكرية في سورية لعام 2018.
  3. الاستقرار والتغيير في سورية: ورقة حول مستقبل المؤسسة العسكرية.
  4. ملحق أول: أبرز تحولات الجيش 1945-2011.
  5. ملحق ثاني: القوانين والتنظيمات الحاكمة للجيش بعد 2011.

وتبحث تلك المخرجات في مؤشرات عدم الاستقرار بخارطة الفواعل العسكرية وقياس أثره على "مركزية وظيفة الدفاع والامن"، والشكل النهائي لمراكز القوة في الجيش بعد عمليات الدمج المحتملة. كما تركز على العلاقة المؤثرة ما بين المشهد العسكري والمشهد السياسي، بمعنى التعرف إلى ماهية رؤى الفواعل العسكرية على مداخل الإصلاح ومستوياتها أو على القدرة على انتزاع صلاحيات لا مركزية "مقوننة"، والعكس صحيح، تبيان تطورات المشهد السياسي وتبدلات محددات الحليف والداعم الإقليمي والدولي وما يؤثره على خيارات الفاعل العسكري الذي تقل خياراته أمام هذه التبدلات.

كما تم استعراض أهم التحولات التاريخية التي طرأت على الجيش، لتشكيل فمهاً متأصلاً حول طبيعة الخلل البنيوي ومسبباته، بالإضافة إلى الوقوف على أهم القوانين والتشريعات الناظمة لعمل المؤسسة العسكرية وتحديدها ومتابعة مسارها وتعديلاتها منذ صدورها حتى آخر تعديل لها، وكيفية قيام "القيادة العسكرية" بتوظيف هذه القوانين بعد بدء الثورة السورية في استمالة عناصر الجيش من كافة الفئات للاستمرار بحالة الولاء المطلق لتلك القيادة.

كما تحاول هذه المخرجات أن تجيب عن عدة تساؤلات مركزية: هل المؤسسة العسكرية بواقعها الراهن تمتلك شروط الفاعلية والوطنية، وتمتلك القدرة والكفاءة لحماية مخرجات العملية السياسية وتوفير الاستقرار؟ وهو ما استدعى بداية إدراك تموضع (سياسة الإصلاح) في حركية الجيش الراهنة والمستقبلية، ثم تلمس مدى توفر عناصر التماسك والاستقرار البنيوي فيه بعد التحولات العميقة التي شهدتها خلال سني الصراع؟ ثم الانتقال إلى وضع ملمح (تصور أولي) لأطر عمليات التغيير ليغدو مستقبل هذه المؤسسة دافعاً للتماسك والحياد السياسي، وأن تكون مصدراً رئيساً لتحقيق وتوليد الاستقرار في سورية.

ويلفت النظر إلى أن المركز سيعمل على إنجاز سلسلة مخرجات بحثية حول هذا الإطار، كمرحلة ثانية للمشروع، مستفيداً من نتاج وملاحظات ورشته التي عقدها في إسطنبول في تاريخ 25/تشرين الأول/2018، ليركز على القضايا التالية:

  1. التطييف وآلياته في الجيش.
  2. الواقع الراهن للمؤسسة العسكرية: الشبكات المتحكمة.
  3. إدارة الفائض البشري: نموذج الفيلق الرابع والخامس.
  4. النظام القضائي العسكري.
  5. التحديات غير التقنية في عملية إصلاح المؤسسة العسكرية.

 

لقراءة الكتاب كاملاً انقر هنا

ملخص تنفيذي

  • نسبة كبيرة من المجالس القائمة في المحافظة غير معتمدة من وزارة الإدارة المحلية ومن مجلس المحافظة وفقاً للأنظمة والقوانين المعمول بها؛
  • تجري أغلبية مجالس محافظة إدلب انتخابات دورية؛
  • تختار أغلب المناطق ممثليها في المجالس القائمة في المحافظة عن طريق التوافق، وثمة تدخل لقوى الأمر الواقع في انتخابات عدد قليل منها .
  • لايوجد تمثيل معتمد للنازحين في محافظة إدلب، كما أن مشاركة المرأة في مجالس محافظة إدلب المحلية منخفضة نسبياً، وتصنف مجالس المحافظة بأنها فتية؛
  • توجد نسبة مقبولة من المجالس التي لديها قناعة بالمشاركة في العمل أو الدفع السياسي بشكل أو بآخر، وتذهب غالبية المجالس إلى تفويض جهات سياسية أخرى وفصائل عسكرية في عمليات التفاوض المحلية.
  • تعطي نسبة معتبرة من المجالس أهمية لقطاعات الإغاثة والصحة والتعليم والبنى التحتية على التوازي؛
  • تعاني مجالس محافظة إدلب من فقر كبير في الموارد المادية والبشرية ينعكس على أدائها المؤسسي وضعف قدرتها على التخطيط والتنمية؛
  • لا تسيطر هيئة تحرير الشام على معظم مناطق المحافظة وتتمتع الكثير من المجالس بالاستقلالية التامة عنها وعن حكومة الإنقاذ؛
  • يعد تراجع الدعم وانسحاب الكثير من المنظمات من محافظة إدلب إضافة إلى تشجيع بعض القوى المسيطرة لبعض التجمعات السكانية لتشكيل مجالس جديدة، عوامل مهمة ساهمت في حالة تشظي المجالس المحلية في محافظة إدلب.

عن التقرير

يستعرض هذا التقرير نتائج مسح اجتماعي أجراه مركز عمران للدراسات الاستراتيجية بالتعاون مع وحدة المجالس المحلية في كل المناطق المحررة خلال الفترة الواقعة بين 15/4/2018 و15/6/2018 ومن هذه المناطق محافظة إدلب. وقد تناول المسح كل الوحدات الإدارية والهيئات التمثيلية في كل التجمعات السكانية الموجودة على امتداد جغرافيا المحافظة عدا المناطق التي سيطر عليها النظام مؤخراً، ورغم كل محاولات فريق البحث الميداني الحصول على أدق المعلومات حول المجالس؛ إلا أنه لا يمكن الادعاء بالدقة الكاملة للمعلومات الواردة في التقرير لصعوبات واجهت الفريق خلال عملية جمع البيانات بسبب الوضع الأمني ولتفاوت درجة تعاون المجالس مع عملية المسح ولتدخل بعض القوى العسكرية ومنعها بعض المجالس من التعاون مع فريق المسح، وقد أسفر ذلك عن تأخر إصدار التقرير، إضافة إلى السيولة الكبيرة التي وسمت المشهد الميداني في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، والتي تسببت أيضاً في تأجيل إصدار التقرير حتى تستقر الخارطة ولو مؤقتاً، ويتناول التقرير واقع البنى المحلية الإدارية والتمثيلية القائمة من حيث مشروعيتها ومايعنيه ذلك من جودة تمثيلها للمجتمع المحلي وقيامها بالأدوار المنوطة بها ومن حيث شرعيتها التي تقاس بمدى اعتمادها للأنظمة والقوانين واعتماديتها من قبل المستويات الإدارية الأعلى، كما يتناول موارد هذه المجالس وقدرتها على التخطيط للتنمية، إضافة إلى علاقاتها البينية مع القوى العسكرية والمستويات الإدارية المركزية واللامركزية، كما يستعرض التقرير بعض ملاحظات فريق البحث الميداني التي دونها خلال عملية المسح، و يخلص  إلى جملة من الخلاصات والتوصيات.

حول محافظة إدلب ومجالسها المحلية

تقع محافظة إدلب في أقصى الشمال الغربي للجمهورية العربية السورية، وتحاذي جزءاً من الحدود السورية التركية، وقد بلغ عدد سكانها ثلاث ملايين وتسعمائة ألف نسمة بين أبناء المحافظة والمهجرين إليها ([1])، شاركت المحافظة في الثورة منذ أيامها الأولى لتخرج عن سيطرة النظام بشكل كامل في آذار من العام 2015، بعد سقوط مركز المحافظة بيد قوات المعارضة، فيما بقيت كل من كفريا والفوعة الشيعيتين المحاصرتين تحت سيطرة النظام ورهناً لاتفاقية المدن الأربعة بين إيران والمعارضة، ومع استكمال ترتيبات أستانة واتفاقيات خفض التصعيد بانعقاد اجتماع أستانة 6 في أيلول 2017، تمكن النظام وحلفاؤه الروس من السيطرة على أجزاء من شرق سكة الحديد جنوب شرق المحافظة حيث سيطر على حوالي 17.5% من مساحة المحافظة (متضمناً مساحة كفريا والفوعة)، لاحقاً ومع تزايد حشود جيش النظام وحلفائه على المحافظة تم اتخاذ قرار بإخلاء بلدتي كفريا والفوعة ويقدر عدد المجالس المحلية التي سقطت بيد النظام بحوالي 17 مجلساً محلياً معتمداً، كما أصبحت المحافظة ملاذاً أخيراً لعدد كبير من معارضي النظام السوري بعد سقوط مناطق المعارضة تباعاً ( الغوطة الشرقية، جنوب دمشق، القلمون الشرقي، ريف حمص الشمالي، درعا، القنيطرة) بيد النظام السوري وحلفائه، حيث يشكل النازحون ما نسبته 41% من سكان المحافظة([2]). وقد كانت محافظة إدلب على موعد مع حملة عسكرية ضخمة لاستكمال سيطرة النظام على ما تبقى من مناطق المعارضة ، إلا أن اتفاق سوتشي الأخير بين روسيا وتركيا في 17 أيلول 2018 حال دون ذلك ولو مؤقتاً وفتح الباب لتوفير حماية إقليمية لهذه المحافظة، في الوقت الذي وضع الكرة في ملعب الفعاليات المدنية والبنى المحلية لتفعيل برامجها وتمكين مؤسساتها والعمل على حوكمتها وبينما حدد القرار رقم 1378 للعام 2011 والصادر عن وزارة الإدارة المحلية التابعة للنظام([3])، التقسيمات الجغرافية المركزية للمحافظة بـ 6 مناطق تضم 26 ناحية فيما تقسم المحافظة إدارياً إلى 157 وحدة إدارية توزع على 15 مدينة و47 بلدة و95 بلدية تتمتع بالشخصية الاعتبارية([4])، إضافة إلى العشرات من القرى والمزارع والتجمعات التي لا تحظى بالشخصية الاعتبارية ولا تشملها التقسيمات الإدارية([5]فإن العدد الفعلي للمجالس القائمة هو 307 مجلساً محلياً بمافيها مجلس المحافظة ومجالس البلدات التي سقطت بيد النظام بعد استيلائه على مناطق شرق السكة في شباط 2016 .

وقد تأسست 83% من مجالس محافظة إدلب قبل عام 2015، العام الذي خرجت فيه المحافظة بالكامل من سيطرة نظام الأسد، وبصورة عامة يعاني المشهد الإداري في محافظة إدلب من هشاشة وتشظي كبيرين، أسهمت فيه تداخلات الحالة السياسية والعسكرية في المحافظة والتي انعكست على الحالة المدنية وأرخت بظلالها على المنظومة المهيكلة للمجالس المحلية بنشوء مجالس غير معتمدة من الحكومة المؤقتة وتضاعف عددها بشكل كبير وتعدد مرجعيات بعضها سواء بتبعيتها لحكومة الإنقاذ أو المؤقتة، يضاف إلى ذلك حالة انفلات منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية من عقال الضبط الحكومي.

المشروعية والتمثيل

يعبر عن المشروعية بمدى الرضى الشعبي عن تمثيل المجلس للسكان المحليين، بما في ذلك المرأة والنازحين وشريحة الشباب والفئات المهمشة، إضافة إلى طريقة تشكيل المجلس وأدائه:

الانتخابات والدورات الانتخابية

تجري62 % من مجالس محافظة إدلب انتخابات دورية([6])، بعضها سنوية وبعضها نصف سنوية، كما توجد مجالس تجري انتخابات كل 4أشهر ومجالس تجري انتخابات كل سنتين، وتم اختيار أعضاء 72% من المجالس في محافظة إدلب بالتوافق، فيما اختير أعضاء 13% من المجالس بالانتخاب المباشر من السكان، ولم تتجاوز نسبة المجالس التي عينت أعضائها الفصائل المسلحة الـ1% (تدخلت الفصائل في تعيين أعضاء أربع مجالس محلية في أربع وحدات إدارية اثنتان منهما تحت السيطرة العسكرية لهيئة تحرير الشام والثالثة تحت سيطرة فيلق الشام أما الوحدة الأخيرة فهي غير خاضعة لسيطرة أي فصيل )، فيما شكلت 10 % بالمئة منها بالاعتماد على انتخابات الهيئات الناخبة، وتم اختيار 2% من المجالس من خلال مجالس الأعيان والشورى .

 

مشاركة المرأة والشباب والنازحين

لا تزال مشاركة المرأة في مجالس محافظة إدلب المحلية منخفضة نسبياً إذ يوجد حضور للمرأة في 14% فقط من المجالس المحلية سواءً في الجسم التمثيلي أو الوظيفي، حيث تتنوع مشاركتها فيها فتشارك في 5% من المكاتب التنفيذية لهذه المجالس، كما أنها تشغل مناصب وظيفية في 13 % بالمئة من هذه المجالس.

 

وبصورة عامة يمكن اعتبار مجالس محافظة إدلب المحلية مجالساً فتية إذ تتعزز فيها مشاركة الشباب بشكل كبير و تشكل المجالس التي متوسط الأعمار فيها بين 25-40 حوالي 61% من مجموع المجالس، فيما تشكل المجالس التي متوسط الأعمار فيها يبن 40-50 حوالي 7 بالمئة فقط، أما بالنسبة للنازحين فلم تسجل أي حالة تمثيل لهم في مجالس المحافظة.

الدور الخدمي والسياسي

تشكل الأدوار التي تقوم بها المجالس المحلية لصالح المجتمعات المحلية واحدة من أهم عوامل بناء مشروعية هذه المجالس. ومن أهم تلك الأدوار التي يمكن للمجالس المحلية أن تلعبها هو دورها في العمل السياسي العام بصفتها ممثلاً للمجتمع المحلي، ومن ذلك المباشرة في الممارسة السياسية بتمثيل إرادة المجتمع المحلي في المحافل الدولية في ظل إشكالية التمثيل السياسي المركزي الذي ينبغي أن تضلع به البنى السياسية على المستوى الوطني، وأيضاً الدفع السياسي أو التأثير في السياسة من خلال اتخاذ المواقف وإصدار البيانات وإقامة الفعاليات والتي تتناول الموقف الشعبي من المتغيرات السياسية المختلفة التي تخص الشأن السوري و إيصال الرسائل السياسية إلى الفاعلين السياسيين الدوليين والإقليميين والمحليين، إذ تشكل المجالس المحلية التي لديها قناعة بالمشاركة في العمل أو الدفع السياسي بشكل أو بآخر 25%، إضافة إلى كون عملية التمثيل على المستوى المحلي وإدارة المجتمع المحلي سواء على مستوى الخدمات والتنمية أو على مستوى العلاقة مع الفواعل المحلية في الوحدة الإدارية أو مع الاستحقاقات السياسية ذات الطابع المحلي شكلاً من أشكال العمل السياسي، ويمكن ملاحظة عزوف الكثير من المجالس المحلية في محافظة إدلب عن الاضطلاع بمهام سياسية مباشرة على المستوى المحلي كتلك المتعلقة بالتفاوض المحلي مع النظام، كما تتفاوت قدرة المجالس المحلية في تلبية احتياجات المجتمعات المحلية على مستوى القطاعات الإغاثية و الخدمية الأساسية:

  • الموقف من الجهة المخولة بالتفاوضات المحلية

ترى 32% من المجالس أن الفصائل هي الجهة الأكثر تأهيلاً لخوض المفاوضات المحلية مع الجهات المعادية في مناطق التماس) 28 % منها يتبع إدارياً لحكومة الإنقاذ(، فيما ترى 20 % من المجالس أن المجالس المحلية هي الجهة الأكثر تأهيلاً للتفاوض، وتذهب 18 % من المجالس إلى أهمية تشكيل لجنة مشتركة من المجالس المحلية والفصائل للقيام بهذه التفاوضات. في حين ترى 17% من المجالس أن مجلس المحافظة هو الجهة الأكثر تأهيلاً لخوض المفاوضات المحلية، وترى 6% من المجالس أن الهيئة السورية للمفاوضات هي الجهة الأكثر تأهيلاً للقيام بالتفاوضات المحلية، فيما ذهب ثلاثة مجالس إلى أهمية تشكيل لجنة من مجلس المحافظة أو المجلس المحلي والهيئة العليا، ورأى مجلس واحد أهمية تشكيل لجنة من المجلس المحلي ومجلس المحافظة والفصائل، وقد امتنع 5 % من المجالس عن الإجابة عن هذا السؤال.

 

  • أهم الخدمات التي تقدمها المجالس

تولي 24% من المجالس أهمية كبيرة لقطاعات الإغاثة والصحة والتعليم والبنى التحتية (مياه، طرق، صرف صحي، كهرباء) على التوازي، فيما تولي 7 % من المجالس في المحافظة أهمية قليلة للقطاعات الأربعة، كما تتفاوت أولويات مجالس محلية أخرى بالنسبة لاعتبارات الأهمية للخدمات التي تقدمها إلا أن ميدان التعليم يعد الأكثر أهمية لحوالي ال45 % من المجالس، فيما تعتبر 41 % من المجالس قطاع الصحة الأكثر أهمية بالنسبة لها. وعدى عن هذه القطاعات تنصرف الكثير من المجالس لإعطاء الأولوية لقطاعات أخرى كالزراعة والثروة الحيوانية، أو الشؤون المدنية والعقارية، أو إزالة الأنقاض وآثار القصف، أو حل المشكلات في المجتمع المحلي، أو فتح الأفران، أو حملات النظافة ومكافحة الحشرات الضارة، أو الأمن المحلي (الإشراف على الشرطة المحلية).

 الشرعية

تكتسب المجالس المحلية شرعيتها عادةً من مدى انتظامها ضمن الهيكل الإداري العام على المستوى الوطني، ما يعني اعتماديتها وفق الأنظمة الصادرة عن الحكومة المركزية وفق المعايير التي تحددها القوانين الإدارية، إضافة إلى عمل المجلس وفقاً للقوانين الإدارية الناظمة، وامتلاك المجلس لدليل تنظيمي يحدد نظامه الداخلي وهيكليته ومهامه، وقدرة المجلس على مد سلطته الإدارية على كل الحدود الإدارية لوحدته وشمل كل القطاعات المحلية بها. وفيما يلي نتائج المسح حول مدى التزام المجالس موضوع المسح بمعيار الشرعية:

  • تبلغ نسبة المجالس (بما فيها مجلس المحافظة) المعتمدة من وزارة الإدارة المحلية في الحكومة السورية المؤقتة وفق القانون 107 والقانون 1378 حوالي 48 %؛
  • تبلغ نسبة المجالس التي تعتمد القوانين والأنظمة الصادرة عن وزارة الإدارة المحلية حوالي 25%، نسبة 30% منها غير معتمدة وفق القوانين الإدارية؛
  • تبلغ نسبة المجالس التي لا تعتمد نظام داخلي على الإطلاق 50 % (31 % منها معتمدة)؛
  • تبلغ نسبة المجالس المحلية التي تعتمد أنظمة خاصة بها 20%، نسبة من يصرح منها بتابعيته الإدارية للحكومة المؤقتة 29%؛
  • تجدر الإشارة إلى أن 54% من المجالس المحلية تحافظ على هيكلية ثابتة بين الدورات الانتخابية.

 الموارد والتخطيط للتنمية

لاتزال المناطق الخارجة عن سيطرة النظام تعاني من شح في الموارد وفي فرص التنمية نتيجة التحديات الأمنية وسيطرة قوى الأمر الواقع على الكثير من الموارد على حساب البنى الإدارية اللامركزية إضافة إلى غياب سلطة مركزية فعلية، توضح النسب التالية نظرة المجالس المحلية لأولويات سبل العيش المتوافرة في مناطقها:

  • الموارد والواقع الاقتصادي

 ترى 22 % من المجالس أن سبل العيش الأكثر أهمية المتوفرة في مناطقها تتمثل في الإغاثة ودعم المنظمات بالإضافة إلى تحويلات المغتربين والأنشطة الاقتصادية المحلية، فيما تمثل عمليات الإغاثة ودعم المنظمات (دون غيرها) سبل العيش الأكثر أهمية برأي 31% من المجالس بينما تمثل تحويلات المغتربين (دون غيرها) سبل العيش الأكثر أهمية بالنسبة لـ 24% من المجالس فيما تمثل الأنشطة الاقتصادية المحلية (دون غيرها) سبل العيش الأكثر أهمية برأي 69% من المجالس القائمة في محافظة إدلب.

وبصورة عامة تشكل الزراعة أهم الفعاليات الاقتصادية في الوحدات المحلية بنسبة 81% تليها الفعاليات التجارية بنسبة 75% ثم الحرف بنسبة 66%، فيما تنخفض مساهمة قطاعي الخدمات 33% والصناعة 20% في الفعاليات الاقتصادية القائمة في الوحدات الإدارية التي تديرها المجالس المحلية في المحافظة.

 

 أما فيما يتعلق بالمجالس نفسها فتبلغ نسبة المجالس التي لها موارد 66  %، يحدد الجدول الآتي أهم موارد دخل المجالس المحلية من حيث نسبة مساهمتها في تمويل عمل هذه المجالس وعدد المجالس المستفيدة والنسبة العامة لمساهمة هذه الموارد:

 

 

 

توجد موارد أخرى متفرقة تعتمد عليها الكثير من المجالس المحلية يمكن عرضها في الجدول الآتي:

 

  • التخطيط للتنمية

لا تظهر الأغلبية الساحقة من المجلس مقدرة على بلورة الاحتياجات والأولويات والخطط ووضع الموازنات بناءً على ذلك، فما نسبته 85% من المجالس المحلية في محافظة إدلب لا يوجد لديها موازنة، و77% من المجالس لا يوجد لديها خطة وبرنامج سنوي أو نصف سنوي، رغم قدرة أغلب المجالس على تقييم الاحتياجات من خلال اللقاءات والندوات مع المجتمعات المحلية أو من خلال إجراء المسوح الاجتماعية سواء باعتماد المجالس على نفسها في ذلك غالباً أو بالتعاون مع منظمات مجتمع مدني شريكة ومنظمات دولية.

 

العلاقات البينية

يزيد غياب ناظم مؤسسي حقيقي ومقونن يضبط علاقة المجالس ببعضها وعلاقتها بالمستويات الإدارية الأعلى وعلاقتها أيضاً بالفاعلين المحليين، يزيد من حدة الاستقطاب المناطقي والفصائلي والسياسي في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، يمكن هنا استعراض 4 مستويات من العلاقات بالنسبة للمجالس المحلية القائمة، أولها العلاقة بمجلس المحافظة أو المجلس ذو المستوى الإداري الأعلى، ثم العلاقة بالمستويات المركزية وهي تتمثل في حالة محافظة إدلب بحكومتي المؤقتة والإنقاذ، إضافة إلى الوجود الفصائلي في مناطق المجالس وتداخل العلاقة مع هذه المجالس مع العلاقة بحكومتي المؤقتة والإنقاذ:

علاقات المجلس بالمستويات اللامركزية

  • لاتزال علاقة الكثير من المجالس المحلية الفرعية في محافظة إدلب بمجلس المحافظة غير قوية، إذ تشكل المجالس التي تربطها علاقة قوية بمجلس المحافظة ما معدله 31%؛
  • في مقابل ضعف علاقة المجالس الفرعية بمجلس المحافظة فإن علاقتها بمجالس المدن والمجالس الموازية أفضل نسبياً حيث تتصف علاقة 56% منها بأنها قوية؛

علاقة المجلس بالمستويات المركزية

  • تصف 33% من المجالس علاقتها بأنها مستقلة عن الحكومة المؤقتة وحكومة الإنقاذ؛
  • تصنف 30% من المجالس نفسها بأنها مستقلة عن حكومة الإنقاذ وتتبع إدارياً للحكومة المؤقتة، فيما تصف 13% من المجالس علاقتها مع الإنقاذ بأنها علاقة تعاون قسري؛
  • تصنف 14% من المجالس نفسها بأنها مستقلة عن الحكومة المؤقتة وتتبع إدارياً لحكومة الإنقاذ، فيما تصف 8% من المجالس علاقتها مع المؤقتة بأنها علاقة تعاون وتنسيق؛
  • تصنف 2% من المجالس المحلية التي تتبع إدارياً للمؤقتة علاقتها بالإنقاذ بأنها علاقة تعاون وتنسيق (7 مجالس)؛
  • صرحت ثلاثة مجالس بوجود علاقة تنافس مع حكومة الإنقاذ.

النفوذ العسكري ضمن الحدود الإدارية للمجلس

  • تعتبر 27% من المجالس المحلية مناطقها خاضعة للسيطرة العسكرية لهيئة تحرير الشام؛
  • تعتبر 10% من المجالس المحلية مناطقها خاضعة للسيطرة العسكرية لهيئة تحرير الشام وفصائل عسكرية أخرى؛
  • تعتبر 28 % من المجالس المحلية مناطقها خاضعة للسيطرة العسكرية لفصائل مختلفة (عدى هيئة تحرير الشام)؛
  • تعتبر 29% من المجالس المحلية مناطقها محايدة (غير خاضعة لسلطة أي فصيل عسكري)؛
  • لم يجب 6% من المجالس عن السؤال.

تداخلات علاقات المجالس بحكومتي الإنقاذ والمؤقتة والفصائل العسكرية

  • تشكل المجالس المحلية التي لها تبعية إدارية للحكومة المؤقتة وتقع في مناطق السيطرة العسكرية لهيئة تحرير الشام ما نسبته 9% من مجالس المحافظة الفرعية؛
  • تشكل المجالس المحلية التي لها تبعية إدارية للحكومة المؤقتة وتقع في مناطق السيطرة العسكرية لبقية الفصائل (عدى الهيئة) ما نسبته14% من مجالس المحافظة الفرعية؛
  • يوجد مجلسان محليان في المحافظة لهما تبعية إدارية لحكومة الإنقاذ ويقعان في مناطق السيطرة العسكرية لبقية الفصائل (عدى الهيئة)؛
  • توجد 8 مجالس لها تبعية قسرية لحكومة الإنقاذ وتقع في مناطق السيطرة العسكرية لبقية الفصائل (عدى الهيئة)؛
  • تشكل المجالس المحلية التي لها تبعية إدارية للحكومة المؤقتة ولا تقع في مناطق السيطرة العسكرية لبقية الفصائل بما فيها الهيئة مان سبته 9% من مجالس المحافظة الفرعية؛
  • توجد 4 مجالس لها تبعية إدارية لحكومة الإنقاذ وتقع في مناطق محايدة.

 

من ملاحظات فريق البحث الميداني

فيما يلي مجموعة من الملاحظات التي دونها فريق البحث الميداني خلال لقائه بممثلي المجالس المحلية في محافظة إدلب، والتي تناولت جوانب مختلفة من واقع المجالس المحلية في المحافظة:

العلاقات البينية

  • أغلب المجالس تشكو من ضعف مجلس المحافظة؛
  • اغلب المجالس ابدت استعدادها للتعاون مع حكومة الإنقاذ بعد ان قدمت لهم الغاز، في ظل غياب مجلس المحافظة والحكومة المؤقتة؛
  • مع تراجع عمل المنظمات في محافظة إدلب وانعكاس ذلك على تماسك المجالس المحلية، تشجع حكومة الإنقاذ الكثير من التجمعات السكانية على تشكيل مجالس محلية جديدة خارج المعايير القانونية لتشكيل المجالس واعتماديتها والمعمول بها من قبل الحكومة المؤقتة ومجالس المحافظات كالقانون الإداري 107 والقانون 1378، وذلك بهدف زيادة المجالس المحلية التي تتبع لها؛
  • تستغل الفصائل العسكرية الخلافات البينية بين العائلات على تشكيل المجالس وتحاول التدخل في تشكيل المجالس؛
  • في الوحدات الإدارية التي يوجد فصائل متباينة، فإن الكثير من هذه الفصائل يحاول أن يكون له وجود في المجلس القائم من خلال أبناء المنطقة المنتمين لهذا الفصيل أو ذاك، في المقابل يتمكن الأهالي من إقناع الفصائل بجعل المجلس المحلي بعيداً عن تجاذباتها؛
  • أدى عزوف عدد من المنظمات الداعمة بسبب التغول الفصائلية إلى توجه الأهالي في كثير من المناطق إلى الطلب من الفصائل عدم التدخل بعمل المجالس؛
  • لم يتمكن فريق البحث من التواصل المباشر مع ممثلي قرى حيلا وعيناتا وسنقرة وكفرميد في ريف محمبل، حيث صدرت تعليمات من حكومة الانقاذ بحظر التعامل مع فريق البحث؛
  • مكتب هيئة الخدمات التابع لحكومة الإنقاذ يقوم بجولات يومية على المجالس؛
  • يرفع مجلس كفرنبل علم الثورة السورية على مقره، رغم وجود كبير للهيئة في البلدة، ويعاني المجلس من ضعف الموارد ووجود خلافات حوله في المدينة؛
  • مجلس بلدية فريكة بجسر الشغور مستقل إدارياً ولا يتبع حكومة الإنقاذ، كما ينفي المجلس وجود أي مقر أو سلطة لهيئة تحرير الشام ضمن نطاق عمل المجلس؛
  • لاتزال علاقة المجلس المحلي لمعرتماتر ضعيفة مع المجتمع المحلي، ولا يوجد دعم كافي والمجلس لا يداوم وهناك اجتماعات لأعضائه والمجلس وجوده شكلي بشكل عام؛
  • يتبع مجلس بلدية المعلقة إدارياً لمجلس محافظة إدلب الحرة، وهو ملتزم بقررات المجلس ويعبر عن نفيه القاطع للتابعية إلى حكومة الإنقاذ؛
  • يطالب مجلس الزهراء بإعادة هيكلة مجلس المحافظة لعدم فعاليته في المنطقة، وبزيادة الدعم للمجالس لكي تأخذ دورها في المجتمع المحلي؛
  • يطالب مجلس بزيت بتدخل دولي لوقف القصف والاعتداء على المدنيين كونه يقع على منطقة تماس مباشر مع النظام، والمجلس يتبع إدارياً لمجلس محافظة إدلب الحرة الذي يطالبه أيضاً بتأمين الدعم اللازم؛
  • لمجلس كفر عويد مقر وفيه دوام ولكن الناس يشعرون بأنه ضعيف، كما أن تجاوبهم معه أيضاً ضعيف، والمجلس مستقل عن الفضائل إلا أن الهيئة حاولت ابتزازه بتقديم مادة الغاز؛
  • مجلس خان شيخون يعتبر مجلس نشيط وله طموحات بأن يصبح أفضل، الوضع في المجلس بين كر وفر، فأحياناً تبسط الهيئة نفوذها وأحياناً لا؛
  • هناك مجالس لديها استقلالية كاملة ولكنها تتبع فقط بالإغاثة الى مجلس آخر، مثلا مجلس بياطس ومجلس بيرة أرمناز ومجلس كوارو بتبعون بالاغاثة فقط إلى مجلس أرمناز؛
  • رغم انقطاع دعم الحكومة المؤقتة، إلا أن انتظام التجمعات السكانية في المحافظة ضمن مجالس محلية قد تطور بشكل مطرد بسبب دخول المنظمات الإغاثية والتنموية واشتراط عدد منها وجود مجالس محلية لتوزيع خدماتها على المجتمعات المحلية، ومع تراجع عمل هذه المنظمات وضعف ثقة الكثير من التجمعات السكانية في الوحدة الإدارية بالقائمين على عمل المجالس فإن حالة التشظي عادت لتصبح السمة الأبرز إذ بدأت الكثير من هذه التجمعات بتشكيل مجالس خاصة بها ضمن الوحدة الإدارية نفسها.

الموارد

  • هناك عدد من المجالس كانت تأتيها بعض الموارد لكن حكومة الإنقاذ سيطرت على هذه الموارد ولم تترك للمجالس شيء كمجالس الرصافة ورأس العين، كما استولت هيئة تحرير الشام منذ حوالي السنة على أرض زراعية كان يملكها المجلس المحلي في كفر يحمول كان المجلس يقوم بتأجيرها وتوظيف عائدات الأجرة لمصلحة المجلس؛
  • تعاني الكثير من المجالس كمجلس معرزيتا ضعفا شديداً بسبب قلة الموارد وضعف تجاوب السكان المحليين مع المجلس، كما يعد مجلس ترملا ومزارعها، مجلساً نشيطاً ويحاول أن يعمل وله مقر يداوم فيه أعضاؤه لكن موارد المجلس ضعيفة؛
  • مجلس حزارين: المجلس له مقر ويتم الدوام فيه، ولكن لا يوجد دعم للمجلس بالإضافة إلى ضعف تجاوب السكان المحليين مع المجلس؛
  • يطالب مجلس بلدة الضهر المنظمات بالتوجه إلى المجلس بسبب حرمان المنطقة من أي خدمة أو أي مشروع ويضم مجلس الضهر أكثر من 14 قرية؛
  • أغلب هذه المجالس ليس لديها مقرات فقد يجتمعون في جامع القرية. أو في إحدى المدارس او في أحد البيوت. وتعمل كل المجالس المقيمة عملها الفعلي كما أن المجالس عملها تطوعي بدون مقابل؛
  • يتميز مجلس كنصفرة بفعالية جيدة ولكن موارده قليلة وإمكانية عمله ضعيفه؛
  • تنعدم الموارد المادية لمعظم المجالس المحلية الغير معتمدة من قبل المستويات الإدارية الأعلى من خلال القوانين الإدارية حيث تلجأ هذه المجالس إلى إحدى الطرق الآتية لتأمين بعض الموارد:
    • كل ممثل عائلة يجمع بعض المبالغ من عائلته.
    • تحصيل مبالغ رمزية من الأهالي أثناء تسليمهم سلل الإغاثة.
    • تحصيل مبلغ 500 ل.س سنوياً من كل بيت.
    • أعضاء المجالس يدفعون من جيوبهم الشخصية.
    • قدم أهالي قرية كراتين أرض زراعية مساحتها كبيرة نسبياً لمجلسهم المحلي، بعد أن استعادوها عقب اندلاع الثورة من النظام، ويقوم المجلس المحلي بتأجيرها سنويا والاستفادة من أجارها لتخديم القرية.
  • استطاع مجلس كفرومة تنفيذ مشروع المخطط التنظيمي بالاعتماد على مخططات سابقة بكلف تزيد عن 350 ألف دولار وذلك بالاعتماد فقط على الجباية المحلية.

الأدوار

  • تقوم الكثير من المجالس المحلية بأدوار إغاثية فقط وليس لها مقرات دائمة ولا نشاط خدمي كحالة مجلس أرنبة ومجلس جبالا، ويوجد مجالس أخرى لها مقرات كمجلس معراته وبسقلا ولكن ليس لها مقر وتقوم بأدوار الإغاثة أيضاً، كما يقتصر عمل مجلس بلشون على الإغاثة ويتولى مسؤولية النظافة في القرية بتمويل من الهيئة العامة للخدمات التابعة للإنقاذ، وهناك أيضاً العديد من المجالس التي يقتصر دورها على الإغاثة مثل مجالس بسامس وجوزف التابع لإدارة الخدمات التي تتبع بدورها لحكومة الإنقاذ، ومجلس أورم الجوز؛
  • لا تملك الغالبية الساحقة من المجالس نظاماً داخلياً ولا موازنة ولا خطة عمل متكاملة؛
  • مجلس موزرة: لا يوجد له مقر ولا يوجد دوام للمجلس ويعين المجلس بالتوافق العائلي؛
  • مجلس عين لازور: له مقر ولكن لا دوام فيه، وهو عبارة عن لجنة إغاثة إضافة لبعض الأنشطة؛
  • مجلس معرة حرمة: قلة الدعم جعلت من المجلس شبه مشلول والقمامة تملأ شوارع البلدة بسبب عدم دفع الجباية، والبلدة لا تخضع للهيئة والجيش الحر فيها قوي؛
  • مجلس تجمع ركايا - نقير – سجنة: له نشاطات فقط مع بعض المنظمات وليس له نشاط مدني ودوره إغاثي فقط.
  • مجلس سفوهن ما يزال في بداية تشكيله، خبرة قليلة، له مقر ويداوم أعضاؤه فيه بصورة محدودة وهناك خلافات عائلية في البلدة تضعف من عمل المجلس، والمجلس لا يوجد له دخل فهو بحكم المجمد؛
  • أغلب المجالس إن لم تكن جميعها وغير المعتمدة من المستويات الإدارية الأعلى غير مدركة؟؟ لأدوارها وغير مستوعبة لعمل الادارة المحلية ولا تعرف شيء عن المرسوم/107/ ولا عن اللائحة التنفيذية ولا تعرف ما هو النظام الداخلي ولا ماذا تعني الخطة او الموازنة وبعضها لا يعرف ما المقصود بمجلس المحافظة.
  • يلاحظ عدم إدراك أغلب المجالس في المحافظة وخاصة غير المعتمدة من المستويات الإدارية الأعلى، لأدوارها ولا لطبيعة عمل الإدارة المحلية ولا القانون الإداري 107 واللائحة التنفيذية، كما أن الكثير منها ليس له نظام داخلي أو خطة عمل أو موازنة ولا يدرك أهمية وجود مجلس على مستوى المحافظة ولا طبيعة دوره.
  • يلاحظ أن أغلب المجالس غير المعتمدة تعاني من قلة حملة الشهادات الجامعية بين أعضائها؛
  • مجلس الضهر العام هو الوحيد الذي نظم ما يسمى وثيقة تفاهم بدلاً من النظام الداخلي تتضمن واجبات العضو
  •  وشروط عضوية المجلس وفصل العضو وحسب رئيس المجلس يتم التقيد بتطبيق وثيقة التفاهم بحذافيرها؛
  • مجلس الهبيط ضعيف ويقتصر دوره على العمل الإغاثي؛
  • إن أغلب المجالس غير المعتمدة ينحصر عملها بالإغاثة فقط؛

الانتخاب والتمثيل

  • مجلس تجمع ركايا - نقير – سجنة: فيه ممثل عن كل من القرى الثلاثة؛
  • تتوافق الكثير من المناطق على لجان انتخابية متوافقة مع عدد السكان لانتخاب مجالسها كما حدث سابقاً في كفرنبل وسراقب؛
  • مجلس بيلون في طور التشكل ولا يوجد فيه دوام، حيث يتابع أعضاؤه تنفيذ مهامهم من منازلهم، والذي يدير الوضع في البلدة عضو في مجلس شورى البلدة؛
  • ينعدم التمثيل النسائي في معظم المجالس الغير غير المشمولة بالقانون 1378، باستثناءات قليلة مثل حالة مجلسي الطليحة والضهر العام؛
  • معظم المجالس تم تعينها بتوافق الأهالي على أساس تمثيل العائلات، حيث تعتبر الخلفيات العائلية العامل الأهم في تشكيل المجالس وفي علاقتها مع الفصائل القائمة في منطقها، وقد تشكل أكثر من مجلس في منطقة واحدة في بعض الحالات بسبب الخلافات بين العائلات.
  • تدخل مجلس المحافظة لحل الكثير من القضايا الناجمة عن الخلاف على تشكيل المجالس بين العائلات كما في حالة بلدية سفوهن في ريف كفرنبل قرية دير الشرقي في ريف معرة النعمان الجنوبي.
  • الملاحظ أن بعض المجالس هي نفسها ورئيس المجلس نفس الشخص منذ 2013 وحتى اليوم؛
  • القنية بريف جسر الشغور بلدة مسيحية هجرت هيئة تحرير الشام أهلها قسراً من بيوتهم وأراضيهم ولم يتبق منهم إلا نسبة قليلة موجودة في البلدة تعاني من مضايقات، وقد أجري الاستبيان مع خوري كنيسة البلدة الذي يمثل من بقي من أهلها عملياً؛
  • الغسانية هي بلدة مسيحية أيضاً بريف جسر الشغور هجرت هيئة تحرير الشام أهلها قسراً بشكل كامل جزء خلال التحرير والجزء الآخر بنتيجة المضايقات، ويوجد في الجسر قرى مسيحية أخرى مثل اليعقوبية والجديدة وحلوز؛
  • اشتبرق بلدة علوية بريف جسر الشغور نزح أهلها إلى مناطق النظام بالكامل ولم يبق منها أحد وهي الآن منطقة تماس.

خلاصات وتوصيات

  • يتميز الواقع الإداري في محافظة إدلب بتعدد المرجعيات الإدارية وغياب هيكلية مؤسسية متعددة المستويات تضمن المزيد من عمليات الضبط والإشراف والمأسسة إضاقة إلى تشظي البنى المحلية، ولعل أبرز العوامل المؤثرة في ذلك شح الموارد المادية والبشرية وعدم وجود معايير لعمل منظمات المجتمع المدني وغياب الضبط الحكومي لتدفق الدعم من الجهات المانحة، فضلاً عن تحكم قوى الأمر الواقع بمعظم الموارد، ولعل أبرز ما يمكن التركيز عليه في هذا الصدد هو أهمية تعزيز مجلس المحافظة بالموارد والإمكانيات والسلطة، ليتمكن من حوكمة كل الفعاليات القائمة في المحافظة وضبطها؛
  • تتميز الحالة التمثيلية في المحافظة بأنها مبنية على التوافق وأنها متجددة في الغالب، إلا أن ثمة جوانب سلبية أخرى لذلك تتمثل في كون الكثير من التوافقات مبنية على تفاهمات عائلية أو فصائلية على حساب فئات أخرى مهمشة، وهنا تحقق عملية الانتخابات على المستويات الإدارية الدنيا حالة أكثر قبولية لتمثيل المجتمعات المحلية الصغرى وتأسيس مشروعية راسخة؛
  • تأسست نسبة كبيرة من مجالس المحافظة قبل السيطرة الكاملة للمعارضة محافظة إدلب ومعظم مجالس المحافظة مجالس فتية وتتميز بحد مقبول من الاستقلالية والقدرة على تجاوز إملاءات القوى العسكرية المسيطرة، وهو ما يؤهلها للعب دور أكبر في عملية الدفع السياسي واعلاء صوت المجتمعات المحلية، تمهيداً لخلق مرجعية وطنية تؤسس من الأدنى إلى الأعلى؛
  • لاتزال الكثير من المجالس المحلية بحاجة إلى تأهيل مؤسسي وبناء وعي حوكمي مفاهيمي وتطبيقي خصوصاً فيما يتعلق بأهمية القوننة والهيكلة والتراتبية الإدارية وأيضاً بما يتعلق بالتخطيط والإدارة المالية وإدارة فعاليات التنمية والحوار المجتمعي، وهو ما يدفع بإعادة النظر في خطط وبرامج تمكين المجالس المحلية بناءً على نتائج هذا التقرير؛
  • تشير؟ حالة تشظي البنى المحلية بشكل كبير في محافظة إدلب، إلى أهمية وضع خطة هيكلة إدارية خاصة بمحافظة إدلب تركز على وجود نقاط ارتكاز تمثلها الوحدات الإدارية الرئيسية في المحافظة إضافة إلى الوحدات الإدارية التي اكتسبت أهميتها خلال فترة الحرب، حيث يتم بناء نماذج متقدمة ومحوكمة على مستوى المحافظة تشمل أربع مدن رئيسية و 8 بلدت تتبع لها و16 بلدية تتبع لهذه البلدات؛
  • تتميز علاقة المجالس المحلية الفرعية في المحافظة بالمستويات الإدارية الأعلى بأنها أفضل نسبياً من العلاقة بمجلس المحافظة، وهو ما يحمل بداية مجلس المحافظة مسؤولية مراجعة سياسات مديرية المجالس الفرعية ودعمها بالشكل الكافي لتحظى بتعاون كافة المجالس الفرعية؛
  • تحظى الكثير من المجالس المحلية في محافظة إدلب بمشروعية التمثيل إلا أنها تفتقر إلى مشروعية الإنجاز وهو ما يتسبب بضعف ثقة المجتمعات المحلية بها تدريجياً وصولاً إلى إضعاف مشروعيتها بشكل كامل لصالح منظومات غير وطنية وبناءً على ذلك فإنه يتوجب دعم بناء نموذج حكم أو إدارة محلية راشدة في محافظة إدلب وتحجيم دور الجماعات المتشددة في الحكم والإدارة فقط من خلال دعم مأسسة المجالس المحلية ورفدها بالموارد التي تساعدها على المأسسة وتوفير الخدمة والتنمية؛
  • يلحظ التقرير محاولات تضييق وتهميش للأقليات والنازحين في المحافظة، وهو ما يحتم على مجلس المحافظة بداية والمجالس المحلية ومنظمات المجتمع المدني وضع خطة للترميم الاجتماعي تتركز على استعادة الهوية الاجتماعية في المحافظة من خلال الحرص على عودة المهجرين من أبناء الأقليات في المحافظة إليها بشروط من الأمن على أنفسهم وممتلكاتهم، وبتمكين المهجرين في البيئات الجديدة ومنحهم الفرصة الكافية للتعبير عن أنفسهم عبر المجالس القائمة أو من خلال هيئات مستقلة؛
  • لاتزال مشاركة المرأة في المجالس المحلية متواضعة، ويمكن عزو ذلك إضافة إلى الموروث الاجتماعي والعادات والتقاليد إلى أسباب أخرى متعلقة بعدم تمكينها أو انصرافها إلى أنشطة أخرى ضمن الفضاء العام أو الخاص، وتتحمل المجالس المحلية ومنظمات المجتمع المدني كل حسب دوره مسؤولية كبيرة في بناء وعي المشاركة الفاعلة للمرأة في عمل المجلس المحلية في المستويات فوق الوظيفية أي بمستويات الإدارة والتمثيل؛
  • لابد من تمكين المجالس المحلية من أجل الإشراف على بناء وإدارة منظومات أمن محلي محوكمة من خلال التفاهم مع الفصائل غير المتشددة التي تأخذ طابعاً محلياً في الغالب.

([1]) بحسب تقديرات مجلس محافظة إدلب بناءاً على سؤال موجه لرئيس المجلس بتاريخ 25/10/2018، خلال استكمال عمليات مسح مجالس إدلب.

([2]) النازحون في إدلب.. بين مأساة الحاضر وهواجس المستقبل"، محمد العبد الله، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تاريخ11/10/2018، الرابط الالكتروني: https://goo.gl/Zaqtzv

([3]) اعتمد القرار 1378 على القانون الإداري 107 المتضمن معايير تقسيم الوحدات الإدارية بحسب عدد السكان في كل منطقة، كما اعتمد على الإحصاء السكاني للمكتب المركزي للإحصاء التابع لحكومة النظام للعام 2004 وتعديلاته للعام 2011 وفق معدل النمو السكاني في سوريا.

 ([4]) يقصد بالشخصية الاعتبارية تمتع الوحدة الإدارية بالذمة المالية المستقلة والأهلية القانونية للقيام بالتصرفات القانونية المختلفة كإبرام العقود وحق التقاضي أمام القضاء وامكانية مقاضاتها من الغير، والموطن المستقل عن الأفراد المكونين لها، ووجود شخص يعبر عن إرادة هذه الوحدة ويتصرف باسمها ويمثلها، إضافة إلى تمتعها بالمسؤولية المدنية والإدارية الكاملة.

(5) الحكومة السورية المؤقتة ومنظمة التنمية المحلية، أطلس المعلومات الجغرافي، مرجع سابق.

([6]) تم احتساب انتظام الدورات تبعاً لمقارنة عمر المجلس بعدد الدورات المصرح عنها ومدة الدورة الواحدة في المقابلة حيث يتم اعتبار أن المجلس يجري دورات انتخابية منتظمة إذا كان عمر المجلس مساوياً عدد الدورات أو عددها ناقصاً 1، حيث يتم مراعاة تأخير اجراء الانتخابات لمدة سنة على الأكثر بسبب الأوضاع الأمنية.

([7]) بحسب جدول المجالس الفرعية التابعة لمجلس المحافظة والذي حصل عليه الباحث من مكتب شؤون المجالس الفرعية في محافظة إدلب.

([8]) يُتعارف في الكثير من مناطق محافظة إدلب على تسمية العوائل بالطوائف.

ملخص تنفيذي

  • يبدو القرار في حيثياته الأولية قراراً مفاجئاً إلا أنه منسجماً مع توجهات الرئيس الأمريكي منذ حملته الانتخابية؛
  • من لواحق القرار المحتملة زيادة الاعتماد على الحلفاء وآليات رقابة على الحدود السورية العراقية وتأييد دعم "حق إسرائيل" في التدخل الجوي؛
  • أن التطور الأبرز والأكثر استراتيجياً سيتمثل في حال تم إلحاق هذا القرار بمؤشرات انسحاب سياسي من الملف السوري؛
  • تجد "قسد" نفسها أكثر الفواعل تضرراً من الانسحاب الأمريكي بحكم الانكشاف الاستراتيجي الذي سيخلفه خروج القوات الامريكية؛
  • يمكن حصر العناصر المتحكمة في الاتجاهات المتوقعة بخمسة عناصر (منبج؛ والنفط؛ وطرق المواصلات؛ قاعدة التنف؛ ضمانات إسرائيل)
  • سيشكل القرار عاملاً دافعاً لتنافسية القوى الفاعلة على ملء الفراغ الناجم واشتراكهم بقاسم مشترك يتمثل بتقليص مساحة فاعلية طهران.

مدخل

في شهر آذار المنصرم وخلال مهرجان حاشد بولاية أوهايو الأمريكية، أعلن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية "دونالد ترامب" عن قرب سحب القوات الأمريكية من سورية، في وقت كانت سياسات وتصريحات وزير الدفاع (المستقيل) جيمس ماتيس والمسؤولين في وزارة الخارجية تدلل على خلاف هذا الإعلان، ليستمر بعدها حالة اللاوضوح والاضطراب بين الإدارات الأمريكية في هذا الخصوص؛ ليعود ترامب مرة أخرى ويعلن في 20/12/2018 قرار انسحابه من سورية بعد ما وصفه "بإتمام النصر على داعش"؛ وهو ما دفع باستقالة كلاً من وزير الدفاع جيمس ماتيس والمبعوث الخاص الأمريكي للتحالف الدولي ضد "داعش" بريت ماكغورك، الأمر الذي لم يثني  البيت الأبيض عن التأكيد بأن الرئيس الأمريكي لن يغير قراره رغم هذه الاستقالات.

يعد هذا الإعلان نقطة تحول نوعية في سياق المشهد السوري ومعادلاته العسكرية والسياسية؛ وستشكل تداعياته المحتملة والمفتوحة رسماً أولياً لطبيعة الأدوار المحلية والإقليمية والدولية وحدودها؛ لذا سيحاول تقدير الموقف هذا تبيان طبيعة هذا القرار ومدلولاته وآثاره المُرَجحة على المشهد السوري؛ وموضحاً بشكل أولي الاتجاهات المحتملة لتطور الاحداث في سورية على المدى القريب.

حول القرار وملحقاته المحتملة

يبدو القرار في حيثياته الأولية قراراً مفاجئاً للحلفاء واشنطن قبل غيرهم، ويحمل استعجالاً أمريكياً بالانسحاب العسكري غير المدروس من الملف السوري؛ إلا أنه وبالوقوف على طبيعة القرار الأمريكي في ظل إدارة ترامب؛ وبفهم حدود وجدوى إصرار المؤسسات الأمريكية على عدم التناغم مع "ترامب"؛ نجده قراراً متوقعاً منسجماً مع توجهات الرئيس الأمريكي منذ حملته الانتخابية التي أكد خلالها على "كوارث أوباما كلينتون" وضرورة الاتجاه نحو "سياسة الانطواء" على الداخل والانسحاب من التدخلات الخارجية التي ترهق الاقتصاد الأمريكي.

ففي حين حددت سياسات ترامب ( عبر جيمس جيفري) مجالات اهتماماتها في الملف السوري (إذا استثنينا الثابت الرئيسي وهو أمن إسرائيل) بثلاث ركائز  متمثلة بإنهاء داعش، ومحاصرة طهران، وتعزيز أدوار الأمم المتحدة في العملية السياسية؛ نجد أن أدوات هذه السياسة متباينة؛ ففي الركيزة الأولى كانت الأداة العسكرية عابرة "للصراع السوري" ومتسقة كلياً مع هدف ضرب التنظيم وتجفيف منابعه، بينما لاتزال الركيزة الثانية تستند على عدم المواجهة المباشرة مع طهران في سورية أو عدم توفير البيئات الملائمة لاستهداف القوات الأمريكية من قبل مجموعات ايران، والاعتماد كلياً على أداة العقوبات وجعلها غير مسبوقة؛ واكتفت الركيزة الثالثة من جهة أولى على مبدأ "العرقلة" وتزمين التورط الروسي في سورية عبر التأكيد على أدوار الأمم المتحدة في العملية السياسية، ومن جهة ثانية: ربط عملية إعادة إعمار بإتمام العملية السياسية؛ وبالجهتين تعد تلك الأدوات "بالاعتقاد الأمريكي" أدوات تمنع الانزلاق وتحمي المصالح؛ 

وبمعزل عن مدى تحقيق نتائج مملوسة من تلك الركائز؛ نجد أن اللواحق المحتملة لهذا القرار وبما ينسجم مع هذه الركائز تتمثل في ثلاثة قضايا رئيسية:

  1. المزيد من تعريف الانسحاب العسكري من سورية، بحيث يتضمن تقليص الوجود الأمريكي، وزيادة الاعتماد على الحلفاء وعلى رأسهم تركيا، مع احتمال بقاء رمزي لقوات جوية وبرية.
  2. آليات رقابة على الحدود السورية العراقية فيما يخص النشاط الإيراني؛ مع توقع ظهور حزمة عقوبات اقتصادية صارمة تجاه أدوات وأذرع طهران في سورية.
  3. تأييد دعم "حق إسرائيل" في التدخل الجوي في سورية لضرب تحركات وقواعد طهران وحزب الله التي من شانها التأثير على أمنها وذلك عبر الدفع باتجاه تعزيز التعهد الروسي باستمرار فتح الأجواء السورية للطائرات الإسرائيلية.

"إعادة التموضع" كعنوان رئيسي  

على الرغم من أن القراءة الأولية للقرار لا تزال محصورة في الأسئلة المباشرة له كملء الفراغ الناجم عن الانسحاب الأمريكي، وتبعاته على تحركات أنقرة العسكرية، ومصير قوات "قسد"، والسياسات المتوقعة من محور النظام وحلفائه؛ إلا أنه لا ينفي أن نثبت أن التطور الأبرز والأكثر استراتيجياً سيتمثل في حال تم إلحاق هذا القرار بمؤشرات انسحاب سياسي من الملف السوري؛ هذا الملف الذي لا تزال تمتلك واشنطن فيه أدوات نوعية كأوراق للضغط؛ ناهيك عن ملف إعادة الإعمار التي تشترك فيه واشنطن مع العديد من الفواعل برؤية موحدة.

وطالما أن تلك المؤشرات لم تظهر بعد، وبغض النظر عن ان القرار ارتجالي او مخطط له، فإنه سيكون تحت الاختبار وسيترتب عليه إعادة تموضع لكل القوى المنخرطة في سورية. وسيكون "مبدأ التكتيك" هو السمة الأبرز لمعظم الفواعل في المرحلة اللاحقة لهذا القرار والذي يمكن بلورة ملامحه بالآتي:

  • الاستيعاب الروسي: وجدت موسكو نفسها بموقف مفاجئ من هذا القرار، فهي كانت تريده أن يكون نتيجة لمفاوضات مع الجانب الأمريكي يمكنها من نيل مكاسب سياسية في ساحات متعددة، لكنه أتى دون أي صفقة كما ترغبها موسكو، بل سيزيد هذا الانسحاب أعباء روسيا إذ سيكون لزاماً عليها التعامل مع التمدد الإيراني ومحاولة احتوائه بحكم الضرورات التي تمليها الترتيبات الناشئة، كما أنه سيجعل تحديات ثلاثي الأستانة عابرة للموجبات الأمنية.
  • نحو ملء الفراغ الجميع سر؛ من جهة أولى تجد أنقرة (التي تعززت في الآونة الأخيرة شروط التقارب مع واشنطن) الفرصة مواتية لإنهاء مهدداتها الأمنية، إلا أن القرار الذي يدلل وفق تصريحات ترامب على تنامي أدوار تركية في ضرب بقايا داعش يتطلب من أنقرة سلسلة من التفاهمات والاتفاقات مع الولايات المتحدة الامريكية فيما يتعلق بعمليات منبج وشرق النهر.

ومن جهة ثانية، ومن مبدأ تعزيز شروط التفاوض بدأ النظام وروسيا بإجراء ترتيبات استعداداً لملأ الفراغ لا سيما في المدن والموارد الطبيعية، منها عقد اجتماعات مع قيادات قسد في القامشلي وعين عيسى تم خلالها بحث تسليم آبار النفط والغاز إلى النظام مقابل إرساله قوات لحماية منبج؛ ناهيك عن تحريك قوات النمر إلى مناطق تماس النظام مع قسد، وذلك يدل على نية روسية بعبور الفرات وتسلم مناطق من قسد.

  • "المرونة ثم المرونة" كخيار اضطراري لـ"قسد"؛ تجد قسد نفسها أكثر الفواعل تضرراً من الانسحاب الأمريكي بحكم الانكشاف الاستراتيجي الذي سيخلفه خروج القوات الامريكية؛ مما سيجعلها "منفتحة على كل المفاوضات المحتملة سواء مع النظام والروس أو مع المعارضة وتركيا، وذلك ريثما يتضح التجلي العملي للقرار؛ وهذا لا ينفي أنها ستقوم بإعادة تموضع عسكري وإداري تقلل من خسائرها المحتملة.
  • "تقويض طهران" كقاسم مشترك جديد: سيكون لهذا التكتيك دور "ناجع" في اختبار مدى اتساق القرار مع الركائز الاستراتيجية لتعاطي الولايات المتحدة الامريكية في المنطقة؛ وبالتالي قد يشكل ذلك قاسماً مشتركاً لكل الفواعل ومدخلاً مهماً في ملء الفراغ؛ إلا أنه لا يغفل حقيقة عدم إدراك واشنطن للتموضع الإيراني النوعي في بنية النظام وشبكاته الأمنية والسياسية والاقتصادية وخبرتها في ملء الفراغ سواء عبر تحالفاتها مع مجموعات محلية أو من خلال تعميق مجالات التأثير على نظام الأسد أو من خلال استثمار انتشارها على طرق الإمداد والمواصلات والبادية ناهيك عن قواعدها وثكناتها المنتشرة في معظم المحافظات والتي تقدر بـ (13) قاعدة وثكنة.
  • ورقة داعش مجدداً: من أبرز انتقادات القرار هو التشكيك في النصر الأمريكي؛ إذ قد تنشط خلايا داعش وتزداد عملياتها في المرحلة القادة؛ وهو أمر إن لم يكن له دوافع خاصة بالتنظيم؛ فإنه سيعمل عليه ويتم الدفع به من قبل طهران والنظام ليكون "مبرراً" لملء الفراغ إضافة لكونه رابطٌ مهم يمكن استغلاله للتنسيق مع القوى الأوروبية.

الترتيبات المؤقتة كاتجاه عام

يمكن حصر العناصر الرئيسية المتحكمة في الاتجاهات العامة المتوقعة في المشهد السوري بعد القرار بخمسة عناصر (منبج؛ والنفط؛ وطرق المواصلات؛ قاعدة التنف؛ ضمانات إسرائيل)؛ لذلك فإن اتجاهات المشهد العام في المرحلة المقبلة يمكن رسم خطوطها الأولية (المبينة بالخريطة رقم 1) وفق الآتي:

الخط الأول: أنقرة في مواجهة "قسد"؛ إذ يتوقع أن تبدأ تركيا تلك المواجهة في منبج التي شهدت اتفاقاً (تركياً أمريكياً) لم ينفذ وتشهد حالياً تحشيداً لقوات النظام (قد يكون للضغط والدخول في مارثون المفاوضات المتعلقة بملء الفراغ)، مما يرجح انتقال ملف منبج إلى مسار الأستانة؛ بعد ذلك ستنتقل تركيا لحصر اهتماماتها إلى الشريط الحدودي وسبل تأمينه الأمر الذي قد يستلزم الدخول في تل أبيض، ولا تمنع تلك المواجهة من التعاطي الإيجابي التركي مع خط مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع قسد وستبقى تلك المفاوضات إن حصلت ضمن أطر ثلاثة: إبعاد مقاتلي pkk؛ تعزيز الأدوار العربية ضمن هيكيلة ومراكز القوى في قسد؛ انتفاء الدور الأمني والعسكري لقسد لا سيما على الحدود؛ مناقشة الأدوار المدنية والتنموية ضمن مبدأ توزيع الأدوار وعدم احتكارها.

الخط الثاني: طموحات عودة "سيطرة النظام" الرمزية؛ فريثما تتضح مدلولات القرار وتعريفه التنفيذي للانسحاب ستسعى روسيا والنظام للسيطرة على موارد الطاقة ومراكز المدن في شرق الفرات، وبخاصة مدينة الرقة والطبقة والحسكة المدينة ومدينة القامشلي، وستطرح موسكو على قسد خيارات شبيهة بنهج المصالحات التي تم اتباعه في الغوطة الشرقية ودرعا مع توقع مناقشة المستقبل السياسي والإداري لقسد ضمن ترتيبات "اللجنة الدستورية".

الخط الثالث: مفاوضات جديدة حول اتفاق المنطقة العازلة في ادلب: بالوقت الذي تشير به معطيات أدوار أمنية جديدة لمحور الأستانة بحكم ما سيفرضه القرار من ترتيبات نوعية محتملة؛ فإن خطوط الفصل ستبدو أكثر وضوحاً في حال تم إلحاق الانسحاب العسكري بمؤشرات الانسحاب السياسي؛ إذ ستخسر أنقرة الظهير الأمريكي باعتباره الثقل الأهم في توازناتها التحالفية مع دول الأستانة؛ وهذا ما من شأنه إعادة نقاش ملف إدلب باعتبارها جزءاً رئيسياً من ترتيبات المشهد العام وفق الطموح الروسي؛ إلا أنه ووفقاً للمؤشرات السائدة فإن المرحلة القادمة ربما تشهد فقط تنفيذاً لمرحلة سيطرة النظام على طرق M4 وM5؛ لأن أسئلة إدلب المتعلقة باللاجئين ومواجهة هيئة تحرير الشام تجعل أياً حسماً هو بمثابة الانزلاق باتجاه صراعات مفتوحة تمتلك كافة الأطراف مبررات تأجيجها.

أما الخط الرابع: ترتيبات نهائية لقاعدة التنف ؛ حيث تؤكد المؤشرات الأولية ازياد تواتر الحديث عن مستقبل القاعدة الأمريكية في التنف؛ إذ تدفع واشنطن قوات المعارضة المتواجدة هناك (مغاوير الثورة وأسود الشرقية وبعض المجموعات الصغيرة) لتبني خيار الانسحاب نحو الشمال السوري؛ وبذات الوقت أنشأ الجيش الأمريكي قاعدتين عسكريتين جديدتين في محافظة الأنبار العراقية: الأولى شمالي ناحية الرمانة والثانية إلى الشرق من مدينة الرطبة غربي الرمادي، في نقطة التقاء طرق رئيسية قادمة من ثلاثة معابر حدودية؛ هي عرعر مع السعودية، وطريبيل مع الأردن، والوليد مع سورية؛ وذلك في إشارة واضحة لعدم نفاذ داعش من جهة والاستمرار في استهداف المشروع الإيراني من جهة ثانية.

 

يمكن القول ختاماً:

 على الرغم من أن قرار الانسحاب الأمريكي من سورية سيشكل عاملاً دافعاً لتنافسية القوى الفاعلة على ملء الفراغ الناجم واشتراكهم بقاسم مشترك يتمثل بتقليص مساحة فاعلية طهران المنتشرة بشكل نوعي في بنية الدولة والنظام وشبكاته؛ إلا أن أي إعادة ترتيب للمشهد وتموضع فاعليه ستبقى ضمن الأطر المؤقتة ريثما يتضح التعريف التنفيذي لقرار الانسحاب وتلمس مدى ارتباطه بمؤشرات انسحاب سياسي لم تتبلور بعد؛