ملخص تنفيذي
- هدفت الدراسة إلى تسليط الضوء على الواقع الحالي للقطاع المالي، وملامح السياسة المالية ضمن المناطق الخاضعة للنفوذ التركي في الشمال السوري، والتعرف إلى طبيعة العلاقات المالية بين هذه المناطق والمناطق المجاورة لها، إلى جانب محاولة تشخيص التطور التدريجي للخدمات المالية المقدمة للأفراد والمؤسسات منذ عام 2017، ومدى مناسبة وكفاية هذه الخدمات لحاجات المجتمعات المحلية. كما هدفت إلى التعرف إلى أدوار الفاعلين الرئيسيين في هذا القطاع، والجهود المبذولة من قبلهم في تعافيه. وتشخيص واقع التنسيق والتعاون بين هؤلاء الفاعلين من أجل حوكمة عمل هذا القطاع والخطوات المتخذة من قبلهم لتأمين متطلبات ذلك.
- يسود نمط اللامركزية المالية الواسعة في مناطق النفوذ التركي، فكل مجلس محلي مركزي يتبع في عمله لولاية تركية مختلفة، وله سياساته وأسلوبه وقوانينه الخاصة بالإدارة والتنظيم والتراخيص وغيرها، ما أثر بشكل عام على حوكمة القطاع المالي في هذه المناطق، وأضعف الفاعلية والتنسيق بين هذه المجالس.
- في مناطق هيئة تحرير الشام لم تتمظهر حالة المركزية الواسعة والسطوة الأمنية الكبيرة للهيئة في شكل مؤسساتي محوكم ذي سياسات تنموية مستدامة في القطاع المالي، تراعي متطلبات الظروف التي تعيشها المنطقة، بل غلب عليها السياسات المصلحية التي تحاول تسخير الفرص الاقتصادية في القطاع المالي لصالح شبكة من المتنفذين في السلطة الحاكمة، وإلباس هذه السياسات لبوس المصلحة العامة.
- يظهر جلياً الدور المركزي للمجالس المحلية عبر مكاتبها المالية، من حيث وجود علاقة بمستوييها القوي والمحدود مع جميع الفواعل في القطاع المالي، في نطاق حدود نفوذ المجلس جغرافياً. ما يؤشر لضرورة التفكير في صياغة نموذج مناسب يتجاوز الشكل القائم فيما يرتبط بالواقع الحالي لحوكمة القطاع المالي، بحيث يتم سن الضوابط والتشريعات التي تستهدف تنظيم التشابك القائم بين هؤلاء الفواعل، وتحديد أدوار كل منهم في القطاع المالي بشكل رسمي.
- إن غياب هيكل تنظيمي مشترك بين هذه المجالس المركزية، على شكل كيان مالي موحد يُعهد إليه إصدار لوائح وقوانين وتشريعات مالية موحدة، ساهم بشكل كبير في تعزيز اللامركزية المالية القائمة حالياً بشكل لا يتناسب والمساحة الجغرافية لهذه المنطقة وعدد سكانها وتوزعهم، إلى جانب محدودية مواردها، وصعوبة فصل اقتصادات هذه الوحدات الإدارية عن بعضها بعضاً، أضف إلى ذلك الاستقرار النسبي على المستويين الأمني والاقتصادي.
- ثمة تحديات سياسية وإدارية أسهمت تردي حوكمة القطاع المالي، ومن بينها المقاربة التركية التي أقرت بدور المجالس المحلية ككيانات حوكمية فرعية، لكل منها استقلاليته الكاملة، مع تحجيم دور الحكومة السورية المؤقتة عبر وزارة الاقتصاد والمالية، ما عمق من القصور في ضبط القطاع المالي وتأخر حوكمته، إذ ما تزال هذه الكيانات تفتقد الأدوات الممكنة لها لضبط الواقع الحوكمي في هذا القطاع، إلى جانب وجود تحديات تفرضها البيئة المحلية على حوكمة القطاع المالي في هذه المناطق، في جوانبها الاقتصادية والأمنية والقانونية والتكوين المجتمعي، والتي أسهمت أيضاً في تأخر تعافي القطاع المالي وحوكمته.
للمزيد: https://bit.ly/44Fx0TO