يأتي نشر هذا الكتاب في وقت عصيب على سورية، خاصة في أعقاب الكارثة الطبيعية التي حلت بالبلاد، إضافة إلى الزلازل السياسية التي شهدها الشعب السوري منذ بداية الثورة السورية عام 2011. الكوارث والزلازل السياسية والطبيعية التي تعصف بالشعب السوري، تطرح التساؤل الملح المرتبط بكيفية الانتقال من حالة الاستثناء والبؤس والفقر والتشرد التي يعاني منها أغلبية السوريين في داخل البلاد وخارجها إلى حالة من الاستقرار والأمن والرفاهية. من الافتراضات البديهية التي ينطلق منها هذا الجهد البحثي، أن هذا الواقع المأساوي ليس قدراً محتوماً، بل هو أمر مرتبط بخيارات البشر، وخاصة بإدارة مواردهم (أي بموضوع الحوكمة).

والكتاب في مجمله عبارة عن أغلبية الأبحاث التي شملها المؤتمر العلمي الأول لمركز عمران، والذي عُقد في 6 كانون الأول/ديسمبر، 2022. اختار المؤتمر عنواناً له: الحوكمة في سورية ما بعد 2011: التحديات والفرص. وبالطبع فهذا العنوان واسع بعض الشيء، وهو ما عكسته طبيعة الأوراق البحثية المتضمنة.

وعموماً، يمكن تصنيف الأبحاث المشمولة إلى أربعة مواضيع: سياسية، واقتصادية، وإدارية، وتعليمية. ومع ذلك فالقاسم المشترك بينها هو تحليل بعض القضايا الحيوية في الواقع السوري، قياساً على مبادئ ومعايير الحوكمة الرشيدة. وعلى الرغم من التباين في المواضيع ومناهج البحث، فإن القاسم المشترك للأوراق البحثية كافة، هو الحرص على دراسة وتحليل الموضوع من منظور الحوكمة، من ناحية، وتقديم توصيات للمعنيين وصانعي القرار لترشيد عملية صنع السياسات العامة، من ناحية ثانية.

إن مفهوم الحوكمة الرشيدة، كما يتوسع البحث الأول في تعريفه ومعاييره، هو صنو للمفهوم الإنجليزي (Good Governance). ويعدُّ تعريف البنك الدولي للحوكمة الرشيدة هو الشائع، إذ يشير إلى الطريقة التي تمارس فيها السلطة السياسية عملية إدارة الموارد الاقتصادية والاجتماعية بهدف تحقيق التنمية. وبتحديد أكثر، يركز تعريف البنك الدولي على ثلاثة عناصر أساسية، أولها: الإجراءات العملية لاختيار الحكومات، ومراقبتها، واستبدالها. ثانياً: قدرة الحكومة على صياغة وتنفيذ السياسات العامة. ثالثاً: احترام المواطنين والدولة لعمل المؤسسات المنوطة بإدارة الموارد الاقتصادية والاجتماعية([1]). وبالطبع، فإن إضافة صفة "الرشيدة" إلى مفهوم الحوكمة، الذي يقتصر على التحكم والتوجيه، ما هو إلا للتأكيد على البعد القيمي والمعياري المرتبط بتحقيق أمثل لأهداف أي تنظيم سياسي، خاصة ما يتعلق بقيم الأمن والحرية، والعدالة، والتنمية، والرفاهية.

ينقسم الكتاب إلى سبعة فصول، يستهل مبحثه الأول النقاش بطرح واحدة من أهم سمات الأنظمة الاستبدادية، ألا وهي ارتباطه العضوي بالفساد. وبعد أن تقدم الورقة تعريفاً للفساد، تحلل الإطار المؤسساتي والأمني لنمو ظاهرة الفساد في ظل نظامي الأسدين، الأب والولد. وبالإضافة إلى التحليل المؤسساتي المرتبط بالطبيعة الاستبدادية، يتطرق البحث إلى كيفية توظيف النظام للفساد، ليس فقط كطريقة لمكافئة المؤيدين، بل وكأداة للسيطرة والتحكم. وأخيراً، تقدم الورقة الوسائل الضابطة للفساد، وهي في مجملها المعايير الأساسية للحوكمة الرشيدة، نقيض الاستبداد والفساد، بدءاً بصياغة دستور جديد متضمن لتلك المعايير المتعارف عليها، ومنها: مبدأ سيادة القانون، والفصل بين السلطات، والتداول السلمي للسلطة، وضمان الحقوق على أساس المواطنة المتساوية، وضمان المشاركة، والمساءلة، والرقابة.

تركز الورقة الثانية على واقع حوكمة المهجرين في الحكومة المؤقتة (التابعة للائتلاف الوطني)، ونقابتي المهندسين والمحامين الأحرار. ففي المبحث الأول تستعرض الكيفية التي أدارت بها الحكومة المؤقتة ملف المهجرين عبر لقاءات مع المسؤولين عن هذا الملف في كل حكومة (أربع حكومات حتى الآن). تظهر النتائج التي توصلت إليها الدراسة أموراً عدة، منها: أولاً، التغيير الكبير في واقع المهجرين، بدءاً من مرحلة النزوح والمخيمات، إلى مرحلة التهجير الكبرى، وصولاً لمرحلة البحث عن مرحلة الحفاظ على الهوية. ثانياً، شهد ملف حوكمة المهجرين تغيرات تنظيمية في الحكومات المتعاقبة، مما أدى إلى غياب مؤسسات تمثل المهجرين. ثالثاً، اقتصرت الخدمات التي قدمتها الحكومات المتعاقبة على تقديم بعض المشاريع الإغاثية والتنظيمية. أما عن نتائج المبحث الثاني لكيفية تعاطي نقابة المهندسين والمحامين مع الفروع والأعضاء المهجرة، فكان من نتائجها: أولاً، التباين بين حوكمة ملف المهجرين على المستوى الرسمي وعلى مستوى النقابات، ففي حين كان ملف حوكمة المهجرين غير مستقر على الصعيد الحكومي، استمر تعاطي النقابات بالطريقة نفسها التي كانت قبل التهجير. ثانياً، لا يوجد نموذج مثالي لتمثيل المهجرين حكومياً ونقابياً، ويحتاج الوصول للتمثيل الأفضل الكثير من البحث والإرادة والمشاركة من مختلف المعنيين بملف المهجرين. ثالثاً، التأخر في الوصول لحوكمة ملف المهجرين بشكل فاعل ينعكس سلباً على المناطق المحررة ويضعف قدرة المؤسسات على استثمار الخبرات الموجودة من المهجرين ويرفع احتمالية هجرتهم لخارج المناطق المحررة، وهذا انعكاس لغياب الرؤية الاستراتيجية للاستفادة من ملف المهجرين. وتخلص الورقة إلى تقديم بعض التوصيات، ومنها: إيجاد الأطر المؤسساتية والقانونية الفاعلة ضمن هيكلية الحكومة المؤقتة، بما يضمن تمثيل المهجرين وحقوقهم، زيادة مستويات الدعم المادي والمعنوي للمهجرين والتعريف بمعاناتهم، والاهتمام بالجانب البحثي حول واقعهم في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية كافة.

تناقش الورقة الثالثة تحديات وفرص الحوكمة في التعليم ما قبل الجامعي في مناطق درع الفرات. وتتعرض الدراسة للتحديات الأمنية والسياسية الناتجة عن الواقع السياسي والاقتصادي المتردي في تلك المنطقة، إضافة إلى ضعف التنسيق بين المجتمع المدني والجهات الحكومية التي تدير أنشطة التعليم، وأخيراً ضعف الإمكانات والموارد المتاحة للقطاع التعليمي على المستويات كافة. تعتمد الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي واستخدام تحليلSWOT الاستراتيجي في عملية التحليل. ويشمل مجتمع البحث منطقة اعزاز، لاعتبارات أمنية. تقدم الدراسة، في ظل هذا الواقع الاستثنائي، استراتيجية لتطبيق نهج الحوكمة في قطاع التعليم، قائمة على الاعتبارات التالية: أولاً، التعاطي مع التحديات الأمنية والاقتصادية الضامنة للبيئة الآمنة للتعليم. ثانياً، تعزيز التواصل والتنسيق بين مراكز الدراسات والأبحاث والمجتمع المدني لتبني نهج الحوكمة الرشيدة في مجالات العمل الحكومي والمؤسساتي كافة، لهذا القطاع الهام. ثالثاً، تطوير البنى التحتية لقطاع التعليم، خاصة في مجال الموارد البشرية. رابعاً، تعزيز الشراكة بين المؤسسات المتعددة التي تعمل على إدارة قطاع التعليم لاستعادة مركزية التعليم، والعمل على صناعة استراتيجية تهدف إلى الانتقال من حالة التعليم أثناء الأزمات إلى تعليم عالي الكفاءة والفاعلية. خامساً، العمل على إيجاد برامج للتعليم المهني والصناعي ذات نظام مناسب لاحتياجات سوق العمل.

وبالانتقال إلى الجانب الاقتصادي والمالي، تناقش الأبحاث الثلاثة التالية جوانب متعددة للحوكمة الاقتصادية. تهدف الورقة الأولى، (الرابعة في ترتيب الكتاب)، لدراسة العلاقة بين اقتصاد الحرب في سورية، وبين مؤشرات الحوكمة في مؤسسات القطاع العام. تعتمد الورقة على النهج الاستقرائي المتمثل في الانتقال من الجزئي إلى الكلي، وذلك بدراسة قطاعات جزئية (المالي والإنتاجي الرسمي) والتعميم على القطاع العام. تظهر الدراسة آثار الحرب السلبية على مؤشرات الحوكمة في الاقتصاد، مثل تراجع المشاركة والمساءلة، وتراجع الإفصاح عن البيانات المالية، وتدني حماية حقوق أصحاب المصالح. وتخلص الورقة البحثية إلى النتائج التالية: أولاً، سيطرة اقتصاد الحرب على مناحي الاقتصاد السوري كافة، خاصة في القطاع العام الذي أُخضع لأولويات الانفاق العسكري. ثانياً، الغياب الكامل لمبادئ ومعايير الحوكمة في مؤسسات القطاع العام. ثالثاً، الارتباط العكسي بين مؤشرات الحوكمة في القطاع العام وتنامي اقتصاد الحرب. رابعاً، غياب الحافز لدى الحكومة المركزية لتطبيق مبادئ الحوكمة، خاصة المشاركة والمساءلة والإفصاح، مع إعطاء الأولوية للإنفاق العسكري.

تبحث الدراسة الخامسة في واقع حوكمة القطاع المالي في الشمال السوري، والتحديات التي تواجهه. الملاحظة الأولى في الدراسة أن القطاع المالي في الشمال السوري لم يحظ بالأهمية مقارنة بالقطاعات الأخرى، مع التنويه إلى غياب جهة حوكمية تدير هذا القطاع. ويعدُّ هذا الغياب عاملاً أساسياً في قدرة الجهات البديلة على حوكمة القطاع المالي. وتنطلق الدراسة من قناعة كون هذا القطاع هو الحامل الرئيسي لعملية التعافي المبكر، إضافة إلى ارتباطه العضوي بباقي القطاعات الاقتصادية. وتسعى الدراسة للبحث عن الفاعلين الرئيسيين في القطاع المالي، وتشخيص جهودهم لملء الفراغ الحوكمي، واستشراف فعالية هذه الجهود. ولأن الهاجس الرئيس للباحثين في هذه الدراسة هاجس عملي (مرتبط بصياغة السياسات العامة)، فقد توسعت الورقة في توصياتها لإصلاح القطاع المالي في الشمال السوري. تستند التوصيات إلى فهم عميق لتعدد الفاعلين في القطاع المالي في حالة اللامركزية المالية، وتركز على إشكالية الحالة الاستثنائية لهذا القطاع، وتؤمن بالتدرج. ولذا فقد كانت توصيات البحث متعددة، لعل من أهمها: تشكيل مرجعية حوكمية موحدة، تكون على شكل مؤسسة مالية مستقلة تشرف على ضبط وتنظيم القطاع المالي، بإدارة تشارك فيها الأطراف ذات العلاقة كافة، تأسيس هيئة رقابة مالية مستقلة، بإمكانيات تنفيذية، تطبيق نظام ضريبي موحد، تعزيز قدرات المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتقنين عملها، تدعيم البنية التحتية لأنظمة الدفع والتحول إلى أتمتتها، وأخيراً: العمل على مكافحة عمليات غسيل الأموال ومحاولات تمويل الإرهاب وتهريب العملات الأجنبية.

تتناول الورقة الثالثة في المحور الاقتصادي واقع حوكمة الشركات في المناطق المحررة بعد عام 2011. وتحاول الدراسة تسليط الضوء على النشاط الاقتصادي للشركات الربحية، ومدى التزامها بمبادئ الحوكمة. تشمل الدراسة مقدمة حول أهمية الحوكمة للشركات، وثلاثة محاور أساسية: أولها، مقدمة نظرية حول مفهوم الحوكمة، وأهدافها، والأطراف المعنية بها. يركز المحور الثاني على واقع النشاط الاقتصادي في المناطق المحررة، والآثار الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن الحرب التي تجاوزت عقداً من الزمن. ويناقش المحور الثالث واقع حوكمة الشركات في المناطق المحررة، ومدى التزامها بمبادئ الحوكمة. يستند هذا القسم من الدراسة إلى عملية مسح على عينة استطلاعية مكونة من عشر شركات تنشط في مناطق ريفي حلب وإدلب. تظهر النتائج التي توصلت إليها الدراسة، وهي غير مفاجئة، الضعف الشديد في تطبيق مبادئ الحوكمة من قبل الشركات، خاصة مبدأ الشفافية والإفصاح، بينما كشفت الدراسة عن بعض الممارسات المطبقة التي يمكن أن يبنى عليها، للوصول إلى ممارسة أسلم لمبادئ الحوكمة. وتنقسم التوصيات في هذه الدراسة إلى نوعين من الاقتراحات، تتعلق الأولى منها بالتوعية حول أهمية الحوكمة في الشركات، وتنظيم مؤتمرات علمية وإنشاء قاعدة بيانات تسمح بالتوصيف والتحديث المستمر لواقع الحوكمة في الشركات الربحية على مستوى المناطق المحررة. أما المستوى الثاني من التوصيات، فيركز على جوانب عملية يمكن من خلالها تحسين واقع الحوكمة للشركات، ومنها: أولاً، تشكيل لجان قادرة على وضع البنية التحتية للحوكمة، وسبل تطويرها. ثانياً: تعزيز البيئة القانونية والتشريعية الداعمة للالتزام بالحوكمة في المناطق المحررة، وذلك بالاستفادة من تجارب مماثلة. ثالثاً، دعم المؤسسات القادرة على المساهمة في البيئة الحوكمية، من خلال رفد الشركات الربحية بالخبرة اللازمة لرفع مستوى الالتزام بمبادئ ومعايير الحوكمة.

أما الورقة الأخيرة فتقدم رؤية حول مبادئ وأسس النظام السياسي المقترح للحوكمة الرشيدة. تبدأ المقالة بمقدمة نظرية ضرورية حول التمييز بين مفاهيم الدولة والنظام السياسي والحكومة. وتركز على أن محور الصراع في سورية هو حول تشكيل نظام سياسي، يقطع مع واقع الاستبداد والفساد، ويحاكي مفاهيم الحوكمة الرشيدة. تستعرض الدراسة التجربة السورية مع مختلف الأنظمة السياسية، وتحلل أسباب فشلها، وصولاً إلى عهد بشار الأسد الكارثي. وتتناول في القسم الثاني تجارب بعض الدول في الهندسة الدستورية والسياسية، خاصة في مراحل التحول الديمقراطي. وتوصي الدراسة بتبني النظام شبه الرئاسي الذي يجمع بين مزايا النظامين البرلماني والرئاسي، ويضعف من صلاحيات الرئاسة، مقابل برلمان منتخب وحكومة قوية يديرها رئيس يحظى بثقة رئيس الدولة والأغلبية الحزبية في المجلس التشريعي. وتنحاز الدراسة إلى الاجماع الدولي حول النظام الديمقراطي التمثيلي، وترى أن اختيار النظام شبه الرئاسي يجب أن يترافق مع نظام انتخابي، يضمن أعلى درجات التمثيل خاصة بالنسبة للمرأة والأقليات. أما العناصر المكملة للنظام المقترح، فتتمثل في تبني اللامركزية الإدارية، التي يمكن تعزيزها بوجود مجلس تشريعي ثان (مجلس الشيوخ)، والبحث عن التوافق في مراحل العملية السياسية كافة، خاصة في مراحل الانتقال.

ملاحظة أخرى، لم يتناول الكتاب جوانب الحوكمة كافة، بل اقتصر على الأبعاد المشمولة فيه. ولعل هذا عائد إلى المحددات المرتبطة بعملية الدعوة إلى المساهمة بالكتابة، ونوعية الاستجابة من الباحثين، وارتباط كل ذلك بالحرص على نشر الأوراق بشكل وقتي، من دون القفز فوق المعايير العلمية المراعاة في مثل هذا العمل. ومن الأمور التي لم يشملها الكتاب موضوع الواقع العسكري والأمني في سورية([2])، وعلاقته بالحوكمة. كما لم يشمل الكتاب تحليلاً لموضوع اللامركزية الإدارية، لكن سبق لمركز عمران أن أصدر دراسة قيمة حول المركزية واللامركزية في سورية([3]). احتوت تلك الدراسة على تأصيل لمفهوم اللامركزية إضافة إلى مقارنة لتجارب اللامركزية، إذ هناك شبه إجماع على ضرورتها، بين مناطق النظام والمعارضة في الشمال الشرقي والغربي.

موضوع حيوي آخر أتى المشاركون في المؤتمر على نقاشه، وهو كيفية الانتقال من الواقع الحالي إلى مرحلة ما بعد الصراع. يدرك المشاركون كافة في هذا الجهد المتواضع واقع البلاد المقسم إلى حكومة مركزية، بقية نظام، ومناطق تحكمها قوى الأمر الواقع في الشمالين الغربي والشرقي، وارتباط هذه الأطراف الحاكمة بجهات خارجية داعمة. ولا يخفى على الجميع أن عودة سورية كبلد موحد، متمتع بالسيادة الكاملة، هو أمر مرغوب من أغلبية السوريين، لكنه ليس في الضرورة من مصلحة بعض قوى الأمر الواقع، وبشكل أصح ليس في مصلحة الدول الخارجية. لقد تعقدت المسألة السورية إلى درجة أن البحث عن الحلول الكلية لها مرتبط بتسويات دولية، تشمل اللاعبين الكبار في المجتمع الدولي، إضافة إلى قوى إقليمية عدة، تقف على أطراف مختلفة من الصراع. لكن هذا التعقيد، وافتقاد القدرة للأطراف السورية في التحكم بالقضايا المصيرية، لا يعني الكف عن المحاولة لاسترجاع القرار من الدول المتحكمة، فهذا من الحقوق الأساسية للشعوب في تقرير مصائرها. من هنا، فإن أحد الأدوات المتاحة هو البحث عن مخارج ضمن المجالات التي حاول الكتاب تغطيتها، من دون التقليل من أهمية البحث في القضايا الأخرى.

أخيراً، لا بد من شكر الباحثات والباحثين الذين تقدموا بأوراقهم، والمحكمات والمحكمين الذين تفضلوا بقراءة ومناقشة الأوراق، وفريق العاملين في مركز عمران، وبالأخص المدير التنفيذي، الدكتور عمار قحف والأستاذ محمد العبد الله، اللذين بذلا جهوداً كبيرة في تحويل هذا العمل من فكرة إلى منتج نهائي. كذلك فالشكر موصول لمركز دراسات البحر المتوسط في جامعة ميدبول الذي استضاف المؤتمر، في واحدة من صور التعاون بين مركز عمران وأحد المراكز البحثية في الدولة المضيفة. والأمل أن يكون هذا المؤتمر بداية لنشاطات بحثية مستمرة، تكمل مناقشة القضايا التي لم يشملها الكتاب، وتسهم في إخراج سورية المنكوبة من محنتها.

 

د. نجيب الغضبان

مارس 2023

 

للمزيد:

https://bit.ly/3YUlHEW  


 

([1] )  تقرير البنك الدولي عن الحوكمة، متوفر على الرابط التالي:

 The World Bank. Governance and development (English). (Washington, D.C: World Bank Group, 1992 http://documents.worldbank.org/curated/en/604951468739447676/Governance-and-development

([2] ) من المفيد هنا الإشارة إلى الدراسات والكتب التي نشرها مركز عمران في هذا المجال. انظر على سبيل المثال، تحولات المؤسسة العسكرية: تحدي التغيير وإعادة التشكيل، 2018؛ ودراسة معن طلاع. الأجهزة الأمنية السورية وضرورات التغيير البنيوي، 2016.

([3] ) مجموعة من الباحثين. حول المركزية واللامركزية في سورية: بين النظرية والتطبيق. استنبول: مركز عمران، 2018.