مركز عمران للدراسات الاستراتيجية - Displaying items by tag: دير الزور

تؤدّي العشائر دورًا مهمًّا في تحديد ديناميات النفوذ والسيطرة في شرق سورية، وقد زادت قوة العشائر بشكل ملحوظ مع اندلاع الثورة عام 2011 وخروج مناطق واسعة من سيطرة نظام الأسد. وساعدت العشائر بشكل فعال في ضبط الديناميات الاجتماعية للسيطرة على الفوضى الناجمة عن غياب السلطة المركزية. يتناول هذا البحث المجتمع العشائري في شرق سورية من حيث توزيعهم الديمغرافي، واتجاهات الولاء، وعلاقاتهم مع السلطات المتعاقبة منذ حكم البعث الأول حتى سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" على دير الزور عام 2019. بالإضافة إلى تحليل أسباب الصراع الأخير ودوافعه بين العشائر المتنفذة في دير الزور و "قوات سوريا الديمقراطية" عام 2023.

المصدر: مجلة رؤية العدد: خريف / السنة 12 العدد 4
رابط المادة: https://bit.ly/49ukvwm

 

التصنيف أوراق بحثية

ملخص عام

يستعرض هذا التقرير أهم الأحداث السياسية والأمنية والاقتصادية في سورية خلال شهر آب، حيث انفجرت الأوضاع الأمنية في دير الزور على خلفية حل "مجلس دير الزور العسكري" واعتقال قيادييه على يد "قوات سوريا الديمقراطية"، لتندلع اشتباكات عنيفة بين قسد والعشائر العربية التي طالبت بتأسيس إدارة محلية حقيقية تمثل أبناء المنطقة. وفي الجنوب تصاعد الحراك الشعبي ليشمل محافظة السويداء بأكملها بمشاركة واسعة من أهالي المحافظة والمرجعية الدينية مطالبين بالانتقال السياسي وفق قرار مجلس الأمن 2254 بعد فشل النظام بتحقيق المطالب الشعبية طيلة اثنتي عشرة سنة.

كما يبيّن التقرير في قسمه الاقتصادي عدم جدوى محاولات النظام لتدارك الأزمة الاقتصادية الخانقة عبر زيادة رواتب العاملين إذ تجاوز ارتفاع أسعار السلع الأساسية ضعفي زيادة الرواتب، ليرتفع متوسط تكاليف المعيشة لعائلة مكونة من 5 أفراد في سورية إلى أكثر من 10.3 ملايين ليرة، وتواجه سورية عجزاً بنحو مليوني طن من القمح لسد احتياجات البلاد خلال عام 2023.

نقمة واحتجاج: نتاج مجتمعي لسياسات النظام

أعلنت لجنة الاتصال العربية بعد اجتماعها في القاهرة عن نيتها استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية في نهاية العام ولكن في العاصمة العُمانية مسقط([1])، مع عدم صدور أي قرار رسمي للجنة الدستورية المُعارضة بخصوص تغيير مكان انعقاد الجلسات، ويأتي قرار اللجنة ضمن مساعي إنشاء مسار عربي لتحريك القضية السورية تقوده عدة دول عربية وتسعى للتعامل مع المهددات الأمنية المتعلقة بتبعات "الأزمة" على الأمن الإقليمي المتمثلة بتجارة الكبتاغون والانتشار الإيراني والمليشيات العابرة للحدود، وهو ما بدى جلياً في دعوة لجنة الاتصال الوزارية العربية إلى تكثيف التعاون بين سورية والدول المعنية والأمم المتحدة لمواصلة التصدي للتهديد الأمني الخطير من قبل تنظيم «داعش»،

في المقابل، قلّل بشار الأسد، في مقابلة تلفزيونية، من أهمية المبادرات العربية وشدد على أن العلاقات السياسية ليست كافية مالم تقترن بتقديم الدعم "للدولة السورية" لاستعادة قوتها ولتتمكن من الوفاء بالتزاماتها فيما يتعلق بمكافحة تجارة المخدرات التي أصبحت مصدر قلق للإقليم بأكمله، وتهيئة بيئة مناسبة لاستقبال اللاجئين. لم يقدم بشار الأسد أية إشارة للدول العربية حول إمكانية تقديم تنازلات من شأنها التحرك قدماً نحو الحل في سورية، حيث أصر على تكرار سردية التآمر الخارجي وصوابية نهجه الأمني في التعاطي مع المطالب الشعبية، مما يوضح أن غاية النظام للانفتاح على تلك البلدان كان اقتصادية بالدرجة الأولى بحكم تعاظم أزماته المالية والاقتصادية.

وفي إطار محاولاته لامتصاص حالة الغضب الشعبي الناجم عن تردي الوضع المعيشي في المحافظات الواقعة تحت سيطرته، أصدر الأسد مرسوماً يقضي بتغيير محافظ طرطوس الذي تعرض للضرب من قبل بعض الأهالي الغاضبين في بلدة دوير رسلان نهاية شهر تموز خلال لقاء جمعه مع أعضاء من مجلس البلدة ومجموعة من المواطنين([2]). إلا أن المحافظ الجديد، العميد المتقاعد "فراس أحمد الحامد" كان أحد أبرز قادة الأفرع الأمنية التابعة للنظام، ومدرج على لائحة العقوبات الغربية نظراً إلى دوره في دعم نظام الأسد والمشاركة في انتهاكات واسعة النطاق بحق الشعب السوري، الأمر الذي يدل على استمرار النظام في سياسية "تبديل الأدوار" والالتفاف على المطالب الشعبية في تعاطيه مع الأزمات المحلية المستمرة.

وفي ذات السياق وتأكيداً على فشل سياسات الأسد، يشهد جنوب سورية وتحديداً محافظة السويداء حراكاً اجتماعياً هو الأكبر منذ سنوات، إذ شكَّل الدافع الاقتصادي أحد الأسباب الرئيسية لاندلاع الاحتجاجات. ولكن دينامياته الراهنة تختلف من حيث اتساع نطاقه جغرافياً ليشمل 48 نقطة، ومشاركة المراجع الدينية إضافة إلى جزء من عشائر البدو، وذلك بعد محاولة نظام الأسد سابقاً صنع أدوات زعزعة داخلية في المدينة تشمل مستويين أحدهما إحداث فتنة بين أهالي السويداء والعشائر كما حدث في عام 2021، وثانيهما صناعة عصابات محلية تُسهم في الزعزعة الأمنية التي تُفضي إلى تصدير السويداء كمدينة تشهد اضطراباً أمنياً وتحتاج إلى تدخل "الدولة" كضامن للسلم المحلي هناك، وأيضاً ساهمت تلك العصابات بصناعة وتجارة الكبتاغون وإيصاله إلى الحدود الأردنية.

يتجه المشهد في السويداء نحو عدة سيناريوهات تتراوح بين أن يتبنى النظام لفكرة "اللا مبادرة" وتجاهل الحراك وذلك في حال اقتصر داخل مدينة السويداء ولم يمتد إلى مناطق سيطرة النظام الأخرى وبالتالي يُراهن النظام على الوقت لكسر إرادة المحتجين، أو أن يعمل النظام على تنشيط العصابات المحلية في المدينة عبر استفزاز الأهالي أو اغتيال بعض رموز الحراك وخاصة إذا أصبح هذا الحراك معطلاً لخطوط تهريب الكبتاغون.

وفي سياق "الدبلوماسية الروتينية" تسلَّم رئيس الائتلاف رسالة من وزيرة الخارجية الفرنسية تضمنت تأكيداً على الموقف الفرنسي من وجوب الانتقال السياسي في سورية وأن محاسبة مجرمي الحرب من الأولويات الفرنسية في الملف السوري، وأما من جانب الهيكلية الداخلية لمؤسسات المعارضة؛ فقد تمت إعادة انتخاب بدر الدين جاموس رئيساً لهيئة التفاوض السورية لدورة ثانية.

أحداث أمنية تقلق خرائط النفوذ

تصاعدت الأحداث الأمنية في مناطق متعددة من سورية. ففي شمال غرب شهد محور جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي اشتباكات عنيفة مستمرة بين فصائل "الفتح المبين" وقوات نظام الأسد منذ عدة أيام، إذ اندلعت الاشتباكات بعد سيطرة الفصائل العسكرية على قرية "الملاجة" عقب عملية برّية بدأت بتفجير نفق حفره مقاتلو المعارضة من مناطق سيطرتهم إلى أسفل التجمع الرئيسي لقوات النظام في القرية، قبل أن يبدأ اقتحام النقاط والسيطرة عليها ثم الانسحاب مع الاحتفاظ ببعض النقاط الاستراتيجية، بالتزامن مع ذلك شنت الطائرات الروسية غارات جوية لمساندة قوات النظام في محاولاتٍ لاسترجاع النقاط التي خسرتها. وأسفرت الاشتباكات عن سقوط عشرات القتلى من قوات النظام حتى الآن، كما سقط 7 قتلى من مقاتلي المعارضة خلال ثلاثة أيام من الاشتباكات.

وفي شرق سورية، تصاعدت وتيرة الاقتتال بطريقة متسارعة على خلفية عزل "قوات سوريا الديمقراطية" لقائد مجلس دير الزور العسكري "أحمد الخبيل" واعتقاله مع قياديين أخرين بعد دعوتهم لاجتماع قرب مدينة الحسكة. وتطورت الأحداث بعد توجه قسد لانتهاج سياسة أمنية لاحتواء ردود الفعل([3]) التي نتجت بعد دعوات للانتفاض على قوات قسد والمطالبة بالإفراج عن قادة المجلس المحتجزين. إذ اندلعت اشتباكات عنيفة في بلدات العزبة والحصين في ريف دير الزور الشمالي وتم قطع الطرقات ما دفع عناصر قسد لترك الحواجز العسكرية والتحصن في مقراتهم.

ساهم استخدام قسد للعنف في وجه المحتجين بدفع عشائر أخرى للدخول على خط المواجهات ومنها عشيرة العكيدات([4])، الأمر الذي أدى لتوسع رقعة الاشتباكات لتشمل معظم ريف دير الزور الشرقي مطالبة بمعالجة مظالم أهالي دير الزور وإبعاد قيادات حزب العمال الكردستاني عن المنطقة. في حين تصر قسد على المضي قدماً في حملة "تعزيز الأمن" لملاحقة خلايا تابعة لتنظيم داعش ونظام الأسد ومجموعات "خارجة عن القانون". تعتبر هذه الأحداث الأمنية المستمرة والمتصاعدة اختباراً حقيقياً لمستقبل قوات سوريا الديمقراطية ومشروع "الإدارة الذاتية شمال وشرق سوريا"، وخرائط النفوذ والسيطرة في المنطقة.

من جهة أخرى، شهدت مناطق سيطرة النظام خروقات أمنية في مناطق كانت محصنة إلى حد بعيد لا سيما دمشق وريفها. حيث شهدت مدينة المعضمية انفجاراً لسيارة مفخخة بعبوة ناسفة، كما شهدت محافظة القنيطرة تفجيراً استهدف ضابطتين للنظام، وذلك بعد تفجيرات عدة شهدتها دمشق وريفها ومحافظات أخرى منذ شهر أيار، الأمر الذي يوضح ضعف القدرات الأمنية للنظام الذي يزداد اعتماده على الميليشيات غير النظامية من جهة، وتنامي نشاط تنظيم داعش الذي تبنى تفجيراً استهدف منطقة السيدة زينب من جهة أخرى.

وكثابت مستمر، تستمر الضربات الجوية الإسرائيلية في استهداف مواقع متفرقة لقوات النظام والميليشيات المرتبطة بإيران، وخاصةً مواقع ومستودعات الأسلحة، ومراكز تطوير الأسلحة لا سيما الصاروخية والمسيرات، والمطارات التي تستخدمها إيران لنقل الأسلحة.

أزمات اقتصادية تزيد من معدلات السخط والهجرة

أقرّ بشار الأسد مرسوماً تشريعياً ينص على زيادة الرواتب والأجور بنسبة 100% للعاملين في القطاع العام من المدنيين والعسكريين اعتباراً من شهر أيلول 2023 وبعد أيام ألحق الزيادة بمنحة مالية بنسبة 50% من الأجور لعدد من الفئات، كما رفع أسعار الوقود، وخفض الدعم عن مياه الشرب، بنسبة تصل بحدها اﻷدنى إلى 400% على خلفية قرار رفع تعرفة المتر المكعب للمياه، ورفع أسعار شرائح الكهرباء فوق 1500 كيلو واط بنسبة 20% والاسمنت بنسبة 100%، ومنذ إعلان الزيادة والشارع السوري يعيش صدمة حيث شهدت الأسواق موجة ارتفاعات طالت معظم السلع والخدمات بنسب فاقت الـ 300%، ليرتفع متوسط تكاليف المعيشة لعائلة مكونة من 5 أفراد في سورية إلى أكثر من 10.3 ملايين ليرة سورية بحسب مؤشر "جريدة قاسيون" بعدما كان في شهر تموز الماضي 6.5 ملايين ليرة في الوقت الذي لم يتجاوز فيه متوسط الرواتب بعد الزيادة الـ200 ألف ليرة، وعمد النظام إلى تغطية زيادة الرواتب من خلال إلغاء الدعم عن المشتقات النفطية والمياه والكهرباء حيث بلغت الوفورات من رفع الدعم 5 ترليون و400 مليار ليرة سنوياً. وتسببت تلك السياسات في هبوط مستمر لقيمة الليرة فاقت الـ 15 ألف ليرة أمام الدولار في حين سعّر المركزي سعر صرف دولار الحوالات عند 10900 ليرة وانخفضت القوة الشرائية للمواطن بالشكل الذي جعل الزيادة على الرواتب بدون جدوى، وهو ما يزيد من فقر السكان ومعاناتهم في تحصيل سُبل العيش، كما يشير إلى عدم نجاعة الإدارة الاقتصادية التي تتعامل مع الأزمة بحلول غير مجدية.

وعلى صعيد آخر ستضطر حكومة النظام إلى استيراد نحو مليوني طن من القمح لسد احتياجات البلاد فالكميات المسوقة من القمح خلال الموسم الحالي لن تتجاوز 800 ألف طن كحد أقصى، علماً أن الحاجة تقدر بحدود 3 ملايين طن، وأعلنت المؤسسة السورية للحبوب عن مناقصة لشراء 200 ألف طن من القمح الطري تقدمت لها شركات روسية.

وفي سياق تعزيز التقارب مع المملكة العربية السعودية، وبعد انقطاع للاستثمارات في سورية منذ العام 2011، منحت حكومة النظام رخصة لشركتين تعود ملكيتهما لمستثمرين سعوديين للاستثمار في قطاعات الفوسفات والأسمدة والإسمنت في سورية. بالمقابل فقد ضيقت المملكة مرور الشاحنات السورية عبر معبر نصيب وصولاً إلى الأراضي السعودية بعد طلبها مواصفات معينة للشاحنات القادمة من مناطق سيطرة النظام وهو ما تسبب بتوقف مئات الشاحنات والبرادات المحمّلة بالخضار والفواكه والبضائع المختلفة في معبر نصيب.

وفي مؤشر بالغ الأهمية وله دلالات اقتصادية، فقد تنامى معدل هجرة التجارة، لاسيما تجار حلب ودمشق، كما حلّ مع أكبر خمسة صاغة في دمشق من ضمنهم باشورة وسعيد منصور والجزماتي، الذين نقلوا كافة مخزونهم من الذهب والمقدر بحوالي 300 كيلو (ما يقدر بـ 1 بالمئة من إجمالي احتياطي البلاد من الذهب) إلى الخارج.

وبذات أدوات معالجة الأزمة التي يتبعها النظام رفعت "الإدارة الذاتية" في شمال شرقي سورية رواتب الموظفين العاملين لديها من مدنيين وعسكريين بنسبة 100 في المئة ليصبح الحد الأدنى للرواتب مليوناً و40 ألف ليرة سوريّة، وبلغ الحد الأعلى 8 ملايين و222 ألف ليرة سورية، وضاعفت أيضاً أسعار المازوت المخصص للتدفئة، وخصصت 300 لتر من مادة المازوت للتدفئة لكل منزل خلال الشتاء المقبل. وحول مشاريع التعافي المبكر التي يجري تنفيذها في شمال وشرق سورية، تم إنجاز 90% من مشروع طريق “عمبارة” الذي يربط مدينة القامشلي بالطريق الدولي M4، وبلغت ميزانية تعبيد الطرقات ضمن الخطة السنوية للمشاريع الاستثمارية لعام 2023 نحو 794,633 دولاراً.

وفي إطار  الضبط والتحكم الاقتصادي، فقد أصدرت الإدارة قانونين، الأول “تنظيم أعمال الصرافة والحوالات” الذي حدد الحد الأدنى لرأسمال شركات ومكاتب الصرافة العاملة بـ500 ألف دولار لشركات الصرافة، و50 ألف دولار أمريكي كرأسمال لمكاتب الصرافة ، والثاني "تنظيم تجارة المعادن الثمينة وتصنيعها"، تضمَّن إجراءات الترخيص ومزاولة المهن المتعلقة بهذه التجارة، وعدم جواز مزاولة تجارة أو صناعة المعادن الثمينة والأحجار الكريمة إلا بعد الحصول على الترخيص من مديرية المعادن الثمينة في “مكتب النقد والمدفوعات المركزي”، كما صادقت الإدارة على مسودة قانون مكافحة غسيل الأموال والمؤلف من 66 بنداً .

أما في مناطق شمال غرب سورية، فقد رفعت المديرية العامة للمشتقات النفطية في "حكومة الإنقاذ" أسعار البنزين والغاز المنزلي، بعد مرور أكثر من أسبوعين على انقطاع مادة البنزين في المناطق الخاضعة لـسيطرتها.

ولتشجيع الاستثمار عقدت "الحكومة السورية المؤقتة" الاجتماع التمهيدي مع الفعاليات المحلية لعقد مؤتمر الاستثمار في المناطق المحررة والذي يهدف إلى تحقيق الارتقاء والنهوض بالبيئة الاستثمارية في الشمال السوري، وتم توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة المالية والاقتصاد في الحكومة المؤقتة ومركز الدراسات والأبحاث في جامعة حلب ونقابة الاقتصاديّين ومؤسسة "IDEA 2020"، تضمنت سبل التعاون المثمر بين الأطراف الأربعة ضمن قطاع الاستثمار من خلال تبادل المعرفة والخبرات، وتحديد الأدوار والمسؤوليات، والتحضير لعقد المؤتمر الاستثماري الأول في الشمال السوري بغية تحقيق الأهداف المشتركة والارتقاء بالبيئة الاستثماريّة.

من جهة ثانية، لا تزال أزمة الكهرباء في مناطق ريف حلب تتفاعل على المستوى الشعبي حيث أثار رفع شركة “Ak Energy” لتوريد وتوزيع الكهرباء، أسعار الكهرباء، غضب الأهالي في ريف حلب، ما أدى لاحتجاجات وحالة توتر أمني أمام مقر الشركة في اعزاز([5]). ورفعت المجالس المحلية في الباب وقباسين وبزاعة ومارع دعاوى قضائية ضد شركتي الكهرباء بخصوص الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، وعدم الالتزام بالتسعيرة المحددة من قبل المجالس، وعلى إثر هذه الأزمة أعلنت المجالس المحلية عن رغبتها في استجرار عقود جديدة لتزويد المدن الثلاث بالطاقة الكهربائية كحل بديل عن المزود الحالي.

ومن بين أبرز المشاريع في إطار "التعافي المبكر " في ريف حلب وإدلب كان إنشاء 38 شقة سكنية في مخيم "الخيرات 5" بــكفرلوسين من قبل المنظمات والمجالس المحلية وبمتابعة من مديرية شؤون المخيمات، وقشط الزفت القديم في الطريق الواصل بين بلدة كفر كرمين ومدينة الأتارب تمهيداً لتعبيده، والبدء بمشروع تأهيل وتوسعة طريق الدانا الزراعي، بطول 1750 متراً وعرض 24 متراً. كما أجرت المؤسسة العامة للاتصالات توسعة وتمديد شبكة فرعية للهاتف الأرضي والإنترنت في شارع الثلاثين في مدينة إدلب،  وتم البدء بتجهيز طريق عفرين كفرجنة البالغ 9500 متر بين المجلس المحلي في عفرين والتحالف العملياتي (الدفاع المدني السوري وسامز والمنتدى السوري) تمهيداً لتعبيده  ويعتبر طريقاً حيوياً يربط بين عفرين واعزاز، وتوسعة الطريق العام في بلدة حزانو تمهيداً لتعبيده ضمن مشروع توسعة طريق إدلب - باب الهوى، وأطلقت منظمة "يداً بيد للإغاثة والتنمية" مشروع سكني "الأمل 2" في منطقة جرابلس، يتكون من 60 شقة سكنية لإيواء المهجرين.


([1])  تضم لجنة الاتصال العربية كلاً من مصر، والسعودية، الأردن، العراق، ولبنان

([2])تعرض محافظ طرطوس المعزول نهاية شهر تموز للضرب على يد أهالي في بلدة دوير رسلان، وذلك خلال لقاء جمعه مع أعضاء من مجلس البلدة المنحل ومجموعة من المواطنين الغاضبين، في أعقاب قرار وزير الإدارة المحلية في حكومة النظام حل المجلس البلدي إثر تجاوزات خلال انتخابات المجالس، الأمر الذي رفضه الأعضاء المنتخبون للمجلس المنحل وبعض الأهالي

([3])  أولى ردود الفعل على احتجاز قيادة "مجلس دير الزور العسكري" جاءت نتيجة دعوات من شقيق "أحمد الخبيل" وقيادات من المجلس لعناصره وأبناء عشيرة البكير، التي ينتمي لها الخبيل، والعشائر الأخرى للتمرد على قرار حل المجلس وعزل قيادته

([4]) تعد العكيدات أكبر تحالف عشائري في المنطقة ولها تاريخ من الخلافات مع أحمد الخبيل" أبو خولة" قائد مجلس دير الزور العسكري

([5]) رفعت شركة “Ak Energy” أسعار الكهرباء ذات الاستخدام المنزلي من 3.2 ليرة تركية، إلى 4.5 ليرة للكيلو واط الواحد، والكهرباء التجارية إلى 5.75، بعدما كانت أربع ليرات تركية.

التصنيف تقارير خاصة
ألقت صبا عبد اللطيف مساعد الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية بالتعاون مع منظمة ورد البلد في مدينة شانلي أورفا بتركيا، محاضرة عن تعليم الفتيات في محافظة دير الزور.
أستعرضت خلالها أهم المراحل التي مرت بها الحياة التعليمية في دير الزور وكيف أثرت على تعليم الفتيات.كما ناقشت المعوقات الأمنية والمجتمعية التي كانت سبباً لحرمان عدد كبير من الفتيات من التعليم خلال فترات سيطرة القوى المختلفة على المحافظة.
التصنيف الفعاليات

الملخص التنفيذي

  • في ظل المعادلة المعقدة التي تحكم الملف السوري في الوقت الحاضر، تبرز أسئلة الاستقرار الأمني في سورية كأحد المرتكزات الهامة والممَّكِنة لكل من التعافي المبكر والعودة الآمنة للاجئين والنازحين. وعليه يحاول هذا التقرير الإحاطة بالأرقام التقديرية الدالة على الاستقرار الأمني عبر تسليطه الضوء على أربعة مؤشرات بالغة الأهمية على مستوى الأمن الفردي والمجتمعي، باعتبار الفرد والمجتمع دعامة أي سياسة ترتجي النهوض والتعافي، والمؤشرات الأمنية الأربعة المدروسة في هذا التقرير هي: الاغتيالات والتفجيرات والاعتقالات والاختطاف، متبعاً "منهجية النماذج النوعية".
  • بتتبع مؤشري الاغتيال والتفجيرات في محافظات (الحسكة، دير الزور، درعا) خلال الفترة المدروسة تم حصر 380 عملية، مقسمة ما بين 308 عملية تفجير و72 عملية اغتيال. وتعددت الأدوات المستخدمة في تنفيذ هذه العمليات، ما بين إطلاق النار في 213 عملية، والعبوة الناسفة في 94 عملية، والآلية المفخخة في 39 عملية، واللغم في 25 عملية، والقنبلة اليدوية في 9 عمليات إضافة إلى أنواع أخرى من الأدوات. وبلغ العدد الإجمالي للضحايا 1008، موزعاً ما بين 490 عسكرياً و518 مدنياً. وكشفت النماذج المختارة في هذا التقرير والتي ضمت كلاً من (درعا – دير الزور – الحسكة) فشلاً واضح المعالم للنظام من جهة، وللإدارة الذاتية من جهة أقل. فقد جاءت أرقام التفجيرات والاغتيالات عالية بسبب الفوضى الأمنية التي تعيشها هذه المحافظات، جراء تعدد الفواعل وتوزعها ما بين محلي وأجنبي وميليشاوي، وتضارب الأجندة الخاصة بها وتباينها. الأمر الذي انعكس سلباً على مؤشر العودة الآمنة.
  • يبين كل من مؤشري الاغتيال والتفجيرات في مناطق سيطرة المعارضة السورية خلال الفترة المدروسة، أن وصول العدد الإجمالي لها إلى 266 حادثة، مُخلفة 1209 ضحية (890 مدنياً مقابل 319 عسكرياً)، إلى جانب تنفيذ 93 حادثة عن طريق العبوات الناسفة. بينما تم استخدام المفخخة في 69 حادثة. ويشير تحليل البيانات الخاص بمنطقتي "درع الفرات" وعفرين، إلى نشاط غرفة عمليات "غضب الزيتون"التي تصدرت تبني تنفيذ عمليات الاغتيال في هاتين المنطقتين. إلى جانب ذلك، فقد سُجلت نسبة مرتفعة من حوادث الاعتقال والاختطاف في هذه المناطق. وبشكل عام، تؤشر النسب السابقة إلى إخفاق الجهات الأمنية في تحصين بيئاتها المحلية من عمليات الاختراق، وعدم نجاحها في التعامل مع طرق ووسائل الاستهداف المتجددة التي تلجأ لها الجهات المنفذة للاغتيالات. وفي ظل هذه الهشاشة الأمنية التي تشهدها هذه المناطق، واستمرار عمليات غرفة غضب الزيتون، فإن الحديث عن العودة الآمنة للاجئين إلى هذه المناطق هو مثار شك لمن ينوي العودة إليها.
  • بتتبع مؤشريّ الاعتقالات والاختطاف في مدن جاسم ودوما والبوكمال والرقة خلال فترة إعداد هذا التقرير، تبين الإحصاءات حصول 73 عملية في هذه المدن وفق الآتي: جاسم: 15، دوما: 20 البوكمال: 20، الرقة: 18. إلى جانب 23 عملية نفذتها فواعل أجنبية استهدافوا 182 شخصاً، و19 عملية نفذتها فواعل محلية راح ضحيتها 117 شخصاً. فيما بقيت 31 عملية مجهولة المصدر، أدت إلى استهداف 89 شخصاً. كما بلغ عدد ضحايا العمليات 388 ضحية، متوزعة ما بين188 مدنياً، و 109من المصالحات، و 56عسكرياً، و12 من قوات الحماية الشعبية، و20 من الدفاع المحلي، و2 من الإدارة الذاتية، وعنصراً واحداً من مرتبات فرع الأمن العسكري. وتبين النتائج أعلاه وجود نسبة مرتفعة من التدهور في مؤشر الاستقرار الأمني، لا سيما في ظل تعدد الجهات المنفذة، والتي تنوعت ما بين جهات رسمية ودولية وميليشيات محلية، ناهيك عن العمليات التي بقيت مجهولة المصدر، الأمر الذي يؤكد عدم استقرار مؤشر العودة في ظل تدهور عوامل الحماية، وتعدد المرجعيات، وعدم كفاءة الفواعل الأمنية.
  • فيما يتعلق بمؤشري الاعتقال والاختطاف في كل من مدينتي عفرين وجرابلس. فقد بلغ عددها 169 حادثة. موزعة ما بين 37 حادثة في جرابلس، و132حادثة في مدينة عفرين، مخلفة 355 ضحية. وقد تبنت غرفة عمليات غضب الزيتون تنفيذ 17 عملية من مجموع هذه العمليات. فقد استهدفت جميع هذه العمليات عناصر تابعة للجيش الوطني عبر استدراجهم للتحقيق معهم ومن ثم القيام بتصفيتهم. وبحسب البيانات المرصودة، فإن النسبة الأكبر من العمليات وقعت في شهر كانون الثاني/ يناير من عام 2020. وقد تم التعرف إلى الجهات الفاعلة المنفذة لعمليات الاعتقال لـ 141 عملية، بينما بقيت 28 عملية مجهولة الفاعل. ويؤشر التباين في الأرقام المسجلة والذي يميل بشكل كبير إلى مدينة عفرين، إلى إخفاق الفواعل الأمنية في التصدي لمنفذي هذه العمليات، وضعف الإجراءات المتعلقة بالحوكمة الأمنية، مما يعزز بالتالي من تفاقم الاضطربات والمخاوف الأمنية، في ظل تعدد المرجعيات الأمنية، وتعدد موجبات الاعتقال.
  • يوصي التقرير بجملة سياسات، أهمها: تحفيز صناع القرار في الدول التي تستضيف لاجئين سوريين من أجل عدم التساهل في سياسات العودة. إذ تؤكد المعطيات وكما بين التقرير على تدهور مؤشر العودة الآمنة، وبالتالي ضرورة قيام حكومات هذه الدول بوضع حزم من الشروط القانونية والإدارية والسياسية التي تكفل توفير البيئة الآمنة، وفرضها على النظام.

مقدمة

تتسم العلاقة بين الاستقرار الأمني والتعافي المبكر بأنها علاقة عضوية في دول ما بعد النزاع، وعلاقة تبادلية في حالات الانتقال والتحول السياسي، إلا أن الثابت في معادلة تحقيق الأمن والاستقرار يتمثل بضرورة وجود مناخ سياسي جديد يجفف منابع ومسببات الصراع، والحالة السورية ليست استثناءً في هذا الأمر، فمن جهة أولى بات سؤال الاستقرار الأمني هاجساً وطنياً لكن بالوقت ذاته تعددت الأسباب الدافعة لحالات الفوضى والتشظي في المرجعيات، سواء المحلية أم الإقليمية والدولية، ومن جهة ثانية فإن الاستعصاء الذي يعتري حركة العملية السياسية وما رافقه من تحوير لجوهرها (من انتقال سياسي إلى لجنة دستورية غير واضحة المسار والمخرجات) فإنه يغيب في المدى المنظور أي انفراج متوقع من شأنه نقل البلاد إلى مناخات سياسية جديدة. وبالتالي بقاء مؤشرات الاستقرار بقيمها السالبة.

ومع اتجاه الملف السوري نحو سيناريو "التجميد القلق" معززاً احتمالية تصلب  الحدود الأمنية الفاصلة بين مناطق النفوذ الثلاثة في سورية: (منطقة النفوذ التركي وحلفيته المعارضة السورية في شمال غرب الفرات، ومنطقة النفوذ الأمريكي وحليفته الإدارة الذاتية شمال شرق الفرات، ومنطقة النفوذ الروسي والإيراني وحليفهما النظام)، فإن معدلات الاستقرار الأمني سترتبط بالتعافي المبكر والاستقرار الاجتماعي، سواء ما تعلق منها بالمقيمين في مناطقهم داخل سورية، أم أولئك النازحين من مناطق أخرى، واللاجئين في الخارج الذين يرتجون عودة كريمة وآمنة لمناطقهم، وهو محور اهتمام هذا التقرير، الذي يحاول رصد وتحليل أربعة مؤشرات بالغة الأهمية على مستوى الأمن الفردي والمجتمعي، وهي: الاغتيالات والتفجيرات والاعتقالات والاختطاف . وذلك من خلال عينة مختارة من المدن التي تمثل مختلف الجغرافية السورية.

من أجل الوصول إلى تقديرات صحيحة تم اختيار نماذج بإمكانها تقديم صورة قابلة للتعميم على باقي المناطق بارتياب مقبول. وعليه آثر التقرير، في قسميه الأول والثاني، تتبع مؤشري التفجيرات والاغتيالات خلال سنة كاملة، تبدأ من بداية شهر تموز/ يوليو 2019 وحتى نهاية شهر حزيران/ يونيو 2020، في مناطق النفوذ الثلاثة. ففي مناطق سيطرة النظام السوري تم اختيار المناطق التي يسيطر عليها النظام في محافظة دير الزور ومحافظة درعا باعتبارهما مناطق استعاد النظام السيطرة عليها، ويعد السؤال الأمني فيها الأكثر إلحاحاً.

 وبالنسبة لمناطق سيطرة الإدارة الذاتية، تم اختيار المناطق التي تسيطر عليها في دير الزور إلى جانب محافظة الحسكة التي تعدُّ مركزاً حيوياً هاماً لها. أما بالنسبة لمناطق سيطرة المعارضة السورية فتم تتبع كافة هذه المناطق في كل من محافظات إدلب وحلب والرقة والحسكة.

ولقياس هذين المؤشريّن تم تصميم نموذج خاص لرصد تلك العمليات، وتحليل البيانات الخاصة بها، كمؤشرات للعودة الآمنة، فقد شمل النموذج الخاص بالاغتيالات والتفجيرات كلاً من: (التاريخ - المكان - نوع الحادثة - المستهدف - أداة الاستهداف - صفة المستهدف - الجهة الفاعلة للعملية). وتم الإشارة إلى نتائج تلك العمليات وما أسفرت عنه. كما سعى التقرير كذلك إلى تحليل تلك البيانات ومقاطعتها بين مختلف المناطق، في محاولة لرسم الملامح العامة للوضع الأمني وقياس أولي لمؤشرات الاستقرار والعودة الآمنة.

في حين اعتمد التقرير على المصادر التالية:

  1. المُعرّفات على مواقع التواصل الاجتماعي للناشطين في مناطق الرصد أو المتابعين للعمليات الأمنية.
  2. المُعرّفات والمواقع الرسمية للوكالات ووسائل الإعلام المحليّة التي تقوم بتغطية الأحداث في تلك المحافظات.

وشمل المؤشران الثالث والرابع كلاً من الاعتقالات والاختطاف وهما مؤشران بالغا الأهمية، نظراً لما يشكلانه من محددات مهمة للعودة الآمنة للاجئ والنازح على حد سواء. وهنا تم اختيار ثلاثة نماذج من مناطق سيطرة النظام، وهي مدن تم السيطرة عليها منذ عام 2018، وهي مدينة جاسم في درعا، ودوما في ريف دمشق، والبوكمال في ريف دير الزور. أما بالنسبة لمناطق المعارضة فقد تم اختيار مدينة جرابلس باعتبارها مدينة تم السيطرة عليها منذ حوالي العامين ضمن إطار ما عرف باسم عملية "درع الفرات". وبالتالي تعد اختباراً موضوعياً لمؤشرات الاستقرار الأمني فيها، كما تم اختيار مدينة عفرين لحساسيتها من جهة لحداثة السيطرة (منذ مطلع 2018). إلى جانب كونها توفر معطيات أولية تتيح للتقرير مقارنتها مع النموذج الأول ومدى مطابقته أو الاختلاف عنه.

 من أجل ذلك تم تصميم نموذجٍ خاصٍ لرصد تلك العمليات، وتحليل البيانات الخاصة بها كمؤشرات للاستقرار والعودة الآمنة خلال نصف سنة تبدأ من تشرين الأول/ أكتوبر 2019 حتى نهاية آذار/ مارس 2020. فقد تم تصميم النموذج في ملف الاعتقال والاختطاف وفق الشكل التالي: (التاريخ - المكان - نوع العملية - صفة المستهدف - عدد المستهدفين - الجهات المسيطرة - أماكن الرصد - الجهة المستهدِفة - جنس المستهدف). فيما يتعلق بمصادر التقرير فقد تم الاعتماد على المقابلات الخاصة مع أشخاص مطلعين على تفاصيل الأحداث في المناطق المرصودة.  بالإضافة إلى الاعتماد على:

  1. نقاط الرصد الخاصة لوحدة المعلومات في مركز عمران في الشمال السوري.
  2. التقرير الأمني الخاص الصادر عن مكاتب منظمة إحسان للإغاثة والتنمية داخل سورية.
  3. المُعرّفات الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي للجهات التي تم استهدافها.

لقراءة المادة انقر هنا

التصنيف الكتب

الملخص التنفيذي

  • تعود منطقة شرق الفرات لترسم جملةً من التفاعلات الجديدة بين القوى الفاعلة في الجغرافية السورية، وبالأخص الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية، ويحاول الطرفان تبادل التضييق في البقعة الجغرافية المحيطة بمدينة القامشلي، لما تشكله من موقع ونقطة استراتيجية لحكم عموم شرق الفرات؛
  • تتسم الخطوات الأمريكية بالعودة الحذرة لمنطقة غرب مدينة القامشلي نتيجة تغير السيطرة على الأرض بعد عملية " نبع السلام" مع حدوث انتشار واسع للقوات الروسية في المنطقة؛
  • في حين تمتلك الولايات المتحدة قوة ميدانية تتمثل بقوات " سوريا الديمقراطية"، تفتقر روسيا لهذا العامل مما يدفعها لمحاولة تشكيل فصائل عسكرية في المنطقة، لتحقيق أهدافها في التضييق على واشنطن والإدارة الذاتية، ولتكون ذات ولاءٍ مباشر لها؛
  • من نتائج عملية " نبع السلام" خروج دعوات للحوار الكُردي البيني، وكان على رأسها دعوة قائد " قسد مظلوم عبدي"، والتي على إثرها وإثر الدفع الأمريكي بدأت جولة جديدة من الحوارات بين الأطراف الكُردية، بالأخص المجلس الوطني الكُردي، وحزب الاتحاد الديمقراطي؛
  • تكررت الدعوات للحوار الكُردي، وحدثت اتفاقيات كُردية متعددة، لكن معظم الإشكاليات القديمة بين الأطراف الكُردية لاتزال عالقة؛
  • يمثل الموقف التركي من عملية التفاوض الحالية عاملاً مهماً فمصير أي اتفاق كردي بيني يرتبط بدرجة مقابلته للمطالب التركية سواءً من الأطراف الكُردية أو من الولايات المتحدة الأمريكية؛
  • يواجه أي اتفاق بين المجلس الوطني الكُردي وحزب الاتحاد الديمقراطي معوقاتٍ مستحدثة تتمثل بالتمثيل العربي ضمن قوات سوريا الديمقراطية، والقوات الأمنية للإدارة الذاتية بالإضافة لوجود مدن عربية رئيسية ضمن مناطق سيطرة الإدارة؛ الرقة، منبج، ومناطق ريف دير الزور الشرقي، ويُفترض أن تلبي أي صيغة توافق بين الأطراف الكُردية تطلعات المجتمع العربي في المنطقة من مشاركة أوسع في مؤسسات الحكم؛

تمهيد

تعيش منطقة شرق الفرات حراكاً سياسياً وعسكرياً ينذر باحتمالات تغيير في خارطة الفاعلين وتموضعهم، بما يؤثر على معادلات المستقبل السياسي والأمني للمنطقة، ففي الوقت الذي لا تزال الخطوط العريضة لهذا الحراك غير مستقرة إلا أن مسارها بدأ بعد عملية " نبع السلام " التي بدأت بإعلان انسحاب الولايات المتحدة من سورية ليتم التراجع عن القرار لاحقاً بعد حدوث تغيرات جذرية في خارطة السيطرة والنفوذ في المنطقة، حيث تم انتشار القوات الروسية ووحداتٍ من الجيش السوري في المناطق المتاخمة لحدود " نبع السلام" بالإضافة لمعظم الحدود السورية – التركية في محيط مدينة كوباني/ عين العرب، وليبقى شرق مدينة القامشلي نزولاً إلى دير الزور منطقة نفوذ أمريكية لم تعد صافيةً كما ذي قبل مع حدوث انتشار روسي فيها.

ومع تنامي الهدوء على جبهات القتال، أطلق " قائد قوات قسد" نداءً للأحزاب الكُردية للجلوس إلى طاولة الحوار والوصول إلى اتفاق سياسي بين المجلس الوطني الكُردي، وحزب الاتحاد الديمقراطي، الأمر الذي أنتج تفاعلات سياسية وعسكرية جديدة، ويمكن تقسيمها إلى سياقين: الأول عسكري –أمني ويخص التحركات التي تقوم بها واشنطن وموسكو في المنطقة، والسياق الثاني سياسي وينقسم لاتجاهين رئيسين الأول هو محاولة روسيا خلق توافق كامل بين الإدارة الذاتية والنظام، والثاني يتمحور حول الحوارات الكُردية البينية التي يتم رعايتها من قبل قوات التحالف والولايات المتحدة.

روسيا وشرق الفرات: اهتمامٌ متزايد وأدوارٌ نوعية

تحاول روسيا لعب دور المحفز والميسر للحوارات والتفاوضات ما بين النظام والإدارة الذاتية حول كيفية إدارة المنطقة شمال شرق سورية، سواء قبل قرار الانسحاب الأمريكي أو بعده، وفي حين كانت روسيا تدفع بجدية لعقد اتفاق بين الطرفين قبل إعلان انسحاب أمريكا -ومع تراجع الأخيرة عنه- طرأ تغير في طريقة إدارة موسكو لملف المفاوضات بين النظام والإدارة الذاتية ليكوَن ضغطاً على الإدارة الذاتية، مع خسارة الأخيرة للكثير من سيطرتها المباشرة بين " تل أبيض امتدادا لرأس العين"، بالإضافة لما فقدته من كونها كانت الطرف المتفرد بالسيطرة على مناطق أوسع: الرقة، منبج، كوباني، وجزء مهم من محافظة الحسكة. هذا الانحسار الحاصل الإدارة الذاتية دفع بروسيا لتغير موقفها من الإدارة ومن كيفية إدارة ملفها سواءٍ كان فيما يخص المفاوضات مع النظام، أو الضغط عليها عبر تهديداتٍ مباشرة إبان انتهاء عملية "نبع السلام"، وهو ما يعني بشكلٍ آخر أيضاً إحداث ضغطٍ على الولايات المتحدة.

من جهة أخرى، تحاول موسكو التفاعل في شرق الفرات بالمعنى الامني والعسكري حيث تتواصل مع عشائر المنطقة في محاولة تشكيل فصيل عسكري جديد في المناطق الواقعة بالريف الجنوبي لمدينة القامشلي والتي تتصل بالمدينة من جهة أحيائها الجنوبية([1])، وهو ما سُيحدث في حال نجاح موسكو في هذه الخطوة في تشكيل خرق يحدث للمرة الأولى في المنطقة عبر إيجاد فصيل عسكري مدعوم من قبلها يستطيع إزعاج الدوريات الأمريكية، وتشكيل تهديد لما تبقى من مشروع الإدارة الذاتية، ويتناسق الهدف الروسي سواءً من الضغط على الولايات المتحدة أو الإدارة الذاتية، مع مثيله على كافة الأراضي السورية عبر جعل موسكو الطرف الأجنبي الأقوى نفوذاً على امتداد الساحة السورية، وإعادة سيطرة "النظام" على كافة الجغرافية السورية.

تنشط روسيا في ملف التواصل وتنظيم عشائر المنطقة بشكلٍ متزايد كان آخرها اجتماع بين ضباط من القوات الروسية مع وجهاء وشيوخ من العشائر في ريف الحسكة، بالإضافة إلى زيارات عدة قام بها ضباط النظام وضباط روس لشيخ عشيرة "حرب"، محمود منصور العاكوب في مدينة القامشلي بتاريخ 19 /4/2020 ، وجاءت الزيارة لمناقشة تشكيل قوة عسكرية من العشائر بعد فشل المحاولة الروسية في تجنيد عناصر من ضمن " قسد"، وترد معلومات بإن القوة المُراد إنشائها ستضم " من 500 إلى 1000 عنصرًا، وقدمت روسيا ضماناتٍ أولية لقادة العشائر المرشحين لتشكيل هذا الفصيل، تمثلت بعدم اشتباك مقاتلي التشكيل الجديد مع أي طرف خارج المحافظة أو الانخراط بأي معارك إلا بالحالات الاضطرارية".([2])

 بالعموم، منح قرار انسحاب واشنطن المفاجئ من سورية عام 2019 جائزة مجانية لموسكو، ومن ورائها إيران والنظام، إلا إن التراجع الذي حصل أدى لتأجيل وتقليل سقف التوقعات والرغبة الروسية، فيما يخص إعادة بسط السيطرة على كامل الأراضي السورية، وشبكات الطرق الدولية، والتحكم بمخزون سورية من النفط، والغاز والقمح فيما يخص السيطرة على شمال شرق سورية. أما استراتيجياً فيمكن الاستنتاج أن بقاء واشنطن في المنطقة سيدفع بروسيا دوماً للانخراط في محاولات زيادة فرصها فيها، سواءً كان عبر رفع سوية النفوذ المباشر في مناطق شرق القامشلي وجنوبها، أو لدفع واشنطن لتقبل أكثر بصيغ الحل النهائي التي تحاول روسيا فرضه عبر السلاح والتدمير، وجلب واشنطن للجلوس على طاولة المفاوضات سواءً لأجل ملفاتٍ جزئية أو فيما يخص صيغة الحل الشاملة.

وتعتبر خطوة التشكيل التي تسعى إليها موسكو الخطوة الأولى من نوعها لموسكو في سورية، حيث تحاول هذه المرة خلق فصيل خارج المنظومة العسكرية المعتادة، ولا يمكن التخمين بمدى فرص نجاحها، حيث أن العشائر التي تفكر روسيا بالاعتماد عليها مقسمة إلى عدة توجهات، جزءٌ هام منها يقف مع النظام، وجزءٌ مع المعارضة، لكن تأثيرها خفّ بشكلٍ كبير مع حدوث عمليات نزوحٍ لها خلال سنوات الصراع باتجاهين فمنها من اتجه إلى ريف حلب وبقي نشيطاً ضمن الفصائل المقاتلة هناك إلى الآن، ومنها من توجه إلى تركيا. كما إن المنطقة الجغرافية التي يُراد أن ينشط فيها الفصيل تشكل البقعة التي تتمتع الإدارة الذاتية فيها بالسيطرة الأقوى، وتتشابه هذه الخطوة بما حاولت إيران القيام به في المنطقة وبشكلٍ كثيف قبل اغتيال قائد " فيلق القدس قاسم سليماني " على يد الولايات المتحدة الأمريكية، إلا إنه عملية اغتيال سليماني، وزيادة الضغط على إيران في سورية ولبنان والعراق قد أدى لفشل هذا التوجه على الأقل في الوقت الحالي.

وإلى جانب تحركاتها للتغلغل في ريف الحسكة عسكرياً عبر العشائر، استقدمت موسكو في نهاية آذار 2020 وبداية نيسان 2020، عشرات الجنود إضافة إلى عربات عسكرية، وأرسلت قبل نحو أسبوعين قافلة عسكرية ضمت أكثر من 50 شاحنة عسكرية ودبابة وناقلة جنود خرجت من مدينة عين عيسى بريف الرقة، وتوجهت إلى بلدة تل تمر بريف الحسكة، ومنها إلى مدينة القامشلي عبر الطريق الدولي "M4"، كما عززت قواتها من تواجدها حول مطار القامشلي عبر استقدام مجموعاتٍ جديدة من الجنود. ([3])

من جهتها تحاول الولايات المتحدة الأمريكية العودة للمنطقة عبر محاولة الانتشار من جديد في ريف مدينة كوباني/ عين العرب، بالإضافة إلى قيامها بفتح "باب التجنيد للأهالي المحليين بمنطقة الشدادي جنوبي الحسكة ودير الزور، بهدف تشكيل فصائل محلية تعمل بأمرة القوات الأمريكية، حيث عرضت واشنطن راتباً شهرياً للمجندين الجدد يصل لـ350 دولاراً أمريكياً، كما تتوارد أنباء عن بلوغ عدد المنتسبين للقوات الجديدة، ما يقارب 800 عنصراً، يتم تقسيمها على 3 مجموعات، ويتوقع أن يكون هناك هدفان من هذا التشكيل، الأول تشكيل حراسة محلية لآبار النفط مرتبطة بشكلٍ مباشر مع القوات الأمريكية، والثاني غلق الأبواب أمام محاولات إيران وروسيا التوسع في المنطقة.([4])

المفاوضات المحلية: دفع أمريكي لبناء الثقة

تشهد منطقة شمال شرق سورية عملية سياسية مدفوعة بدعوة سابقة من " قائد قوات سوريا الديمقراطية"، ورعاية أمريكية مباشرة لجولة حوارات ومفاوضات بين حزب الاتحاد الديمقراطيPYD والمجلس الوطني الكُردي، ووصلت عملية التفاوض بين الطرفين لإجراء حوارات مباشرة يقدر عددها حتى الآن بأربعة حوارات، تم عقدها في إحدى القواعد الأمريكية في محافظة الحسكة، وجاءت عملية التفاوض المباشرة بعد عدة خطواتٍ تم أخذها بالأخص من قبل "الإدارة الذاتية "، وكان منها بيانٌ صدر عن " قسد" حول مصير شخصياتٍ من المجلس الوطني الكُردي تم خطفها وغيبت حيث قامت " قوات سوريا الديمقراطية" بنشر بيانٍ يتطرق لمصير عشرة أسماء قدّمها المجلس الكُردي، وفي حين أن البيان اتسم بتشتيت المسؤولية حول مصير المختطفين والمغيبين، إلا أن البعض اعتبره بادرةً يمكن البناء عليها. بالإضافة إلى إعادة أملاك بعضٍ من قادة المجلس الوطني الكُردي لأصحابها، والسماح لأحزاب المجلس الوطني الكُردي بالعودة لممارسة العمل السياسي "دون قيود".

في هذا الصدد رحبت الإدارة الذاتية بمبادرة " قسد" حول المعتقلين والمختطفين لديها "مبادرة قائد قوات سوريا الديمقراطية([5])"، وأشارت في بيانها إلى أن " المعتقلات التابعة للإدارة الذاتية مفتوحة أمام كل من يتابع هذا الملف، وأكدت استعدادها للتعاون مع القائمين على هذه المبادرة للكشف عن مصير المفقودين في مناطقها"، وتوازياً مع تقدّم المفاوضات قامت الإدارة الذاتية برفع حظر كانت فرضته سابقاً على ممتلكات تعود إلى أعضاء قياديين في المجلس الوطني الكُردي([6])، كما تحاول مجموعات غير حزبية أيضاً الدفع باتجاه الوصول لاتفاق سياسي كالاجتماع الذي عقدته مجموعة من المثقفين الأكراد، من أبناء مدينة عين العرب/ كوباني، "بمظلوم عبدي"، الذي خرج بعد الاجتماع بتصريحٍ أشار فيه إلى سير عملية التفاوض بشكل جيد، مع وجود دعم من "الأطراف الكردية والشعب، والقوى الكردستانية".

وتزداد الحركية السياسية في شرق الفرات مع وجود دفع وتنظيم أمريكي لعملية التفاوض والتي زادت درجة انخراطها مؤخراً مع لقاء المبعوث الأمريكي إلى شمال وشرق سورية، وليام روباك، ومساعدته إيميلي برانديت، مع وفد من التحالف الوطني الكردي في سورية لمناقشة خطوات وحدة الصف الكردي، وأشار روباك خلال الاجتماع إلى أن "المفاوضات تسير بشكل جيد باتجاه التفاهم([7])"، وفي اليوم نفسه التقى "روباك" مع وفدٍ آخر من عدة أحزابٍ سياسية، لتستمر لقاءات الوفد الأمريكي مع مجموعاتٍ من الأحزاب في المنطقة، وكان آخرها بتاريخ 30/04/2020، مع 14 حزبٍ من الأحزاب المنضوية ضمن الإدارة الذاتية([8]).

 ومع انتشار الأجواء الإيجابية تستمر الأطراف المنخرطة بالمفاوضات بإطلاق تصريحاتٍ تفاؤلية حولها، لكن مع الإشارة إلى أنها لا تزال في بداياتها، بالأخص من جهة المجلس الوطني الكُردي الذي نفت شخصيات قيادية منه أن تكون الحوارات قد تطرقت حتى الأن إلى توزيع الحصص و المناصب، بل إنها خطوات عملية و نقاشية([9])، وأنهم للآن بصدد مناقشة الرؤية السياسية المشتركة على امل تقدم الحوارات باستمرار، مؤكدين على أنها حوارات تهدف بالدرجة الأساس إلى "وحدة الصف و الموقف الكردي و تحقيق الشراكة الحقيقية في الموقف السياسي و العمل الإداري و العسكري".

طموحات إعادة التشكيل: التعثر سمة مستمرة

في ظل هذا الحراك الجديد في المنطقة ومع ظهور نوايا من الطرفين للوصول إلى صيغة توافقية إلا أن هناك جملة من الإشكالات العالقة التي ستكون على طاولة النقاشات في حال استمرار الحوارات ومنها: ([10])

  • الشكل المستقبلي للقوات العسكرية في المنطقة: فسابقاً كانت "وحدات حماية الشعب"، التي يعد مصيرها أحد أهم بنود الخلاف، و يظهر اليوم بإن " قسد "، ومن خلفها واشنطن يغلقان الأبواب أمام نقاش مصير القوات العسكرية في المنطقة، عبر لعبهم دور المُيسّر للحوار وأحد الضامنين له. وحديثاً يتم التركيز أكثر على هذه النقطة، " فقسد" تبتعد عن تموضعها العسكري لتصبح مديراً للحوارات وميسراً لها، ويبدوا أن المجلس الوطني الكُردي قد قبل بهذا الدور الذي تلعبه "قيادة قسد" مع استمراره في الحوارات، وضمن هذا المشهد يغيب دور " مجلس سوريا الديمقراطي مسد"، والأحزاب المتبقية ضمن الإدارة الذاتية مع وجود تركيز أمريكي على دور حزب الاتحاد الديمقراطي، وقوات سوريا الديمقراطية.
  • الخلافات التنظيمية داخل "المجلس الوطني الكُردي": والتي كانت معوّقاً هاماً في السير ببنود الاتفاقات وتطبيقها، "فالمجلس" كان مُشكّلاً من عدد كبير من الأحزاب، والعديد منها لا تمتلك الكوادر الضرورية لتغطية هيكلية التنظيم في بضعة مدن، وأحياناً في مدينة واحدة. وأثَّرّت العصبية الحزبية والمُزاحمة الشخصية على الحصص على هذه الهياكل الحزبية أيضاً ، ومنذ عام 2015 إلى الآن، زادت انشقاقات بعض أحزاب المجلس أكثر بالإضافة إلى حركاته الشبابية والتي إنتهى دورها وتمثيلها تقريباً ضمن المجلس حيث تستمر هذه النقطة بالبروز رغم أنها ضعفت مع زيادة الدور الأمريكي في دفع عملية الحوار.
  • الاستمرار بتثبيت مشروع PYD: حيث قابل حزب الاتحاد الديمقراطي الواقع الهش لأحزاب "المجلس" بحركية متقدمة في تحشيد الأنصار، كما قام بحرق الخطوات اتجاه تثبيت مشروعه بشكلٍ أحادي، بالتحالف مع أحزاب أخرى تفتقر للقاعدة الشعبية، وبقيت هذه النقطة أيضاً ضمن أحد إشكاليات عملية الحوار بين الطرفين، وبهذا الخصوص تم ملاحظة ظهور جملة من الأحزاب في فترة ما بعد 2015 والتي أصبح لها دوراً في العملية وأصبحت طرفاً يتم محاورته من قبل الجانب الأمريكي.
  • تعود الإدارة الذاتية لطاولة الحوار مع المجلس الوطني الكُردي بعد حدثٍ مصيري يتمثل بعملية " نبع السلام" ومآلتاها، فالإدارة الذاتية خسرت بقعة استراتيجية من مساحتها الجغرافية وهي الممتدة من مدينة تل أبيض إلى مدينة رأس العين وصولاً إلى الطريق الدولي M4، كما خسرت الإدارة الذاتية نفوذها العسكري الأحادي على شرق الفرات بعد انتشار عناصر جيش النظام في محيط مدينة كوباني، وعلى الخط الفاصل مع فصائل المعارضة والجيش التركي على حدود مناطق " نبع السلام"، وهو كسر للاحتكار العسكري لم تشهده الإدارة الذاتية منذ 2015، وهو ما يشكل نقطة ضعفٍ مصيرية بالنسبة لها، إلا في حال تطورت الخطوات الأمريكية للعودة لغرب مدينة القامشلي، وفي محيط وداخل مدن: الرقة، منبج، ومحور عين عيسى، وهو ما من شأنه أن يمنحها عودة لأفضلية عسكرية على حساب النظام، المفتقد للحاضنة الشعبية في معظم هذه المناطق.
  • عملية التفاوض والجهة المفاوضة: سيكون التفاوض مع النظام، أو الدخول إلى أحد أجسام المعارضة ككتلة جديدة أحد العوائق الهامة في أيّة عملية تفاوضية كُردية بينية، كون تفاوض "المجلس" مع "الإدارة الذاتية"، والوصول لاتفاق يعني بالمقابل إعادة التفكير في موقع "المجلس الكُردي" ضمن أُطر المعارضة، كما أنه يمكن تَوقُّع توجه الأحزاب الكُردية لمفاوضة النظام مباشرة بعد الاتفاق، للحصول على مكاسب سياسية وإدارية، وهو ما يمكن أن يصطدم بعملية التفاوض بين النظام والمعارضة ضمن الرعاية الروسية –التركية، وفي أفضل السيناريوهات يمكن توقع أن يتفق لاحقاً النظام والمعارضة على شكلٍ من أشكال "الحكم المحلي"، يوافق ما تم الاتفاق عليه بين النظام، والأطراف الكُردية. وفي حال التمعن بالحوارات الحديثة بين الجانبين، يمكن ملاحظة استمرار هذا العائق مع حدوث تطورات أخرى مثل توقف العملية التفاوضية بين النظام والمعارضة، والتي انهارت بعد عملية إدلب الأخيرة، كما إن روسيا تحاول التوغل في شرق الفرات عبر العشائر العربية على حساب الإدارة الذاتية وهو ما يمكن أن يشير لإمكانية استخدام روسيا لنفوذها في إفشال المشروع الحواري في حال لم يكن لصالحها، أو لم يحدث بينها وبين واشنطن توافق على مخرجات الحوارات.

"تستمر "الإدارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطية " بالتفاوض مع نظام دمشق بشكلٍ منفرد، وصدرت تصريحات من الشخصية القيادية في "مسد/ مجلس سوريا الديمقراطية"، "إلهام أحمد"، إن دمشق وافقت بوساطة روسية على البدء بمفاوضات سياسية، وإمكانية تشكيل "لجنة عليا" مهمتها مناقشة قانون الإدارة المحلية في سورية، والهيكلية الإدارية للإدارة الذاتية" لشمال شرقي سورية"، وهذا ما يضع عملية التفاوض مع المجلس الوطني الكُردي كتحصيل حاصل، ففي حال عدم، أو حتى اتفاق الطرفين الكرديين فإن "الإدارة الذاتية" تقوم لوحدها بعملية تفاوضية مستمرة مع النظام في دمشق" ويمكن القول بإن هذه الإشكالية توقفت في الوقت الحالي، كون إن عملية التفاوض بين النظام والإدارة الذاتية قد انهارت بعد رفض النظام قبول شروط الإدارة الذاتية والتي كان أهمها يتمحور حول منحها حكماً ذاتياً أو إدارة موسعة أكثر مما يمنحه القانون 107 وهو ما كان يقدمه النظام، والشرط الثاني كان يخص مصير قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب، حيث تطالب الإدارة الذاتية بالإبقاء على كتلتها العسكرية متماسكة مع جعل مهامها العسكرية محصورةً بشكلٍ رئيسي في مناطق سيطرتها، وهو ما يرفضه النظام عبر طرحه لدمجها مع "جيشه"، مع إمكانية منح سلطات أوسع لجهاز الأمن العام "الأسايش" في المنطقة. ويمكن ربط هذه النقاط بمصير المفاوضات بين المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي، فإذا ما فشلت، فسيعود ملف الحوار مع النظام للتداول، لكن من واقعٍ أضعف بالنسبة للإدارة الذاتية في حال إذا ما استمرت سوية بقية الأحداث العسكرية والسياسية على ما هي عليه.

إلى أين تتجه المفاوضات والحوارات؟

بالإضافة لجملة الاستقراءات السابقة مع تحديثها، يبرز في العملية الحوارية الحالية جملة من الإشكاليات والمعوقات بالإضافة إلى جملة من العوامل الميسرة، ويمكن تبيانها بـ:

أولاً: الموقف التركي كعامل رئيسي في سيناريوهات المستقبل؛ تبقى المساحة الهامة ضمن خارطة المواقف الإقليمية من أيّة عملية تفاوضٍ كُرديةٍ بينية للموقف التركي ، فأنقرة التي ترى أن "الإدارة الذاتية" أحد المهددات التي تقف على رأس الهرم اتجاه أمنها القومي، لن تتقبل أيّة صيغة اتفاق ترى بأنها ستؤدي لتثبيت سيطرة "حزب الاتحاد الديمقراطي"، وتمكينه على نطاقٍ وطني، كما أن لها تأثيرٌ مباشر على دور الفصائل العسكرية، والجيش الوطني الحر، وهم كانوا رأس الحربة في ثلاثة عملياتٍ عسكرية اتجاه "الإدارة الذاتية"، لذا سيتوقف مصير أيّة عملية تفاوضية على مدى إمكانية إقناع واشنطن لتركيا بجدواها، خصوصاً في ظل انهيار، أو هشاشة اتفاقيات أنقرة-موسكو، ويستمر هذا العامل في لعب دورٍ حيوي في مصير عملية الحوارات بين الطرفين، ويمكن استقراء " قبول متردد" من تركيا لهذه الحوارات، بناءً على الزيارات التي أجراها وفد العلاقات الخارجية للمجلس الوطني الكُردي سواءً لأربيل أو لأنقرة وعودته منها والاستمرار بالعملية الحوارية، مع تقبل المجلس الوطني الكُردي لخطوات الإدارة الذاتية لبناء الثقة على إنها خطوات إيجابية ويمكن البناء عليها والاستمرار في الحوارات؛

ثانياً: "خفايا" التوسع الروسي في المنطقة؛ استطاعت موسكو عقب عملية " نبع السلام" الدخول لشرق الفرات لأول مرة منذ تدخلها في سورية نهاية العام 2015، وهذا الانتشار والتوسع الروسي في المنطقة جاء على حساب الولايات المتحدة، وتحول لأداة ضغط من قبل روسيا على الإدارة الذاتية، التي تلقت تهديداتٍ عديدة من موسكو عقب عملية " نبع السلام" مثل دعوة المسؤولين الروس للإدارة الذاتية للالتزام بمخرجات الاتفاق التركي الروسي([11])، كما تمت إعادة إتهام الإدارة الذاتية بأنها طرف يحاول الانفصال، ويُضاف لهذه الاستفادة الروسية من الواقع الجديد توجهها لتشكيل قوة عسكرية عشائرية تكون أداتها في زيادة الأرق للقوات الأمريكية؛

ثالثاً: "غايات" العامل الأمريكي؛ يعتبر التدخل الأمريكي المباشر في عملية الحوار أهم متغير طارئ على تاريخ حوارات المجلس الوطني الكُردي مع حزب الاتحاد الديمقراطي PYD، ولا يمكن تخمين ما إذا كانت هذه الاندفاعات الأمريكية لإيجاد صيغة توافق بين الطرفين هي محاولة أخيرة قبل إجراء حركة انسحاب جديدة من المنطقة، خصوصاً مع توجه واشنطن لبناء " قوة عسكرية جديدة في منطقة دير الزور"، وفي حال غياب رغبة أمريكية بالانسحاب من المنطقة، فسيكون عامل التيسير الأمريكي للحوارات عاملاً فاعلاً في الوصول والحفاظ على أي اتفاق؛ مع العلم أن ملامح تبني واشنطن لمقاربة إعادة التشكل هي سياسة أمريكية واضحة في الفترة الماضية؛

رابعاً: إشكالية دور الشركاء الآخرين: مع زيادة دور " قسد " كمُيسر ودافع للحوارات بين الطرفين الكُرديين، للآن لا يزال دور الأطراف العسكرية من المكونات الأخرى ضمن " قسد" غائباً، كالفصائل المسيحية العربية ضمنها، كما يُلحظ تراجع وغياب لدور الأحزاب السياسية من المكونات الأخرى ضمن "مجلس سوريا الديمقراطية". وسيفقد هذا المسار في حال إطالته الصورة التي حاولت قسد ووحدات حماية الشعب بنائها خلال 5 سنوات من تشكيلها، والتي تمحورت حول كونها قوات تمثل كافة مكونات المنطقة وللابتعاد عن الصورة النمطية عن وحدات حماية الشعب وموضوع "تمثيلها لمشروع كُردي ". وفي هذا السياق، يشكل التمثيل العربي العددي ضمن " قسد " ما يقارب 50% أو أكثر، وبنسبة مقاربة ضمن القوات الأمنية " الأسايش"، وخلال معظم المفاوضات الكردية البينية يغيب بحث دور هذه المكونات وتحويلها لتمثيل نوعي وليس صوري.

خاتمة

يشير سير الأحداث في شمال شرق سورية إلى فاعلية مسارين أحدهما تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، ويتمثل بالوصول لصيغة توافقٍ كردية، تؤدي لتغيير وتعديل الطرف المسيطر على الواجهة السياسية للإدارة الذاتية، مع خطواتٍ تحاول الولايات المتحدة عبرها أعادة التموضع والانتشار والنفوذ مع التحالف الدولي في مناطق شرق الفرت التي انسحبت منها سابقاً، أما المسار الثاني فتقوده روسيا وينشط باتجاهين الأول منع عودة الولايات المتحدة إلى النقاط التي انسحبت منها نهاية العام الماضي بالإضافة إلى محاولة تشكيل طرف عسكري يرتبط بها بشكلٍ مباشر ويشكل ضغطاً على واشنطن في المناطق التي أبقت على قواتها فيها.

على صعيد ملف الحوارات الكُردية البينية، لاتزال معظم العقبات السابقة للوصول لصيغة توافقٍ كُردية موجودة، مع بعض الاختلافات في طبيعة البعض منها، مثل انخراط قوات سوريا الديمقراطية والتي تحسب على حزب الاتحاد الديمقراطي ومنظوماته، ضمن عملية التفاوض والحوار بين المجلس الوطني الكُردي وحزب الاتحاد، كما تظهر إشكاليات جديدة تتعلق بشكلٍ خاص بمستقبل المكون العربي ضمن " قسد" و " مسد "، ضمن العملية التفاوضية الكُردية، ويعد الفارق الأبرز في هذه المفاوضات هو الفاعل الأمريكي المنخرط فيها بشكلٍ مباشر منذ بدايتها في محاولة منه للبحث عن صيغة توافق محلية ترضي الأطراف الإقليمية، وتحقق في النهاية توافقاً سياسياً محلياً ولربما خارجياً في مرحلةٍ ما لاحقاً ضمن الوفود المفاوضة في جنيف.


([1]) أمريكا تراقب.. مساران تعمل عليهما روسيا في ريف الحسكة: عنب بلدي، التاريخ: 23/04/2020، الرابط: https://bit.ly/3dDWKV4

([2]) مصدر سابق.

([3]) ماذا وراء التوترات بين “الإدارة الذاتية” والنظام في القامشلي: عنب بلدي، التاريخ: 26/04/2020، الرابط: https://bit.ly/35v1nOB

([4]) فصيل عربي جديد بقيادة القوات الأمريكية شمال شرقي سوريا، وكالة ستيب، التاريخ: 22/ 04/2020، الرابط: https://bit.ly/3djxzav

([5]) الإدارة الذاتية ترحب بمبادرة مسد حول المعتقلين والمختطفين، آرتا أف إم، التاريخ: 06/04/2020، الرابط: https://bit.ly/3b6hHq6

([6]) واشنطن تبشّر بمصالحة سياسية «كردية» في سوريا، الآخبار، التاريخ: 27/04/2020، الرابط: https://bit.ly/3c2Z0ox

([7]) بعد اجتماعه مع 8 أحزاب لبحث التقارب الكوردي.. المبعوث الأميركي بسوريا: المفاوضات تسير بخطوات جيدة،: موقع روداو، التاريخ: 27/04/2020، الرابط: https://bit.ly/2KY9vh5، وتكون وفد الأحزاب التي تواجدت في الإجتماع هي: صالح كدو سكرتير حزب اليسار الديمقراطي الكوردي في سوريا، محي الدين شيخ آلي سكرتير حزب الوحدة الديمقراطي الكوردي في سوريا، نصر الدين إبراهيم سكرتير الحزب الديمقراطي الكوردي في سوريا (البارتي)، فوزي شنكالي سكرتيرحزب الوفاق الديمقراطي الكوردي في سوريا، أمجد عثمان عضو الهيئة التنفيذية لحركة الإصلاح. والوفد الثاني ضم كل من: أحمد سليمان، عضو المكتب السياسي للحزب التقدمي، ومحمد موسى، سكرتير حزب اليسار، وجمال شيخ باقي، سكرتير الحزب الديمقراطي الكوردي السوري

([8]) وفد أميركي يبحث مع مسؤولي الأحزاب الكوردية السورية توحيد الصف، روداو، التاريخ: 29/04/2020، الرابط: https://bit.ly/3c4EUu7

([9]) بشار أمين يكشف تفاصيل النقاشات مع PYD برعاية أمريكية، صفحة مجلس محلية الشهيد نصر الدين برهك، التاريخ: 28/04، 2020، الرابط: https://bit.ly/2KXRsYe

([10]) للمزيد حول انظر:

  • بدر ملا رشيد: " المظلة الكردية المفقودة في سورية.. بين التناحر على السلطة والاتفاقيات الهشة" مركز عمران للدراسات الاستراتيجيةتاريخ 20/03/2019، الرابط: https://bit.ly/2HBEQEJ
  • بدر ملا رشيد:" تطورات العلاقة بين الإدارة الذاتية والنظام وروسيا خلال عامي 2016 – 2017"، ورقة بحثية صادرة عن مركز عمران للدراسات الاستراتيجية،22/1/2018، الرابط: https://2u.pw/l0pVq
  • بدر ملا رشيد: "رسائلٌ إيجابية" بين الأطراف الكُردية.. تمنياتٌ مثقلة بالتحديات التاريخ: 20/03/2020، الرابط: https://bit.ly/35ukl7S

 

([11]) روسيا تهدد بالانسحاب من الاتفاق مع تركيا إذا لم تنسحب قسد من شمال سوريا، المصدر: وكالة قاسيون، التاريخ: 23/10/2019، الرابط: https://bit.ly/2WstKJi

التصنيف أوراق بحثية

قدَّم الباحث بدر ملا رشيد من مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، تصريحاً لعنب بلدي بتاريخ 11 أغسطس2019، حيث ربط الباحث بين الوجود الأمريكي ومصير المنطقة، واعتبر أنه في حال انسحاب القوات الأمريكية ستنحسر سيطرة “الوحدات” وسيعود النظام السوري للسيطرة على بعض المناطق في دير الزور والرقة وجزء من الطبقة.

وأضاف ملا رشيد، في حديثه إلى عنب بلدي، أن ذلك قد يؤدي إلى ظهور تنظيمات كتنظيم “الدولة الإسلامية” أو تنظيم أكثر تطرفًا، إضافة إلى عودة ظهور الفصائل المقاتلة التي قد تكون تابعة للمجالس العسكرية في الرقة أو دير الزور.

أما في حال تفعيل الاتفاق التركي- الأمريكي، فالمنطقة أمام عدة سيناريوهات، بحسب ملا رشيد، أهمها إنهاء وجود “الوحدات”، وليس بالضرورة إنهاء “قسد”، عبر تشكيل مجالس عسكرية محلية في المدن يمكن التعاون معها مستقبلًا كجزء من المنظومة الخارجة عن سيطرة النظام وروسيا.

وكانت “قسد” بدأت منذ بداية العام الحالي تشكيل مجالس عسكرية في كل من تل أبيض وكوباني والطبقة والرقة، ويتألف كل مجلس من قيادات محلية وقادة للألوية وقادة للأفواج إلى جانب مسؤولي المكاتب العسكرية بالمنطقة، ومن بين أهداف هذه المجالس توحيد جميع القوات العسكرية والأمنية تحت مظلتها.

 

المصدر عنب بلدي: http://bit.ly/2HfkJw8

خريطة توضح تغيرات مواقع النفوذ والسيطرة في مدينة دير الزور حتى 14 أيار 2016

في إطار تغطية الشأن الاقتصادي السوري قام راديو الكل بإجراء لقاء صوتي على الهواء مباشرة عبر أثير الإذاعة مع الباحث أيمن الدسوقي من مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، وذلك للتعليق على دراسة "الإدارة المحلية في مناطق سيطرة التنظيم: "وهم الدولة".

ركز اللقاء بشكل رئيسي على تناول المادة المعدة من قبل الباحث من خلال طرح مجموعة تساؤلات تمحورت حول إدارة الاقتصاد في مناطق سيطرة التنظيم من حيث البنية الإدارية للتنظيم وفيما إذا كانت بنية مؤسساتية أم لا، وموارد التنظيم المالية وأثر ضربات التحالف الدولي على الحد من قدراته الاقتصادية، كما تطرق اللقاء إلى طبيعة نمط الإدارة الاقتصادية التي ينتهجها التنظيم، والاختلاف القائم في إدارته للاقتصاد المحلي في مناطق سيطرته لا سيما بين دير الزور والرقة، واختتم اللقاء بالسؤال حول مستقبل التنظيم وفيما إذا كان يشكل بديلاً للمجالس المحلية.

رابط البث: http://goo.gl/XUPNtp