شارك مركز عمران للدراسات الاستراتيجية في ندوة بحثية عقدها مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التركي (سيتا)، بمدينة اسطنبول في يوم الخميس 20 تشرين الأول 2016، ناقش فيها الملف السوري، بمشاركة باحثين أتراك وسوريين.
تضمنت الندوة التي حملت عنوان "الفوضى في سورية إلى أين؟"، عرضاً للوضع الراهن في سورية، وناقشت التطورات السياسية والعسكرية الأخيرة، لا سيما معركة "درع الفرات" وما عكسته من زيادة الدور التركي في سورية.
تحدث في الندوة كل من عضو الهيئة العليا للمفاوضات ورئيس الائتلاف السوري السابق، خالد خوجة، والمدير التنفيذي لمركز "عمران" للدراسات الاستراتيجية، الدكتور عمار القحف، بالإضافة إلى الدكتور أفق أولوتاش من مركز "سيتا"، والدكتور محي الدين أقامان من جامعة أنقرة.
مدير مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، الدكتور عمار قحف، لفت في ورقته إلى أن الأنظمة السياسية في البلدان التي شهدت احتجاجات ضد الأنظمة، سعت منذ البداية لترويج فكرة الفوضى وربطها بالثورات. وأشار إلى أن نظام بشار الأسد في سورية، وضع منذ بداية الثورة (2011) سردية للإرهاب وتعامل من خلالها مع حراك المحتجين، والربط فيما بينهم وبين الإرهاب. وأضاف أن الأسد عمل على خلق فوضى سياسية، واقتصادية، وأمنية، وبات ينظر للمشهد بأدوات أمنية، ما ساهم في زيادة دور أجهزة الأمن في سورية بالتعامل مع المحتجين.
بدوره أوضح الدكتور محي الدين أقامان أن "الفوضى الحاصلة في سورية" ساهمت في تحديد تركيا بشكل أكبر لخطوطها الحمراء في سورية، وتحديد ما الذي يمكن تحمله وما لا يمكن تحمله. ولفت إلى دور إيران وسياستها الطائفية الواضحة في سورية والعراق، كما تطرق في مداخلته إلى التنافس الروسي– الأمريكي في سورية، واصفاً موقف البيت الأبيض بـ "المتردد".
من جهته، أشار رئيس الائتلاف الوطني السوري السابق خالد خوجة، إلى جملة من الأسباب التي أوصلت الوضع في سورية لما هو عليه الآن، وركز بشكل أساسي على التراجع الأمريكي لصالح روسيا في سورية. وأكد أن الجيش الحر قد تم إضعافه مقابل تقوية جهات أخرى كـ ميليشيات "سورية الديمقراطية".
وعن عملية "درع الفرات"، رأى خوجة أن المعارك في الشمال السوري تغير التوازنات، منوهاً إلى أهمية مدينة الباب ومنبج وقال إن "هاتين المدينتين ستغيران قدر حلب". وتابع أن تركيا تعمل حالياً على "إعادة إنتاج الجيش السوري الحر وتقويته".
واتفق الباحث في مركز "سيتا" أفق أولوتاش مع بقية المشاركين بالندوة، على أن "درع الفرات" تشير في مجملها إلى زيادة الفاعلية التركية في سورية، معتبراً أن أنقرة تدفع ثمن استقلال سياساتها.
يفيد التقييم التفصيلي لمجموعة السلوكيات الروسية والأمريكية في الشأن السوري، في تثبيت قاعدتين مهمتين في أسس التعاطي مع "الملف" السوري، لم يعتريهما أي تبدل رغم كم المتغيرات التي شهدتها الجغرافية السورية، ومن شأنهما تسهيل فهم أهم ملامح "ادعاءات الانفراج" التي تمت هندستها وفق سياسات لا تمت للبعد المجتمعي للقضية السورية بأية صلة.
القاعدة الأولى: تذبذب الأداء الأمريكي في الملف السوري وعدم ثباته واتسامه بردود الفعل وفق قواعد الحد الأدنى من التدخل، وذلك بحكم ما أسماه كولين دويك في كتابه (عقيدة أوباما) التي تشجع الانسحاب من ملفات المنطقة التي يمكن –وفق هذه العقيدة- إبعاد ارتداداتها الأمنية عن المصالح الأمريكية دون التدخل المباشر فيها، والاستناد إلى محورين رئيسين وهما: مبدأ التوجه إلى الداخل الأميركي وإيلائه القدر اللازم من الزخم السياسي من أجل تمرير أفكار أوباما الأقرب إلى الاشتراكية المعتدلة، فهو يعتقد أن قوة أميركا تنبع من تماسكها ونمائها في الداخل وليس من علاقاتها الدولية وسطوتها الخارجية ، وأن الأمن القومي الأميركي لا يمر في قناة السياسات الدولية بل يعززه مجتمع قوي يقوم على إتاحة الخدمات للجميع ، كمشروعه لترشيد التأمين الصحي الذي يسمى بـ"أوباما كير" ، وقضية الهجرة، والرعاية الصحية، والتعليم، والمناخ والبيئة .والمحور الثاني تغييبه لمبدأ الاشتباك في العلاقات الدولية لصالح سعيه الحثيث لسياسات الاحتواء تجاه دولاً كانت تعتبر إلى ما قبيل مجيئه إلى سدة البيت الأبيض دولا مخاصمة أو مارقة أو عدوة مثل الصين وإيران وروسيا، هذا من جهة، ولتغليب خيار محاربة الإرهاب وفق محدّدات خاصة غير مكلفة لا تخلو من التوظيفات السياسية ولا تنسجم بالضرورة مع القضايا الاجتماعية المحلياتية من جهة أخرى.
أما القاعدة الثانية: هي ثبات ووضوح الموقف السياسي الروسي تجاه القضايا الإقليمية لا سيما حيال الملف السوري (بغض النظر عن عدم اتساق هذا الموقف مع طبيعة المتغيرات التي شهدتها البنية العربية) خاصة بعد سقوط القذافي واعتبار موسكو أن الولايات المتحدة وحلف الناتو قد استغلوا القرار الأممي رقم 1973 الصادر بتاريخ 17/3/2011 ونفذوه بطرق مضرة لشبكة المصالح الأمنية والجيوسياسية الدولية في المنطقة و"مخالفة لنص القرار "، إذ أن "قرار مجلس الأمن الدولي طالب بفرض منطقة الحظر الجوي، لكن طائرات عسكرية كانت تحلق هناك كل يوم، كما طالب القرار بمنع تصدير الأسلحة لكنه تم تصدير أسلحة، وحظر القرار كذلك وبشكل مباشر استخدام القوات البرية، لكنه كانت هناك قوات لدول محددة، كما تبين في ما بعد" -وهذا كله وفق ادعاءات موسكو-
إذاً إدارة الكرملين لن تسمح بتكرار السيناريو الليبي لأسباب عدة منها ما يتعلق برؤية بوتين الخاصة للحركات الإصلاحية في الوطن العربي وخطورة قوى الإسلام السياسي على الأمن القومي الروسي، ومنها ما يرتبط بطبيعة رجاءات العودة والتمركز في قلب النظام الدولي، وحماية مصالح روسيا الجيوبولتيكية، حيث اعتبر بوريس دولغوف الباحث العلمي في معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية خلال ندوة نظمتها اللجنة الروسية للتضامن مع ليبيا وسوريا في موسكو في آذار 2016: "أن مجلس الأمن كان قد تبنى حينها قراراً بصيغة معينة بخصوص ليبيا، لكن الغرب تصرف هناك بصيغة أخرى...والنتيجة هي أننا نرى دولة منهارة وحكومتين متناحرتين في طرابلس وطبرق".
أدركت موسكو القاعدة الأولى وهندست سياساتها الدولية في المنطقة وفقاً لذلك بالتظافر مع متطلبات صيانة الأمن القومي الروسي فضمت القرم قبل عامين، واستطاعت ضبط التفاعلات الدولية في الأزمة الأوكرانية، كما أنها طورت من نوعية تدخلاتها في المشرق العربي عبر بوابة المسرح السوري، الذي أضحى مع انحسار الدور الأمريكي فرصة جيواستراتيجية لموسكو للبدء بعودة نوعية جديدة إلى المنطقة، بحيث تعمل من خلالها على ملء الشواغر الناجمة عن محدّدات تعاطي أوباما القائمة على مبدأ الإدارة من الخلف وعدم الانخراط المباشر في ملفات المنطقة، فانتقلت من مستويات الدعم العسكري والسياسي والدبلوماسي إلى مستوى أكثر صلابة عبر الانخراط المباشر في تفاعلات المشهد السوري مستغلاً تلك "الوكالة الدولية" التي اكتسبتها موسكو منذ اتفاق الكيماوي الشهير، واستطاع إلى حد بعيد صد طموحات بعض الدول الإقليمية (كالسعودية وقطر وتركيا) وإلغاء أي احتمال لتطور هذه الطموحات لتدخلات صلبة، كما وأجبر الفاعل الإيراني على صياغة سياسته وفق قواعد التعاون والبناء المشترك مع موسكو – ناهيك عن أن هذا التدخل حفز بعض الدول الداعمة للثورة المضادّة بالاصطفاف خلف الدب الروسي ويهيئ الفرصة لبلورة محور إقليمي بقيادة موسكو. وهذه مجموعة مكاسب متنامية ستحرص موسكو على تثبيتها كقواعد ناظمة للمجال السوري لا سيما "تثبيت أولوية مكافحة الإرهاب" في المشرق العربي بعدما طوعت موسكو ميادين السياسة والعسكرة في سورية، واستطاعت رسم الإطار العام لمسار العملية السياسية في سورية بكل أجندته والذي سيكون له الانعكاس الأبرز على باقي ملفات المنطقة.
تجد موسكو في شعار "تثبيت أولوية مكافحة الإرهاب" في المشرق العربي – الذي بات الإشكال الوحيد في الملف السوري وفق وجهة النظر الدولية- عدة مكاسب استراتيجية كامنة في ثنايا الجغرافية السورية، كتغييب الحركات الإسلامية بكل تدرجاتها عن أي مشاريع للتغيير السياسي في المنطقة عبر تثبيت حوامل الثورة المضادة وتدعيم مفاهيم وكوادر الدولة "العميقة"، والاستثمار والتوظيف السياسي غير المباشر للجماعات العابرة للحدود، في سبيل الالتفاف على قضايا التغيير السياسي في المشرق العربي، إلى جانب تصدّرها المشهد السياسي والعسكري وإخضاعه لشروطها الجيوسياسية، إضافةً إلى ترسيخ قاعدة مشتركة بغية زيادة مساحة التوافق مع الولايات المتحدة كخطوة أولى لإعادة حلحلة باقي الإشكالات والملفات الدولية العالقة، ناهيك عن مبررات الاستراتيجية الأمنية الخاصة بموسكو فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب إذ تعتبر موسكو أن مواجهة وضرب "الإرهاب" هي من الضربات الاستباقية والمحددات الرئيسة للسياسة الخارجية نظراً لتأثيرها على العمق الاستراتيجي الروسي حيث يشكل ارتداد العناصر القوقازية المقاتلة بجانب تنظيم الدولة أو بالتنسيق معه نحو شمال القوقاز خطرا كبيرا على هذا العمق، إذ أن منطقة شمال القوقاز، بإطلالها على البحر الأسود غرباً، تمثل المنفذ الرئيسي والمباشر لموسكو عبر مضيقي البوسفور والدردنيل إلى البحر المتوسط، ومنه إلى ميناء طرطوس (سوريا) - نقطة ارتكازها في الشرق الأوسط- علاوة على الخسائر الفادحة التي ستتلقاها موسكو في حال قيام الجهاديين بعمليات تجاه خط أنابيب "السيل التركي" المنطلق من القوقاز الروسي عبر البحر الأسود. كما تؤثر أيضاً على مناطق النفوذ في منطقتي آسيا الوسطى (أوزبكستان، كازخستان، طاجيكستان، قيرغيزستان، تركمنستان)، وجنوب القوقاز (أذربيجان، جورجيا، أرمينيا)، التي تسعى موسكو لتوطيد العلاقات معهم وتدعيمها، وتوسيع النفوذ، بالإضافة لإدماج دول المنطقتين ضمن مشروع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي للحد من تصاعد النفوذ الأمريكي، وعليه فإن الضربات الروسية ضد "داعش" حافزا لتعزيز علاقات موسكو بالجمهوريات السوفيتية السابقة، في ظل الهواجس الأمنية التي تسيطر على هذه الأخيرة إزاء اتساع نشاطات التيار السلفي الجهادي في آسيا الوسطى والقوقاز.
كما تحاول موسكو اليوم تصدير نفسها دولياً بأنها القادرة على حل الصراعات الدولية، وهذا ما تضمنته وثيقة "استراتيجية الأمن القومي لروسيا الاتحادية" الصادرة في مطلع هذا العام والتي يمكن عنونتها بـ"( الانتقال من الدفاع للهجوم) إذ أكد عقيد الاستخبارات الروسي السابق "بافل لي" على أن روسيا "قررت الأخذ بزمام المبادرة، والانتقال من موقع الدفاع إلى الهجوم، وذلك بعدما أيقنت أن إيجاد حلول للمسائل الخلافية مع الغرب بشأن أوكرانيا وسوريا وغيرهما من القضايا وصل إلى طريق مسدود".
تبدو خطوات بوتين في سورية أكثر رسوخاً واتساقاً من الحراكات الدولية الأمريكية التي أعاقتها عقيدة أوباما وأرجأت الحسم في المواقف السياسية المتعلقة بالملف السوري حتى استلام الرئيس الجديد الذي سيجد نفسه أمام تركة ثقيلة وواقعاً سياسياً وعسكرياً وأمنياً لا يمكن التحكم بتفاعلات هذا الملف بمعزل عن المشاركة الروسية التي عززت شروطها الجيوسياسية، وكما قال المحلل السياسي الروسي قنسطنطين إيغرت أن "بوتين هزم باراك أوباما مجدداً فتدخل بوتين في سوريا وفاجأ الغرب وأجبر "الولايات المتحدة على التحدث معه على قدم المساواة". كما أن زعيم الكرملين نجح في خلق واقع جديد جعل من أزمة أوكرانيا وضم شبه جزيرة القرم أمراً ثانويا".
ويمكن القول ختاماً، وكما أدركت كاترين الكبرى (إمبراطورة روسيا 1762-1796) أهمية دمشق إذ قالت "دمشق تمسك مفتاح البيت الروسي"، عَلِمَ بوتين جيداً أن "دمشق هي مفتاح عصر جديد". فهل من مدركٍ في بلاد العرب؟
المصدر موقع العربي الجديد: https://goo.gl/rjQ4N1
ضمن برنامج زاوية حرجة استضاف راديو أورينت عبر الهاتف المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف، والكاتب والمحلل السياسي العراقي نجاح محمد علي. جاء ذلك ضمن حلقة بعنوان: "كيف سيكون الأسد بدون روسيا سياسياً"، ناقشت المحاور التالية:
1. أسباب الانسحاب الروسي وتوقيته.
2. مواقف حلفاء الأسد من الانسحاب الروسي.
3. علاقة الانسحاب الروسي بالبعدين العسكري والسياسي.
أجرت قناة الحوار الفضائية ضمن برنامجها "سوريا اليوم" مقابلة تلفزيونية مع الدكتور عمار قحف المدير التنفيذي لمركز عمران، تناولت الحلقة محورين اثنين الأول: قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالانسحاب الجزئي للقوات الروسية من سورية وما وراء ذلك من دوافع وخلفيات وآثار. والثاني: مناسبة الذكرى الخامسة للثورة السورية آلام وآمال. خلال المقابلة انضم عبر الهاتف كلاً من السيد أحمد رمضان عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني، والسيد عبد الكريم آغا رئيس الحركة التركمانية الديمقراطية السورية.
مقدمة
أعلنت روسيا في 30 أيلول/سبتمبر 2015 عن بدأ عملياتها العسكرية في سورية، وذلك بعد أن طلب الرئيس السوري، بشار الأسد، دعماً عسكرياً من موسكو ووافق مجلس الاتحاد الروسي على تفويض الرئيس فلاديمير بوتين استخدام القوات المسلحة الروسية خارج البلاد.
جاءت هذه الضربات بعد تزايد الدعم العسكري المعلن لنظام الأسد من قبل موسكو، والإعلان عن تشكيل مركز معلوماتي في بغداد تشارك فيه روسيا وإيران والعراق وسوريا لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية.
استهدفت أولى الضربات الروسية في 30 أيلول/سبتمبر مواقع تابعة لتنظيم الدولة في محافظة حمص، وفقاً لادعاءات وزارة الدفاع الروسية؛ إلا أن تلك المواقع كانت تبعد أكثر من 50 كلم عن مواقع التنظيم الحقيقية، حيث تركزت غارات روسيا في اليوم الأول على مواقع قوى الثورة السورية في ريفي حمص وحماه الشماليين والتي سقط من جرائها العشرات من المدنيين.
مواقع النفوذ والسيطرة قبل التدخل الروسي وبعد سحب روسيا لقسم من قواتها
جاء التدخل الروسي ضمن مرحلة كان النظام يتلقى فيها خسائر كبيرة على يد قوى الثورة السورية في أغلب الجبهات، مرحلة كادت أن تكون مفصلية في مسار الثورة لولا الإشكاليات العسكرية البينية بين فصائل الثورة السورية. في الوقت الذي كانت جبهات النظام مع تنظيم الدولة تشهد معارك كر وفر، تحديداً في ريف حمص الشرقي وفي ريف حمص الجنوبي.
1. النظام وقوى الثورة السورية
تقدمت قوات النظام برياً والميليشيات الشيعية الموالية لها على بعض الجبهات التي تخضع لسيطرة قوى الثورة السورية “ريف حلب الجنوبي – ريف حلب الغربي – ريف اللاذقية "، محرزاً تقدماً على عدة محاور، أبرزها فك الحصار عن بلدتي "نبل والزهراء" في ريف حلب الشمالي الغربي، واستعادة السيطرة على مناطق واسعة في ريف اللاذقية "سلمى – ربيعة – كنسبا"، فيما فشلت قوات النظام من تحقيق أهدافها في كلٍ من "ريف حمص الشمالي – ريف حماه الشمالي".
2. النظام وتنظيم الدولة
شهد ريف حلب الشرقي تقدماً واسعاً لقوات النظام، حيث تمكنت الأخيرة من فك الحصار عن مطار كويرس، كما تقدمت في ريف حمص الشرقي وبات يفصلها عن مدينة تدمر أقل من 2 كلم.
3. قوى سورية الديمقراطية والاستفادة بشكل غير مباشر
تتلقى قوى سورية الديمقراطية دعماً عسكرياً هائلاً من قوات التحالف الدولي، ولكن هذا لم يمنع موسكو من دعمها بشكل غير مباشر بالتزامن مع حملة الروس والنظام على ريف حلب الغربي-الشمالي، فانتهزت قوات سورية الديمقراطية تلك الحملة لتتمكن من فرض سيطرتها على عدة مواقع ضمن نطاق سيطرة قوى الثورة السورية؛ أهمها "تل رفعت – منغ – ماير – كفين – احرص – دير جمال -الزيارة".
مكاسب النظام خلال التواجد الروسي وحتى سحب جزء من قواتها
إنجازات روسيا في فترة تدخلها حتى سحبها لجزء من قواتها
إنشاء منطقة عدم تجوال في الاجواء السورية واجبار طيران التحالف الدولي من التنسيق المباشر مع القوات الروسية قبل تنفيذ أي غارة، وذلك عبر نصب جهاز يعرف بـ Richag-AV الذي يتمتع بقدرة عالية على اعتراض الاتصالات والإشارات التي قد تُرسل إلى الصواريخ الذكية ومنها الباتريوت الأمريكي.
إرساء سفينة حربية بالمياه السورية بالقرب من اللاذقية تحوي على مئات الصواريخ s300 العابرة للقارات، هذا وقد حافظت روسيا على موقع تلك البارجة الحربية على الرغم من إعلانها لسحب الجزء الأكبر من قواتها.
وفرت كمية كبيرة من الذخيرة والمستشارين والتقنيين لقوات النظام.
تمكين النظام عسكرياً في المناطق التي أطلق عليها النظام اسم (سورية المفيدة) وتحصين دفاعات النظام بالخط الساحلي من الشمال الى الجنوب، وزرع شوكة للمعارضة في البادية شرقي حماه وجنوب شرق محافظة حمص باتجاه تدمر.
حماية وتثبيت المصالح المختلفة لدى روسيا بدأً من الوجود العسكري وصولاً إلى الصفقات التجارية أو الدعم التقني لمشاريع غاز ونفط في البادية السورية.
قال المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف، إن الموقف الروسي جاء عندما فشلت كل المحاولات الأخرى لإنقاذ النظام، مشيرا إلى أنه يزاحف النفوذ الإيراني على الأرض.
جاء ذلك خلال مشاركة الدكتور قحف في برنامج "في العمق"، على قناة "الجزيرة الإخبارية"، وذلك يوم الاثنين 28 أيلول/ سبتمير، لمناقشة التطورات السياسية الدولية في الملف السوري، بمشاركة وزير الدفاع السابق في الحكومة السورية المؤقتة أسعد مصطفى.
واعتبر قحف أن الموقف الأمريكي منذ الربيع العربي لم يتغير، واصفاً إياه بـ "الزاهد في قضايا أمور الشرق الأوسط"، وهو ما توج بالاتفاق الإيراني، بعد أن حسم أمره بأنه لا يريد موقفا أو قرارا، مشيرا إلى أن هناك مبالغة في تقدير التأثير الأمريكي بالنسبة لسلاح الثوار.
واعتبر قحف أنه لا يمكن وصف روسيا بأنها المتصدرة للموقف الدولي تجاه سورية، لأن المواقف الدولية متأرجحة ومتبدلة، خصوصاً بوجود مواقف أخرى رافضة لوجود الأسد، كالموقف السعودي الرافض لوجود الأسد في المرحلة الانتقالية، بالإضافة لدول مجموعة الاتصال الداعمة للثورة السورية.
وحول العلاقة الروسية الإيرانية، أوضح الدكتور قحف أن هناك تنسيقا بالحد الأدنى بين الدولتين، إلا أن فشل إيران في إدارة الملف السوري قد يكون دافعا لروسيا للتدخل لتزاحم النفوذ الإيراني، لا لتنافسه، بسبب اختلاف بعض الأهداف بين الدولتين.
وتوقع الدكتور قحف أن يؤدي التدخل الروسي لتغذية المزيد من الإرهاب والتطرف، متمنيا ألا تتحول سورية أرضاً للصراع وحربا طويلة المدى، على شاكلة أفغانستان بعد التدخل الروسي هناك.
ودعا مدير مركز "عمران" للدراسات الاستراتيجية المجموعات الدولية الداعمة للثورة السورية، التي لم تعد تقتصر على السعودية وقطر وتركيا، بزيادة دعمها للقوى التي تحارب "الإرهاب الأصلي" متمثلاً بنظام الأسد الذي جذب كلالقوى العابرة للحدود، معتبراً أن التغير الميداني سيزيد الدول الداعمة للثورة إذا رأوا الكفة ترجح لصالحها.
واعتبر قحف أن بإمكان الدول الداعمة أن تفعل الكثير لتغير الموازين الاستراتيجية، مثل إقامة المنطقة الآمنة التي أصبحت ضرورة إنسانية وسياسية وعسكرية واستراتيجية، لحماية تركيا شمالاً، وحماية أمن دول الخليج.
وحول بقاء الأسد كرئيس في المرحلة الانتقالية، أشار مدير مركز "عمران" إلى أن ذلك غير ممكن من الناحية العملية أساساً، وسط تفكك وانهيار النظام السوري، ولا يملك الأسد السيطرة على أي جزء منه، وسط سيطرة إيرانية وروسية على مفاصل الدولة، بشكل كامل، وسط نظام إقطاعي و "لا مركزي" مليشياتي، مما ينفي إمكانية تأهيل هذا النظام.
وحول مواقف المعارضة السورية، اعتبر الدكتور قحف أن المعارضة أكثر توحداً من أي وقت مضى، مشيراً إلى وثيقة "المجلس الإسلامي السوري" للمبادئ الخمسة التي وقتها كل القوى الثورية تقريباً، داعياً الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة لإدارة العمل الثوري من داخل سورية، بالتنسيق مع القوى العسكرية، لاستثمار الانتصارات العسكرية من داخل سورية.
ضمن مشاركته ببرنامج "سوريا اليوم". عمار قحف: روسيا وإيران متباعدتين دبلوماسياً، والنظام السوري متشرذم.
قال المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف، أن هناك فترة لا تتجاوز الأشهر القليلة، لتواجه روسيا أزمة مالية وعسكرية جراء تدخلها في سورية، بسبب استنزاف قواتها يومياً، وغرقها في القضية السورية.
جاء ذلك خلال مشاركة الدكتور قحف في برنامج "سوريا اليوم"، على قناة "الحوار"،وذلك مساء الخميس 5 تشرين الثاني/ نوفمبر، لمناقشة التطورات السياسية الإقليمية والدولية في الملف السوري.
واعتبر قحف أن سبب الترويج الروسي لمعلومات تقول إن لقاءات تمت بين الجيش الحر ومسؤولين روس، ما هو إلا استجداء لانتصار إعلامي وهمي، تحاول من خلاله كسب الوقت لتغطية هزيمتها وتورطها في سورية، سيّما بعد نفي الجيش الحر ذلك.
وأضاف قحف أن تورط روسيا تثبته انتصارات الثوار اليوم في كل من حماه ودرعا وصولاً إلى دمشق وريفها، في ظل عجز نظام الأسد عن التعاون حتى مع القصف الروسي، ما يعني خسارة الروس لشريكهم على الأرض، يضاف إلى ذلك حالة التباعد الدبلوماسي الروسي الإيراني، بالرغم من غياب الاحتكاك السلبي بينهما.
وعن أسباب عدم تحرك الغرب حتى الآن لإيقاف حالة الحرب في سورية، أوضح قحف الحالة المعقّدة للمنطقة الجيوسياسية التي تقع سورية فيها، وتقاطع المصالح الاقتصادية والإقليمية طويلة الأمد كتمرير السلاح، والنفط والغاز، وغيرها، ما يعني وقوع المنطقة برمتها في الشرك الروسي الأميركي، معوّلاً على فرصة إعادة تكوين نظام عربي إقليمي، يتصدّى للخطر الذي بات يهدد المنظومة العربية، وهو دعم مصر وبعض الدول العربية الأخرى لنظام الأسد، إلى جانب استدراج الأخير للقوى والميليشيات الإيرانية، وكذلك القوى الإرهابية العابرة للحدود، ما يهدّد وحدة واستقرار المنطقة.
وحول أداء القوى الداعمة للثورة إقليمياً ودولياً، أكّد قحف أن العديد منها وعلى رأسها إقليمياً تركية والمملكة العربية السعودية وقطر تقدّم كل ما أمكنها وفق المتاح، معتبراً أداءها في فيينا مؤشراً واضحاً على التناغم الكبير بين مواقفها، وكذلك وحدة رسائلها تجاه الملف السوري، لافتاً إلى ضرورة أن يدعم السوريون شركاءهم بالأساليب والأفكار والمقترحات والحلول التي تساعدهم على خوض غمار الحرب "الكلامية" على حدّ وصفه، بين الفاعلين الدوليين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية.
أمّا عن الدور العربي الفاعل في القضية السورية، دعا المدير التنفيذي لمركز "عمران" المسلمين والعرب لتولّي دورهم في إعادة تعريف مصطلح الإرهاب، والذي تستغله روسيا وإيران وميليشيات حزب الله والقوى العابرة للحدود للتدخل في سورية، من خلال التعريف بقيمهم ومبادئهم، ورفضهم سفك الدماء والقتل والدمار الذي يمارسه الأسد وحلفائه.
ورغم تأكيد قحف على تكاثر أعداء الشعب السوري، إلا أنّه أثنى على دور دول الخليج، وكذلك المسلمين في أنحاء العالم، والأصدقاء الفرنسيين والبريطانيين وكذلك الدور الأمريكي بالرغم من تأرجحه، لدعمهم القضية السورية، مطالباً السوريين أنفسهم بتوحيد الصفوف، وتحديد المعتدلين الذين يرتضيهم، لئلا يبقى وجود الإرهابين والمتطرفين الذين استجلبهم الأسد مطيّة للدول للتدخل واحتلال سورية.
وفي الحديث عن مخططات النظام لوأد الثورة بعد مضي خمسة سنوات عليها، نفى قحف أن يكون للنظام وجود حقيقي على الأرض في ظل تولي حلفائه إدارة البلاد على المستوى الأمني والسياسي والعسكري، وكذلك انهيار مؤسسات الدولة والبنية التحتية بنسبة 70 إلى 80 %، ما يمنح السوريين فرصة الانتقال من الفكر الثوري إلى فكر الدولة، وإعادة ضبط الحياة المدنية عبر تمكين المجالس المحلية، واسترداد وظائف الدولة بمزيد من استثمار الاقتصاد المحلي والتنمية، وخلق برامج اجتماعية لمكافحة الفكر المتطرف الدخيل على الثقافة السورية، وإعادة اللحمة الاجتماعية في المناطق المحررة من الطغمة الحاكمة.
وفي الإجابة عن توقع رد فعل الشعب السوري في حال التوصل لاتفاق يفرض بقاء الأسد في السلطة، وصف قحف مثل هذا الحل بالغباء السياسي، وعدم قراءة المشهد بواقعية، مشيراً إلى أنّه من غير الممكن فرض نظام متهاوٍ متشرذم أو فرض شخص أيّاً يكن على إرادة شعب صامد حتى اليوم.
ضمن مشاركته ببرنامج "سوريا اليوم"، الدكتور عمار قحف:"الفاعل الأكبر اليوم هو "الفاعل السوري"اعتبر المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية الدكتور عمار قحف أن "الفاعل الأكبر في المشهد السوري اليوم هو "الفاعل السوري"، سياسياً وعسكرياً ومدنياً، وسط تقارب وتوحد للفصائل والجهات المختلفة، مما سيمكنه من تغيير المشهد في عدة جبهات مختلفة، مثل دمشق وريفها، والجبهة الجنوبية، والساحل".
جاء ذلك خلال مشاركة الدكتور قحف في برنامج "سوريا اليوم" على قناة "الحوار" في بريطانيا، يوم الأربعاء 14 تشرين الأول/ أكتوبر، لمناقشة الأبعاد الدولية والإقليمية للتدخل الروسي وتداعياته على المنطقة، بمشاركة الكاتب الصحفي بسام جعارة.
وأشار مدير مركز عمران إلى أن "الولايات المتحدة تستخدم روسيا في الوقت الراهن لكيلا تغرق في الأزمة السورية"، مستدركاً أنها ستأتي في اللحظة التي تعتبرها مناسبة لـ "قطف الثمار".
وأضاف الدكتور قحف أن الحجة القانونية التي تستخدمها أمريكا هي "طلب من الحكومة العراقية"، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تستخدم على عدة أطراف في الوقت نفسه لتأخير الحسم ومنع انتصار أي طرف على الآخر، ولذلك تدعم فصائل مثل "وحدات الحماية الشعبية"، مقابل دعمها ومشاركتها في تحالف بغداد، المكون من العراق وروسيا والأسد وإيران، عبر نفوذها الموجود في العراق.
وتابع المدير التنفيذي لمركز عمران بأن من أبرز صفات المشهد الجاري في سوريا والعراق حاليا هو "الانسياب الإقليمي للقوى العابرة للحدود"، و"انسياب المواقف الضبابية والعابرة"، موضحاً أن هذا يفسر تناقض الموقف الأمريكي عبر دعمه "غرفة بغداد"، ودعم قوات المعارضة بنفس الوقت، وكان آخرها دعمها بصواريخ التاو في حلب وحماة، عبر غرف عملياتها.
وأوضح الدكتور قحف أن "بوتين استغل الفراغ الأمريكي في المنطقة، وسط خروج للملف الليبي والعراقي من نفوذهم"، مشيراً إلى أن الروس يعتبرون هذه فرصة استراتيجية لاستعادة نفوذ سياسي، وسيطرة على أنابيب الغاز والنفط، مما يدفعهم لضرب مواقع محددة حسب مخططات محددة، تثبت النفوذ الروسي وتخدم مشروع أنابيب الغاز.
وأشار قحف إلى أن مناطق النفوذ الروسي تختلف عن مناطق النفوذ الإيراني، وسط تقاسم بين الجو والأرض.
وأضاف الدكتور عمار قحف أن "المنطقة مقبلة على مزيد من التعقد الإقليمي والداخلي"، مشيرا إلى دعم الدول للمجموعات المعارضة بمبادرات وزيادة الدعم، مثل دعم "الجبهة الجنوبية"، متوقعاً زيادة الانتصارات والانسحابات، وسط تضارب المشاريع والداعمين المختلفة.
وبخصوص تحرك القطع الصينية في البحر المتوسط، استبعد الدكتور قحف مشاركة الصين عسكريا في المشهد السوري لأسباب عديدة، منها: الارتباطات الاقتصادية بينها وبين الولايات المتحدة، وسط تغير في المشاريع والعلاقات والتحالفات بين الدول الإقليمية بعد الاتفاق النووي الإيراني.
تمخض الجبل فأنجب فأراً، خرج مؤتمر فيينا الذي ضم 19 وفداً دولياً في 30 أكتوبر بمجموعة من النقاط لا تُغير من مجرى العملية السياسية الذي لايزال يخضع لتوظيفات وتطويعات تتسق مع غايات بعض الفواعل الدولية على حساب القضية المجتمعية السورية الأساس، إذ يقرر هذا المؤتمر أنه على السوريين تشكيل دولة علمانية تبقي وتحافظ على المؤسسات السورية بما فيها مؤسستي الجيش والأمن، التي تآكلت بحكم سياسة الأسد الذي عمل على زجها واستغلالها لتطوير أدواته في قمعه للحراك الثوري من جهة، أو التي أضحت تحت السيطرة الكاملة من قبل الجيش الروسي والإيراني اليوم، كما لم يحسم هذا المؤتمر أهم مسألة والتي هو موطن خلاف بين الدول ألا وهي رحيل بشار الأسد وآلية تنفيذ الانتقال السياسي عبر انتخابات أو عبر هيئة حكم انتقالي وما هو دور الأمم المتحدة في هذا المجال، وهو ما لم يتم بحثه في فيينا مما يدلل على استمرار الهوة بين مواقف الدول.
انتهى المؤتمر من حيث بدأ وكأنه استعراض دبلوماسي جهدت موسكو لعقده بغية ضمان عدم تزمين تورطها في المشهد السوري السائل وعدم قدرتها على علاج أزمة الموارد البشرية المتزايدة في صفوف قوات الأسد وحلفائه، لذا سرعان ما تسابق الفاعلون بعد الاجتماع من الطرفين الداعم للمعارضة وللنظام لمحاولة إجراء تغيير سريع في موازين القوى السياسية والعسكرية، حيث تُقدم روسيا نفسها أنها الراعي للحل في سورية. غير أنه كان أول اجتماع من نوعه بين الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وبين الدول المجاورة لسورية والداعمة لكافة الأطراف، وبالتالي كان بمثابة المواجهة الأولى التي خرجت ببيان ضعيف لا يُراعي مفرزات المشهد السوري، وسرعان ما تحولت الاستقطابات بعده لإحداث تغيير في موازين القوة على الأرض ليعود كل طرف بوجه جديد تجاه الخصم. وتكمن المشكلة هنا أن الكل يحاول إيجاد الحل وفرضه على السوريين الذين تم تغييبهم في الاجتماع وتم الاكتفاء بذكر أن الحل بيد السوريين في البيان الختامي، بل وصرح أحد وزراء الخارجية الحضور أن مهمتهم التوصل للحل وأي فريق سوري لا يقبل بذلك الحل المقدم له يعتبر إرهابياً تجب محاربته وإرسال الطائرات بدون طيار.
كان تموضع الولايات المتحدة الأمريكية في فيينا ملفتاً للنظر حيث قدم نفسه كوسيط ومدير للنقاش بين الأطراف ودافعاً نحو عدم "الالتهاء" بقضية الأسد ومصيره وعدم تصنيف حزب الله والميليشيات التي استجلبها النظام كجماعات إرهابية، وعدم بحث كيف وصلنا إلى هذه النقطة من الاستعصاء في الحل، والتركيز بالمقابل على ضرورة إحداث حل سياسي يستطيع الجميع فوراً التركيز على محاربة الإرهاب، كما تم تأطير النقاش من قبل الجانب الأمريكي بـ "كيف نحارب الإرهاب في ظل حرب أهلية". إذن فالتصور للمشهد السوري لا يزال يعتريه التشويه الكبير لدى العديد من الدول وسط استقطاب حاد بين طرفين بشكل واضح: السعودية وتركيا وقطر وفرنسا وبريطانيا في مقابل روسيا وإيران والعراق وعُمان ولبنان، مع باقي الدول في الوسط يمكن جذبها لأي من الطرفين. كما أن الجانب الأمريكي بدى كأنه يُريد الحفاظ على موازين القوى وعدم اختلالها واستدراج الروس والجميع للتورط أكثر وهو يقف على الحياد ليدير الحوار بين الأطراف.
حاول الوزير الروسي وغيره اللعب على وتر "ضبابية تعريف الإرهاب" وأن المشكلة في محاربة الإرهاب هي أن التعريف غير موحد وأنهم لا يعرفون المعتدل من المتطرف، وهو محور قديم-جديد يحاول الروس شراء الوقت عن طريق الخوض فيه وتعويم المشهد في مواجهة مشهد النظام الذي وصل إلى درجة كبيرة جداً من التشرذم السياسي والعسكري والتنفيذي، بينما يستمر الروس في الواقع الميداني استهداف المشافي والمدارس والأسواق العامة للسوريين بل وفصائل المقاومة الوطنية التي حاربت وما تزال تحارب تنظيم الدولة. كما أن مناقشة تعريف الإرهاب لم يتم تأطيره بإطار واضح فرآه ممثل مصر ممثلاً بـ"الإخوان المسلمين"، وتغافل الروس عن إرهاب حزب الله معتبرين "أنه تم استدعاؤه من قبل حكومة شرعية ممثلة في الأمم المتحدة" وهذا ما يُعد انتكاساً مفاهيمياً لوظائف وأدوار الدولة، فمتى كانت تستدعي دولة عضوة في الأمم المتحدة ميليشيا عسكرية للدفاع!!!. واختلف الفرقاء على تصنيف الفصائل المقاتلة كل حسب الرؤية السياسية الخاصة ببلدانهم، وهنا أعاد مدير النقاش الأمريكي الحديث إلى كيفية إيقاف الحرب الأهلية والبدء بمحاربة داعش وتعويم النقاش وعدم حسمه ثم تأجيله.
ولا يمكن تجاهل الموقف القوي الذي سُرب للإعلام من وزير الخارجية السعودي حيث قال إن المملكة مستمرة بدعم الثوار وماضية حتى سقوط الأسد من خلال عملية سياسية أو عسكرية في حال لم يتم اعتماد خطة للحل يغادر فيها الأسد سورية. وكذلك موقف وزير الخارجية القطري والتركي المتناغم بشكل كبير مع الموقف السعودي. وكذلك موقف الوزير الفرنسي الذي واجه الروسي بشكل مباشر بأن يتوقف عن "إعطائهم الدروس" وأن "يحترم نفسه" وهي عبارات تؤكد حجم الهوة الكبير في قراءة المشهد السوري لدى كافة الأطراف.
تبقى هناك فرصة نرى بوادرها لكن لا يعلم مداها، وهي التباعد بين السياسة الروسية والإيرانية، فواضح أن الروس لم يتوقعوا حجم انهيار مؤسسات الدولة السورية فاضطروا لوضع يدهم على أغلب هذه المؤسسات وإدارتها بشكل انتداب، مما وضع الروس في موقف محرج يصعب عليهم الاستمرار فيه لمدة طويلة خاصة مع استمرار انخفاض أسعار النفط عالمياً. الواقع أكثر تعقيداً وأبعد عن الحل بيد مجموعة ال19 المجتمعين في فيينا إذ أن المصالح الدولية متناقضة لدرجة كبيرة والواقع في الأرض بعيد كل البعد عن دائرة القرار ولا يمكن فرض قرار بهذه الطريقة عليه. وستشهد المرحلة القادمة حراكاً ديبلوماسياً مكثفاً من طرف الروس مع تباعدهم (وليس تخاصمهم) عن الموقف الإيراني إضافة إلى عمل عسكري يحاول نفخ الروح في الجسم الميت للنظام، وفي المقابل ستُحاول فصائل المقاومة الوطنية الخروج بعمليات عسكرية نوعية في خواصر النظام الرخوة لتعديل ميزان الكفة والصمود في وجه الاحتلال الروسي. وتبقى الإرادة السورية الوطني تردد بأن أي حل لا يبدأ برحيل الأسد عن السلطة لا يمكن أن يحدث أي انفراج بالأزمة السورية وهو ما بدى بعيداً عن مائدة فيينا.
نشر على موقع السورية نت:https://goo.gl/wor2Hm
شارك الباحث، ساشا العلو، -باحث في مسار السياسة والعلاقات الدولية ضمن مركز عمران للدراسات الاستراتيجية-، في برنامج "من تركيا" على قناة الأور ينت للحديث عن التوظيف السياسي لملف اللاجئين السوريين، حيث ركز الباحث ضمن اللقاء الحواري على عدة نقاط أبرزها؛ استراتيجية نظام الأسد في تصدير الأزمة السورية كمهدد أمني إقليمي ودولي اعتماداً على حامل اللاجئين والإرهاب، سعياً لإعادة ترتيب أولويات المجتمع الدولي تجاه الحل السياسي. بالإضافة للتطرق إلى خصوصية محافظة حلب في هذا السياق إثر القصف الروسي وحملة النظام الأخيرة على الريف الشمالي للمدينة، وما مثلته من حلقة ضغط سعت موسكو من خلالها إلى إفراغ المناطق المدنية والدفع بكتلة بشرية هائلة إلى الحدود التركية لإحراج الأخيرة، التي حولت بدورها ضغط الملف إلى أوربا لسحب الأنظار والمواقف عن النتائج إلى السبب الرئيس المتمثل بالقصف الروسي، ومحاولة تحصيل مواقف أكثر جدية وفعالية تجاه القضية السياسية السورية إجمالاً، إلى جانب تحميل المجتمع الدولي والأوربيين جزء من المسؤولية الاقتصادية والإنسانية لملف اللاجئين. كما عرج الباحث على تفصيل مستويات الاستثمار في ملف اللاجئين بحسب الدول المستضيفة، واختلاف أدوات وأهداف الاستثمار وفقاً للتموضع السياسي -الاقتصادي لكل دولة.
لمشاهدة الحوار كاملاً انقر على الرابط التالي: https://goo.gl/qyh1jJ